وثائق مسربة تكشف هوة «بريكست» بين لندن وبروكسل

البرلمان البريطاني يناقش مشروع إلغاء العمل بالتشريعات الأوروبية

بريطانيون يقفون أمام البرلمان احتجاجا على مشروع قرار حول القوانين الأوروبية في التشريع البريطاني (أ.ب)
بريطانيون يقفون أمام البرلمان احتجاجا على مشروع قرار حول القوانين الأوروبية في التشريع البريطاني (أ.ب)
TT

وثائق مسربة تكشف هوة «بريكست» بين لندن وبروكسل

بريطانيون يقفون أمام البرلمان احتجاجا على مشروع قرار حول القوانين الأوروبية في التشريع البريطاني (أ.ب)
بريطانيون يقفون أمام البرلمان احتجاجا على مشروع قرار حول القوانين الأوروبية في التشريع البريطاني (أ.ب)

تصر بروكسل على التركيز حصريا على قضايا الانفصال المتعلقة بخروج بريطانيا من التكتل الأوروبي ورفض عرض لندن بخروج أكثر «مرونة واتجاها نحو التجارة»، كما كشفت 5 وثائق أوروبية مسربة، نشرتها صحيفة الـ«غارديان» البريطانية، التي جاءت بعد يوم من كشف الصحيفة نفسها حزمة أخرى من الوثائق تخص نوايا الحكومة البريطانية بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي وتعاملها مع موضوع حرية حركة الأفراد بين دول التكتل، وتبين أن بريطانيا تعتزم فرض قيود على العمالة الأوروبية قليلة المهارة والحد من وصول أفراد أسر الأوروبيين بعد دخول «بريكست» حيز النفاذ.
وتتضمن الوثائق البريطانية، التي أحرجت الحكومة رغم أنها مجرد ورقة نقاش فقط ولا تعكس سياساتها في هذه المرحلة بعد، مقترحات وزارة الداخلية البريطانية لإدارة ملف الهجرة بعد مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي، مما يضع حدا لحرية مرور الأفراد بين بريطانيا والاتحاد.
أما الأوراق الأوروبية المسربة، التي نشرت في اليوم التالي، أي أمس الخميس، في الصحيفة، والتي جاءت في 5 وثائق تتعلق بموقف الاتحاد الأوروبي إزاء خروج بريطانيا من التكتل، والتي تم إعدادها وسط المفاوضات الراهنة حول المغادرة المقررة لبريطانيا في مارس (آذار) 2019.
وأفادت صحيفة الـ«غارديان» بأنه عندما يصدر الاتحاد الأوروبي الوثائق الخمس خلال الأيام القليلة المقبلة، فإنه سوف «يواجه خطر تصاعد التوترات مع المملكة المتحدة حول خروجها من التكتل». ومن بين الأوراق واحدة تحث لندن على إعداد «حلول» لما يلي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بالحدود المشتركة بين جمهورية آيرلندا وآيرلندا الشمالية (وهي جزء من المملكة المتحدة) والتي تتفادى إنشاء «حدود يابسة» والحفاظ على عملية السلام الهشة في آيرلندا الشمالية. وكانت حكومتا بريطانيا وآيرلندا قد تعهدتا بتفادي إقامة حدود يابسة، ولكن ساسة معارضين في البلدين أعربوا عن الشكوك إزاء هذه الخطط.
وخلال زيارة لآيرلندا في وقت سابق هذا العام، قال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه إنه يتوقع أن تكون المحادثات حول الحدود «استثنائية، ومعقدة للغاية وصعبة». وتغطي وثيقة أخرى مسربة للـ«غارديان» طلب الاتحاد الأوروبي أن توفر بريطانيا الحماية لنحو 3 آلاف منتج أوروبي من المأكولات والمشروبات. وتحتوي الوثائق أيضا على حث الاتحاد الأوروبي بريطانيا على أن تضمن له الوفاء بمعاييره فيما يتعلق بحماية البيانات للوثائق السرية للاتحاد الأوروبي، والتعامل بالمساواة مع الشركات المنتمية لدول التكتل المشاركة في مشروعات بنية تحتية ممولة من الحكومة البريطانية بدأت قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
أما الوثائق الحكومية البريطانية فتقول إنه يمكن للراغبين في الإقامة لفترة طويلة التقدم للحصول على تصريح إقامة لمدة عامين. فيما سيسمح لمن هم من ذوي «المهارات العالية» بالتقدم للحصول على تصريح إقامة تصل مدته إلى 5 سنوات، بحسب المقترحات المسربة.
وبحسب الوثيقة الطويلة التي صنفت «حساسة»، تقول وزارة الداخلية البريطانية إنها قد «تتشدد» بتعريف مفهوم أعضاء الأسرة المسموح لهم بمرافقة العمال الأوروبيين إلى بريطانيا. والحد المقترح الذي ستسمح به بريطانيا هو دخول الأزواج أو الزوجات والأطفال تحت 18 عاما، والبالغين الذين يعتمدون على العمال في معيشتهم. كما ستطلب السلطات بحسب الخطة المقترحة من جميع المواطنين الأوروبيين استخدام جوازات السفر وليس بطاقات الهوية الوطنية كما هو معمول به حاليا. ومن المتوقع تطبيق هذا الإجراء فور مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي، المقرر في 29 مارس 2019. لكن وزارة الداخلية وعدت بإعطاء «مهلة مناسبة». وأثارت الوثيقة انتقادات اتحاد العمال وعمدة لندن صادق خان. وقال خان المنتمي لحزب العمال المعارض، في مقابلة مع هيئة البث البريطاني، إن الوثيقة تمهد الطريق «لشكل متطرف لـ(بريكست) حاد» يهدد بفصل أفراد العائلات بعضهم عن بعض. وقال خان في تغريدة له على موقع «تويتر» إن المسودة «مخطط حول كيفية خنق اقتصادنا» و«خطأ بالنسبة للندن ولبريطانيا». ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، عن الاتحاد الوطني للمزارعين، القول إن الإجراءات الصارمة، المقترحة في المسودة، من شأنها أن تهدد «سلسلة إمدادات الغذاء بأكملها».
كما أعربت مجموعات تجارية بريطانية عن قلقها بشأن المسودة، وأشارت إلى فرض قيود صارمة على الهجرة من الاتحاد الأوروبي. وقال إيان رايت، رئيس الاتحاد البريطاني للأغذية والمشروبات: «يشعر الاتحاد، وهو أكبر قطاع تصنيع في بريطانيا، بالفزع من المقترحات المتضمنة في الوثيقة». وأضاف رايت: «إذا كان ذلك يمثل تفكير الحكومة، فإنه يظهر حاجة شديدة للتفهم في المساهمة الحيوية التي يقوم بها العمال المهاجرون الأوروبيون - على جميع مستويات المهارة - عبر سلاسل الغذاء».
وقالت رئيسة الوزراء المحافظة تيريزا ماي، في كلمة في البرلمان إن الناخبين، الذين صوتوا لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء العام الماضي، كانوا يرغبون في فرض قيود أكثر صرامة على الهجرة.
من جانب آخر، يبحث البرلمان البريطاني بداية من أمس الخميس مشروع قانون عرضته الحكومة لتحديد التشريعات الأوروبية التي سيتم الاحتفاظ بها ضمن القانون البريطاني بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وكيف ستتم إعادة صياغتها أو تعديلها. وأعلن وزير «بريكست» ديفيد ديفيس أن هذه العملية المعقدة ستكرس الخروج من الاتحاد و«العودة إلى سيادة البرلمان»، لكن المعارضة تندد بالعملية التي ستتيح للحكومة اتخاذ قرارات حول تعديلات في القوانين دون التشاور مع النواب. ولن يتيح تبني مشروع القانون إدماج كل التعديلات دفعة واحدة، إنما سيحدد المبادئ الأساسية التي ستشكل إطار العمل، خصوصا توسيع سلطات الحكومة مؤقتا لتتمكن من تعديل القوانين القابلة لذلك دون المرور بالبرلمان. وللدفاع عن هذا الإجراء المثير للجدل، أكدت ماي أن «القواعد نفسها ستظل مطبقة قبل (بريكست) وبعده»، خصوصا لضمان استقرار معين في عالم الأعمال. وسيتم التشاور لاحقا مع البرلمان حول «إبقاء أو تعديل أو إلغاء» القوانين التي تم نقلها من التشريع الأوروبي.
وأعلن حزب العمال عزمه الاعتراض على نص القانون. وكذلك فعل الحزب القومي الأسكوتلندي الانفصالي المؤيد للاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن ينضم إليهما الحزب الليبرالي الديمقراطي (مؤيد لأوروبا) المعارض لمشروع القانون في حال لم يتم أخذ التعديلات التي يقترحها في الاعتبار.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».