أكدت كل من موسكو وأنقرة إنجاز التوقيع على صفقة بيع روسيا منظومة صواريخ «إس 400» لتركيا. ويوم أمس قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في تصريحات لصحف تركية: «تم التوقيع على الصفقة»، وأكد تسديد الدفعة الأولى من قيمتها. وقال في تصريحات أدلى بها على متن الطائرة عائداً من كازاخستان، إنه والرئيس الروسي فلاديمير بوتين «مصممان بخصوص هذه المسألة». ومن موسكو أكد فلاديمير كوجين، مستشار التعاون العسكري والفني في الكرملين، في حوار أجرته معه وكالة «تاس» الروسية، أن «التوقيع على الصفقة قد تم، وتجري الاستعدادات لتنفيذها»، وأوضح أن «منظومات (إس 400) من الأكثر تعقيداً، وتتضمن مجموعات من المعدات التقنية» التي تتطلب ضبط كثير من «المسائل الدقيقة». وأضاف: «يمكنني القول فقط إن كل القرارات التي تم اتخاذها حول العقد تتوافق مع مصالحنا الاستراتيجية»، لافتاً إلى أن «موسكو تتفهم جيدا ردود فعل بعض شركائنا الغربيين الذين يحاولون ممارسة الضغوط على تركيا».
وهذه الصفقة هي الكبرى التي توقعها تركيا مع دولة خارج حلف شمال الأطلسي، ويشكل توقيعها خطوة سياسية متقدمة جداً في مسيرة تطبيع العلاقات بين البلدين، بعد أزمة استمرت لعدة أشهر على خلفية إسقاط مقاتلات تركية قاذفة روسية في سوريا خريف عام 2015.
بالمقابل؛ آثار إعلان تركيا عن نيتها شراء المنظومة الصاروخية الروسية ردود فعل سلبية من جانب حلفاء أنقرة في حلف الناتو. وكان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أكد أن الولايات المتحدة لن تعرقل صفقة «إس 400»، وعدّ أن المسألة «قرار سيادي» تركي، لكنه اشتكى في الوقت ذاته من «عدم التوافق» بين المنظومة الروسية ومنظومات الناتو، وقال إن «المشكلة تكمن في كيفية ضمان التشارك العملياتي لمنظومات الناتو الصاروخية مع المنظومة الروسية»، وقال إن المنظومتين لن تتمكنا من العمل معا. ودعا حينها إلى التريث لمعرفة ما إذا كان الجانبان سيوقعان الصفقة أم لا.
ولم يكن ماتيس وحده الذي نظر ببعض الشك إلى احتمال توقيع صفقة كهذه بين البلدين، بل شاركه في «التشكك» محللون روس، منهم الخبير العسكري المعروف إيفان كونافالوف، مدير «مركز التنافس الاستراتيجي»، الذي رأى أن إمكانية توقيع الصفقة «تبقى ضمن اللعب السياسي»، لكنه مع ذلك أشار إلى أنه «لا يجوز بالطبع استبعاد أي أمر في ظل الوضع الراهن».
من جانبه، قال الخبير الروسي ألكسندر بيريندجييف إن «الحديث عن صفقة إس 400 عملية إعلامية روسية - تركية مشتركة»، تهدف إلى استطلاع ردود فعل الدول الأخرى، وللتأكيد على أن روسيا يمكنها إطلاق تعاون تقني - عسكري مع دول أعضاء في «الناتو».
وكان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان بحثا صفقة «إس 400» خلال محادثاتهما في موسكو مطلع مارس (آذار) الماضي. وأكد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو هذا الأمر في حديث لصحيفة «إزفستيا» منتصف مارس، ونقلت الصحيفة عنه قوله إنه تم بالفعل «مناقشة» قضية بيع الجانب التركي نظام الدفاع الجوي «إس 400» خلال المحادثات بين الرئيسين في الكرملين. وقال سيرغي تشيميزوف، رئيس شركة «روستيخ» الروسية، إن تركيا في إطار المفاوضات لشراء منظومات «إس 400» المضادة للطائرات، عبرت عن رغبتها في الحصول على قرض روسي لتمويل الصفقة. وأشار إلى أن المسألة لم تحسم بعد.
وتقول روسيا إن منظومات صواريخ «إس 400» المضادة للطائرات مصممة لحماية المرافق السياسية والإدارية والاقتصادية والعسكرية المهمة من الغارات الجوية، وتعد من أحدث المنظومات في العالم للدفاع الجوي والدفاع المضاد للصواريخ، وهي قادرة على تدمير الطائرات والصواريخ المجنحة على مسافة تصل إلى 400 كيلومتر، كما بوسعها رصد وإصابة وتدمير الصواريخ الباليستية التي تصل سرعتها إلى 4800 متر في الثانية على ارتفاع يصل إلى 30 كيلومترا. وتستطيع المنظومة توجيه 72 صاروخا وتدمير 36 هدفا في آن واحد، ويمكن نشرها خلال 5 دقائق لتكون جاهزة للعمل. وكانت الصين أول دولة تشتري من روسيا هذه المنظومة.
توقيع صفقة منظومة «إس 400» الروسية لتركيا رغم الانتقادات والتشكيك
تؤكد التقارب الروسي - التركي وتكشف أزمة أنقرة مع «الناتو»
توقيع صفقة منظومة «إس 400» الروسية لتركيا رغم الانتقادات والتشكيك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة