تونس: «الجبهة الشعبية» يرفض الحكومة الجديدة... و«أغلبية» برلمانية مرتقبة ترجح الكفة

التحالف المعارض دعا لانتخابات مبكرة

تونس: «الجبهة الشعبية» يرفض الحكومة الجديدة... و«أغلبية» برلمانية مرتقبة ترجح الكفة
TT

تونس: «الجبهة الشعبية» يرفض الحكومة الجديدة... و«أغلبية» برلمانية مرتقبة ترجح الكفة

تونس: «الجبهة الشعبية» يرفض الحكومة الجديدة... و«أغلبية» برلمانية مرتقبة ترجح الكفة

رغم توقعات بأنها ستنال الثقة في البرلمان؛ رفض تحالف الجبهة الشعبية اليساري المعارض منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد في نسختها الثانية. ودعا التحالف الذي يشغل 15 مقعدا برلمانيا إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، لغرض السماح للتونسيين بتغيير الأوضاع عن طريق الانتخابات.
وينتظر ألا يؤثر هذا الرفض على حكومة يوسف الشاهد، إثر التعديل الوزاري الحديث الذي شمل 13 حقيبة وزارية و7 كتابات دولة (وزراء بلا حقيبة)، ومن المرتقب أن تحظى بنحو 170 صوتا خلال الجلسة البرلمانية الاعتيادية يوم الاثنين المقبل.
وباتخاذه هذا الموقف الرافض، انضم تحالف الجبهة الشعبية وهو 11 حزبا سياسيا صغيرا معظمها من اليسار والتيارات القوية بزعامة حمة الهمامي، إلى حزب الاتحاد الوطني الحر بزعامة سليم الرياحي (16 مقعدا برلمانيا)، وحزب حركة تونس الإرادة (4 أصوات) بزعامة الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي.
ومن الناحية الحسابية لا يبدو أن معارضة الأحزاب للحكومة تمثل وزنا قد يعرقل الحكومة الجديدة، إلا أنها قد تكون مؤثرة على مستوى تنفيذ الحكومة لبرامجها التنموية، ومحاولة تقديمها على أساس أنها «حكومة وحدة وطنية» «تجمع أكبر حزام سياسي حول خياراتها الاقتصادية والاجتماعية». وبذلك لن يكون عدد الأصوات المعترضة على حكومة يوسف الشاهد إلا في حدود 35 صوتا على أقصى تقدير، وهو ما يجعلها بأغلبية مريحة للغاية، إذ إن الدستور التونسي يقر بضرورة حصولها على 109 أصوات فقط.
ومن المنتظر أن تحصد الحكومة الجديدة نحو 170 صوتا من إجمالي أصوات أعضاء البرلمان التونسي البالغة 217 صوتا، وفي حال استفادت الحكومة من تصويت كل من حزب النداء (59 صوتا) وحركة النهضة (69 صوتا) وحركة مشروع تونس (23 صوتا)، إلى جانب الكتلة البرلمانية لحزب آفاق تونس (10 أصوات)، والكتل البرلمانية الوطنية (8 نواب)، فإن إجمالي عدد الأصوات الموافقة على الحكومة سيصل إلى نحو 169 صوتا دون اعتبار نحو ثلاثة أصوات مستقلة قد تمنح ثقتها إلى الحكومة بعد التحوير الوزاري الأخير.
وفي هذا الشأن، فسر الجيلاني الهمامي، القيادي في تحالف الجبهة الشعبية، رفض منح الثقة إلى الحكومة الجديدة بأن الجبهة «لا ترى فيها حكومة حرب على الفساد والبطالة والإرهاب، بل حكومة حرب على قوت غالبية الشعب التونسي ومصالحه».
وعن التشكيل الوزاري الأخير، وصف الهمامي لـ«الشرق الأوسط»، الخطوة بأنها «ليست سوى إعادة توزيع للحقائب داخل الائتلاف الحاكم، في تمسّك بمنطق المحاصصة الحزبية الضيقة وعقلية الغنيمة، اللتين حكمتا طريقة تشكيل الحكومات المتعاقبة منذ انتخابات عام 2014».
وفي السياق ذاته، قال عدنان منصر، الأمين العام لحراك تونس الإرادة الذي يتزعمه المرزوقي، إن الحكومة الجديدة «ليست حكومة ما قبل الكارثة بل هي حكومة الكارثة» على حد تعبيره. وأضاف أن «الانطباع الأساسي من تحوير اليوم هو أن اللوبيات قررت أن تأخذ بزمام الأمور بيدها ودون حاجة إلى وسطاء».
إلا أن انتقادات كل من تحالف الجبهة الشعبية وحزب تونس الإرادة واعتراضهما على مخرجات التحوير الوزاري واتفاقهما حول رفض تلك النتائج، لا يعني البتة التقاءهما وتنسيقهما على مستوى المواقف المتخذة، إذ إن تحالف الجبهة الشعبية اتهم حزب المرزوقي بالوقوف وراء الاغتيالات السياسية في عهد الترويكا، في إشارة إلى اغتيال اليساري شكري بلعيد والبرلماني محمد البراهمي سنة 2013.
ويتفق كلا الحزبين على أن تونس لا تحتاج «إلى مجرد تحوير وزاري ينتقل بمقتضاه وزير فاشل من وزارة إلى أخرى، أو يحافظ فيه على وزير فاسد، لأنه من أنصار هذا الطرف السياسي أو ذاك». ويؤكدان أن هذا التحوير من شأنه أن يزيد في تعميق أزمة البلاد والدفع بها إلى المجهول، وكذلك تعزيز حضور رموز النظام السابق الذين ساهموا في إيصال البلاد إلى حافة الانهيار سنة 2010 وثار ضدّهم الشعب وأسقطهم».
وهدد تحالف الجبهة الشعبية وحزب حركة تونس الإرادة بالنزول إلى الشارع، لمنع تمرير قانون المصالحة الاقتصادية والمالية مع رموز النظام السابق المقترح من الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، وهو ما أدى إلى إدخال تغييرات جوهرية على هذا القانون.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».