6 كلم تفصل «سوريا الديمقراطية» عن دير الزور... والنظام يستعد لمعركة المدينة

قوات النظام تعيد موضعة نفسها على الطريق الرئيسي لدير الزور متقدمة الى المدينة بغطاء من الطيران الروسي (إ ف ب)
قوات النظام تعيد موضعة نفسها على الطريق الرئيسي لدير الزور متقدمة الى المدينة بغطاء من الطيران الروسي (إ ف ب)
TT

6 كلم تفصل «سوريا الديمقراطية» عن دير الزور... والنظام يستعد لمعركة المدينة

قوات النظام تعيد موضعة نفسها على الطريق الرئيسي لدير الزور متقدمة الى المدينة بغطاء من الطيران الروسي (إ ف ب)
قوات النظام تعيد موضعة نفسها على الطريق الرئيسي لدير الزور متقدمة الى المدينة بغطاء من الطيران الروسي (إ ف ب)

وصلت «قوات سوريا الديمقراطية» إلى مسافة تبعد 6 كيلومترات عن الأحياء الشرقية في مدينة دير الزور، بعد ثلاثة أيام من هجوم واسع نفذته للوصول إلى المدينة التي سيطر النظام السوري على جزء من أحيائها الغربية خلال الأيام الأخيرة، في وقت باتت «سوريا الديمقراطية» تسيطر على 65 في المائة من معقل تنظيم داعش في الرقة.
وبينما اعتبر النظام أن تقدم قواته في دير الزور «يقربنا من لحظة الانتصار النهائي»، وتأكيده على لسان نائب وزير خارجيته فيصل المقداد أن «سوريا ستبقى موحدة»، تكشف الوقائع الميدانية على طرفي مدينة دير الزور أن هناك سباقاً روسياً - أميركياً للسيطرة على أحياء المدينة المشطورة بين ضفتي نهر الفرات الشرقية والغربي، حيث تسعى «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن للسيطرة على الأحياء الشرقية، فيما يسعى النظام المدعوم من روسيا لاستكمال سيطرته على الجانب الغربي والتمدد بمحاذاة نهر الفرات نحو الريف الجنوبي، من غير العبور إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات.

ويشير الناشط في محافظة دير الزور ومدير مرصد «فرات بوست» أحمد الرمضان إلى أن التحالف الدولي أحبط محاولات تقدم قوات النظام السوري باتجاه الضفة الشرقية لنهر الفرات، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن التحالف «استهدف قوات النظام في نقطتين، هما جنوب حقل التيم في غرب المدينة، كما ضرب محاولات عبور نهر الفرات شرقا للوصول إلى اللواء 113» حيث تقاتل «قوات سوريا الديمقراطية» للوصول إلى مدينة دير الزور. وقال: «يبدو أن الأميركيين وضعوا خطوطاً حمراء أمام توسع النظام الذي تشير المعطيات الميدانية إلى أنه يتجه لاستعادة السيطرة على أحياء المدينة الخاضعة لسيطرة «داعش»، من غير التقدم جنوباً بعد المطار العسكري، في إشارة إلى محاولات تقدم النظام جنوباً نحو مدينة الميادين التي تبعد 40 كيلومتراً عن مدينة دير الزور وتعد أبرز معاقل التنظيم المتشدد وتستهدفها طائرات التحالف بشكل متواصل.
لكن هذه المعلومات عن استهداف لقوات النظام قرب دير الزور، نفاها مصدر عسكري لـقناة «روسيا اليوم».
جاء ذلك بعد أيام على إعلان عضو في مجلس الرقة المدني، المرتبط بقوات سوريا الديمقراطية، أن الجنرال روبرت جونز، المسؤول الثاني في التحالف الدولي، قال خلال لقاء عقد مؤخرا، إن التحالف لن يسمح للقوات الحكومية بعبور نهر الفرات، فيما ذكرت مصادر أخرى أن جونز هدد بتوجيه ضربات إلى أي وحدات تابعة للجيش السوري النظام في حال عبورها النهر، لكن التحالف لم يؤكد صحة هذه المعلومات رسميا.
في هذا الوقت، هاجم فيصل المقداد الولايات المتحدة الأميركية، متهماً إياها بدعم «داعش». وقال في حديث تلفزيوني لقناة «الميادين» المقربة منه: «تنظيم داعش الإرهابي وصل إلى دير الزور بفعل المساعدة الأميركية»، مذكّراً بالضربة الأميركية على جبل الثردة ضد الجيش السوري النظامي، مضيفاً أنه «بعد هذه الضربة دخل داعش وجرى حصار المطار العسكري في دير الزور». وقال إن «القوات الأميركية دمّرت البنى التحتية في سوريا وأعمالها موجهة لخدمة الإرهاب، وعلى الولايات المتحدة أن ترحل وإلا فسنتعامل معها كقوة معادية»، مضيفاً: «على الأميركيين أن يخرجوا بأنفسهم من سوريا». لكن هذا الهجوم السياسي، لم يمنع قوات التحالف الدولي من مواصلة دعمها لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي قلصت المسافة بين نقاط سيطرتها في الريق الشمالي الشرقي لدير الزور، مع المدينة، إلى حدود 6 كيلومترات، بعد سيطرتها على المدينة الصناعية. وأكدت مصادر أن القتال يتركز في محيط منطقة المعامل، فيما تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من السيطرة على محطة القطار، وتحاول تحقيق مزيد من التقدم نحو ضفة الفرات الشرقية المقابلة للمدينة، والتي ستمكنها في حال الوصول إليها من تطويق مئات الكيلومترات المربعة التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم من الجهة الشرقية لنهر الفرات. وعلى الضفة الغربية لنهر الفرات، دفع النظام بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى مدينة دير الزور، تتضمن عتاداً وآليات وعناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، للمشاركة في المعارك المقبلة بمدينة دير الزور ومحيطها وريفها، بعد تمكن قوات النظام أول من أمس الأحد فعلياً من كسر الحصار بشكل كامل عن مدينة دير الزور، عبر السيطرة على شريان المدينة الرئيسي المتمثل بطريق دير الزور - دمشق.
- معارك قرب حقول النفط
واللافت أن المعارك الدائرة حالياً، تعتبر قريبة جداً من حقول النفط الموزعة على ضفتي نهر الفرات، فعلى بعد كيلومترات قليلة جنوب الأحياء الشرقية لمدينة دير الزور بمحاذاة الضفة الشرقية للنهر، يقع حقل الجفر النفطي ومعمل غاز كونيكو، فيما يبعد حقل العمر النفطي نحو 40 كيلومتراً إلى الجنوب على الخط نفسه. أما على الضفة الغربية لنهر الفرات، فتقع محطة المهاش النفطية شمال مقر اللواء 137 الذي استطاع النظام فك الحصار عنه يوم الثلاثاء الماضي، كما يقاتل للاحتفاظ على حقل التيم النفطي الواقع غرب المطار العسكري الذي فك النظام الطوق عنه يوم السبت الماضي. وواصل النظام أمس القتال للحفاظ على هذا الحقل النفطي الهام، حيث تركزت الاشتباكات في جنوب حقل التيم، بعدما نفذ تنظيم داعش هجوماً عنيفاً استهدف خلاله قوات النظام المسيطرة على الحقل، غداة فرض سيطرتها على الجبال الفاصلة بين مطار دير الزور العسكري وحقل التيم النفطي.
وقال المرصد إنه من المرتقب أن تبدأ قوات النظام مرحلة جديدة من عمليتها العسكرية عبر التقدم في محيط المدينة من الجهتين الشمالية الغربية والشرقية، إضافة لمعارك داخل المدينة، بغية استعادة السيطرة على كامل المدينة التي يسيطر تنظيم داعش على أكثر من نصفها.
وبينما يوسع النظام دائرة «الأمان» لقواته المنتشرة غرب المدينة وصولاً إلى دوار البانوراما، وجنوب غربها قرب المطار العسكري، قالت مصادر ميدانية في دير الزور لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات خفيفة اندلعت في الأحياء الداخلية، في ظل وجود مؤشرات على أن النظام سينطلق في هجمات جديدة لطرد «داعش» من الأحياء في مدينة دير الزور، وأبرزها حي المطار القديم والخسارات وشارع الكورنيش وحي الحويقة في شمال المدينة.
إلى ذلك، فرضت «قوات سوريا الديمقراطية» سيطرتها الكاملة على 15 حيا داخل مدينة الرقة، حيث تواصلت الاشتباكات بشكل عنيف بين «قوات سوريا الديمقراطية» وعناصر تنظيم داعش على محاور في مدينة الرقة، التي كانت تعد معقل التنظيم وعاصمته في سوريا. وقال ناشطون في الرقة إن الاشتباكات تركزت في الساعات الفائتة في حي المرور الذي تمكنت قوات سوريا الديمقراطية من استكمال سيطرتها عليه، لتوسع نطاق سيطرتها في مدينة الرقة، إلى أكثر من 65 في المائة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.