مصممون تخطوا السبعين ولا يزالون في عز عطائهم

العمر بالنسبة لهم مجرد رقم لا يعني التقاعد أو الانسحاب من ميدان الإبداع

المصمم كارل لاغرفيلد - المصمم رالف لورين - من إبداعات «رالف لورين» - عز الدين علايا - جيورجيو أرماني مع مجموعة من العارضين
المصمم كارل لاغرفيلد - المصمم رالف لورين - من إبداعات «رالف لورين» - عز الدين علايا - جيورجيو أرماني مع مجموعة من العارضين
TT

مصممون تخطوا السبعين ولا يزالون في عز عطائهم

المصمم كارل لاغرفيلد - المصمم رالف لورين - من إبداعات «رالف لورين» - عز الدين علايا - جيورجيو أرماني مع مجموعة من العارضين
المصمم كارل لاغرفيلد - المصمم رالف لورين - من إبداعات «رالف لورين» - عز الدين علايا - جيورجيو أرماني مع مجموعة من العارضين

حين نتابع كارل لاغرفيلد وهو يمشي بعد نهاية كل عرض لـ«شانيل» أمام ضيوفه بشعره الأبيض وجسده الواهن الذي يتحدى الزمن باستقامته، نكون شهودا على مشهد حقيقي للإبداع لا ينضب رغم الشيخوخة وتأثيراتها. فالأعوام، كما تؤكد أعمال لاغرفيلد لا تزيد بعض المصممين إلا تألقا وسخاءً، بدلاً أن يكونوا متكئين على عصا، مبتعدين عن الأضواء والضغوط، باحثين على الشمس للاسترخاء تحت أشعتها على أمل تغذية عظامهم الضعيفة، نجدهم يتسابقون لتحقيق المزيد من النجاحات. مصممون كثر تخطوا السبعين والثمانين من العمر، ولا يزالون شبابا في نظرتهم وعطاءاتهم. ففي كل أسبوع موضة يُقدمون للشباب درسا قويا بأن الإبداع لا يعترف بعمر. وكارل لاغرفيلد ليس الوحيد، فهناك آخرون يوافقونه كما يوافقون الفيلسوف الإنجليزي فرانسيس بايكون رأيه الرافض بأن التقدم في العمر يعني التوقف عن العطاء، حين قال: «لن أصبح يوماً رجلاً عجوزاً، فالتقدّم في السن بالنسبة لي هو دوماً إضافة خمسة عشر عاماً إلى عمري الحقيقي». مثل بايكون نجد الكثير من المصممين المخضرمين يرفضون التقاعد وتسليم المشعل لغيرهم من باب أن للسن أحكاما. جورجيو أرماني واحد من هؤلاء؛ فقد ناهز الثلاثة والثمانين، ولا تزال عروضه تُلهب الحضور وتُلهم الشباب. فهذا الإيطالي العصامي بنى إمبراطورية ضخمة من لا شيء، ولا يرى سببا وجيها يدفعه للتنازل عن عرشه فيها. فهو لا يزال قادرا على توجيه دفتها وقيادتها نحو نجاحات أخرى.
ابن بلده روبيرتو كافالي أيضا لا يزال مصرا على البقاء في الدار التي أسسها منذ عقود. فابن 77 عاما قال مؤخرا: «كلما فكرت في التقاعد أقول لنفسي سأفعل عندما أشعر بالتعب، لكن أعود وأشعر بأن لدي مسؤولية كبيرة. فالمعجبون كُثر ويتوقعون مني الكثير كذلك فإن التصميم يسري في دمي، ولا أستطيع العيش من دونه».
وبالفعل، يلاحظ أنه كلّما زاد عمراً، كبر حماسه ورغبته في إسعاد المرأة والرجل على حد سواء بتصاميمه المثيرة.
خلف الأطلسي بنى رالف لورين البالغ من العمر 77 عاما إمبراطورية لا تقل أهمية عن إمبراطورية جيورجيو أرماني. ومثله أيضا لا يزال منخرطاً في أعمال الدار، يُشرف عليها ويقودها بحنكة. في مارس (آذار) الماضي أطلق مجموعة عطور جديدة، وفي شتاء 2018 كانت الصحراء ملهمته في أسبوع الموضة في نيويورك، وكأن حيوية المدينة الأميركية تنعكس على ابنها، حيث نجده في سباق دائم مع الزمن والوقت لتقديم الأجمل والأكثر. كما لا ننسى الأزياء التي تظهر بها ميلانيا ترمب وترسخ مكانتها كأيقونة موضة.
عز الدين علايا، مصمم سيذكره تاريخ الموضة بصفته واحدا من أهم مصممي هذا القرن. فهذا التونسي الذي أتى من تونس واقتحم عاصمة الموضة الفرنسية فارضا نفسه على الكل، لن يوقفه التقدّم في العمر عن مسيرته. فهو اليوم يتعدى السبعين واكتسب قوة أكبر من تلك التي كانت يتمتع بها عندما أتى إلى باريس أول مرة.
حينها لم يهب فرنسا كلها، ولم يخف من فرض رؤيته عليها. حاليا، هو الوحيد القادر أن يعمل بمزاجية فنية من دون أي انتقاد. يقدم عروضه كلما شعر بأن لديه جديدا يريد أن يقدمه غير آبه بمواسم الموضة وتواريخها، ولا بضرورة طرح تشكيلات موسمية. وفي كل مرة يُعلن تقديم عرض، تتحول باريس إلى كُتلة من الحماس في انتظار ما سيُبدعه. وبالنظر إلى وصف الصحافة الأجنبية لأعماله على أنها نقطة تحوّل في تاريخ الموضة العالمية، فإننا لن نتوقع تقاعده قريبا.
الشيء نفسه نقوله عن المصمم الفرنسي الإسباني الأصل باكو رابان، الذي يبلغ ثلاثة وثمانين عاماً، لكن الطفل الجامح بداخله لا يزال يفاجئنا بالجديد والغريب أحيانا، سواء تعلق الأمر بالأزياء أو العطور، وباقي المنتجات التي توجد حاليا في كل أنحاء العالم تقريبا.
مانولو بلانيك أيضا من المصممين الذين تخطوا السبعين، وملا يزالون منارة تميّز وإبداع. حقّق جماهيرية كبيرة في عالم تصميم الأحذية الفاخرة، وحظي بجوائز عالمية جعلته من أهم المصممين العالميين في عصرنا هذا.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)
اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)
TT

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)
اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون كشفها. هدفه أن يُشكِلها بأسلوب يمنح المرأة الثقة من دون أن يحرمها من إحساسها بأنوثتها. صحيح أن بعضها يتسم ببعض الجرأة، إلا أن ما يشفع له فيها أنه نجح في ضخها بحقنات مناسبة من العصرية والديناميكية من خلال فنية تظهر حيناً في الأكمام وحيناً آخر في التنورات والجوانب وغيرها.

لعب المصمم على الأنوثة ليرسم لوحة مفعمة بالأنوثة الطاغية والراقية في الوقت ذاته (خاص)

اللافت فيها أيضاً أنها بالرغم من تفاصيلها وكشاكشها وطياتها، مريحة. يشرح المصمم أنه راعى فيها أن تمنح المرأة حرية الحركة «فمن دون حركة وراحة لا يمكن للمرأة أن تبدو ساحرة وواثقة من نفسها» حسب رأيه. ويُبرر أن الجرأة التي اعتمدها محسوبة، بدليل أنها قد تقتصر على الأكمام ولا تركز على إبراز مفاتن الجسد بشكل واضح.

اعتمد المصمم على الألوان الأحادية المتوهجة وكأنه يريد استعمالها بوصفها مضاداً لرمادية الشتاء (خاص)

اختارها ألا تكون صادمة، بل فنية لإضفاء مزيد من الأناقة الفنية على كل قطعة. فكل قطعة في التشكيلة لها شخصيتها الخاصة. أرداها أن تتكلم بلغة تفهمها المرأة التي ستختارها، معتمداً كلياً على التفاصيل، سواء كانت هذه التفاصيل على شكل طيات من لون القماش، أو ثنايا تتلوى على جانب معين، أو فتحات تغازل العين.

يكمن جمال الفساتين في تفاصيلها وأنوثتها من دون أن تكشف الكثير من مفاتن الجسد (خاص)

هذه الرؤية، ينفذها المصمم فؤاد سركيس بألوان متوهجة وواضحة، تكسر الصورة النمطية التي ارتبطت بألوان الخريف والشتاء. بالنسبة له، فإن الألوان الغنية تلعب دوراً محورياً في ضخ التصاميم بالديناميكية التي ينشدها. «فكل لون هنا يضفي قيمته على الزي، سواء تلوّن بالأخضر الزمردي أو الفوشيا النابض بالحياة أو الأحمر الناري أو الأزرق النيلي أو الأسود وغيرها من الألوان الطبيعية الأخرى».