ترمب يلغي برنامجاً لأوباما استفاد منه أطفال المهاجرين غير الشرعيين

TT

ترمب يلغي برنامجاً لأوباما استفاد منه أطفال المهاجرين غير الشرعيين

اندلعت مظاهرات أمام مبني الكونغرس والبيت الأبيض في واشنطن، وأخرى أمام برج ترمب في نيويورك، تندد بقرار إدارة ترمب وقف «برنامج الحالمون» (داكا)، الذي وضعه الرئيس السابق باراك أوباما، والذي يسمح لمئات الآلاف من الأطفال والشباب المهاجرين غير الشرعيين بالبقاء والعمل في الولايات المتحدة، والحماية من الترحيل.
وانتقد الديمقراطيون القرار، مشيرين إلى أنه يعرض الآلاف من الموجودين بالفعل لخطر الترحيل، ويضر بالاقتصاد. في حين انقسم الجمهوريون بين راغب في اتخاذ قرارات فورية، وآخرون راغبون في حل تشريعي يحد من البرنامج، لكنه يبقي على أولئك الموجودين بالفعل داخل الولايات المتحدة.
وغرد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، على حسابه في «تويتر»، قائلاً للكونغرس الأميركي الذي بدأ ممارسة مهامه أمس، بعد فترة الإجازة الصيفية: «استعد للقيام بواجبك»، ثم غرد ثانية قائلاً: «سنقوم بوضع مصلحة المواطنين الأميركيين أولاً».
وقال ترمب، في بيان مطول أصدره البيت الأبيض بعد إعلان وزير العدل تجميد البرنامج: «واجبي هو الدفاع عن الشعب الأميركي والدستور، وفي الوقت نفسه لا أؤيد معاقبة الأطفال على أفعال آبائهم، لكن يجب أن نقر بأننا دولة فرص لأننا دولة قوانين».
وأشار ترمب إلى أن جميع كبار القانونيين أكدوا أن البرنامج غير قانوني، وغير دستوري، ولا يمكن الدفاع عنه بنجاح في المحاكم، وهاجم سلفه أوباما، وقال: «في يونيو (حزيران) عام 2012، تجاوز الرئيس أوباما الكونغرس، وقام بمنح تصاريح عمل، وبطاقات ضمان اجتماعي، ومزايا فيدرالية، لنحو 800 ألف مهاجر غير شرعي»، لافتاً إلى أن أوباما قد اعترف بأنه يستطيع أن يفعل هذه الأشياء وحده، في إشارة إلى تخطي الكونغرس، وإصدار قواعد جديدة للهجرة. وقال وزير العدل الأميركي، أمس: «أنا هنا، اليوم، لنعلن أن البرنامج المعروف باسم (داكا)، الذي تم تنفيذه في ظل إدارة أوباما، قد ألغي»، وأكد أنه على الولايات المتحدة أن تضع حداً لعدد المهاجرين الذين تقبلهم كل عام، وهذا لا يعني أنهم أشخاص سيئون، أو أن بلادنا لا تحترمهم، وإنما يعني أننا سنقوم بتنفيذ القانون بشكل صحيح عندما يمرره الكونغرس».
وقال سيشنز إنه لم يتم النظر في أي طلبات جديدة اعتباراً من اليوم، ولن يتأثر مصير الذين استفادوا من هذا البرنامج حتى الخامس من شهر مارس (آذار) 2018، أي لفترة 6 أشهر تمنحها الإدارة الأميركية للكونغرس ليقرر تشريعاً في تقييد هذا البرنامج.
وهاجم السيناتور الديمقراطي باتريك ليهي القرار، واصفاً الرئيس ترمب بأنه «بلا قلب»، وقال: «لقد كشف الرئيس أنه لا قلب له، وأنه لا يعلم شيئاً»، فيما أشارت نانسي بيلوسي، زعيمة الأقلية الديمقراطية، في بيان، إلى أن القرار يكسر القلوب، ويهين الذين يؤمنون بالعدالة والكرامة الإنسانية، ويوجه ضربة إلى الشباب الحالم بالحلم الأميركي، ويعاقب الأطفال الأبرياء.
وانتقد السيناتور الجمهور جون ماكين ترحيل الأطفال إلى بلد لا يعرفونه، وقال: «أعتقد بقوة أن الأطفال الذين جاءوا إلى هذا البلد بشكل غير قانوني لم يرتكبوا جرماً لندفعهم للعودة إلى بلد لا يعرفونه».
ودافع السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام عن خطة ترمب، مشيراً إلى أنه يتفهم محنة الأطفال المستفيدين من البرنامج، لكن على الكونغرس العمل لإيجاد حل تشريعي. وأيد النائب الجمهوري ستيف كينغ إنهاء البرنامج، وأشار إلى أنه يعطي الفرصة لاستعادة سيادة القانون.
وأشار بول رايان، رئيس مجلس النواب، إلى أن «داكا» غير دستوري، لكنه أعرب أيضاً عن تعاطفه مع المتضررين، وقال إنه يريد أن يستمر البرنامج حتى يجد الكونغرس حلاً تشريعياً.
ومن المتوقع أن يكون لقرار إدارة ترمب تأثير كبير على الانتخابات التشريعية النصفية التي تجري عام 2018، خصوصاً في ولاية كاليفورنيا، حيث تعيش بها أقليات كبيرة من المهاجرين.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تتخذ إجراءات جديدة بحق المشتبه بتهريبهم مهاجرين

أوروبا صورة ملتقطة بواسطة طائرة مسيّرة تظهر قارباً مطاطياً يحمل مهاجرين وهو يشق طريقه نحو بريطانيا في القنال الإنجليزي  6 أغسطس 2024 (رويترز)

بريطانيا تتخذ إجراءات جديدة بحق المشتبه بتهريبهم مهاجرين

أعلنت الحكومة البريطانية، الخميس، أنّ الأشخاص المشتبه بأنّهم يقومون بتهريب مهاجرين، سيواجهون حظراً على السفر وقيودا تحول دون وصولهم إلى منصات التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا (من اليسار إلى اليمين) الممرضات الأفغانيات مادينا أعظمي ورويا صديقي وتهمينة أعظمي يقمن بالتوليد والتمريض في مستشفى خاص بكابل - 24 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

لاجئون أفغان يعيشون «سجناء» الخوف في باكستان

أصبحت حياة شهرزاد تقتصر على باحة بيت الضيافة الذي تعيش فيه في باكستان، إذ بعدما كانت تأمل أن تجد الحرية بعد هروبها من سلطات طالبان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم العربي عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم (أ.ف.ب)

عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم 

هناك 300 ألف نازح سوري عادوا من لبنان إلى بلادهم بعد العفو العام الذي صدر عن السلطات السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا وزير الهجرة واللجوء السويدي يوهان فورسيل (أ.ب)

السويد تسعى إلى تشديد القيود على طلبات اللجوء

أعلنت الحكومة السويدية اليوم الثلاثاء أنها أعدت مشروع قانون من شأنه الحد من قدرة طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم على تقديم طلبات جديدة من دون مغادرة البلاد.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟