{حماس} تقترب من التوصل إلى اتفاق مع دحلان برعاية مصرية ودعم إماراتي

تنامي دور الدولتين في قطاع غزة وتراجع التأثير القطري ـ التركي

TT

{حماس} تقترب من التوصل إلى اتفاق مع دحلان برعاية مصرية ودعم إماراتي

تقترب حركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة، من التوصل إلى اتفاق مع القيادي المفصول من حركة «فتح»، محمد دحلان، يمكن بمقتضاه منحه دوراً في إدارة القطاع، بموازاة الحصول على مساعدة مصرية لتخفيف الضغوط على سكان القطاع من جانب، وعلى دعم مالي إماراتي جيد من جانب آخر.
وأكدت مصادر مصرية وفلسطينية، تشارك في المفاوضات التي تجري في القاهرة منذ الأحد الماضي، أن وفد «حماس» ناقش مع مسؤولين من «تيار (فتح) الإصلاحي»، الذي يتزعمه دحلان، خطة يمكن بمقتضاها إنهاء ملف «ديات الدم»، المتصل بالاقتتال الداخلي الفلسطيني الذي جرى في عامي 2006 و2007، وعودة قيادات تابعة للأخير إلى القطاع، وحل لجنة «حماس» الإدارية؛ تمهيداً لإجراء انتخابات عامة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وقالت المصادر التي اشترطت عدم ذكر أسمائها، إن «حماس» تأمل في المقابل، الحصول على تسهيلات مصرية تتمثل في فتح معبر رفح، وتعزيز التجارة فوق الأرض، والمساهمة في إقامة مشروعات تجارية وصناعية، وإدامة إمدادات الوقود والطاقة، فضلاً عن مساهمة مالية إماراتية من خلال آلية جديدة تُسمى «صندوق التكافل وتقديم الخدمات».
وأضافت المصادر، وتريد مصر من جانبها، الحصول على تعاون أمني فاعل من جانب «حماس»، يطور مرحلة «المنطقة العازلة» إلى مرحلة «الترتيبات الأمنية الكاملة»، ويسهم في تعزيز القدرات المصرية في مواجهة تنظيم داعش في سيناء، ويقيد سلوك بعض قادة «الإخوان» من المصريين الذين يعيشون في غزة.
وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن المفاوضات التي تجري بين وفد رفيع من «حماس»، يضم رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، ورئيس الحركة في غزة، يحيى السنوار، ونائبه خليل الحية، وقيادات أخرى، ومسؤولين أمنيين مصريين، على رأسهم مدير الاستخبارات العامة، اللواء خالد فوزي، تستهدف تحقيق مصالح متوازنة للجانبين، وإن الأزمة المندلعة بين قطر من جانب والدول العربية الأربع الداعية إلى مكافحة الإرهاب من جانب آخر، ليست بعيدة عن أجواء المحادثات.
وأضاف المصدر، إن «جزءاً مهماً من الجهود المبذولة في تلك الجولة من المفاوضات، يستهدف تقليص النفوذ القطري - التركي على القطاع، في مقابل تعزيز الدعم والتعاون المصري - الإماراتي مع (حماس) وغزة بجميع مكوناتها».
وأكد المصدر، أن المحادثات تناولت إنشاء مصر منطقة صناعية في القطاع، بديلا لمشروع تركي لإنشاء منطقة صناعية في «بيت حانون» شمال غزة، كما تضمنت إنشاء «صندوق التكافل» بتمويل إماراتي يزيد على المبلغ الذي رصدته قطر لتمويل «اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة»، في ضوء «التجميد التكتيكي للدور القطري جراء العزلة التي تعانيها الدوحة».
وكان رئيس «اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة» السفير محمد العمادي، زار القطاع في يوليو (تموز) الماضي، وشدد على استمرار عمل اللجنة في دعم المشروعات الفلسطينية وتمويلها: «على الرغم من الحصار المفروض على قطر»، متعهداً بمشروعات جديدة عبر اللجنة التي رصدت الدوحة لها منحة تُقدر بـ407 ملايين دولار أميركي.
كما زار الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، أنقرة في أغسطس (آب) الماضي، وبحث مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في جهود تحقيق المصالحة الفلسطينية.
وأوضح المصدر المطلع، أن «حماس» ناقشت خلال تلك المفاوضات، إقامة «مولات تجارية» في غزة، وتعزيز حركة التجارة «فوق الأرض»، وفتح معبر «رفح» بشكل دائم. لكن الجانب المصري وافق على أن يكون فتح المعبر بشكل «دوري»، ولمدة تراوح بين 17 و20 يوماً كل شهر.
وعن عمل «صندوق التكافل وتقديم الخدمات»، أفاد المصدر، بأن جانبا من موارد الصندوق سيخصص لاستكمال ملف «الديات»، التي كان القيادي في حركة «حماس»، إسماعيل رضوان، قدر تكاليفه سابقاً بنحو 50 مليون دولار، للوفاء بالمطالبات الناشئة عن سقوط نحو 313 قتيلاً و800 مصاب، فضلاً عن تقديم مبالغ مالية لمشروعات خدمية، وبدء مشروعات إنتاجية لبعض المواطنين.
وكانت «حماس» أصدرت بياناً الليلة قبل الماضية أكدت فيه حرصها على «أمن واستقرار مصر، وعدم السماح باستخدام غزة للمساس بأمن مصر»، كما أعربت عن استعدادها لعقد جلسات حوار مع حركة «فتح» بالقاهرة، لإبرام اتفاق وتحديد آليات تنفيذه، بما يشمله هذا من حل لجنتها الإدارية، وتمكين «حكومة الوفاق الوطني» وإجراء انتخابات عامة.
وأكد المصدر المطلع، أنه جرى بحث موضوع تبادل الأسرى مع إسرائيل، وأن «حماس» أبدت استعداداً للوصول إلى اتفاق في هذا الصدد.
وطلبت الحركة فتح مكتب دائم لها في مصر، لكن الجانب المصري رأى إرجاء البت في هذا الطلب، في حين لم يستبعد المصدر أن توافق القاهرة على وجود دائم لأشخاص يمثلون الحركة، مثل القيادي في «حماس» موسى أبو مرزوق، في مصر في الفترة المقبلة.
وقال: إن «حماس» وافقت على رعاية القاهرة لمحادثات للفصائل الفلسطينية تجري في مصر، بحضور مختلف الفصائل، وفي حال عدم حضور «فتح»، فإن الحركة تتجه لإطلاق تلك المحادثات «بمن حضر»، مثمنة دور القاهرة في العمل على «رأب الصدع الفلسطيني»



سكان قطاع غزة يعدون مخيمات للعائدين إلى الشمال بعد وقف إطلاق النار

نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
TT

سكان قطاع غزة يعدون مخيمات للعائدين إلى الشمال بعد وقف إطلاق النار

نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)
نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)

أعد فلسطينيون في شمال قطاع غزة مخيمات للأسر النازحة، الخميس، قبل عودتهم المتوقعة بعد يومين إلى مناطق كانت فيها منازلهم وفقاً للجدول الزمني لاتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

وفي منطقة مفتوحة محيطة ببنايات تم تفجيرها، بدأت مجموعة من الرجال في نصب خيام بيضاء في صفوف لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال يوم السبت عندما تفرج حركة «حماس» عن المجموعة الثانية من الرهائن مقابل إطلاق سراح العشرات من الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.

ومن المتوقع أن يعود مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة إلى منازل تحولت أطلالاً بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية التي استمرت 15 شهراً وحولت أغلب القطاع أنقاضاً وقتلت أكثر من 47 ألفاً من سكانه.

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، عادت القوات الإسرائيلية برياً إلى مناطق في الشمال في عملية كبرى ضد عناصر «حماس» ركزت على مخيم جباليا للاجئين قرب مدينة غزة وبيت حانون وبيت لاهيا، وأخلت مناطق كاملة من سكانها وهدمت أغلب البنايات.

تساءل وائل جندية وهو يجهز خيمة لأبنائه الذين سيعودون من منطقة المواصي الساحلية التي لجأوا إليها في الجنوب كيف ستكفيهم مساحات تلك الخيام «هاي الخيمة اللي بنحلم فيها؟ هتكفي 8 أنفار 10 أنفار. هذا لولادنا من الجنوب... هاي مساحة هادي؟»

وتابع قائلاً لـ«رويترز»: «المفروض مساحة أكبر من هيك... طب يوم السبت هييجوا من الجنوب هيغمروا غزة كلها. وين هيروحوا؟ هذا المخيم كام نفر بده ياخد؟ ميه متين؟ طب والباقي. مليون ونص إحنا جايين من الجنوب».

الخيام الجديدة تحيطها الأبنية المدمَّرة جراء الحرب (رويترز)

وشنت إسرائيل حملتها العسكرية على قطاع غزة بعد أن اقتحم مسلحون من حركة «حماس» الحدود في السابع من أكتوبر 2023. وتقول إحصاءات إسرائيلية إن ذلك الهجوم أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

ونشرت «حماس» بياناً، الخميس، تقول إن عودة الأسر النازحة ستبدأ بعد استكمال التبادل يوم السبت وبمجرد انسحاب القوات الإسرائيلية من الطريق الساحلية إلى الشمال، ومن المتوقع تسليم أربعة رهائن على الأقل لإسرائيل يوم السبت.

وجاء في بيان «حماس»: «من المقرر في اليوم السابع للاتفاق (25 يناير/كانون الثاني 2025) وبعد انتهاء عملية تبادل الأسرى يومها، وإتمام الاحتلال انسحابه من محور شارع الرشيد (البحر)... سيُسمح للنازحين داخلياً المشاة بالعودة شمال دون حمل السلاح ودون تفتيش عبر شارع الرشيد، مع حرية التنقل بين جنوب قطاع غزة وشماله».

وأضاف البيان: «سيتم السماح للمركبات (على اختلاف أنواعها) بالعودة شمال محور نتساريم بعد فحص المركبات».

العودة سيراً على الأقدام

قالت «حماس» إنها ستسمح للناس بالعودة سيراً على الأقدام على طول الطريق الساحلية؛ وهو ما يعني المشي لكيلومترات عدة حتى المنطقة الرسمية في الشمال من حيث يمكنهم محاولة استقلال مركبات سيتم تفتيشها عند نقاط التفتيش.

وشددت الحركة على عدم حمل العائدين أسلحة.

وذكر سامي أبو زهري القيادي الكبير في «حماس» أن الحركة على اتصال بأطراف عربية ودولية عدة للمساعدة في عملية العودة والإغاثة بطرق، من بينها توفير الخيام.

وأضاف أن «حماس» ستبدأ العمل فوراً على ترميم المنازل التي لم تدمر بالكامل.

وقال لـ«رويترز»: «سنقوم بتوظيف كل إمكاناتنا من أجل مساعدة أهلنا، البلديات لديها خطة معدّة لاستقبال العائلات العائدة إلى الشمال وتوفير خيام لهم».

وعاد كثيرون للعيش داخل منازلهم المدمرة في جباليا، أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية القديمة في قطاع غزة الذي كان محط تركيز الحملة الإسرائيلية في الأشهر الثلاثة الماضية، وأشعلوا نيراناً محدودة في محاولة لتدفئة أطفالهم.

وقال محمد بدر، وهو أب لعشرة أطفال: «بيقولك هدنة ووقف إطلاق النار وإدخال مساعدات، هاي إلنا تالت يوم مروحين، الماي (المياه) مش لاقيين نشربها، ولا (أغطية) لاقين نتغطى فيه إحنا وأطفالنا، طول الليل نتناوب على أي اشي، على النار، والنار يا ريت عندنا حطب، بنولع بلاستيك، قتلنا خلى معانا أمراض».

وقالت زوجته إنها لا تستطيع أن تصدق حجم الدمار.

وأضافت: «اتصدمت، ولا في دار واحد، كله ردم، مفيش ولا حاجة، الشوارع ما تعرفش تمرق (تسير) منها، كله فوق بعضه، أصلاً انت بتوه هايدي داري ولا مش داري؟ وريحة الجتت والشهداء في الشوارع».