دير الزور في 5 سنوات: «داعش» قضم نفوذ المعارضة وحاصر النظام

دير الزور
دير الزور
TT

دير الزور في 5 سنوات: «داعش» قضم نفوذ المعارضة وحاصر النظام

دير الزور
دير الزور

تعد مدينة دير الزور، العاصمة الإدارية للمحافظة التي تحمل الاسم ذاته والحدودية مع العراق. وتعرف هذه المحافظة بغناها بحقول النفط والغاز الأكثر غزارة في سوريا.
ويشير تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى أنه بعد تحول حركة الاحتجاجات ضد النظام إلى نزاع مسلح، سيطرت فصائل معارضة ومتشددة في عام 2012 على أجزاء واسعة من المحافظة ومدينتها دير الزور. ولكن مع تصاعد نفوذ تنظيم داعش وسيطرته على أجزاء واسعة من سوريا والعراق، استولى أيضاً على المناطق التي كانت تحت سيطرة الفصائل في دير الزور. وأحكم إثر ذلك حصاره تدريجياً على قوات النظام وعشرات آلاف المدنيين من سكان المدينة والمطار العسكري المجاور.
خلال السنوات الماضية، استهدفت الطائرات السورية والروسية كما مقاتلات التحالف الدولي بقيادة واشنطن مواقع تنظيم داعش في المحافظة. وشهدت المدينة منذ إطباق التنظيم حصاره عليها، معارك مع القوات المحاصرة داخلها.
وفي مطلع العام الحالي ورغم القصف الجوي الروسي والسوري الكثيف، ضيق التنظيم المتطرف الخناق أكثر على المدينة، وفصل مناطق سيطرة النظام إلى جزأين؛ شمالي وآخر جنوبي يضم المطار العسكري. وتقتصر سيطرة الجيش السوري حالياً على المطار العسكري في جنوب غربي المدينة وبعض الأحياء المحاذية له، فضلاً عن أجزاء في شمال المدينة ومقر اللواء 137 عند أطرافها الغربية.
وكان تعداد سكان مدينة الزور قبل اندلاع الحرب يقدر بنحو 300 ألف نسمة، فيما يعيش حالياً في الأحياء تحت سيطرة قوات النظام أكثر من 90 ألف مدني، وفق تقديرات للأمم المتحدة تعود لبداية العام الحالي. ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره عدد المدنيين في أحياء النظام بـ150 ألف شخص مقابل 10 آلاف شخص في الأحياء تحت سيطرة التنظيم. كما يقدر خبراء عديد قوات النظام في المدينة والمطار والقاعدة العسكريين بـ7 آلاف جندي.

وتسبب حصار «داعش» للمدينة في تفاقم معاناة السكان مع النقص في المواد الغذائية والخدمات الطبية. ولم يعد الوصول إلى مناطق سيطرة الجيش متاحاً، وبات الاعتماد بالدرجة الأولى على مساعدات غذائية تلقيها طائرات سورية وروسية. وبدأ برنامج الأغذية العالمي في عام 2016 أيضاً إلقاء مساعدات إنسانية من الجو. ويعاني المدنيون المقيمون في الأحياء تحت سيطرة المتشددين، وفق ناشطين، أيضاً من شح المواد الغذائية وانقطاع خدمات المياه والكهرباء.
ولطالما شكلت مدينة دير الزور هدفاً لجيش النظام في سوريا، لكنه لم يبدأ هجومه نحوها إلا بعد تحقيقه تقدماً على جبهات أخرى بدعم من الطيران الروسي، في وقت تشهد فيه مناطق عدة اتفاقات «خفض توتر» ووقفاً لإطلاق النار.
وبدأ الجيش منذ أسابيع عدة هجوماً عسكرياً واسعاً على المحافظة من 3 محاور؛ هي جنوب محافظة الرقة، والبادية جنوباً من محور مدينة السخنة في ريف حمص الشرقي، فضلاً عن المنطقة الحدودية مع العراق من الجهة الجنوبية الغربية. وتمكن من السيطرة على مناطق واسعة في المحافظة، ويتقدم حالياً باتجاه مدينة دير الزور من 4 جبهات مختلفة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».