فصائل الجنوب تضبط خلية اغتيالات لـ«داعش» شمال درعا

المعارضة تتهم النظام السوري بتجنيدها لتصفية «قيادات ثورية»

TT

فصائل الجنوب تضبط خلية اغتيالات لـ«داعش» شمال درعا

ضبطت فصائل المعارضة السورية العاملة في الجبهة الجنوبية، خلية اغتيالات تابعة لتنظيم داعش في شمال مدينة درعا، وضبطت بحوزتها عبوات ناسفة ومعدات تفجير، واتهمت هذه الفصائل نظام الأسد بالوقوف وراء هذه الخلايا، وتجنيدها لتصفية «قيادات ثورية»، في وقت اشتعلت فيه مجدداً معارك حوض اليرموك بين الفصائل المذكورة و«جيش خالد بن الوليد» التابع للتنظيم المتطرف بريف درعا الغربي.
وأعلنت فصائل الجنوب، على صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، أن «ألوية جيدور حوران» و«جيش الأبابيل»، «ألقت القبض على خلية إرهابية من خلايا (داعش)، وذلك نتيجة الرصد والمتابعة». وأكدت أنه «ضبطت بحوزة الخلية عشرات العبوات الناسفة صغيرة الحجم، ومعدات تفجير وأجهزة تحكم عن بُعد وقنابل». وعرضت الفصائل عبر فيلم فيديو قصير المعدات المضبوطة التي كانت بحوزة الخلية.
ولم تعط الفصائل التي بثّت الخبر والفيديو معلومات عن عدد الأشخاص الذين تمّ توقيفهم، ولا عن اعترافاتهم، ولا من هم المستهدفون في عمليات الاغتيال، لكنّ القيادي في غرفة عمليات «البنيان المرصوص» العقيد الطيار نسيم أبو عرّة، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الخلية ألقي القبض عليها في القطاع الأوسط في شمال درعا». وقال: «سبق للثوار أن قبضوا على خلايا إرهابية تابعة للتنظيم في أوقات سابقة، وهذه الخلايا باتت في قبضة المجلس العسكري، وهو الذي يتولى التحقيق معها، وكشف مخططاتها، والأهداف التي تنوي ضربها».
إلى ذلك، كشف قيادي عسكري في «ألوية جيدور حوران»، أن ضبط الخلية «جاء بعد متابعه أمنية لأشخاص كانت تدور حولهم شكوك بالتعامل مع الدواعش، فتم رصد شخصين منهم، وتوصلنا لمعلومات بأنهما سيقومان بتسلم عبوات ناسفة وأجهزة تفجير من منطقه تل شهاب».
القيادي الذي رفض ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «فصيلي (ألوية جيدور حوران) و(جيش الأبابيل)، التابعين للمجلس العسكري في مدينة جاسم، هما من نفذا عملية القبض على الخلية، بعد رصد وتعقب استمرا أياماً عدة، حيث تم نصب كمين لهما بعد أن تسلّما العبوات وأدوات التفجير التي تم عرضها». وقال: «بعد الاشتباك مع الشخصين حاولا الفرار، لكن أصيب أحدهما وألقي القبض على الآخر، وخلال التحقيق معهما اعترفا بأن الخلية تعمل لصالح الدواعش، وتقوم بتنفيذ اغتيالات لشخصيات وقيادات ورموز ثورية في منطقة درعا، كما اعترفا بتنفيذ عدد من التفجيرات».
وأكد القيادي العسكري أن «التحقيق ما زال مستمراً مع الموقوفين، وسيتم لاحقا نشر فيديوهات الاعترافات بشكل كامل»، مشيراً إلى أنه «بعد عدة جرائم وعمليات اغتيال، تبين أن جميع الاغتيالات التي ينفذها التنظيم الإرهابي، تخدم نظام الأسد بشكل رئيسي، والمعطيات بينت لنا أن كل من تعارضت آراؤه مع مصلحة النظام يكون هدفاً للتصفية»، عادّاً أن «تنظيم داعش صناعة النظام، ويعمل وينفذ جرائمه بتنسيق كامل مع أجهزة النظام».
ميدانياً، اشتعلت مجدداً الاشتباكات ليل الأحد - الاثنين، بين فصائل المعارضة و«جيش خالد بن الوليد» المبايع لتنظيم داعش، على محاور جلين وخربة كوكب وقرية الجبيلية غرب تسيل، بريف درعا الغربي، وأدت إلى خسائر بشرية في صفوف الطرفين.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن الاشتباكات «ترافقت مع قصف الفصائل على تمركزات لـ(جيش خالد بن الوليد) في المنطقة، في حين قتل عنصر من الفصائل خلال المواجهات، وهو ابن قائد فرقة (أحرار نوى)، كما أقدم مسلحون مجهولون ليل الأحد على اغتيال طبيب على الطريق الواصل بين بلدتي صيدا والغارية الغربية بإطلاق النار عليه».
إلى ذلك، فتحت قوات النظام نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في أحياء درعا البلد بمدينة درعا، ولم ترد معلومات عن إصابات، مسجلة خرقاً جديداً في الهدنة الأميركية - الروسية - الأردنية المطبقة منذ 9 يوليو (تموز) الماضي.
وفي شأن متصل بمعارك الجنوب، أعلن موقع «الدرر الشامية» الإخباري المعارض، أن «ميليشيات (جيش التحرير الفلسطيني) خسرت العشرات من عناصرها خلال مشاركتهم في المعارك إلى جانب النظام السوري ضد السوريين». وقال إن «مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، أحصت مقتل 228 عنصراً من الميليشيات خلال مشاركتهم القتال إلى جانب قوات النظام، وخاصة في الجنوب السوري ريف دمشق - درعا – القنيطرة».
وأضافت المجموعة أن «غالبية القتلى سقطوا في معارك ريف دمشق (الغوطة الشرقية)، وعلى الأخص منطقة تل كردي، التي شهدت قبل عدة أشهر معارك عنيفة بين الثوار وميليشيات النظام السوري». ويعد «جيش التحرير الفلسطيني» المنتشر في مناطق جنوب سوريا رأس حربة للنظام السوري كما كان «لواء القدس» الفلسطيني شمال سوريا.


مقالات ذات صلة

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

الولايات المتحدة​  وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا (أ.ف.ب)

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لوكالة أسوشيتد برس إن الولايات المتحدة بحاجة إلى إبقاء قواتها في سوريا لمنع تنظيم داعش من إعادة تشكيل تهديد كبير.

«الشرق الأوسط» (قاعدة رامشتاين الجوية (ألمانيا))
المشرق العربي وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تكشف عن 4 مطالب دولية في سوريا

كشفت تركيا عن إجماع دولي على 4 شروط يجب أن تتحقق في سوريا في مرحلة ما بعد بشار الأسد وهددت بتنفيذ عملية عسكرية ضد القوات الكردية في شمال سوريا وسط دعم من ترمب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي قائد الجيش الأردني اللواء يوسف الحنيطي مستقبلاً وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة (التلفزيون الأردني)

بين أنقرة ودمشق… مساع أردنية لإعادة بناء قدرات «سوريا الجديدة»

هناك رأي داخل مركز القرار الأردني ينادي بدور عربي وإقليمي لتخفيف العقوبات على الشعب السوري و«دعم وإسناد المرحلة الجديدة والانتقالية».

محمد خير الرواشدة (عمّان)
المشرق العربي فيدان والصفدي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة (الخارجية التركية)

تنسيق تركي - أردني حول دعم المرحلة الانتقالية في سوريا... وعودة اللاجئين

أبدت تركيا توافقاً مع الأردن على العمل لضمان وحدة وسيادة سوريا ودعم إدارتها الجديدة في استعادة الاستقرار وبناء مستقبل يشارك فيه جميع السوريين من دون تفرقة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي عبد القادر مؤمن

كيف أصبح ممول صومالي غامض الرجل الأقوى في تنظيم «داعش»؟

يرجّح بأن الزعيم الصومالي لتنظيم «داعش» عبد القادر مؤمن صاحب اللحية برتقالية اللون المصبوغة بالحناء بات الرجل الأقوى في التنظيم

«الشرق الأوسط» (باريس)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.