غياب مفاجئ لحفتر عن قمة الكونغو... والسودان ينفي إغلاق حدوده مع ليبيا

الجيش يعزز حصاره لمعقل المتطرفين في مدينة درنة

جنديان ليبيان فوق ناقلة جند مدرعة يرفعان علامة النصر في مدينة بنغازي (أ.ف.ب)
جنديان ليبيان فوق ناقلة جند مدرعة يرفعان علامة النصر في مدينة بنغازي (أ.ف.ب)
TT

غياب مفاجئ لحفتر عن قمة الكونغو... والسودان ينفي إغلاق حدوده مع ليبيا

جنديان ليبيان فوق ناقلة جند مدرعة يرفعان علامة النصر في مدينة بنغازي (أ.ف.ب)
جنديان ليبيان فوق ناقلة جند مدرعة يرفعان علامة النصر في مدينة بنغازي (أ.ف.ب)

تغيب المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، أمس، عن حضور القمة الأفريقية حول الأزمة الليبية المنعقدة في العاصمة الكونغولية برازافيل، بينما سيحضرها رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح. وقال مسؤول إعلامي في مكتب حفتر، إنه تقدم رسميا باعتذاره عن عدم المشاركة في هذه القمة، دون أن يوضح أي تفاصيل.
ومن المقرر أن تبحث القمة الأفريقية التي ستنطلق يوم السبت المقبل الأزمة الليبية وإمكانات تقديم مساهمة أفريقية في حلها، بدعوة من رئيس جمهورية الكونغو دينيس ساسو نغيسو الذي يتولى رئاسة لجنة الاتحاد الأفريقي حول ليبيا، ومشاركة رؤساء الدول الأعضاء في اللجنة وبحضور عدد من القيادات الليبية.
ويهدف الاجتماع إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية وتجاوز حالة الانسداد السياسي، ودفع جهود المصالحة في البلاد.
وأنشئت اللجنة الأفريقية بمبادرة من مجلس السلم والأمن الأفريقي خلال اجتماع وزراء الخارجية الأفارقة في نيويورك في سبتمبر (أيلول) عام 2014، بهدف دعم إعادة الأمن إلى ليبيا، علما بأنها تضم موريتانيا والنيجر والكونغو الديمقراطية وجنوب أفريقيا، بالإضافة لدول الجوار الليبي.
من جهة أخرى، نفى وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، أمس، إغلاق حدود السودان مع أي دولة من دول الجوار، موضحا أن ما تم تداوله إعلاميا في هذا الصدد هو «إحكام السلطات السودانية المختصة إغلاق المنافذ الحدودية التي يمكن أن يتم من خلالها تهريب السلاح أو المخدرات أو يتم عبرها تهريب البشر والعناصر الإجرامية».
وأضاف، في تصريحات بثتها وكالة السودان الرسمية: «للسودان قوات مشتركة مع دولة تشاد الشقيقة، وهي تضطلع بمهامها بكفاءة عالية، فضلا عن اتفاقيات تعاون أمني وعسكري مع دول الجوار الأخرى».
وكان نائب الرئيس السوداني حسبو عبد الرحمن، قد أعلن أن 60 ألف سيارة دفع رباعي دخلت السودان في الفترة الماضية، مهرَّبة من دول ليبيا، وتشاد، وجنوب السودان.
عسكريا، دفع الجيش الوطني الليبي بمزيد من التعزيزات إلى مدينة درنة، حيث وصلت كتيبة 165 إلى منطقة الحيلة التي تقع على بعد 45 كيلومترا جنوب المدينة، وتمركزت بالكامل في محورها الجنوبي.
كما أعلن مسؤول في غرفة عمليات عمر المختار التابعة للجيش، أنه تم احتجاز سفينة أمام ساحل درنة كانت قد خرجت من إسبانيا متجهة إلى الهند، مشيرا إلى أنه تم سحب السفينة إلى رأس الهلال لتفتيشها والتحقيق مع طاقمها.
ويسعى الجيش لإنهاء سيطرة مجموعات متطرفة على المدينة منذ سنوات، أبرزها تنظيم مجلس شورى ثوار درنة وضواحيها التابعة لتنظيم القاعدة.
وفي مدينة بنغازي شرقا، أعلن العقيد ميلود الزوي، المتحدث الرسمي باسم القوات الخاصة التابعة للجيش الوطني، أنه لم يتبق للجماعات الإرهابية سوى شارع واحد فقط، مشيرا إلى الحصار الذي تفرضه قوات الجيش على المتطرفين في الفندق البلدي.
ونقلت عنه وكالة الأنباء الليبية قوله: «عند مداهمة هذا الشارع سيعلن رسميا عن انتهاء كامل العمليات العسكرية في بنغازي»، موضحا أنه تم تفكيك المئات من الألغام التي قامت الجماعات الإرهابية بزراعتها داخل المباني خلف الفندق البلدي لإعاقة تقدم الجيش.
إلى ذلك، نددت منظمة «أطباء بلا حدود» غير الحكومية في رسالة مفتوحة إلى الحكومات الأوروبية نشرت أمس، بسوء معاملة يلقاها في ليبيا المهاجرون الذين يحاولون عبور البحر المتوسط، كما نددت بسياسة الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة. وقالت جوان ليو، رئيسة منظمة «أطباء بلا حدود إنترناشيونال» في الرسالة، إن «التمويل الأوروبي الذي يحركه فقط السعي لإبقاء هؤلاء الناس خارج أوروبا، يسعى لمنع المراكب من مغادرة المياه الليبية، لكن في الوقت نفسه تغذي هذه السياسة نظاما إجراميا». وشددت في مؤتمر صحافي على أن «القادة الأوروبيين متواطئون ونريد ردودهم».
وتحدثت ليو التي كانت زارت «مراكز احتجاز رسمية» في ليبيا، حيث ينقل المهاجرون بعد اعتراضهم من قبل حرس الحدود الليبيين، بحسب المنظمة، عن ظروف بالغة السوء وعنابر مكتظة ووسخة تنقصها التهوية، مشيرة إلى ظروف «احتجاز هي الأشد قسوة». وقالت: «إن الناس يعاملون مثل السلع المعدة للاستغلال» مشيرة إلى حالات اغتصاب وإهانات.
وذكرت المفوضة الأوروبية، سيسيليا ملمستروم، أن «الاتحاد الأوروبي يقدم أيضا الكثير من المال للمنظمات الدولية للعمل معها لمحاولة تحسين الظروف في ليبيا التي هي فعلا فظيعة».
وأضافت المفوضة التي كانت زارت ليبيا قبل سنوات: «رأيت أن المراكز ليست مراكز استقبال بل سجون. كان الوضع فظيعا قبل سنوات قليلة. ولا أملك معلومات تشير إلى أنها تحسنت».
وبحسب ليو فإن الحكومات الأوروبية يجب ألا تعتبر تراجع عمليات عبور البحر المتوسط في الأسابيع الأخيرة بمثابة نجاح. وقالت: «بالنظر إلى ما يجري في ليبيا فإن مثل هذا النجاح يدل في أحسن الأحوال على أنانية، وفي أسوأ الأحوال على تواطؤ، في محاولات لتحويل البشر إلى سلع بأيدي مهربين». وأضافت رئيسة المنظمة: «في إطار جهودها لوقف تدفق المهاجرين، هل الحكومات الأوروبية على استعداد لتحمل ثمن الاغتصاب والتعذيب والعبودية؟».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».