ورقة أوروبية تقترح مظلة سياسية عاجلة: سلطة مركزية «مقلصة» مقابل «استقلال محلي»

ورقة أوروبية تقترح مظلة سياسية عاجلة: سلطة مركزية «مقلصة» مقابل «استقلال محلي»
TT

ورقة أوروبية تقترح مظلة سياسية عاجلة: سلطة مركزية «مقلصة» مقابل «استقلال محلي»

ورقة أوروبية تقترح مظلة سياسية عاجلة: سلطة مركزية «مقلصة» مقابل «استقلال محلي»

يقترح «المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية» في ورقة جديدة إطلاق مسار لـ«تقليص صلاحيات» السلطة المركزية في دمشق مقابل تعزيز المجالس المحلية، محذراً من أن اتفاقات «خفض التصعيد» المشتتة محكوم عليه بالفشل ما لم تدعم فوراً بمظلة سياسية واسعة.
وأنجز «المجلس الأوروبي» تقريراً أعده الباحث جوليان بارنيز - ديسي بعنوان «لإنهاء حرب: دور أوروبا في إحلال السلام في سوريا»، يُتوقع أن يُوزَّع بعد أيام. إذ يرى أن الرئيس بشار الأسد «سيظل في السلطة في المستقبل المنظور»، علماً بأن «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة لا تزال متمسكة بـ«رفض أي دور له في المرحلة الانتقالية».
ورأى التقرير أنه «من أجل توفير المساعدات الإنسانية الضرورية وجهود الإغاثة وتحقيق بعض الاستقرار للشعب السوري، علاوةً على تناوُل الظروف التي تغذي أزمة سيل المهاجرين والتطرف، على الدول الأوروبية إقرار استراتيجية جديدة» تكون مختلفة عن الاستراتيجية التي أقرها وزراء الخارجية في بروكسل، أبريل (نيسان) الماضي، التي تبنت «الانتقال السياسي» المركزي بموجب القرار 2254.
جوهر الورقة يقوم على اقتراح اتفاق يتضمن «قبول شهوة النظام لطموحات سياسية، وشرعية الحكومة المركزية على جميع أرجاء الأراضي السورية مقابل الموافقة على اتفاقات لنقل السلطات إلى مستويات محلية، بما في ذلك الترتيبات الأمنية داخل المناطق المتبقية تحت سيطرة المعارضة». وزادت: «قد يشعر النظام بالثقة، وقد يطمح نحو تحقيق غزو شامل لمناطق نفوذ المعارضة. لكنه سيواجه عقبات، منها واقع مناطق النفوذ المتنوعة المدعومة من دول أجنبية، ما يعني أنه يتحتم عليه القبول بنصر أقل».
وعليه، تقترح الورقة أن تقوم الدول الأوروبية في «المجموعة الدولية لدعم سوريا» بقيادة أميركا وروسيا بتبني توجه جديد من سبع نقاط، يشمل «إقرار مسألة وضع أجندة لتلقيص الصلاحيات على الفور في إطار المفاوضات عبر المجموعة الدولية لدعم سوريا»، مع العمل على «إقناع المعارضة بمزايا هذا التوجه. وينبغي أن يتحلى الأوروبيون بالصدق إزاء فكرة أن وقف التصعيد والاستقلال الذاتي المحلي يشكلان حالياً الخيار الأمثل المتاح أمام المعارضة، خصوصاً إذا ما نال دعماً أوروبياً متنامياً بهدف تحقيق الاستقرار».
وإذ اقترحت الورقة إحباط جهود إدارة الرئيس دونالد ترمب تقليص النفوذ الإيراني شرق سوريا، أكدت ضرورة «ضمان موافقة إيران على عملية وقف التصعيد وعدم إفشال أي اتفاق بخصوص سوريا. وعلى الأوروبيين الضغط على إيران كي تبدأ في النظر على توجه نقل السلطة باعتباره أداة لتعزيز حل للأزمة تخرج بمقتضاه جميع الأطراف منتصرة».
وبالنسبة إلى أنقرة، اقترحت الورقة إقناع الجانب التركي بأن «تقليص الصلاحيات» يعني «كبح جماح الطموحات الكردية. وينبغي للأوروبيين الضغط على الأكراد السوريين للتنحي جانباً لصالح السيطرة العربية على الرقة بعد تحريرها من قبضة (داعش)، والامتناع عن محاولة ربط المناطق التي يسيطرون عليها ببعضها».
كما تضمنت الاقتراحات «دعم تحقيق الاستقرار واستعادة الخدمات الأساسية وبناء قدرات مؤسساتية عبر سوريا وتوسيع المساعدات الإنسانية والتركيز على مناطق النظام. بيد أن ذلك لا يعني التطبيع، ولا ينبغي أن يتضمن توفير تمويل لجهود إعادة الإعمار، وإنما لا ينبغي توفير هذه الأموال إلا بعد إقرار تسوية نهائية للصراع في سوريا».
وتختلف ورقة «المجلس الأوروبي» عن استراتيجية تبناها المجلس الوزاري بداية العام، ذلك أن الدول الأعضاء جهدت لتبني موقفاً مشتركاً استند إلى الدفع نحو «الانتقال السياسي» بموجب القرار 2254، وربط دعم إعادة الإعمار بحصول انتقال ذي صدقية وجدّي. لكنها ترى في قيادة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون فرصة لتبني دور قيادي لجمع الدول الأوروبية وراء «رؤية قابلة للتطبيق».
كما تختلف عن مقاربة واشنطن التي تعطي أولوية إلى اتفاقات «وقف التصعيد» بالتعاون مع روسيا وتقديم مساعدات إنسانية ودعم عودة اللاجئين من دون التركيز على المسار السياسي في جنيف. وقال بارنيز - ديسي: «لا أتفق مع المنطق القائل إن وقف إطلاق النار يمكن أن يصبح مستداماً، ثم تتحرك نحو السياسة. ولن يكون وقف إطلاق النار مستداما، لا سيما من حيث تأمين امتثال النظام، إلا إذا كان مرتبطاً مباشرة بمسار سياسي متزامن».



​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
TT

​تأثيرات كارثية للصقيع في اليمن على السكان والزراعة

مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)
مزارعان يمنيان يتحسران على تلف مزروعاتهما بسبب شدة الصقيع (إكس)

يتكبد المزارعون اليمنيون خسائر كبيرة بسبب موجة الصقيع التي تشهدها البلاد بفعل الموجة الباردة التي تمر بها منطقة شبه الجزيرة العربية تزامناً مع عبور منخفض جوي قطبي، فيما يحذر خبراء الأرصاد من اشتدادها خلال الأيام المقبلة، ومضاعفة تأثيراتها على السكان والمحاصيل الزراعية.

واشتكى مئات المزارعين اليمنيين في مختلف المحافظات، خصوصاً في المرتفعات الغربية والوسطى من تضرر محاصيلهم بسبب الصقيع، وتلف المزروعات والثمار، ما تسبب في خسائر كبيرة لحقت بهم، في ظل شحة الموارد وانعدام وسائل مواجهة الموجة، مع اتباعهم طرقاً متعددة لمحاولة تدفئة مزارعهم خلال الليالي التي يُتوقع فيها زيادة تأثيرات البرد.

وشهد عدد من المحافظات تشكّل طبقات رقيقة من الثلج الناتجة عن تجمد قطرات الندى، خصوصاً فوق المزروعات والثمار، وقال مزارعون إن ذلك الثلج، رغم هشاشته وسرعة ذوبانه، فإنه أسهم في إتلاف أجزاء وكميات من محاصيلهم.

وذكر مزارعون في محافظة البيضاء (270 كيلومتراً جنوب شرقي صنعاء) أن موجة الصقيع فاجأتهم في عدد من الليالي وأتلفت مزروعاتهم من الخضراوات، ما دفعهم إلى محاولات بيع ما تبقى منها قبل اكتمال نضوجها، أو تقديمها علفاً للمواشي.

خضراوات في محافظة عمران أصابها التلف قبل اكتمال نضجها (فيسبوك)

وفي مديرية السدة التابعة لمحافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، اشتكى مزارعو البطاطس من تلف الثمار خلال الأيام الماضية، بينما كانوا ينتظرون اكتمال نضوجها للبدء في تسويقها ونقلها إلى منافذ البيع.

ويعتزم غالبية المزارعين التوقف عن الزراعة خلال الأسابيع المقبلة حتى تنتهي موجة الصقيع، مشيرين إلى أن تأثير الموجة يكون أشد على المزروعات في بداية نموها، بينما يمكن للمزروعات التي نمت بشكل كافٍ أن تنجو وتكمل نموها، إلا أنها لن تصل إلى مستوى عالٍ من الجودة.

أسبوع من الخطر

في غضون ذلك حذّر مركز الإنذار المبكر في محافظة حضرموت السكان من موجة برد شديدة، وتشكّل الصقيع على مناطق الداخل، خلال الأيام المقبلة، داعياً إلى اتخاذ أقصى التدابير، واتباع الإرشادات الصحية للوقاية من ضربات البرد القارس، واستخدام وسائل التدفئة الآمنة مع رعاية كبار السن والأطفال من تأثيراتها.

طفلة يمنية بمحافظة تعز تساعد عائلتها في أعمال الزراعة (فيسبوك)

ونبّه المركز المزارعين لضرورة اتباع إرشادات السلامة لحماية محاصيلهم من آثار تشكل الصقيع المتوقع تحديداً على المرتفعات والأرياف الجبلية في مختلف المحافظات.

وخصّ بتحذيراته الصيادين والمسافرين بحراً من اضطراب الأمواج، واشتداد الرياح في مجرى المياه الإقليمية وخليج عدن وحول أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي، وسائقي المركبات في الطرق الطويلة من الغبار وانتشار العوالق الترابية نتيجة هبوب رياح نشطة السرعة، وانخفاض مستوى الرؤية الأفقية.

وطالب المركز باتخاذ الاحتياطات لتجنيب مرضى الصدر والجهاز التنفسي مخاطر التعرض للغبار خاصة في المناطق المفتوحة والصحراوية.

وتتضاعف خسائر المزارعين في شمال اليمن بسبب الجبايات التي تفرضها الجماعة الحوثية عليهم، فعلى الرغم من تلف محاصيلهم بسبب الصقيع، فإن الجماعة لم تعفهم من دفع المبالغ المقررة عليهم، خصوصاً أنها - كما يقولون - لجأت إلى فرض إتاوات على محاصيلهم قبل تسويقها وبيعها.

طبقة من الثلج تغطي خيمة نصبها مزارع يمني لحماية مزروعاته من الصقيع (إكس)

ومن جهتهم، حذّر عدد من خبراء الأرصاد من خلال حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي من موجة برد شديدة تستمر حتى مطلع الأسبوع المقبل، على مختلف المناطق والمحافظات، بما فيها الصحارى، وتصل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، مع احتمالات كبيرة لإتلاف مختلف المزروعات والمحاصيل.

صقيع وجراد

وتؤثر موجات الصقيع على أسعار الخضراوات والفواكه بسبب تراجع الإنتاج وارتفاع تكلفته، وإلى جانب ذلك تقل جودة عدد من المنتجات.

وأوضح خبير أرصاد في مركز الأرصاد الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية أن كتلة هوائية قطبية بدأت، أخيراً، التقدم باتجاه المناطق الشمالية والصحراوية، مع هبوب الرياح الشمالية الجافة، متوقعاً أن تسهم في إثارة ونقل كميات كبيرة من الغبار يمتد تأثيرها إلى خارج البلاد.

يمني في محافظة ذمار يتجول على دراجته ملتحفاً بطانية (فيسبوك)

ووفق الخبير الذي طلب التحفظ على بياناته، بسبب مخاوفه من أي عقوبات توقعها الجماعة الحوثية عليه بسبب حديثه لوسائل إعلام غير تابعة لها، فمن المحتمل أن تكون هذه الكتلة الهوائية القطبية هي الأشد على البلاد منذ سنوات طويلة، وأن تمتد حتى السبت، مع وصول تأثيراتها إلى كامل المحافظات.

وبيّن أن التعرض للهواء خلال هذه الفترة قد يتسبب في كثير من المخاطر على الأفراد خصوصاً الأطفال وكبار السن، في حين سيتعرض كثير من المزروعات للتلف، خصوصاً في المرتفعات والسهول المفتوحة، مع احتمالية أن تنخفض هذه المخاطر على المزارع في الأودية والمناطق المحاطة بالمرتفعات.

ووفقاً للخبراء الزراعيين، فإن الصقيع يتسبب في تجمد العصارة النباتية في أوراق النباتات وسيقانها الطرية، وبمجرد شروق الشمس، وتغيّر درجات الحرارة، تتشقق مواضع التجمد أو تذبل، تبعاً لعوامل أخرى.

تحذيرات أممية من عودة الجراد إلى اليمن خلال الأسابيع المقبلة (الأمم المتحدة)

وطبقاً لعدد من الخبراء استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن تأثيرات الصقيع تختلف بحسب تعرض المزارع للرياح الباردة، إلا أن تعرض المزروعات للرياح الباردة في المرتفعات لا يختلف كثيراً عن وقوع نظيرتها في الأودية والسهول تحت تأثير الهواء الساكن شديد البرودة.

وفي سياق آخر، أطلقت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيراً من غزو الجراد في اليمن، بعد انتشار مجموعات قليلة منه على سواحل عدة دول مطلة على البحر الأحمر، بما فيها السواحل اليمنية.

وتوقعت المنظمة في تقرير لها أن تزداد أعداد الجراد وتتكاثر في اليمن خلال فصل الشتاء، وأن تتجه الأسراب إلى سواحل البحر الأحمر للتكاثر، ما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد الجراد في المنطقة، بما يشمل اليمن.

ويعدّ الجراد من أكثر التهديدات التي تواجهها الزراعة في اليمن، ويخشى أن يؤثر وصول أسرابه إلى البلاد على الأمن الغذائي.