القاهرة تحاول جسر الفجوة بين السلطة و{حماس}

مسؤولون مصريون طالبوا الحركة بإجراءات إضافية لتأمين الحدود وهدم الأنفاق

TT

القاهرة تحاول جسر الفجوة بين السلطة و{حماس}

قالت مصادر فلسطينية مطلعة إن لقاءات وفد حماس مع المسؤولين في المخابرات المصرية تركزت على قضيتين: المصالحة ضمن ترتيب وضع القضية الفلسطينية، والتعاون الأمني.
وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن اللقاءات كانت إيجابية إلى حد كبير. لكن مسؤولي المخابرات طلبوا من حماس إجراءات إضافية لجهة الاتفاق مع حركة فتح، وإجراءات أخرى على الحدود، بما يشمل هدم باقي الأنفاق بين غزة ومصر، لقطع الطريق على تسلل جماعات متشددة من وإلى سيناء.
وبحسب المصادر، فإن هذا الطلب نوقش بشيء من التفصيل، عندما عرضت حماس إجراءاتها في غزة من أجل ضمان أمن مصر.
وتطرقت الاجتماعات كذلك إلى وضع قطاع غزة، وكيفية تخفيف الضغط عنه.
وطلبت حماس فتح معبر رفح بشكل منتظم ما أمكن، وتزويد القطاع بالوقود والكهرباء، وإقامة تبادل تجاري. كما طلبت ضغطاً مصرياً على الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أجل وقف إجراءاته ضد قطاع غزة.
وأكدت المصادر أن المسؤولين المصريين ومسؤولي حماس ناقشوا كيفية تجاوز الخلافات الداخلية، والذهاب إلى مصالحة، فأبدت حماس استعدادها لإلغاء اللجنة الإدارية، إذا كان عباس سيلغي إجراءاته، وسيأمر الحكومة بملأ الفراغ، بما في ذلك حل مشكلات القطاع، واستيعاب موظفي حكومة حماس السابقة.
وبحسب المصادر، تواصلت جهات مصرية مع قياديين في السلطة الفلسطينية، في محاولة لتقريب وجهات النظر، وإنهاء الخلاف الكبير حول حكم قطاع غزة.
وفي حين تعهدت حماس بتعاون أكبر، وشرح رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية استراتيجية حركته المتعلقة بالانفتاح على مصر، وضمان أمنها وحدودها، وانفتاح الحركة أيضاً على مصالحة فلسطينية، تعهد المسؤولون المصريون بالمساعدة على تخفيف الضغوطات عن غزة، لكن من دون فتح دائم لمعبر رفح.
وشرح المسؤولون المصريون بعض التعقيدات المتعلقة بفتح معبر رفح، سواء بشأن ضرورة وجود السلطة الفلسطينية على المعبر، أو بسبب الوضع الأمني.
وجاءت الاجتماعات الحمساوية المصرية بعد أن عقد معظم أعضاء المكتب السياسي الجديد لحركة حماس اجتماعهم الأول وجهاً لوجه، برئاسة إسماعيل هنية، منذ انتخابهم في بداية مايو (أيار) الماضي.
وكان هنية قد وصل إلى مصر السبت في وقت مبكر، في أول محطة خارجية له بعد انتخابه رئيساً للمكتب السياسي العام، وكان على رأس وفد ضم رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار، ونائبه خليل الحية، وآخرين، بينهم مسؤول كبير في كتائب القسام، ثم انضم إليهم أعضاء من المكتب السياسي في الخارج، بينهم موسى أبو مرزوق وصالح العاروري وآخرون.
ومن غير المعروف كم سيمضي وفد حماس في القاهرة، لكنه سيجري لقاءات عدة مع مسؤولي المخابرات المصرية، وعلى رأسهم الوزير خالد فوزي.
ويسعى وفد حماس إلى تدخل مباشر لتخفيف الضغط عن غزة، بما يشمل تحقيقها إنجازات تنعكس على السكان.
وفي وقت سابق، أدخلت مصر إلى حماس كميات كبيرة من وقود الديزل، في محاولة لزيادة إنتاج محطة الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، ووعدت حماس الغزيين بعدها بتغييرات ملموسة بسبب الاتفاق مع مصر، بما يشمل فتح معبر رفح، وإقامة تبادل تجاري.
ويعيش الغزيون في ظل ظروف صعبة للغاية، مع انعدام الكهرباء والماء، والارتفاع المهول في معدلات الفقر والبطالة.
وقال نافذ عزام، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، إن الوضع الداخلي وصل إلى درجة لم تعد مقبولة على الإطلاق، جراء استمرار معاناة المواطنين بشكل كبير، ولا يجوز أن يترك الوضع الداخلي بهذا الشكل.
وأضاف عزام، في تصريحات لإذاعة محلية تابعة لـ«الجهاد»: «إن الأمور صعبة على الساحة الفلسطينية، الأمر الذي يتطلب جهداً كبيراً وتكثيفاً للمساعي لحلها».
وجاءت تصريحات عزام عقب اجتماع ضم قيادة حركتي «الجهاد الإسلامي» و«فتح». وقال عزام إن مصر تبذل جهوداً كبيرة من أجل إنهاء الانقسام وتجاوز الأزمات الحالية.
ودعت الجبهة الشعبية مصر لدعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير إلى عقد اجتماع عاجل في القاهرة، من أجل تنفيذ اتفاقيات القاهرة عام 2011، بشأن المصالحة الفلسطينية. وطالبت، في بيان، مصر بأخذ زمام المبادرة، والضغط على طرفي الانقسام.
كما دعت الجبهة القوى وجماهير الشعب الفلسطيني «لرفع الصوت عالياً في وجه الظلم والجرائم المرتكبة يومياً بحق غزة وأهلها، وبما يقطع الطريق أمام المخاطر والتهديدات الجدية التي يتعرض لها المشروع الوطني، في ظل الانقسام المدمر والصراع على السلطة».
وحذرت الجبهة من وصول الأوضاع في قطاع غزة إلى مستوى خطير جداً يتطلب تضافر الجهود الوطنية والشعبية والمؤسسات الدولية للتحرك لإنقاذ هذا الوضع «الكارثي».
وقالت الجبهة إن غزة وأهلها يتعرضون «لعدوان صامت، وتعاني من تدهور كامل في مناحي الحياة، والجديد هو ارتفاع أسعار مختلف أنواع الخضراوات، في ظل تآكل القوة الشرائية للمواطن، ما يهدد سلته الغذائية، ويضعه وجهاً لوجه مع أمراض سوء التغذية التي باتت تهدد عشرات الآلاف من الأطفال في غزة، إضافة إلى تآكل القطاع الصحي، ونفاد أكثر من 60 في المائة من الأدوية في مرافق وزارة الصحة بغزة، وتلوث المياه الجوفية بالقطاع، في ظل تدني قدرة التيار الكهربائي لمستويات كارثية لأكثر من أربعة شهور».
وشددت الجبهة على أن الصمت أمام هذا الوضع الكارثي، والمعاناة الكبيرة التي يعاني منها المواطنون، بمثابة شراكة في تلك الجرائم بحق غزة، وأطفالها ونسائها، شيبها وشبابها.
وأكدت الجبهة على أن ما وصلت إليه الأمور يتطلب من طرفي الأزمة العودة فوراً للغة العقل والمنطق، والتوقف فوراً عن التعديات، وتنفيذ اتفاقات المصالحة فوراً من دون اشتراطات.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.