قادة الغالبية يتجاوزون خلافاتهم خلال تقديم حصيلة الحكومة المغربية

العثماني: خاب ظن من راهن على سقوطنا

قادة الغالبية يتجاوزون خلافاتهم خلال تقديم حصيلة الحكومة المغربية
TT

قادة الغالبية يتجاوزون خلافاتهم خلال تقديم حصيلة الحكومة المغربية

قادة الغالبية يتجاوزون خلافاتهم خلال تقديم حصيلة الحكومة المغربية

حرص زعماء أحزاب الغالبية الحكومية المغربية الستة على إبراز التماسك والانسجام فيما بينهم، أكثر من اهتمامهم بحصيلة عملهم الحكومي خلال الـ120 يوما الماضية.
جاء ذلك خلال أول ظهور لهم مجتمعين أمام وسائل الإعلام منذ الإعلان عن تشكيل الحكومة قبل 4 أشهر، التي جاءت بعد مخاض عسير انتهى بإعفاء عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية من تشكيل الحكومة، وتعيين سعد الدين العثماني من الحزب نفسه خلفا له.
وغاب ابن كيران عن اللقاء، الذي عقد مساء أول من أمس في الرباط لتقديم حصيلة العمل الحكومي خلال الـ120 يوما الماضية، ولم يجلس بجانب حلفائه السابقين، الذين كان يتهمهم بعرقلة تشكيل حكومته، إلا أنه كان حاضرا في مداخلات قادة تلك الأحزاب بشكل ضمني، حيث لم تخلُ خطابات الأمناء العامين لأحزاب التحالف الحكومي من المقارنة بين مرحلة ابن كيران ومرحلة العثماني، الذي نال التنويه والإشادة من جانبهم.
بدوره، استغل العثماني المناسبة لتوجيه رسائل سياسية لمعارضيه، الذين راهنوا على فشله في قيادة الحكومة، ليثبت أن منهجه في قيادة المرحلة مختلف كليا عن سلفه ابن كيران حتى وإن تفوق عليه هذا الأخير بشعبيته وشخصيته الكاريزمية.
وأصر العثماني خلال اللقاء على إثبات أنه رجل التوافق مع الحلفاء والمنفتح على المعارضة، التي قال إنها كان لها دور في حصيلة الـ120 يوما، ووعد بلقاءات أخرى مع ممثليها، ليحاول بذلك طي مرحلة الصدام السياسي مع المعارضين وحتى الحلفاء، الذي كان ابن كيران قد تبناه أو أجبر عليه، بحسب مراقبين طوال 5 سنوات من عمر ولايته الحكومية.
في سياق ذلك، قال العثماني إن «اللقاء في حد ذاته ذو دلالة سياسية»، وعد اجتماع أحزاب الغالبية وبرلمانييها «رسالة سياسية واضحة تؤكد وجود إرادة مشتركة لدينا جميعا لنضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار على قاعدة القواسم المشتركة، والتعاون بين الهيئات المشكلة للحكومة».
وأضاف العثماني موضحا أن «النتائج التي حققنانا اليوم، والتي ساهمت فيها المعارضة، تعطينا الثقة بأن الذين يراهنون على انفجار التناقضات داخل الحكومة ويضخمون الاختلافات في وجهات النظر داخل الأغلبية ويسعون إلى النفخ فيها، هؤلاء سيخيب ظنهم»، موضحا أن هناك من روج لأطروحة سقوط الحكومة أو إقالة بعض أعضائها، كما جرى الترويج لعدد من الإشاعات للتشويش على العمل الحكومي، «وهؤلاء أيضا خاب وسيخيب ظنهم غدا، لأننا نعول على العمل الجاد في الميدان والإنجاز وخدمة المواطن والوطن».
وبمزيد من الإصرار على تأكيد الانسجام بين زعماء الأغلبية وطي مرحلة ابن كيران، قال العثماني إن «أول رسالة نوجهها اليوم هي أن هذه الغالبية اليوم مجتمعة موحدة وملتفة حول البرنامج الذي قدمته للمواطنين، وأجازه البرلمان، وهي لن تلتفت إلى الوراء».
من جهته، نوه عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار وزير الفلاحة والصيد البحري، بمنهجية عمل العثماني، وقال بهذا الخصوص: «نحن فخورون بالعمل معه»، ووصف العثماني بأنه سريع في اتخاذ القرارات، مشددا على أنه «الغالبية، وعكس ما يقال، تعمل في انسجام لتنفيذ برنامجها».
من جانبه، أقر محند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، بالصعوبات التي واجهتها أحزاب الأغلبية خلال الأشهر الأربعة الماضية التي أمضتها في تذويب الخلافات. ولم يفوت العنصر الفرصة لانتقاد مرحلة ابن كيران بقوله: «حتى الآن لم نسمع ولم نقرأ أن الإنجاز الحكومي لهذا الحزب أو هذا الشخص، لأننا كنا نعاني من هذا الأمر في السابق»، في إشارة إلى المآخذ التي كانت توجه إلى ابن كيران بنسبة بعض الإنجازات الحكومية إلى حزبه.
أما إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والذي كان ابن كيران يرفض ضمه للحكومة، فقد هنأ العثماني على «إدارته وتدبيره»، وعبر عن ارتياحه للعمل مع الشركاء، مؤكدا على أن حزبه لن يتنصل من أي قرار اتخذته الحكومة، موضحا أنه سيساند كل الإجراءات من باب المسؤولية، ولافتا إلى أن الحكومة ينتظرها كثير من العمل لتحقيق مطالب المواطنين، وأن 120 يوما غير كافية للحكم عليها، وهو ما نبه إليه كل من محمد ساجد الأمين العام للاتحاد الدستوري، وعبد الواحد سهيل القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، الذي ناب عن أمينه العام نبيل بن عبد الله، الذي غاب عن اللقاء بسبب وفاة والدته.
ولخصت الحكومة حصيلتها خلال 120 يوما بإجراء شمل عدة محاور؛ هي: إصلاح الإدارة وترسيخ الحكامة، ومحاربة الفساد كأولوية، والنهوض بمردودية الأداء الحكومي، وتطوير النموذج الاقتصادي، والنهوض بالتشغيل والتنمية المستدامة، وتعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي، ثم تعزيز الإشعاع الدولي للمغرب وخدمة قضاياه العادلة في العالم.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم