ربع مليون لاجئ من الروهينغا فروا إلى بنغلاديش

عشرات الهاربين من القتل والحرق والاغتصاب يغرقون خلال عبور نهر حدودي

لاجئون من الروهينغا يتسابقون للحصول على معونة غذائية توزعها منظمات إنسانية في مخيم عند الحدود مع بنغلاديش أمس (رويترز)
لاجئون من الروهينغا يتسابقون للحصول على معونة غذائية توزعها منظمات إنسانية في مخيم عند الحدود مع بنغلاديش أمس (رويترز)
TT

ربع مليون لاجئ من الروهينغا فروا إلى بنغلاديش

لاجئون من الروهينغا يتسابقون للحصول على معونة غذائية توزعها منظمات إنسانية في مخيم عند الحدود مع بنغلاديش أمس (رويترز)
لاجئون من الروهينغا يتسابقون للحصول على معونة غذائية توزعها منظمات إنسانية في مخيم عند الحدود مع بنغلاديش أمس (رويترز)

أعلنت الأمم المتحدة، أمس، أن أكثر من ربع مليون شخص معظمهم من اللاجئين الروهينغا دخلوا بنغلاديش منذ اندلاع دوامة العنف الأخيرة في ميانمار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فيما عُثِر على مزيد من الجثث غداة غرق مراكب كانت تحاول عبور النهر الذي يفصل الدولتين. وفر في الأسبوعين الماضيين فقط نحو 164 ألف شخص معظمهم من المدنيين الروهينغا إلى بنغلاديش، ولجأوا إلى مخيمات مكتظة أساساً مما أثار القلق من حدوث أزمة إنسانية.
وقضى المئات في محاولة الفرار من المعارك في ولاية راخين غرب ميانمار، حيث قال شهود عيان إن قرى أُحرِقَت وسويت بالأرض منذ عملية القمع العنيف التي مارسها الجيش البورمي في 25 أغسطس (آب). وقالت الشرطة في بنغلاديش إنها انتشلت جثث 17 شخصاً، عدد كبير منهم من الأطفال، قضوا إثر غرق ثلاثة مراكب على الأقل محملة باللاجئين الروهينغا في مصب نهر ناف الذي يمتد على طول الحدود، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال حرس الحدود البنغلادشيون إن مواطنين يائسين من أقلية الروهينغا يحاولون عبور النهر، مستخدمين سفنَ صيدٍ صغيرة محملة بأكثر من طاقتها بكثير مما يعرضهم للخطر.
وقالت الشرطة وحرس الحدود إن خمسة مراكب على الأقل غرقت، مما أدى إلى مصرع 60 شخصاً على الأقل. وقالت اللاجئة طيبة خاتون، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنها انتظرت مع أسرتها أربعة أيام قبل التمكن من الفرار على مركب نقلهم إلى بنغلاديش، بعد أن هربت من بلدتها في راخين.
وأضافت أن «الناس يحتشدون في أي مساحة يمكن أن يعثروا عليها في المراكب المتداعية. معظم الأشخاص تمكنوا من السباحة إلى الشاطئ، لكن الأطفال ما زالوا مفقودين».
وحمل الذين وصلوا إلى بنغلاديش روايات مروعة عن عمليات قتل واغتصاب وحرق متعمد واسع النطاق من قبل الجنود البورميين. معظمهم ساروا لأيام قبل الوصول إلى بنغلاديش، وتقول الأمم المتحدة إنهم يعانون من المرض والإنهاك، وإنهم بحاجة ماسة لملجأ وطعام وماء.
وكانت المخيمات الموجودة تضم 400 ألف لاجئ قبل موجة العنف الأخيرة، وباتت جميعها تفوق طاقتها، مما يترك عشرات آلاف الواصلين الجدد دون مأوى في موسم الأمطار. وقال رجل الأعمال البنغلاديشي، مازور مصطفى، الذي كان يوزع الطعام وسوائل الأملاح إن الوضع يزداد سوءاً مع وصول المزيد من الأشخاص.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية عن الحصص غذائية التي يتم توزيعها إن «الطعام لا يكفي البتة». وأضاف: «هؤلاء الناس جائعون، يتضورون جوعاً».
والأرقام الأخيرة تشير إلى أن نحو ربع عدد الروهينغا المسلمين في ميانمار البالغ 1.1 مليون نسمة، خرج من البلاد منذ اندلاع القتال في ولاية راخين في أكتوبر 2016. والروهينغا المسلمون محرومون من الجنسية في ميانمار، ويواجهون قيوداً مشددة في هذا البلد ذي الغالبية البوذية، الذي أصبح في مواجهة انتقادات متزايدة بسبب معاملته لهذه الأقلية.
وعبر مربي الماشية محمد شاكر (27 عاماً) إلى بنغلاديش، وهو يعاني من إصابة بطلق ناري في الصدر، قال إنها نيران الجنود البورميين. وتابع: «حاولت الهرب مع ماشيتنا قرب النهر عندما بدأ الجيش بإطلاق النار عليها». وأضاف: «وقعتُ أرضاً وعثر على أقربائي لاحقاً. اختبأنا في التلال لأيام، وهذا الصباح تمكنا من المجيء إلى هنا».
وصل عشرات اللاجئين إلى بنغلادش وهم بحاجة للعلاج من إصابات خطيرة ناجمة عن الرصاص، فيما بترت أطراف آخرين عندما تسببوا بانفجار ألغام أرضية على الحدود، على ما يبدو.
ونظمت مراسم جنازة، أمس، في مسجد قرب الحدود لخمسة رجال قال أقاربهم إنهم قتلوا بنيران الجيش البورمي. وحمل الأقارب جثثهم إلى الحدود لدفنهم في بنغلاديش. ورفضت حكومة ميانمار، التي ترأسها أونغ سان سو تشي حائزة جائزة نوبل للسلام، اتهامات بارتكاب فظائع واتهمت بدورها وسائل الإعلام الدولية والمنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة بتلفيق الأخبار.
على صعيد متصل، وقع مئات آلاف الأشخاص من مختلف أنحاء العالم عريضة تطالب بسحب جائزة نوبل للسلام من أونغ سان سو تشي، وهو ما اعتبرته لجنة نوبل النرويجية مستحيلاً.
وحصدت عريضة إلكترونية تحت عنوان «اسحبوا جائزة نوبل للسلام من أونغ سان سو تشي» أمس أكثر من 364 ألف توقيع. واعتبر مطلقها الإندونيسي أنه «حتى الآن، لم تقم أونغ سان سو تشي التي تتولى السلطة بحكم الأمر الواقع في بورما، بأي شيء لوقف هذه الجريمة ضد الإنسانية في بلادها».
وفي أوسلو، أوضحت لجنة نوبل النرويجية أنه من المستحيل بحسب ميثاقها سحب جائزة من شخصية ما. وقال سكرتير اللجنة، أولاف نيولشتاد، لوكالة الصحافة الفرنسية إنه «لا وصية ألفرد نوبل ولا مواثيق مؤسسة نوبل تتيح احتمال سحب جائزة نوبل، سواء كانت جائزة الفيزياء أو الكيمياء أو الطب أو الآداب أو السلام. المسألة غير واردة». وأضاف: «لجنة نوبل تقيم جهود شخص ما، إلى حين منحه الجائزة فقط»، وليس بعد منحها.



خبراء: تجربة كوريا الشمالية الباليستية تشير إلى احتمال القدرة على استهداف البر الأميركي

جانب من إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز «هواسونغ 18» في 18 ديسمبر 2023 (رويترز)
جانب من إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز «هواسونغ 18» في 18 ديسمبر 2023 (رويترز)
TT

خبراء: تجربة كوريا الشمالية الباليستية تشير إلى احتمال القدرة على استهداف البر الأميركي

جانب من إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز «هواسونغ 18» في 18 ديسمبر 2023 (رويترز)
جانب من إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز «هواسونغ 18» في 18 ديسمبر 2023 (رويترز)

أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات لأول مرة منذ نحو عام، اليوم (الخميس)، مما يدل على تقدم محتمل في قدرتها على إطلاق هجمات نووية بعيدة المدى على البر الرئيسي للولايات المتحدة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

ومن المرجح أن يكون الإطلاق يهدف إلى جذب انتباه الولايات المتحدة قبل أيام من الانتخابات الأميركية، والرد على الإدانة بشأن إرسال كوريا الشمالية قوات إلى روسيا لدعم حربها ضد أوكرانيا. وتكهن بعض الخبراء بأن روسيا ربما قدمت مساعدة تكنولوجية لكوريا الشمالية بشأن الإطلاق.

راقب الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، الإطلاق، واصفاً إياه بأنه «عمل عسكري مناسب» لإظهار عزم كوريا الشمالية على الرد على تحركات أعدائها التي هددت سلامة الشمال، وفقاً لبيان بُثّ بوسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية.

وقال كيم إن «المناورات العسكرية المغامرة المختلفة» التي قام بها الأعداء سلطت الضوء على أهمية القدرة النووية لكوريا الشمالية. وأكد أن كوريا الشمالية لن تتخلى أبداً عن سياستها في تعزيز قواتها النووية.

وقالت كوريا الشمالية بثبات إن تعزيز قدراتها النووية هو خيارها الوحيد للتعامل مع توسع التدريب العسكري بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، على الرغم من أن واشنطن وسيول أكدتا مراراً أنهما لا تنويان مهاجمة كوريا الشمالية. ويقول الخبراء إن كوريا الشمالية تستخدم تدريبات منافسيها ذريعة لتوسيع ترسانتها النووية لانتزاع التنازلات عندما تستأنف الدبلوماسية.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير بالقرب من صاروخ باليستي من طراز «هواسونغ 17» على منصة الإطلاق بموقع غير معلن في بلاده يوم 24 مارس 2022 (أ.ب)

جاء بيان كوريا الشمالية بعد ساعات من إعلان جيرانها أنهم اكتشفوا أول اختبار لصاروخ باليستي عابر للقارات أجرته كوريا الشمالية منذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، وأدانوه بوصفه استفزازاً يقوّض السلام الدولي.

وقال وزير الدفاع الياباني، جين ناكاتاني، للصحافيين إن مدة طيران الصاروخ البالغة 86 دقيقة، وارتفاعه الأقصى الذي يزيد على 7 آلاف كيلومتر، تجاوزا البيانات المقابلة لتجارب الصواريخ الكورية الشمالية السابقة.

ووفق الخبراء، فإن التحليق الأعلى للصاروخ ولمدة أطول من ذي قبل يعنيان أن قوة دفع محركه قد تحسنت. ويقول الخبراء إنه بالنظر إلى اختبارات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات السابقة التي أجرتها كوريا الشمالية، فقد أثبتت هذه الصواريخ بالفعل أنها يمكن أن تصل نظرياً إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة، وأن الإطلاق الأخير كان على الأرجح مرتبطاً بجهد لفحص ما إذا كان الصاروخ يمكن أن يحمل رأساً حربياً أكبر.

وقال جونغ تشانغ ووك، رئيس «مركز أبحاث منتدى دراسات الدفاع الكوري» في سيول، إنه من الصحيح أن نقول إن الصاروخ الذي أُطلق يوم الخميس يمكن أن يحمل أكبر رأس حربي والأشد تدميراً في كوريا الشمالية. وأضاف أن الإطلاق كان من المرجح أيضاً أن يكون مصمماً لاختبار جوانب تكنولوجية أخرى تحتاج كوريا الشمالية إلى إتقانها لمزيد من التقدم في برنامج الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.

وقطعت كوريا الشمالية خطوات واسعة في تقنياتها الصاروخية خلال السنوات الأخيرة، لكن كثيراً من الخبراء الأجانب يعتقدون أن البلاد لم تكتسب بعد صاروخاً نووياً فعالاً يمكنه ضرب البر الرئيسي للولايات المتحدة. ويقولون إن كوريا الشمالية تمتلك على الأرجح صواريخ قصيرة المدى قادرة على توجيه ضربات نووية عبر كوريا الجنوبية بأكملها.

وبرزت سابقاً مخاوف من أن كوريا الشمالية قد تسعى إلى الحصول على مساعدة روسية لتحسين قدرات صواريخها القادرة على حمل رؤوس نووية في مقابل إرسالها آلاف الجنود لدعم حرب روسيا ضد أوكرانيا.

وقال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، يوم الأربعاء، إن القوات الكورية الشمالية التي ترتدي الزي الروسي وتحمل معدات روسية تتجه نحو أوكرانيا، وهو ما وصفه بأنه تطور خطر ومزعزع للاستقرار.

وقال لي تشون جيون، زميل الأبحاث الفخري في «معهد سياسة العلوم والتكنولوجيا» في كوريا الجنوبية، إن النتائج الأولية لإطلاق الصاروخ في كوريا الشمالية، يوم الخميس، تشير إلى أن روسيا ربما قدمت مكوناً رئيسياً للدفع يمكنه تعزيز قوة دفع محرك الصاروخ. وأوضح أن الدفع الأعلى يسمح للصاروخ بحمل وزن أثقل، والطيران بمزيد من الاستقرار، وضرب الهدف بدقة أكبر.

وتوقع ووك أن يكون الخبراء الروس قد قدموا نصائح تكنولوجية بشأن إطلاق الصواريخ منذ زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كوريا الشمالية للقاء زعيمها كيم في يونيو (حزيران) الماضي.

وقال كوان يونغ سو، الأستاذ الفخري بجامعة الدفاع الوطني في كوريا الجنوبية، إن كوريا الشمالية ربما اختبرت نظاماً متعدد الرؤوس الحربية لصاروخ باليستي عابر للقارات موجود بالفعل.

وتابع كوان: «لا يوجد سبب يدعو كوريا الشمالية إلى تطوير صاروخ باليستي جديد آخر عابر للقارات مع امتلاكها بالفعل أنظمة عدة بمدى يصل إلى ما بين 10 آلاف و15 ألف كيلومتر، يمكنها الوصول إلى أي مكان على الأرض».

تجربة إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات من طراز «هواسونغ 17» بمكان غير معلوم في كوريا الشمالية يوم 24 مارس 2022 (أ.ب)

وجاء تأكيد كوريا الشمالية على إجراء اختبار الصاروخ الباليستي العابر للقارات سريعاً هذه المرة، حيث عادة ما تعلن كوريا الشمالية عن اختبارات الأسلحة التي تجريها بعد يوم من إجرائها، وفق «أسوشييتد برس».

يقول يانغ أوك، الخبير في «معهد أسان لدراسات السياسة» في كوريا الجنوبية: «ربما كانت كوريا الشمالية تعتقد أن منافسيها قد ينظرون إليها باستخفاف بعد أن أعطت كثيراً من الموارد العسكرية لروسيا».

وأضاف: «ربما كان الإطلاق بمثابة عرض توضيحي لإظهار ما الذي تقدر عليه (كوريا الشمالية)، بغض النظر عن إرسال القوات أو التحركات الأخرى».

ووصف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، شون سافيت، الإطلاق بأنه «انتهاك صارخ» لقرارات مجلس الأمن الدولي المتعددة، ضمن الانتهاكات التي «تثير التوترات دون داعٍ وتهدد بزعزعة استقرار الوضع الأمني ​​في المنطقة».

وأشار سافيت إلى أن الولايات المتحدة «ستتخذ جميع التدابير اللازمة لضمان أمن الوطن، وحلفائها الكوريين الجنوبيين واليابانيين».

وقال المتحدث العسكري الكوري الجنوبي، لي سونغ جون، إن الصاروخ الكوري الشمالي ربما أطلق من مركبة إطلاق ذات 12 محوراً، وهي أكبر منصة إطلاق متحركة لدى كوريا الشمالية. وقد أثار الكشف عن مركبة الإطلاق الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي تكهنات بأن كوريا الشمالية قد تطور صاروخاً باليستياً عابراً للقارات أكبر من الصواريخ الحالية.

وأبلغت وكالة الاستخبارات العسكرية في كوريا الجنوبية المشرعين، أمس (الأربعاء)، أن كوريا الشمالية أكملت على الأرجح الاستعدادات لتجربتها النووية السابعة أيضاً. وقالت حينئذ إن كوريا الشمالية قريبة من اختبار صاروخ باليستي عابر للقارات.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يشرف على تدريبات مدفعية في بلاده يوم 7 مارس 2024 (أ.ب)

في العامين الماضيين، استخدم زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، غزو روسيا أوكرانيا نافذةً لتكثيف اختبارات الأسلحة والتهديدات مع توسيع التعاون العسكري مع موسكو.

وتقول كوريا الجنوبية والولايات المتحدة ودول أخرى إن كوريا الشمالية شحنت بالفعل مدفعية وصواريخ وغيرهما من الأسلحة التقليدية لتجديد مخزونات الأسلحة الروسية المتضائلة، وإن المشاركة المحتملة من كوريا الشمالية في حرب أوكرانيا من شأنها أن تشكل تصعيداً خطراً.

إلى جانب التقنيات النووية والصاروخية الروسية، يقول الخبراء إن كيم جونغ أون يأمل أيضاً على الأرجح في الحصول على مساعدة روسية لبناء نظام مراقبة فضائي موثوق به وتحديث الأسلحة التقليدية لبلاده. ويرجّحون أن كيم سيحصل على مئات الملايين من الدولارات من روسيا مقابل أجور جنوده إذا تمركزوا في روسيا لمدة عام واحد.