الكاميرا... العنصر الجوهري في مستقبل الهواتف الذكية

تصمم ببرمجيات ومستشعرات مطورة لرصد الهوية بدقة وتوفير تقنية الواقع المعزز

الكاميرا... العنصر الجوهري في مستقبل الهواتف الذكية
TT

الكاميرا... العنصر الجوهري في مستقبل الهواتف الذكية

الكاميرا... العنصر الجوهري في مستقبل الهواتف الذكية

خلال العقود الماضية، ازدادت الهواتف الذكية رقة وسرعة، ولا تزال تزداد رقة وسرعة. ولكن من المبكر جداً أن يبدأ الناس باعتبار هذه الأجهزة مملة، لأنها تقدم تقنيات جديدة باستمرار. وفي حال كنتم تحاولون تخيل ما يمكن أن تصل إليه الهواتف الذكية في المستقبل، عليكم التركيز على كاميرات الأجهزة، وبرمجياتها، وأجهزة الاستشعار التي تجعلها مميزة.
إليكم لمحة عما يمكن أن يصل إليه تطور الكاميرا: فور اختيار الهاتف الجديد، سيتعرف الجهاز إلى صاحبه ويفتح قفل الشاشة. وفي بلد أجنبي، يمكن للمستخدم أن يصوب الكاميرا على لائحة طعام في مطعم لترجمة محتواها إلى لغته الأصلية. أما عند التبضع لأثاث جديد، فيمكن للمستخدم أيضاً أن يصوب الكاميرا على أرضية غرفة المعيشة في منزله وأن يضع تصاميم افتراضية لقطع الأثاث ليرى كيف يمكن أن تبدو.

قفزة الكاميرا النوعية

بعض من هذه الخيالات المستقبلية بدأ فعلاً بالتحقق على أرض الواقع، إذ تعتزم شركة آبل الشهر القادم إطلاق مجموعة جديدة من أجهزة آيفون، تتضمن موديل «بريميوم» يمكنه أن ينسخ الأشياء الثلاثية الأبعاد، كوجه صاحبه. كما قدمت شركة سامسونغ، الشركة الأولى في العالم في صناعة الهواتف الذكية، جهاز غالاكسي نوت 8، وميزته الأساسية الكاميرا السريعة المزدوجة العدسات. ولا شك أن المنافسين سيسعون عاجلاً أم آجلاً للحاق بإنجازات آبل وسامسونغ.
قال فيليب - جايمس جايكوبوينز، مدير الإنتاج في كوالكوم، وهي شركة تعمل في تصنيع قطع الهواتف الذكية: «سيشكل عام 2018 قفزة نوعية بالنسبة للكاميرا في عالم التكنولوجيا». وأضاف أن التقنيات الجديدة المرتبطة بالكاميرا ستكون العامل الأساسي لمزيد من ميزات الأمان وتطبيقات الواقع المعزز، التي تستخدم بيانات للتلاعب رقمياً بالعالم الحقيقي حين ينظر الناس إليه من خلال عدسة هاتف ذكي.
فيما يلي، نستعرض تحليلاً لما ورد أعلاه عما سيكون عليه شكل الهاتف الذكي القادم:
- تفحص الوجه. في السنوات القليلة الماضية، اعتاد الناس فتح أقفال هواتفهم الذكية عبر بصمة الإصبع أو إدخال كلمة مرور سرية. ولكن هواتف آبل التي ستطلق الشهر المقبل، ومن بينها موديل البريميوم (سعره الأولي 999 دولارا)، ستقدم الشركة ميزة الأشعة ما دون الحمراء للتعرف إلى الوجه كطريقة جديدة لفتح قفل الجهاز.
كيف سيقوم الآيفون الجديد بهذه المهمة؟ امتنعت شركة آبل عن التعليق على هذا الأمر. ولكن يمكن القول إن كاميرا «سبكترا» العميقة الاستشعار من كوالكوم، هي نموذج واف عن عمل تقنية التحقق من الوجه.
يتضمن نظام «سبكترا» وحدة قياس تغطي الوجه بنقاط أشعة تحت الحمراء لجمع معلومات حول عمق الشيء بناء على حجم وميل النقاط. وفي حال كانت النقاط صغيرة، هذا يعني أن هذا الشيء الذي تراه الكاميرا بعيد كثيراً، أما في حال كانت كبيرة، فهذا يعني أن هذا الشيء أقرب. حينها، يمكن لنظام التصوير أن يصمم النقاط في صورة ثلاثية الإبعاد لوجه المستخدم وأن يحدد ما إذا كان هذا الشخص هو فعلاً مالك الهاتف أم لا.
وقال سي شودهوري، مدير الإنتاج الأمني في كوالكوم: «يرى المستخدم الخطوط الشكلية للرأس، ولكنها ليست صورة الوجه الأمامية نفسها التي يراها عادة». ويضيف: «لأن شكل رأس الإنسان يتميز عن غيره، فإن احتمال الخطأ في التعرف إلى الوجه هي واحد في المليون». هذا وتمت المقارنة مع نسبة احتمال الخطأ حالة من بين بمائة حالة أثناء اختبار أنظمة سابقة كانت تفتقر إلى ميزة الأمان للتعرف إلى الوجه.
عملت أنظمة التعرف على الوجه القديمة من خلال استخدام صاحب الهاتف للكاميرا والتقاط صورة لنفسه لمقارنتها بالصورة التي سبق أن تم تحفيظها في الجهاز. في هذه الحالة، ليس على السارق إلا أن يحمل صورة لصاحب الهاتف أمام الكاميرا، كما فعل البعض مع ميزة سامسونغ للتعرف إلى الوجه.
إلا أن تقنية الأشعة تحت الحمراء تواجه بعض القيود. مثلاً، تقول كوالكوم إن ارتداء صاحب الهاتف لقبعة أو وشاح يمكن أن يبطل عمل الكاميرا. وأضاف خبراء آخرون أن ضوء الأشعة تحت الحمراء يضعف عند وجود الشخص في ضوء الشمس خارج الأماكن المقفلة، أي أن التعرف إلى الوجه يمكن أن يكون أقل دقة على الشاطئ.
يبقى علينا أن نرى كيف ستعمل هذه التقنية الجديدة في هواتف آيفون المقبلة. ولكن تجدر الإشارة إلى أن آبل تتمتع بمعرفة عميقة في تقنيات الكاميرا العميقة الاستشعار في عام 2013. استحوذت آبل على «برايم سينس»، الشركة التي طورت أجهزة استشعار «مايكروسوفت كينيكت»، نظام كاميرا عميقة الاستشعار يتيح للاعبي «إكس بوكس» التحكم باللعبة من خلال استخدام حركة الجسم. يتوقع المحللون أن تدخل بعض من ملامح تقنية «برايم سينس» في أجهزة أي فون المقبلة.

تقنية الواقع المعزز

- الواقع المعزز. قد تكون الكاميرا العميقة الاستشعار ضرورية لتعزيز تقنية الواقع المعزز، الذي يعرف بتأثيره الكبير على عشاق التكنولوجيا. وبات من المعروف أن الواقع المعزز سيلعب أدواراً كبيرة في تطبيقات الهواتف الذكية في المستقبل.
ولم يعد خافياً على أحد أن آبل متفائلة جداً بتقنية الواقع المعزز. فقد اعتبر تيموثي دي كوك، الرئيس التنفيذي لآبل أخيرا أن هذه التقنية مشروع كبير وعميق، وسيسهم بشكل كبير في المنتجات الخاصة بعالم الألعاب والتسلية والأعمال. وتعتزم آبل إطلاق نظامها الجديد لتشغيل الهواتف «آي أو إس 11» هذا الخريف، والذي سيضم خدمات مساندة للتطبيقات المطورة عبر «إي آر كيت»، وهي أداة تساعد مطوري الألعاب على صناعة تطبيقات الواقع المعزز.
تستخدم «إي آر كيت» مركباً من كاميرا الآيفون وأجهزة استشعار الحركة، يضم مقياساً للتسارع وجيروسكوباً (جهاز لتحري الاتجاه)، ليتيح للناس وصل أشياء رقمية في العالم الحقيقي والتفاعل معها من خلال حركات محددة.
حصلت على عرض «إي آر كيت» من إيكيا، الشركة المصنعة للأثاث، إلى جانب تطبيقها المنتظر «إيكيا بلايس». وضعت سرير إيكيا على الأرض واستطعت تحريكه في أرجاء الغرفة والنظر أسفله. سيقدم هذا النوع من التطبيقات مساعدة كبيرة للحصول على فكرة عن شكل قطع الأثاث والمساحة قبل الطلب.
وقال مايكل فالدسغارد، رئيس قسم التحول الرقمي في إيكيا: «إنه تطبيق حقيقي يستخدمه أشخاص حقيقيون لاتخاذ قرارات مهمة في حياتهم».
إلا أن القيود التي يعاني منها تطبيق «إيكيا بلايس» تكشف ما تفتقر إليك «إي آر كيت»، إذ إن التطبيق يسمح بالتعرف إلى الأسطح الأفقية كالطاولات أو الأرضية، ولكنها لا يمكن أن تتعرف إلى الجدران.
تعتبر الأسطح العمودية أكثر صعوبة في الكشف لأنها ليست ملساء كالأرضية، مع وجود النوافذ والأبواب والصور المعلقة عليها. وكشف بلير ماكينتاير، عالم وباحث يعمل في تقنية الواقع المعزز في شركة «موزيلا»، مطورة متصفح «فاير فوكس» أن الكاميرات العميقة الاستشعار ستسهل عملية التعرف إلى الجدران في هواتف آيفون المقبلة.
تضع كل الشركات التكنولوجية العملاقة رهانات كبرى على تقنية الواقع المعزز. عملت مايكروسوفت لسنوات على تطوير «هولو لينس»، سماعة رأس بتقنية الواقع المعزز. في أبريل (نيسان) الفائت، كشفت شركة «فيسبوك» النقاب عن «كاميرا إيفيكتس بلاتفورم»، وهي بيئة مخصصة لمطوري البرمجيات الذين سيعملون على بناء تطبيقات واقع معزز لحسابها. كما كشفت غوغل «إي آر كور»، أداة جديدة للواقع المعزز تستخدم في أجهزة آندرويد، في رد على «إي آر كيت» الخاصة بآبل.
وقال ماكينتاير إن الواقع المعزز سيكون له قدرات كبيرة حين ينضج أكثر. وتوقع أن يصبح الناس قادرين على الذهاب في جولات في المتاحف التاريخية، وأن يشيروا بكاميرا هاتفهم الذكي على معروضة من الحجر الصخري ليعيدوا ديناصورا إلى الحياة.
ولكنه لفت إلى أن تقنية الواقع المعزز على الهواتف الذكية هي بديل لأمر لا يمكن تفاديه، وهو ارتداء البيانات أمام الوجه طوال الوقت من خلال تصميم معين من سماعات الرأس. وأضاف «إن نظر الناس إلى الخيال العلمي، فسوف سيلاحظون أنه روج كثيراً لهذا الاكتشاف، وحتى أنهم قد يحصلون على نظرة أقرب حين يستخدمون سماعة على رأسهم».
وحتى ذلك الوقت، لا شك في أن الهواتف الذكية ستزداد ذكاء!

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)
خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)
TT

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)
خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية ليست مجرد تقنية تقليدية أو عادية، بل هي القلب النابض للتطبيق، وهي التي جعلته مميزاً عن أي منصة أخرى منافسة لها.

عبقرية خوارزمية «تيك توك»

خوارزمية «تيك توك» تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لتقديم تجربة شخصية فريدة لكل مستخدم. من خلال تحليل التفاعلات، ومدة المشاهدة، والسلوكيات السابقة، تُقدّم الخوارزمية محتوى مثيراً وجديداً على صفحة «For You» يجعل المستخدم يشعر بأن المحتوى صُمم خصيصاً له، ما يجعل المستخدم يستمر في المشاهدة دون توقف.

هذا التخصيص الدقيق لا يقتصر على تعزيز شعبية الفيديوهات فقط وانتشارها، بل يساعد أيضاً منشئي المحتوى الجدد على الوصول لجمهور واسع بسهولة، مما يعزز التنوع والابتكار على المنصة.

كيف تعقّد الخوارزمية الأزمة القانونية؟

تمثل خوارزمية «تيك توك» عقبة رئيسية في الأزمة الحالية بين «بايت دانس» (ByteDance) والحكومة الأميركية. السبب هو أن هذه الخوارزمية تُعتبر واحدة من أكثر التقنيات قيمة في العالم، وهي مدرجة ضمن قائمة التقنيات التي تتطلب موافقة الحكومة الصينية قبل تصديرها.

هذا يعني أن بيع «تيك توك» إلى جهة أميركية لن يكون مجرد صفقة مالية، بل سيكون مصحوباً بتحديات قانونية وسياسية تتعلق بنقل التكنولوجيا.

الخوارزمية تحت المجهر الأمني

أحد أسباب تصاعد الأزمة هو القلق من أن الخوارزمية قد تُستخدم لجمع بيانات المستخدمين الأميركيين أو التأثير على آرائهم. ورغم أن «تيك توك» تنفي هذه المزاعم، فإن طبيعة الخوارزمية التي تعتمد على معالجة كميات ضخمة من البيانات تجعلها محور قلق كبير بالنسبة للحكومات.

مستقبل «تيك توك» والخوارزمية

في ظل القرار الأميركي ببيع التطبيق أو حظره، قد تُصبح خوارزمية «تيك توك» نقطة تفوق أو عقبة. إذا تمكنت «بايت دانس» من التوصل إلى اتفاق يحافظ على سرية الخوارزمية، قد يُساهم ذلك في استمرار نجاح التطبيق عالمياً. أما إذا فرضت الحكومة الأميركية سيطرة كاملة، قد يُغير ذلك جوهر تجربة «تيك توك» كما يعرفها المستخدمون اليوم.

معركة «تيك توك» في الولايات المتحدة ليست مجرد قضية قانونية أو اقتصادية، بل هي صراع على مستقبل التكنولوجيا، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بخوارزمية تُعتبر واحدة من أعظم الابتكارات الرقمية في العصر الحديث. قدرتها على البقاء أو التكيف مع الضغوط القانونية قد تكون العامل الحاسم في كتابة مستقبل التطبيق.