لندن تحتضن اليوم اجتماعاً وزارياً لمتابعة تطورات الأزمة الليبية

 المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية.
المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية.
TT

لندن تحتضن اليوم اجتماعاً وزارياً لمتابعة تطورات الأزمة الليبية

 المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية.
المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية.

تتجه أنظار الليبيين اليوم إلى العاصمة البريطانية لندن، حيث سيعقد اجتماع وزاري سداسي بحضور وزراء خارجية كل من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا، والإمارات، ومبعوث الأمم المتحدة لليبيا غسان سلامة، وذلك لمتابعة تطورات الأزمة الليبية.
وقال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، إن الاجتماع يهدف إلى الاطلاع على نتائج المشاورات التي قام بها مؤخرا المبعوث الأممي غسان سلامة مع الأطراف الليبية المختلفة، واتصالاته الإقليمية والدولية، فضلاً عن تنسيق الجهود والتحركات التي تقوم بها الأطراف الإقليمية والدولية بهدف إنهاء حالة الانقسام، وتعزيز بناء التوافق والمصالحة الوطنية في ليبيا.
وأشار أبو زيد، في بيان له، إلى أن هذا الاجتماع يأتي بناء على مبادرة بريطانية، ترمي إلى توجيه دفعة لجهود تحقيق المصالحة الوطنية في ليبيا، والدفع نحو تنفيذ اتفاق الصخيرات، والتأكيد على محورية دور الأمم المتحدة، لا سيما قبل انعقاد الاجتماع رفيع المستوى الخاص بليبيا، الذي دعا إليه سكرتير عام الأمم المتحدة على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
من جهته، اعتبر سلامة أن تداخل مبادرات السلام الأوروبية والشرق أوسطية حيال ليبيا يعيق عمله في تسوية الخلاف في البلاد، وقال في هذا السياق إن «كثرة الطباخين تفسد الطبخة»، موضحا في تصريحات لصحيفة «لاستامبا» الإيطالية أنه سيبلغ مؤتمر لندن بامتعاضه من هذا الأمر، وأعرب عن شكواه مما وصفه بالسياسات المتضاربة التي تعرقل الجهود الرامية إلى توحيد ليبيا، ولفت في هذا الصدد إلى وجود 6 أو 7 عمليات مختلفة أمام أعين الليبيين الآن.
وقبل ساعات من انعقاد اجتماع لندن أجرى وزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو محادثة هاتفية مع سلامة، وقالت الخارجية الإيطالية في بيان لها، إن الطرفين ناقشا عددا من الأولويات المتعلقة بالعملية السياسية لتحقيق الاستقرار في ليبيا، في ضوء اجتماع لندن الوزاري. في حين جدد ألفانو التزام بلاده الكامل لضمان وحدة عمل بعثة الأمم المتحدة من أجل «تجنب الخسائر، والحفاظ على تماسك المجتمع الدولي لدعم المفاوضات الجارية».
ونقلت الخارجية الإيطالية في بيانها عن المبعوث الأممي تأكيده حدوث «خطوة مهمة إلى الأمام»، لافتا إلى أنه تم التوصل إلى اتفاق على ضرورة تعديل الصخيرات المبرم قبل نحو عامين في المغرب، برعاية أممية، مشيرا إلى أنه يدرك تماما الحاجة إلى إشراك جميع الجهات الفاعلة ذات الصلة لضمان الشمولية الكاملة للحوار وتوحيد المؤسسات.
واتفق سلامة مع ألفانو على ضرورة عودة بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا بسرعة، مشيرا إلى أنه ناقش الأمر بالفعل مع المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة. كما أكد المبعوث الأممي وجود خطط لتنفيذ إجراءات السلامة عن طريق إرسال أفراد لتولي حماية مكاتب الأمم المتحدة بين أواخر الشهر الحالي والشهر المقبل.
من جهته، أعرب وزير الخارجية الإيطالي، في تصريحات نقلتها وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء، عن أن حكومة بلاده تترقب باهتمام خريطة الطريق التي من المنتظر أن يطرحها المبعوث الأممي خلال اجتماعات الأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأميركية في العشرين من الشهر الحالي، معتبرا أنه «يجب مواصلة توجيه المحاورين الليبيين تجاه مسار المصالحة الوطنية. ففي ليبيا تحققت نتائج غير عادية في مكافحة تنظيم داعش».
وفى إشارة إلى مطالبة إيطاليا مجددا المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، بالانصياع لشرعية لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج في العاصمة الليبية طرابلس، قال وزير الخارجية الإيطالي إنه «من أجل تعزيز هذه الإنجازات، تحتاج ليبيا إلى قوات أمنية موحدة تحت إمرة المجلس الرئاسي لحكومة السراج وتخضع للسلطات المدنية». وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، الذي سيمثل بلاده في اجتماع لندن، قد التقى أمس نظيره الليبي محمد الطاهر سيالة، على هامش مشاركته في الاجتماع الوزاري لمجلس الجامعة العربية.
وذكر بيان للخارجية المصرية أن سيالة ثمن ما تبذله الدبلوماسية المصرية على مختلف الأصعدة لمساعدة الليبيين على تحقيق التوافق الوطني، وتفعيل المسار السياسي، معربا عن تطلعه لمزيد من التنسيق مع مصر فيما يتعلق بإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية ودعم جهود مكافحة الإرهاب.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.