مستشفيات قطاع غزة في وضع حرج بعد نفاد الأدوية والاحتياجات الطبية

بين رام الله وغزة يضيع المرضى في متاهات البحث عن وسيلة للشفاء

ممرضة فلسطينية تتابع وليداً موضوعاً في حاضنة بأحد مستشفيات رفح بقطاع غزة (غيتي)
ممرضة فلسطينية تتابع وليداً موضوعاً في حاضنة بأحد مستشفيات رفح بقطاع غزة (غيتي)
TT

مستشفيات قطاع غزة في وضع حرج بعد نفاد الأدوية والاحتياجات الطبية

ممرضة فلسطينية تتابع وليداً موضوعاً في حاضنة بأحد مستشفيات رفح بقطاع غزة (غيتي)
ممرضة فلسطينية تتابع وليداً موضوعاً في حاضنة بأحد مستشفيات رفح بقطاع غزة (غيتي)

تضطر عوائل المرضى الفلسطينيين في مستشفيات قطاع غزة، إلى اللجوء إلى الصيدليات المنتشرة في محيط المستشفيات، من أجل تأمين أدوية أو مستهلكات طبية أساسية يحتاجها مرضاهم لإنقاذ حياتهم، في ظل النقص الحاد للأدوية والمستهلكات في مخازن المستشفيات نفسها. ولا يكاد يتوفر لدى المستشفيات أي من الأدوية والمستهلكات الطبية للحالات المرضية العاجلة، أو تلك التي تحتاج إلى علاج طويل.
وقال سامي زين الدين، إنه لجأ أول من أمس، إلى شراء ثلاثة أنواع من الأدوية لشقيقته، التي نقلت بشكل مفاجئ قبل أيام إلى مستشفى الشفاء، أحد أكبر مستشفيات القطاع، للعلاج من مشاكل صحية في صفائح الدم. مشيراً إلى أنه فوجئ بعدم توفر أي من الأدوية الخاصة بحالتها داخل المستشفى.
وأشار زين الدين في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن العديد من الأشخاص الذين وصلوا إلى قاعة الاستقبال والطوارئ، أثناء نقل شقيقته، فوجئوا بالأطباء يطلبون منهم توفير «حقن» ومسكنات عاجلة للعلاج من الصيدليات المحيطة بالمستشفى.
وأضاف: «هذا وضع لا يحتمل. هناك نقص في كل شيء، في الأدوية والمستلزمات والأدوات الطبية المختلفة». وتابع: «بعض عوائل المرضى الذين يطول علاجهم يضطرون، أحيانا، لشراء حتى (المحلول) من خارج المستشفى».
وتضاف مشكلة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، إلى مشاكل أخرى في القطاع، مثل نقص الكهرباء والماء، لكن المشكلة الطبية هي الأكثر خطورة.
ووصف أشرف القدرة، الناطق باسم وزارة الصحة التابعة لحماس في قطاع غزة، توفر الأدوية في مستشفيات القطاع، بأنه «حرج». وقال إنه وصل إلى مرحلة صعبة للغاية، بعد نفاد الأدوية والمستهلكات الطبية الأساسية التي يحتاجها المرضى بشكل مباشر.
وأضاف: «الوضع تدهور بعد نفاد 40 في المائة من الأدوية والمستهلكات الطبية الأساسية». وأوضح: «90 في المائة من أدوية السرطان، و40 في المائة من المستهلكات الطبية المهمة، وحليب الأطفال، نفدت تماما».
وحذر القدرة من توقف الخدمات في المستشفيات ومراكز الخدمة الأولية، بسبب «التراجع الخطير في المقومات الأساسية من الأدوية والمستهلكات الطبية وحليب الأطفال والوقود اللازم لتشغيل المستشفيات، في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة جدا».
واتهم القدرة، وزارة الصحة في رام الله، بعدم إرسال حصة غزة من الأدوية منذ أشهر. معتبرا ذلك «قرصنة ممنهجة ضد المرضى» بحرمانهم من واردات السلطة الدوائية للقطاع. مضيفا: «قرصنة الحقوق العلاجية للمرضى تتطلب موقفا وطنيا ودوليا حازما، يضمن حماية واستقرار الخدمات الصحية التي تتعرض لأزمات مركبة نتيجة الحصار المشدد على القطاع». كما اتهم رام الله، بالإهمال في تحويل المرضى وتقييد سفرهم بالعلاج للخارج قائلا، إن «المرضى في قطاع غزة، منذ بداية العام الجاري، يتعرضون لانتهاك واضح في حقهم بالحصول على العلاج والصحة، ما يمثل انتهاكا صارخا للقوانين الدولية والإنسانية».
وترفض وزارة الصحة في رام الله هذه الاتهامات، وتقول إنها ادعاءات غير صحيحة، وتتهم حماس بسرقة الأدوية التي ترسلها إلى قطاع غزة.
وفي حمى المناكفات بين رام الله والقطاع، دخل تيار محمد دحلان، القيادي المفصول من حركة فتح والمتحالف مع حماس على الخط. إذ أعلن النائب في المجلس التشريعي، ماجد أبو شمالة، وهو من المحسوبين على تيار دحلان، عن مناقصة باسم لجنة التكافل الوطني، لشراء الأدوية ذات المخزون صفر لدى وزارة الصحة.
وقال أبو شمالة إنه تم توفير أدوية تستهدف بالأساس مرضى السرطان والكلى، وكذلك المعدات التي تحتاجها غرف العمليات، ووعد بتوفير المزيد.
غير أن المواطنين يدفعون عمليا، ثمن المناكفات السياسية الجارية.
وقال رمزي صلاح، إنه اضطر لشراء كثير من المستلزمات الطبية لزوجته أثناء الولادة. وأضاف: «هذا مكلف للغاية وصعب، في ظل الوضع الاقتصادي المتردي». وتساءل: «لماذا لا توفر وزارة الصحة كل ذلك طالما تدفع التأمينات وكل ما يلزم للوزارة؟».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.