خادم الحرمين يبحث مع وزير الخارجية الروسي المستجدات إقليمياً ودولياً

تناول لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في جدة، أمس، العلاقات الثنائية، وسبل تعزيز التعاون بين البلدين الصديقين، كما بحث الجانبان مستجدات الأحداث الإقليمية والدولية.
ومن جدة، أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير استعداد بلاده لفتح صفحة جديدة مع قطر، إذا غيرت سياساتها المرفوضة من السعودية والبحرين والإمارات ومصر، مشدداً على أن إعادة المياه إلى مجاريها مشروطة بالعودة إلى جادة الصواب، وقال إن «على الدوحة أن تدرك أن سياساتها المناهضة للأمن والسلم والاستقرار مرفوضة من العالم أجمع، وليس من السعودية وحدها».
وأضاف الجبير، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي، أن الوقت مبكر حالياً لأي حديث بشأن آلية إعادة المياه إلى مجاريها مع قطر، فالوقت لم يحن بعد، رغم أن الرياض مستعدة لفتح صفحة جديدة، إذا توقفت الدوحة عن إيواء الإرهابيين والمطلوبين أمنياً، وتركت التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأربع، وتركت التحريض ودعم العنف والإرهاب في المنطقة، وسعت بشكل جاد لوقف جميع أشكال زعزعة الأمن والاستقرار.
وركّز الجبير على أن جذور الأزمة القطرية تعود إلى أكثر من 20 عاماً، وأن ما تم من اتفاقات في عامي 2013 و2014 يمثل الخطوة الأولى نحو إيقاف السياسات العدوانية التي تنتهجها الدوحة تجاه دول المنطقة.
وأوضح أن عام 2013 شهد اتخاذ إجراءات تجاه قطر، ثم تبع ذلك مباحثات، وصولاً إلى اتفاقية الرياض، «لكن للأسف لم يتم تطبيق ما ورد في الاتفاقيات، ولذلك اضطرت السعودية والبحرين والإمارات ومصر إلى اتخاذ إجراءات تجاه قطر التي عليها التخلي عن سياساتها الداعمة للإرهاب والتطرف، واستضافة المطلوبين، ونشر الكراهية والتحريض، والتدخل في شؤون دول المنطقة».
وشدد على أن قطر إذا كانت لديها رغبة جادة في فتح صفحة جديدة، فإن عليها الاستجابة للمطالبات، وأن تنفذ التعهدات التي تقدمت بها من قبل.
وكان وزير الخارجية السعودي التقى في مكتبه بجدة الوزير سيرجي لافروف، حيث عقد الجانبان، جلسة مباحثات رسمية، بحثا خلالها العلاقات الثنائية بين البلدين والمستجدات في المنطقة، والتأكيد على محاربة التطرف والإرهاب بصوره وأشكاله كافة.
وتطرق الجبير إلى أن إن مواقف السعودية وروسيا متطابقة فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، بما في ذلك الأزمة السورية والحرب في اليمن والعراق وليبيا.
ولفت وزير الخارجية السعودي إلى أن الرياض تؤيد إقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا، وتتطلع لبدء العملية السياسية.
وأكد ترحيب بلاده بموقف روسيا فيما يتعلق بالأزمة اليمنية، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تسعى لتقديم أفكار جديدة لدفع عملية السلام الفلسطينية - الإسرائيلية.
وقال وزير الخارجية السعودي إن هناك حرصاً سعودياً - روسياً على التنسيق في مواجهة الإرهاب على الصعد كافة.
وفي حين دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى تسوية الأزمة الحالية بين قطر ودول خليجية وعربية عبر الحوار المباشر، أصر الجبير على أنه لا يمكن فتح صفحة جديدة مع قطر ما لم تستجب الدوحة إلى جميع المطالب، موضحاً: «وقطر تعلم ما هو مطلوب منها، ونريد أن نرى رغبة جادة في إيجاد حل للأزمة».
وأعرب لافروف، خلال المؤتمر الصحافي، عن دعم بلاده لجهود الوساطة الكويتية والأميركية لحل الأزمة مع قطر، مشدداً على أهمية الوحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي.
كانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قد قطعت العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، بما فيها الرحلات الجوية، مع قطر منذ نحو 3 أشهر، واتهمتها بدعم منظمات إرهابية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
وفي الشأن السوري، قال لافروف إن إقامة مناطق آمنة في سوريا خطوة إلى الأمام تساعد في تعزيز فرص حل الأزمة.
وأضاف أن إقامة مناطق خفض التوتر في سوريا تعزّز فرص حل الأزمة، لافتاً إلى أن أهمية مناطق خفض التوتر تكمن في أنها ستكون مدعاة لجعل خطر الإرهاب في المنطقة يتلاشى، وصولاً إلى بدء عمليات سياسية.
وتابع: «الهدف من إيجاد مناطق خفض التوتر هو تطبيع الحياة، وتوسيع الأماكن الآمنة داخل الأراضي السورية، ثم تنسيق الحوار عبر لجان المصالحة الوطنية، تمهيداً لحوار شامل في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة».
وركّز لافروف على أن جميع الأطراف المعنية بإيجاد مناطق لخفض التوتر ستعمل على تعزيز التهدئة لمدة 6 أشهر مقبلة والتسوية السياسية، «لكن لا أحد من هذه الأطراف سيحتفظ بهذه المناطق إلى الأبد، فالكل لا يريد إنشاء دويلات داخل الأراضي السورية».
وأكد وجود رقابة على الحدود تضمن تسهيل حركة المواطنين بشكل قانوني من ناحية، وتوصيل المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها، بما يضمن عدم وقوعها في أيدي الجماعات المتطرفة، من ناحية أخرى.
وشدد على أن روسيا تدعم جهود السعودية لتوحيد المعارضة السورية في مجموعة واحدة، مؤكداً على أن هذه الجهود «تسهم في تقدم المفاوضات في جنيف»، مضيفاً أن السوريين وحدهم سيقررون مصير دولتهم، وأعرب عن أمله بالتوصل لاتفاق لخفض التوتر قريباً في إدلب.
ومن المقرر أن تعقد جولة جديدة من الاجتماعات بشأن الأزمة السورية في العاصمة الكازاخستانية آستانة، في 14 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وتستضيف آستانة المباحثات برعاية تركيا وروسيا وإيران، بغية التوصل إلى تفاهمات ميدانية لتثبيت وقف إطلاق النار في الأراضي السورية، وتحديد مناطق خفض التوتر، وتأمين المساعدات الإنسانية للسكان.
وبالتوازي، تستضيف مدينة جنيف السويسرية جولات من المباحثات الرامية إلى التوصل لحل سياسي للأزمة السورية، ومناقشة الحكم الانتقالي، والدستور، والانتخابات، ومكافحة الإرهاب.
وناقش الوزيران، السعودي والروسي، آفاق العلاقات بين الدولتين، ورسم الاتجاهات والجهود المشتركة لتكثيف الحوار السياسي على كل المستويات، والاتفاق على تنشيط التبادلات الثقافية، والنظر في كيفية تحسين ظروف نظام تأشيرات دخول رجال الأعمال الروس والسعوديين الذين يستثمرون في مشاريع مشتركة.
وتطرق النقاش إلى مواعيد الجلسة الجديدة للجنة الحكومية المشتركة لدعم التعاون الفني والتقني والتجاري، التي تهدف إلى الإسهام في تعزيز التبادل التجاري. وأبدى الجانب الروسي رغبة الشركات السياحية وشركات الطاقة في التعاون مع الرياض، واستعدادها للمشاركة في المشاريع السعودية.