السفارتان الأميركية والبريطانية تحذران رعاياهما من عمليات اختطاف في جنوب العراق

حكومة البصرة تؤكد عدم تسجيلها أي تهديد لأجانب في المدينة

جندي عراقي يفتح النار ضد عناصر من «داعش» في مدينة الرمادي أمس (رويترز)
جندي عراقي يفتح النار ضد عناصر من «داعش» في مدينة الرمادي أمس (رويترز)
TT

السفارتان الأميركية والبريطانية تحذران رعاياهما من عمليات اختطاف في جنوب العراق

جندي عراقي يفتح النار ضد عناصر من «داعش» في مدينة الرمادي أمس (رويترز)
جندي عراقي يفتح النار ضد عناصر من «داعش» في مدينة الرمادي أمس (رويترز)

في الوقت الذي حذرت فيه السفارتان الأميركية والبريطانية لدى العراق رعاياهما من مخاوف من تعرضهم للاختطاف جنوب العراق، أكدت الحكومة المحلية في محافظة البصرة (مركز إنتاج وتصدير النفط العراقي) عدم تسجيلها أي تهديد لأجانب في المدينة، وخاصة خبراء النفط منهم.
ويعمل في البصرة عدد كبير من الشركات النفطية العملاقة، وعلى رأسها شركتا «إكسون موبيل» الأميركية و«أوكسيدنتال بتروليوم»، حيث تديران حقولا نفطية غرب وشمال المدينة، فيما تعمل شركات أمنية خاصة وقوات الجيش والشرطة العراقية على تأمين جميع حقول النفط في المحافظة.
وقالت السفارة الأميركية في بغداد ومسؤولون بريطانيون، إن مواطنين أميركيين وبريطانيين، خاصة من يعملون في مجال النفط بمحافظة البصرة في جنوب العراق، عرضة للخطف من جانب جماعات متشددة. ويوجد في البصرة معظم حقول العراق النفطية وهي ميناء التصدير الرئيس بالبلاد.
وقالت السفارة الأميركية، في بيان الليلة قبل الماضية، نقلته «رويترز» أمس، إن «الجماعات المتشددة تراقب مواطنين أميركيين توطئة لعمليات خطف محتملة، خاصة موظفي شركات النفط العاملة في محافظة البصرة. قد تركز تلك الجماعات على مواطنين أميركيين يقيمون بفنادق منطقة البصرة».
وتدير شركتا «إكسون موبيل» و«أوكسيدنتال بتروليوم» حقولا نفطية في البصرة، بينما تقدم شركات أميركية أخرى، منها «ويذرفورد» و«هاليبرتون» خدمات فنية ولوجيستية.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية، في بيان أمس، إن التحذير الأميركي يسري أيضا على المواطنين البريطانيين، خاصة العاملين في شركات نفط بالبصرة. ونفى مسؤولون عراقيون رصدهم أي مؤشرات على خطر محتمل يتهدد عاملين أجانب في البصرة.
وقال رئيس لجنة النفط والغاز في مجلس محافظة البصرة، علي شداد الفارس، لـ«الشرق الأوسط» أمس: «لم نلاحظ ولم نسجل أي تهديد لرعايا أجانب في البصرة، وخاصة الذين يعملون في المنشآت النفطية التي تعد مؤمنة بشكل كبير». وأضاف أن «هناك شركات أمنية خاصة تعمل على تأمين المنشآت النفطية والخبراء الأجانب، كما أن هناك قوات شرطة عراقية خاصة تدعى (شرطة حماية المنشآت النفطية) وهم محيطون ومؤمنون لجميع الطرق المؤدية إلى مقرات الشركات النفطية في الحقول النفطية سواء في غرب محافظة البصرة أو شمالها ومركزها، بينما تقوم قوات الجيش العراقي، وخاصة قوات الفرقة 14، بتأمين الطرق الخارجية للمحافظة».
ودعا الفارس جميع الشركات الأجنبية العاملة في محافظة البصرة للإسراع في إبلاغ مجلس المحافظة والحكومة المحلية في حال تعرضهم أي تهديد أو خطر، فيما دعا كذلك القوات الأمنية إلى أخذ الحيطة والحذر، والعمل على تبديد أي شكوك بشأن حماية الشركات النفطية الأجنبية، لأن مثل هذه التهديدات تضر بسمعة البصرة الاقتصادية.
وفي شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تعرض مواطن بريطاني يعمل في شركة «شلومبرجيه» للهجوم في البصرة حين أزال رايات ذات مدلولات دينية قرب مقر عمله في حقل الرميلة. وتسبب الحادث في سحب بعض الشركات الدولية عامليها من العراق بشكل مؤقت.
وتأثرت البصرة التي تعيش فيها غالبية شيعية بأعمال العنف التي تصاعدت في العراق على مدى عام ونصف العام. وقتل عدد من سكان البصرة السنة خلال الأشهر القليلة الماضية، من بينهم مرشح في انتخابات الشهر الماضي.
وتحوم شكوك سكان شيعة وسنة في البصرة حول جماعات مسلحة شيعية يقولون إنها وراء عمليات القتل، لكن آخرين يلقون اللوم على خلية سرية لمسلحين سنة. وتنتشر في المدينة صور مقاتلين شيعة قتلوا في سوريا أثناء دفاعهم عن مزارات شيعية هناك.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.