الخرطوم تعد بمساعدة السلطات البلجيكية لحل أزمة مئات المهاجرين الأفارقة

TT

الخرطوم تعد بمساعدة السلطات البلجيكية لحل أزمة مئات المهاجرين الأفارقة

قالت الحكومة البلجيكية إن السودان وعد بتقديم المساعدة المطلوبة للسلطات في بروكسل، في التعامل مع مشكلة المهاجرين الأفارقة، ومنهم أعداد من السودانيين، حسبما ذكر وزير شؤون الهجرة والأجانب في بلجيكا ثيو فرانكين، كما أشارت وسائل الإعلام البلجيكية، إلى أن بعثة حكومية من الخرطوم ستأتي إلى بروكسل في غضون أيام، لمساعدة إدارة شؤون المهاجرين في سرعة التعرف على هوية الأشخاص السودانيين من بين الأشخاص المطلوب إعادتهم إلى أوطانهم الأصلية.
وكان الوزير فرانكين قد طالب حكومة الخرطوم بتقديم المساعدة في هذا الصدد، وبعد أن التقى بالسفير السوداني في بروكسل قال الوزير إنه تلقى وعداً بتقديم المساعدة للسلطات البلجيكية في هذا الملف. ويتعلق الأمر بما يقرب من 400 شخص تقريباً رفضوا التقدم بطلب للحصول على حق اللجوء في بلجيكا، ويريدون السفر إلى بريطانيا، وحاولوا إقامة معسكر لهم في إحدى الحدائق الموجودة بالقرب من محطة قطار شمال بروكسل، وأمام مبنى إدارة شؤون الأجانب والهجرة (حديقة ماكسيمليان)، ولكن السلطات رفضت ذلك وقامت بإجبارهم على الخروج من الحديقة، واعتقال أكثر من 120 شخصاً وجرى إطلاق سراح بعض منهم والتحفظ على البعض الآخر، وخصوصاً الذين عثر بحوزتهم على أوراق تثبت هويتهم مما يسهل إعادتهم إلى أوطانهم.
وتوجد في حديقة ماكسيمليان الآن أعداد قليلة جداً من الأفارقة، بينما نشرت ملابس وأغطية وحقائب في أماكن متفرقة من الحديقة. ويقوم عدد كبير من الأفارقة بالاختباء في العمارات السكنية القريبة من الحديقة، في حال دخول الشرطة إلى الحديقة. ورفض بعض الأفارقة الموجودين في الحديقة الحديث إلى «الشرق الأوسط»، بينما ذكر البعض الآخر أنهم لا يريدون شيئاً من بلجيكا، فقط أن يفسحوا لهم المجال للذهاب إلى بريطانيا. وقال أحدهم وهو في سن العشرين رفض ذكر اسمه أو جنسيته، إنه سيضطر إلى تقديم طلب للجوء في بلجيكا حتى يحصل على مكان للنوم والأكل في ظل الظروف المناخية السيئة الآن في بلجيكا، وحتى تتاح له الفرصة ويتمكن من تحقيق حلمه في الوصول إلى لندن.
وتسعى السلطات البلجيكية حالياً إلى التوفيق بين مزيد من التحركات الأمنية لاعتقال هؤلاء الأشخاص وفي الوقت نفسه محاولة توفير أماكن لإيوائهم، وإيجاد حلول لمشكلتهم، سواء بإعادتهم إلى أوطانهم الأصلية أو إقناعهم بتقديم طلب رسمي للحصول على حق اللجوء والنظر في هذا الطلب والتعامل معه بشكل طبيعي شأنهم شأن باقي طالبي اللجوء، بحسب ما ذكر الإعلام البلجيكي أمس. وخلال الأسبوع الماضي نفذت الشرطة البلجيكية أكثر من عملية أمنية بالقرب من محطة قطار شمال العاصمة بروكسل واستهدفت أعداداً من المهاجرين غير الشرعيين الذين حاولوا استخدام محطة القطارات مقراً للنوم والإقامة.
وقالت الشرطة البلجيكية إن عملية أمنية شنت الخميس الماضي أسفرت عن اعتقال 43 شخصاً من المهاجرين غير الشرعيين وبينهم عدد من الأطفال صغار السن أقل من 16 عاماً ودون مرافقين لهم. كما تم اعتقال 30 آخرين يوم الجمعة. وأضافت أن العملية الأمنية بدأت الأربعاء وأسفرت عن اعتقال 50 شخصاً، وجارٍ الآن البحث في مصير هؤلاء المعتقلين ومدى إمكانية إحالتهم إلى أحد مراكز إيواء اللاجئين. وكانت منظمات إنسانية قد أعربت عن استيائها من العملية الأمنية، وقالت إن هؤلاء لم يشكلوا أي خطر أمني وكل ما يبحثون عنه هو مكان آمن للنوم فيه، بحسب ديرك فان دنفيلدن مسؤول إحدى الجمعيات الإنسانية، بينما قالت السلطات الأمنية، على لسان المتحدث باسم إدارة شرطة شمال العاصمة، إن وجود هؤلاء في المنطقة المحيطة بمحطة القطارات يشكل إزعاجاً للسكان في المناطق القريبة، وأيضاً للمترددين على المحطة من المسافرين.
وكان ما يقرب من 400 شخص غالبيتهم من الأفارقة قد حاولوا استخدام محطة القطارات والحديقة القريبة منها مركز إيواء لهم، على غرار ما حدث قبل عامين للاجئين السوريين، ولكن إدارة شؤون الأجانب والسلطات المعنية، رفضت هذا الأمر، على اعتبار أن هؤلاء لم يتقدموا بطلب للحصول على حق اللجوء، وإنما يرغبون فقط في السفر إلى بريطانيا عبر بلجيكا، بحسب ما ذكر وزير شؤون الأجانب تيو فرانكين، الذي رفض في وقت سابق معاملتهم على أنهم من اللاجئين وتوفير أماكن إيواء لهم.


مقالات ذات صلة

«الصليب الأحمر»: معرفة مصير المفقودين في سوريا «تحدٍّ هائل»

المشرق العربي مقاتلون يقفون بجوار غرافيتي كتب عليه «لن ننسى ولن نسامح» أثناء حراسة مدخل سجن صيدنايا في سوريا (رويترز)

«الصليب الأحمر»: معرفة مصير المفقودين في سوريا «تحدٍّ هائل»

رأت رئيسة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» ميريانا سبولياريتش أن معرفة مصير المفقودين في سوريا يطرح «تحدياً هائلاً» بعد أكثر من 13 عاماً من حرب مدمرة

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا صورة ملتقطة بواسطة طائرة مسيّرة تظهر قارباً مطاطياً يحمل مهاجرين وهو يشق طريقه نحو بريطانيا في القنال الإنجليزي  6 أغسطس 2024 (رويترز)

بريطانيا تتخذ إجراءات جديدة بحق المشتبه بتهريبهم مهاجرين

أعلنت الحكومة البريطانية، الخميس، أنّ الأشخاص المشتبه بأنّهم يقومون بتهريب مهاجرين، سيواجهون حظراً على السفر وقيودا تحول دون وصولهم إلى منصات التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا رحيل أول فوج من السوريين (مواني البحر الأحمر)

مصر: دعاوى ترحيل السوريين تملأ «السوشيال ميديا»... وتغيب في الواقع

على خلاف «السوشيال ميديا» التي احتوت على دعوات تطالب بترحيل السوريين من مصر، بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، لا يزال السوريون محل ترحيب كبير في الشارع المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي قصف تركي على مواقع لـ«قسد» في شرق حلب (غيتي)

واشنطن تؤكد صمود وقف إطلاق النار بين تركيا و«قسد»

بينما تتواصل الاشتباكات بين القوات التركية والفصائل الموالية مع قوات قسد، أعلن البنتاغون أن وقف إطلاق النار بين تركيا و«قسد» لا يزال صامداً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان متحدثاً أمام مؤتمر لحزبه في مدينة بورصة 28 ديسمبر 2024 (الرئاسة التركية)

إردوغان يلمّح لعمليات ضد القوات الكردية... وخطوات كبيرة لدعم دمشق

بينما تتواصل الاشتباكات العنيفة بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا على محور سد تشرين شرق حلب، لمّح الرئيس رجب طيب إردوغان إلى عمليات عسكرية جديدة في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».