بوتين يؤيد نشر قوة لحفظ السلام في شرق أوكرانيا

كييف تشكك بالنوايا... وبرلين ترحب بحذر

محطة الطاقة للمواد الكيماوية في شرق أوكرانيا التي تقع تحت سيطرة حكومة كييف المركزية قريباً من جمهورية دونيتسك الانفصالية المدعومة من موسكو (إ.ب.أ)
محطة الطاقة للمواد الكيماوية في شرق أوكرانيا التي تقع تحت سيطرة حكومة كييف المركزية قريباً من جمهورية دونيتسك الانفصالية المدعومة من موسكو (إ.ب.أ)
TT

بوتين يؤيد نشر قوة لحفظ السلام في شرق أوكرانيا

محطة الطاقة للمواد الكيماوية في شرق أوكرانيا التي تقع تحت سيطرة حكومة كييف المركزية قريباً من جمهورية دونيتسك الانفصالية المدعومة من موسكو (إ.ب.أ)
محطة الطاقة للمواد الكيماوية في شرق أوكرانيا التي تقع تحت سيطرة حكومة كييف المركزية قريباً من جمهورية دونيتسك الانفصالية المدعومة من موسكو (إ.ب.أ)

أثارت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الداعمة لإرسال قوات حفظ السلام إلى شرق أوكرانيا حالة من الجدل في الأوساط الأوروبية. وبينما رحبت برلين بحذر بالخطوة، واعتبرت الاقتراح خطوة إيجابية بالاتجاه الإيجابي، إلا أن كييف شككت بنوايا الخطوة وأصرت على أن نشر القوة يجب أن يحظى بموافقتها، ويجب أن يترافق مع انسحاب «كل القوات المحتلة» والمساهمة في إعادة فرض السيطرة على الحدود مع روسيا الخاضعة لسيطرة الانفصاليين.
وكان قد عبر بوتين عن تأييده نشر قوات لحفظ السلام من أجل ضمان أمن مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في شرق أوكرانيا الذي يشهد نزاعا بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا.
وقال بوتين في مؤتمر صحافي على هامش «قمة بريكس» في مدينة شيامين الصينية «أجد أنه من المناسب وجود قوات لحفظ السلام أو بالأحرى أشخاص يضمنون أمن بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ولا أرى في ذلك سوءا».
لكن شككت كييف في تصريحات بوتين. وردت وزارة الخارجية الأوكرانية، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية، قائلة إن هدف هذه التصريحات «تشويه أفكار وأهداف بعثة حفظ السلام». وقالت في بيان إن «أوكرانيا، بصفتها داعمة ثابتة لمبادرة إرسال قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة إلى دونباس، مستعدة للعمل على هذه المسألة».
واتهمت نائبة رئيس البرلمان الأوكراني إيرينا غيراشتشنكو بوتين بأنه يريد «تشويه فكرة السلطة الأوكرانية»، ورفضت فكرة نشر قوات محدودة على خط الجبهة لأنها «ليست الحدود الأوكرانية». وكتبت على «فيسبوك» إن «جنود حفظ السلام يجب أن ينتشروا في كل الأراضي التي يحتلها الروس».
أما المتحدثة باسم الحكومة الألمانية أولريكه ديمر، فقد قالت أمس (الأربعاء) في برلين إنه يتعين الانتظار لمعرفة ما إذا كان من الممكن التوصل لاتفاق بشأن التفاصيل. ودعت ديمر إلى تنفيذ مثل هذه المهمة في منطقة النزاع بأكملها، وليس فقط على امتداد خط المواجهة، مضيفة في الوقت نفسه إنه لا يوجد سبب لمنح الانفصاليين حقا في المشاركة في اتخاذ القرار بشأن هذه المهمة، وقالت: «هذا سيكون إعلاء غير مقبول للقيادة التي نصّبت نفسها على ما يسمى الجمهوريات الشعبية». وتتهم كييف موسكو بإرسال قوات وأسلحة ثقيلة إلى المنطقة، لكن روسيا تنفي ذلك.
وينتشر نحو 600 مراقب تابعين لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا مكلفين مراقبة احترام اتفاقات السلام، في شرق أوكرانيا. وكانت أوكرانيا طلبت منذ فترة طويلة إرسال قوات لحفظ السلام في شرق أوكرانيا، لكن موسكو عارضت الفكرة. وتقع صدامات باستمرار على الرغم من توقيع اتفاقات مينسك في 2015، وإعلانات متقطعة لوقف إطلاق النار.
ويشار إلى أنه منذ عام 2014، تحارب القوات الحكومية الأوكرانية المتمردين الانفصاليين، المدعومين من الجيش الروسي، بشرق أوكرانيا. ويقدر أن 10 آلاف شخص لقوا حتفهم في القتال الذي وقع في إقليم دونباس الغني بالفحم، الذي انشق عقب أن ضمت روسيا إقليم شبه جزيرة القرم.
وبحسب تصورات بوتين، فإن نطاق مهام هؤلاء الجنود سينحصر على خط المواجهة، ولن يكون في كامل المنطقة التي يسيطر عليها الانفصاليون. كما أكد المقترح ضرورة تنسيق المهمة مع ما يسمى الجمهوريتين الشعبيتين دونيتسك ولوهانسك. وأضاف: «بالعكس، أعتقد أن ذلك سيكون مفيدا لتسوية المشكلة في جنوب شرقي أوكرانيا». وقال إنه طلب من وزارة الخارجية الروسية تقديم مشروع قرار في هذا الاتجاه إلى الأمم المتحدة لإرسال جنود حفظ سلام مسلحين إلى منطقة النزاع بشرق أوكرانيا. ونقلت وكالة «إنترفاكس» عن بوتين القول خلال «قمة بريكس» للاقتصاديات الناشئة، إن وزارة الخارجية الروسية سوف تعد مشروع قرار بذلك لتقديمه لمجلس الأمن الدولي. وأوضح بوتن، أن هذه القوات يفترض أن تكلف «ضمان أمن» مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ويجب أن تنشر على «خطوط التماس» بين المتمردين والقوات النظامية. بوتين قال إنه يجب أن تتمركز قوات حفظ السلام على الخط الأمامي بين الجانبين، وأنها يجب أن تساعد في حماية المراقبين العزل التابعين لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، حسب وكالة «إنترفاكس» الروسية. لكن وعلى النقيض، يطالب الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو بأن تتمركز القوات عبر منطقة الصراع، بما في ذلك على الحدود مع روسيا.
أما وزير الخارجية الألماني زيجمار جابريل، فقد رحب بإعلان بوتين، قائلا إنه لا بد من استغلال هذه الفرصة للتفاوض بشأن وقف إطلاق النار، وإن ذلك سيكون بمثابة خطوة أولى في سبيل التمكن من رفع العقوبات على روسيا.
وكان قد حذر بوتين أول من أمس الثلاثاء بأن أي قرار تتخذه الولايات المتحدة بإمداد أوكرانيا بأسلحة دفاعية سيؤجج الصراع في شرق أوكرانيا، وربما يدفع الانفصاليين الموالين لروسيا إلى توسيع نطاق حملتهم هناك.
وخلال زيارة لكييف الشهر الماضي، قال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس إنه يبحث إرسال أسلحة فتاكة إلى أوكرانيا لمساعدتها في الدفاع عن نفسها، وهو خيار رفضه الرئيس السابق باراك أوباما.
ولدى سؤاله عقب «قمة بريكس» عن احتمال أن تمد الولايات المتحدة أوكرانيا بأسلحة ثقيلة قال بوتين إن واشنطن هي التي تقرر الجهة التي تبيع لها الأسلحة أو تمدها بها، لكنه حذر من الخطوة التي تريد كييف اتخاذها. وأضاف: «تسليم أسلحة لمنطقة صراع لا يفيد جهود حفظ السلام ولا يؤدي سوى لتفاقم الوضع». وقال: «هذا القرار لن يغير الوضع، لكن عدد القتلى والجرحى يمكن أن يزيد».
وفي تصريحات يرجّح أن تفسر على أنها تهديد مبطن قال بوتين إن من المرجح أن يرد الانفصاليون الموالون لروسيا بتوسيع نطاق حملتهم وقال، كما ذكرت «رويترز» في تقريرها من الصين، أن «الجمهوريات المعلنة من جانب واحد (الموالية لروسيا في شرق أوكرانيا) لديها ما يكفي من الأسلحة، بما في ذلك تلك التي استولت عليها من الطرف الآخر». ومضى قائلا: «من الصعب تصور كيف سترد الجمهوريات المعلنة من جانب واحد. ربما تنشر أسلحة في مناطق صراع أخرى».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.