واشنطن حرصت على تجنب أي انقسامات في مجلس الأمن

وحدت العالم ضد بيونغ يانغ... والحظر لا يسمح باللجوء للقوة في تفتيش السفن

كوريون جنوبيون في سيول يرفعون يافطات أمس تشجب الاستفزازات الكورية الشمالية بعد التصويت في مجلس الأمن لتجديد العقوبات (أ.ب)
كوريون جنوبيون في سيول يرفعون يافطات أمس تشجب الاستفزازات الكورية الشمالية بعد التصويت في مجلس الأمن لتجديد العقوبات (أ.ب)
TT

واشنطن حرصت على تجنب أي انقسامات في مجلس الأمن

كوريون جنوبيون في سيول يرفعون يافطات أمس تشجب الاستفزازات الكورية الشمالية بعد التصويت في مجلس الأمن لتجديد العقوبات (أ.ب)
كوريون جنوبيون في سيول يرفعون يافطات أمس تشجب الاستفزازات الكورية الشمالية بعد التصويت في مجلس الأمن لتجديد العقوبات (أ.ب)

جاء قرار مجلس الأمن الدولي بفرض حظر على بيونغ يانغ بعد أسبوع شاق من المحادثات والمفاوضات، ليخرج تصويت مجلس الأمن بالإجماع ضد كوريا الشمالية. وقد حرصت الولايات المتحدة على تجنب أي انقسامات داخل مجلس الأمن، وأن يظهر المجلس متحداً من الناحية السياسية.
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، باتخاذ مجلس الأمن قراراً جديداً رداً على التجربة النووية السادسة التي أجرتها بيونغ يانغ، مؤكداً على أن «الحفاظ على الوحدة في مجلس الأمن أمر حاسم في التصدي للتحديات الأمنية في شبه الجزيرة الكورية، وما وراءها». وقال غوتيريش، في بيان صدر باسمه، إن هذا الإجراء الثابت من جانب مجلس الأمن يبعث برسالة واضحة، مفادها أنه يجب على جمهورية كوريا الشمالية أن تمتثل امتثالاً تاماً لالتزاماتها الدولية، وحث كوريا الشمالية على الامتثال لقرارات المجلس، وإتاحة المجال لاستئناف الحوار، مهيباً بجميع الدول الأعضاء أن تكفل التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. كما قال إنه أحيط علماً برغبة مجلس الأمن في إيجاد حل سلمي ودبلوماسي وسياسي للحالة، فضلاً عن حثه على مواصلة العمل للحد من التوترات، وأن يعيد تأكيد التزامه بالعمل مع جميع الأطراف تحقيقاً لهذه الغاية، ولتعزيز قنوات الاتصال.
ويفرض القرار الجديد ضد بيونغ يانغ حظراً على جميع تجارة المنسوجات من كوريا الشمالية، ويحد من واردات النفط الخام، ويفرض تفتيشاً على السفن البحرية لكوريا الشمالية، ورصدها من قبل الدول الأعضاء بالمجلس، لمنع تهريب المنسوجات، لكن القرار لا ينص على استخدام القوة العسكرية للوصول وتفتيش السفن. وقد تمت صياغة القرار بحيث لا يحظر العمل بشكل كامل، ويسمح بتوظيف عمال من كوريا الشمالية لأسباب إنسانية، كما لا يطبق الحظر على العمال الذين يملكون عقوداً سارية المفعول قبل اتخاذ القرار.
ووصفت نيكي هالي، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، القرار بأنه أعمق وأقسي قرار ضد كوريا الشمالية، مشيرة إلى أن الجهود السابقة لجلب كوريا الشمالية إلى مائدة الحوار قد فشلت، وأن قرار مجلس الأمن يستهدف وقف أي قدرات لكوريا الشمالية على بناء سلاح نووي. وأضافت هالي: «اليوم نرسل رسالة واضحة، مفادها أن العالم لن يقبل أبداً بكوريا شمالية نووية. وإذا لم يوقف النظام خطواته، فإن المجتمع الدولي سيوقف ذلك بيده».
وخفض القرار من التدابير الرامية لحظر شامل لتوريد النفط والبترول لكوريا الشمالية، الذي كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها تعتبره ملاذاً أخيراً للضغط على بيونغ يانغ اقتصادياً. ويفرض القرار الجديد حظراً على جميع واردات كوريا الشمالية من سوائل الغاز الطبيعي، ويسمح بسقف قدره مليونا برميل سنوياً على المنتجات النفطية المكررة، مع وضع حد لصادرات النفط المسموح بها عند المستويات الحالية. وتورد الصين معظم نفط كوريا الشمالية. وأشارت بعض البيانات إلى أن كوريا الشمالية تستورد نحو 4.5 مليون برميل من المنتجات النفطية المكررة و4 ملايين برميل من النفط الخام.
وقالت هالي، في كلمتها أمام مجلس الأمن: «إن القرار الجديد لمجلس الأمن سيقلل الوقود المتاح لكوريا الشمالية بنسبة 30 في المائة، ويقطع 50 في المائة من الغاز والديزل. ومع كل العقوبات السابقة، يصبح الحظر على ما مجموعه 90 في المائة من الصادرات لنظام كوريا الشمالية، ويوقف أي محاولات لتهريب الفحم، ويمنع النظام من الحصول على استثمارات أجنبية أو معرفية».
وكانت الدول الأعضاء الخمسة عشر بمجلس الأمن الدولي قد تبنت بالإجماع، مساء أول من أمس (الاثنين)، قراراً يحمل رقم 2357، ويفرض جولة عقوبات جديدة وغير مسبوقة على كوريا الشمالية، تقضي بفرض حظر شامل على صادرات بيونغ يانغ من المنسوجات، ويحد من واردات النفط الخام. وجاء القرار بعد أن خفف الجانب الأميركي بعض المطالب في مسودته الأولى للحصول على موافقة كل من روسيا والصين. وكانت المسودة الأولى التي وزعتها الولايات المتحدة قد تضمنت أقسى عقوبات بفرض حظر كامل على واردات النفط إلى كوريا الشمالية، وتجميد الأصول الخاصة بزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.
وتعد المنسوجات ثاني أكبر صادرات كوريا الشمالية، بعد الفحم والمعادن الأخرى، وبلغت صادرات كوريا الشمالية من المنسوجات في عام 2016 نحو 752 مليون دولار، وتذهب 80 في المائة من صادرات المنسوجات إلى الصين.
وتبنى النص الجديد للقرار إعادة صياغة، فيما يتعلق بالحظر على توظيف عمال من كوريا الشمالية، الذي يعد مصدراً للدخل لكوريا الشمالية، بما يقرب من مليار دولار من الإيرادات السنوية لنظام بيونغ يانغ.
وأشادت سفيرة الولايات المتحدة بموقف الصين، والعلاقة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني، وقالت: «كوريا الشمالية لن تتحرك لوقف برنامجها، ولا بد من قطع التمويل الذي يساند البرنامج، ونحن لا نبحث عن حرب، وسنرحب إذا وافقت كوريا الشمالية على وقف البرنامج والعيش في سلام، ولكن إذا استمرت في طريقها الخطر، فإننا سنستمر في الضغط».
ودعا السفير الفرنسي فرنسوا ديلانز إلى التمسك بثلاثة مبادئ أساسية: الأول هو توضيح مدى تطور الصواريخ الباليستية والنووية لدى بيونغ يانغ، والثاني إرسال رسالة حاسمة من المجتمع الدولي لزيادة الضغط على كوريا الشمالية، والتصدي لسلوك بيونغ يانغ، وضمان عدم إفلاتها من العقاب، والثالث هو تمهيد السبل للمسار الدبلوماسي، للتوصل إلى حل سياسي يستند إلى نزع السلاح النووي بشكل كامل، ويمكن التحقق منه.
وأبدى سفير الصين لدى الأمم المتحدة التزام بلاده بالسبل السلمية لحل الأزمة، واستئناف المحادثات السداسية، وأشار إلى البيان الروسي الصيني، الصادر في الرابع من يوليو (تموز) الماضي، الذي طالب بوقف بيونغ يانغ للأنشطة النووية والباليستية مقابل إنهاء التدريبات الأميركية مع كوريا الجنوبية، ووضع خريطة طريق للأزمة، مشيراً إلى أن الطرح الروسي الصيني ما زال مطروحاً على المائدة، وقال: «نأمل في أن يحظى البيان بدعم جميع الأطراف، وألا تسعى الولايات المتحدة إلى تغيير النظام في كوريا الشمالية، أو توحيد الكوريتين»، وطالب السفير الصيني بإزالة منظومة صواريخ ثاد، باعتبارها تقوض المصالح القومية، بما فيها مصالح الصين.
واتفق السفير الروسي لدى الأمم المتحدة في تفضيل الحلول الدبلوماسية السياسية، محذراً من أن تؤدي القيود المفروضة إلى حصار كامل يفضي إلى أزمة إنسانية كبرى، وإجراءات ضارة على المدنيين، وطالب المجتمع الدولي بالنظر إلى البيان الروسي الصيني، والتفكير في البعد الإنساني ومصالح المدنيين في كوريا الشمالية.
وأشار دبلوماسيون إلى أن كلاً من الصين وروسيا (من الأعضاء الخمسة الدائمين، ويملكان حق الفيتو) أعربتا عن معارضتهما لفرض عقوبات قاسية، وهددتا بوقف التصويت إذا ما أصرت الولايات المتحدة على أقصى العقوبات والحظر الكامل على واردات النفط.
وأبدت الصين مخاوفها من فرض عقوبات قاسية تدفع النظام الكوري الشمالي إلى حافة الانهيار، بما يؤدي إلى تدفق ونزوح اللاجئين، مع احتمالات تزايد الوجود الأميركي. وأبدت كل من الصين وروسيا الاهتمام بالدفع تجاه إجراء المحادثات المباشرة أكثر من فرض العقوبات. وتعد الصين المورد الرئيسي للنفط إلى كوريا الشمالية.
ويعد هذا القرار هو القرار التاسع للعقوبات التي فرضها مجلس الأمن ضد كوريا الشمالية منذ عام 2006، بعد أول تجربة للصواريخ الباليستية والنووية لبيونغ يانغ. وقد أجرت كوريا الشمالية تجربتها السادسة للأسلحة النووية في الثالث من الشهر الحالي، وأكدت أنها تمكنت من تجربة قنبلة هيدروجينية، ولديها القدرة على وضعها على صاروخ عابر للقارات. وقد صرحت نيكي هالي، سفيرة الولايات المتحدة، في جلسة مجلس الأمن التي تلت التجربة بأن بيونغ يانع تستجدي الحرب، وقد قادت مشاورات ومحادثات دبلوماسية لدفع أعضاء مجلس الأمن للالتزام بجدول زمني مدته أسبوع لتبني قرار العقوبات الجديدة ضد كوريا الشمالية.
وقد استبقت كوريا الشمالية قرار مجلس الأمن بإصدار بيان، أشارت فيه إلى أن أي قرار يصدره المجلس، ويتبني جزاءات وعقوبات، هو قرار غير شرعي وغير قانوني، وهددت بيونغ يانغ بأنها ستخلق المعاناة في حال قيام الولايات المتحدة بتصعيد القرار غير الشرعي وغير القانوني.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.