واقع التعليم في غزة بين الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني

طالبان فلسطينيان في طريقهما إلى المدرسة في غزة (غيتي)
طالبان فلسطينيان في طريقهما إلى المدرسة في غزة (غيتي)
TT

واقع التعليم في غزة بين الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني

طالبان فلسطينيان في طريقهما إلى المدرسة في غزة (غيتي)
طالبان فلسطينيان في طريقهما إلى المدرسة في غزة (غيتي)

تأثر التعليم الفلسطيني في قطاع غزة كثيرا بظروف الحصار الإسرائيلي المشدد الذي دخل عامه الحادي عشر على التوالي، وكذلك الانقسام المتواصل بين حركتي فتح وحماس منذ عشرة أعوام، وتراجع الأوضاع الاقتصادية للسكان كأحد الآثار الناجمة والمترتبة بشكل كبير عن الحصار والانقسام اللذين خلفا الكثير من الضرر للفلسطينيين خاصة في غزة التي تتراجع فيها ظروف الحياة يوما عن آخر.
- استهداف إسرائيلي
وتعرضت قطاعات التعليم خاصة المدارس إلى الاستهداف المباشر من قبل الاحتلال الإسرائيلي خلال حروبه الثلاث في قطاع غزة وخاصة الأخيرة في صيف 2014، حيث دمر الاحتلال بطائراته الحربية خمس مدارس بشكل كلي شرق وشمال غزة، وتضررت نحو 182 مدرسة بشكل جزئي وبليغ، حاول الاحتلال عرقلة إعادة إعمار 55 مدرسة منها من بينها المدارس المدمرة كليا إلا أنه تم بناؤها بعد عامين من الحرب.
ومع بداية أحداث الانقسام استنكف المئات من المدرسين عن عملهم خوفا من تعرضهم لقطع رواتبهم خاصة أنه صدر قرار رئاسي من السلطة الفلسطينية بمنع الدوام في الوزارات والمؤسسات الحكومية بعد سيطرة حركة حماس عليها في يونيو (حزيران) عام 2007.
إلا أنه مع مرور الأشهر والأعوام عاد عدد كبير من المدرسين خاصة بعد عام 2011 وتوقيع اتفاق المصالحة بالقاهرة، وعمل أولئك المدرسون إلى جانب مدرسين جدد عينتهم حركة حماس، وهو الأمر ذاته الذي انطبق على القطاع الصحي وقطاعات خدماتية حكومية هامة.
- مناكفات سياسية
يقول معتصم الميناوي مسؤول الإعلام والعلاقات العامة بوزارة التربية والتعليم في قطاع غزة، إن قطاع التعليم لم يكن كباقي القطاعات والوزارات وكان الأقل خسارة رغم بعض التنغيصات على العملية التعليمية لفترات نتيجة الصراع والمناكفات، مشيرا في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هذا القطاع تأثر بشكل أكبر بتوقف حكومة التوافق عقب تشكيلها عام 2014 عن دفع المصاريف التشغيلية للوزارة بغزة.
وأضاف: «هذا التأثير يلمسه الميدان التربوي بشكل مباشر»، مشيرا إلى أن إحدى الأزمات التي لاحقت المعلمين الجدد بغزة الذين تم تعيينهم عقب استنكاف المعلمين السابقين قبل عودة غالبيتهم، عملية صرف رواتبهم بنسبة 40 أو 50 في المائة وهو راتب يعد بسيطا ويؤثر نفسيا وحياتيا وعلميا على عطاء المعلم والوضع التربوي بشكل عام.
وتابع: «رغم ذلك المعلم يعطي كل شيء لديه رغم تفكيره الدائم بأعباء الحياة والمصاريف التي يحتاجها لمنازله، وكلها ظروف تؤثر على حياته وتثقل من كاهله».
وبشأن الحديث الذي يتردد عن نية السلطة الفلسطينية إحالة المدرسين للتقاعد، أشار الميناوي إلى أنه لم يتم إبلاغهم بأي شيء وأن الموسم الدراسي الجديد بدأ وجميع المدرسين عادوا لدوامهم بشكل طبيعي دون أي تأثر حتى اللحظة، معربا عن أمله في أن يكون ما يرد في وسائل الإعلام مجرد سحابة صيف وأن لا يتم تنفيذ هذا القرار الذي في حال نفذ سيؤثر بشكل كبير على المنظومة التعليمية.
- عرقلة وتدني الرواتب
عن المناهج التعليمية، أشار الميناوي إلى وجود تنسيق كامل ما بين غزة والضفة وكذلك فيما يتعلق ببناء المدارس الجديدة وتوفير الأثاث لها. قائلا: «هناك تنسيق وعمل كخلية نحل، ولكننا نأمل في أن ينتهي الانقسام حتى يكون العمل أفضل للجميع».
وحول تأثير الحصار على المسيرة التعليمية في قطاع غزة، قال الميناوي إن الاحتلال الإسرائيلي عرقل العديد من المشاريع لإعادة بناء المدارس التي دمرها خلال حروبه، كما عمل على منع إدخال كميات من الإسمنت للمدارس التي تضررت سواء بشكل جزئي أو بليغ، مشيرا إلى أن ذلك أثر على إعادة تأهيل بعض المدارس. ولفت إلى أن إحدى أزمات صرف رواتب المعلمين بهذه النسبة التي تصل إلى نحو 50 في المائة فقط، تعود بالأساس إلى فرض الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع ما يؤثر على العملية التعليمية برمتها خاصة أنه يؤثر على الراتب المنخفض على المدرس بشكل مباشر.
وأضاف: «كذلك يتأثر الطلاب بالحصار نتيجة تراجع الوضع الاقتصادي لعوائلهم، خاصة أن عددا كبيرا منهم يعيشون في أجواء نفسية سيئة داخل الفصول المدرسية التي يجب أن تكون مهيأة ومريحة، ولكن عندما يتأثر الطالب بفقر عائلته في بيته يؤثر ذلك عليه في مدرسته وغيرها، ولا يكون في ذات الوضع الذي يشعر به الطالب المنتعش ماديا، وكل ذلك يؤثر على زيادة التحصيل العلمي للطلاب»، مشيرا إلى أن وزارته تبذل جهودا كبيرة من أجل زيادة التحصيل العلمي الموجود أصلا ولكنها تطمح للمزيد ليكون طلاب غزة بأعلى المستويات العلمية، وتعمل من أجل مراعاة الظروف الحياتية لعوائل الطلاب بإعفائهم من الرسوم.
- ظروف اقتصادية صعبة
لوحظ منذ بداية العام الدراسي الجديد الذي بدأ في الثالث والعشرين من الشهر الجاري تراجع عدد الطلاب في المدارس الخاصة نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها عوائل الطلاب. حيث باتت غالبية العوائل تفضل المدارس الحكومية برسومها البسيطة مقابل ما تدفعه للمدارس الخاصة أو مدارس الأونروا المجانية والمفضلة بشكل أكبر للمواطنين خاصة أن عمليات التحصيل العلمي فيها أكبر من المدارس الأخرى نتيجة ما يتلقاه موظفوها من المدرسين وغيرهم من امتيازات على عكس الظروف التي تمت الإشارة إليها في المدارس الحكومية من عدم تمكن صرف رواتب الموظفين الذين عينتهم حماس كاملة، وانخفاض رواتب موظفي السلطة مقارنة برواتب المعلمين التابعين للأونروا.
وقال الموظف الحكومي في السلطة عليان أبو ناصر، إنه اضطر إلى نقل ابنه من مدرسة خاصة إلى مدرسة حكومية، لعدم قدرته على تسديد أقساط تعليمه، بعد الخصومات التي طالت راتبه، وبلغت نحو 50 في المائة، مشيرا إلى أن ما يتبقى من راتبه لا يكاد يكفي لسد احتياجات منزله، من مأكل ومشرب، طوال الشهر.
وأكد أبو ناصر أن عملية نقل ابنه من المدرسة الخاصة إلى المدرسة الحكومية ستوفر عليه مبلغا ماليا كبيرا، وسيخفض من المصاريف اليومية. وما زاد من أعباء الوضع الاقتصادي في غزة إقدام السلطة الفلسطينية على خصم 30 إلى 50 في المائة من رواتب موظفيها ضمن سلسلة إجراءات اتخذتها بهدف معاقبة حماس اقتصاديا. كما قالت.
وأثير مؤخرا في قطاع غزة جدل بشأن نوايا الأونروا تغيير المناهج الدراسية في مدارسها بعد اتهامات من اتحاد العاملين في المنظمة الأممية بنيتها تغيير نحو 2 في المائة من المنهج بما يتعلق بالقضية الفلسطينية خاصة قضايا اللاجئين وحقوقهم. إلا أن الأونروا نفت تلك الأنباء في بيان رسمي لها وأكدت أنها ستحافظ على المنهاج الذي تقدمه السلطة الفلسطينية.
- لمحة عن هيكلية المدارس
في قطاع غزة 714 مدرسة، منها 392 تابعة للحكومة الفلسطينية و267 لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، و55 تابعة للقطاع الخاص. وبعض هذه المدارس تحتوي على فترتين دراسيتين إحداهما صباحية والأخرى مسائية لكثافة أعداد الطلاب خاصة الذين يتوجهون لمدارس الأونروا.
تمثل مدارس الحكومة، عدد 174 مدرسة للذكور بنسبة (44.38 في المائة)، و158 للإناث بنسبة (40.31 في المائة)، و60 مدرسة مشتركة للصغار بنسبة (15.31 في المائة). فيما تمثل مدارس الأونروا، عدد 115 للذكور بنسبة (43.07 في المائة)، و69 للإناث بنسبة (25.84 في المائة)، و83 مشتركة للصغار بنسبة (31.09 في المائة). بينما تمثل مدارس القطاع الخاص عدد 10 مدارس ذكور بنسبة (18.18 في المائة)، و5 إناث بنسبة (9.09 في المائة)، و40 مشتركة بنسبة (72.73 في المائة).
وتلزم المدارس الحكومية الطلاب في قطاع غزة من المراحل الأساسية بدفع رسوم 40 شيكلا (أي ما يعادل أقل من 12 دولارا)، ويمنح الشقيقان تخفيضا لتصبح الرسوم 20 شيكلا فقط (أي ما يعادل أقل من 6 دولارات). بينما المراحل الثانوية تصل الرسوم إلى 70 شيكلا (ما يعادل أقل من 20 دولارا)، وللشقيقين 50 شيكلا (ما يعادل أقل من 14 دولارا).
يسمح لأبناء «الشهداء» والأسرى الدراسة مجانا، وكذلك للحالات الاجتماعية المستعصية في ظل انتشار الفقر المدقع. إلا أنه رغم ذلك يشتكي ذوو الطلاب من الظروف الاقتصادية الصعبة خاصة أن الطلاب يحتاجون قرطاسية بمبالغ مالية لكل طالب تصل إلى نحو 100 شيكل (ما يعادل 28 دولارا) أو ما يزيد عن ذلك في بعض الأحيان. وتفرض في بعض الأحيان رسوما على بعض كتب المناهج خاصة ممن لا يملك مناهج جديدة. إلا أنها تستثني من ذلك الحالات الاجتماعية التي تعيش ظروفا صعبة.
في حين أن الطلاب من اللاجئين الفلسطينيين الذين يتلقون تعليمهم في مدارس الأونروا لا يتم إلزامهم بأي رسوم سنوية، ويمنحون كتب المناهج جميعها مجانا. ومنذ سنوات تلجأ الأونروا مع بداية كل عام دراسي لتوزيع 100 شيكل على كل طالب (ما يعادل 28 دورا)، بالإضافة لتوزيع قرطاسية بسيطة على الطلاب.
فيما يدفع طلاب مدارس القطاع الخاص مبالغ مالية كبيرة سواء للرسوم الدراسية السنوية أو المناهج التعليمية التي يتم تسليمهم إليها، وتختلف تلك الرسوم من مدرسة إلى أخرى بسبب المنافسة فيما بينها. ويبلغ عدد الطلاب في كافة المدارس 523880. منهم 243838 يتلقون تعليمهم في مدارس الحكومة بنسبة (46.54 في المائة)، و261657 في مدار الأونروا بنسبة (49.95 في المائة)، و18385 في مدارس القطاع الخاص بنسبة (3.51 في المائة).
ويمثل عدد طلاب المرحلة الأساسية منهم 427523 بنسبة (81.61 في المائة)، من بينهم 153920 في مدارس الحكومة بنسبة (36 في المائة)، و261657 في مدارس الأونروا بنسبة (61.2 في المائة)، و11946 في المدارس الخاصة بنسبة (2.79 في المائة). فيما يمثل عدد طلاب المرحلة الثانوية 96357 بنسبة (18.39 في المائة) من مجمل الطلاب، منهم 89918 في مدارس الحكومة بنسبة (92.33 في المائة)، في حين لا يوجد للأونروا أي مدارس لهذه المرحلة، بينما في القطاع الخاص يدرس 6439 طالبا بنسبة (6.68 في المائة).
فيما يبلغ عدد المعلمين في تلك المدارس 24424. منهم 13368 في مدارس الحكومة بنسبة (54.73 في المائة)، و9618 في مدارس الأونروا بنسبة (39.38 في المائة)، و1438 في مدارس القطاع الخاص بنسبة (5.98 في المائة). ويصل عدد المعلمين في المرحلة الأساسية إلى 18167 بنسبة (74.38 في المائة)، منهم 7620 في مدارس الحكومة بنسبة (41.9 في المائة)، و9618 في مدارس الأونروا بنسبة (52.94 في المائة)، و929 في مدارس القطاع الخاص بنسبة (5.11 في المائة). بينما يصل عددهم في المرحلة الثانوية 6257 بنسبة (25.62 في المائة). منهم 5748 في مدارس الحكومة بنسبة (91.87 في المائة)، و509 في مدارس القطاع الخاص بنسبة (8.13 في المائة). في حين لا يوجد للأونروا أي مدارس لهذه المرحلة.


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

وسائل التواصل الاجتماعي... روابط مباشرة بين الجامعات والطلاب

وسائل التواصل الاجتماعي... روابط مباشرة بين الجامعات والطلاب
TT

وسائل التواصل الاجتماعي... روابط مباشرة بين الجامعات والطلاب

وسائل التواصل الاجتماعي... روابط مباشرة بين الجامعات والطلاب

لا يخفى على أحد أهمية وسائل التواصل الاجتماعي أو وسائل الإعلام الاجتماعية على شبكة الإنترنت بالنسبة للأفراد والمؤسسات الخاصة والعامة والشركات التجارية والحكومات وأجهزة الأمن المحلية والدولية والمراكز الطبية هذه الأيام. إذ يتزايد استخدام هذه الوسائل بوتيرة مثيرة للاهتمام ويتعدد استخدامات هذه الوسائل في كثير من الحقول الهامة لتحسين أدائها وتطويرها وربط ما أمكن من معلومات ببعضها بعضا وتوفيرها لجميع المعنيين بأسرع وأوضح صورة ممكنة. ومن هذه الحقول بالطبع الحقل التعليمي، إذ كان من أول الحقول التي عملت على استغلال شبكة الإنترنت وحاولت الاستفادة من تقنياتها وقدراتها على التحفيز وتطوير أداء المعلمين والطلاب على حد سواء. وقد بدأت وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا تلعب دورا جوهريا كبيرا في الحياة التعليمية، أكان ذلك في المدارس العادية أم في الجامعات الهامة.

تفوق في التواصل والأكاديميا
تشير الأرقام الأخيرة إلى أن نصف سكان المعمورة يستخدمون شبكة الإنترنت هذه الأيام، وأن عدد الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي على الشبكة ارتفع بنسب 21 في المائة من عام 2015 أي منذ عامين فقط. وقد وصل عدد الذين يستخدمون هذه الوسائل الاجتماعية إلى 2.8 مليار مستخدم العام الماضي.
وأظهرت آخر الدراسات لمؤسسة «يوني شوتس» الطلابية لإنتاج الفيديو، أن جامعة تتربع على عرش الجامعات البريطانية من ناحية عدد المتابعين لوسائلها الخاصة بالتواصل الاجتماعي. وأن جامعة كامبردج في المرتبة الثانية في هذا المجال.
أما في المرتبة الثالثة فقد جاءت كلية لندن للاقتصاد التي تعتبر من الجامعات الهامة على الصعيد العالمي في مجال العلوم الإنسانية. وقد حاولت شركة إنتاج الفيديو هذه التي أسسها بعض الخريجين التعرف عما إذا كان أي ترابط بين ترتيب صحيفة الـ«غارديان» البريطانية لأفضل الجامعات لعام 2018 وبين النتائج التي توصلت إليها حول عدد المتابعين لوسائل التواصل الاجتماعي لهذه الجامعات.
وكما تقول تقول سيتا فارداوا في مقال خاص على موقع مؤسسة «ذا»، إن العلاقة بين ترتيب أفضل الجامعات وترتيب الجامعات من ناحية عدد المتابعين لوسائل التواصل الاجتماعي لديها متنوع جدا وغير واضح وليس مشروطا. ففيما كان هناك ترابط في حالة جامعتي أكسفورد وكامبردج اللتين تحتلان المركزين الأول والثاني في كل من التصنيفين، جاءت جامعة لندن متروبوليتان (جامعة لندن الحضريةLondon Metropolitan University - وهي جامعة بحثية عامة) في المركز الرابع في ترتيب المتابعين لوسائل التواصل الاجتماعية، بينما كانت في الترتيب 117 على لائحة صحيفة الـ«غارديان» لأفضل الجامعات.
لا بد من التذكير هنا بأن مؤسسة «ذا» أو موقع «ذا»، يهتم بتأمين المعلومات تزويد البيانات التي تدعم التميز الجامعي في كل قارة في جميع أنحاء العالم. وهي من المراجع الهامة والرائدة «في تصنيف الجامعات الأكثر تأثيرا في العالم، ولديها خبرة تقارب خمسة عقود كمصدر للتحليل والبصيرة في التعليم العالي»، كما لديها خبرة «لا مثيل لها في الاتجاهات التي يقوم عليها أداء الجامعة عالميا. وتستخدم بياناتنا وأدوات قياسها من قبل كثير من الجامعات المرموقة في العالم لمساعدتهم على تحقيق أهدافهم الاستراتيجية».

{فيسبوك» نافذة للجامعات
وبالعودة لـ«يوني شوتس»، فقد أظهرت نتائج الدراسة الأخيرة أن الـ«فيسبوك» كان المنصة الأكثر اختيارا من قبل المتابعين لوسائل التواصل الاجتماعي والتي فضلوا استخدامها لمتابعة جميع الجامعات، وحصدت على أعلى الأرقام مقارنة مع بقية وسائل التواصل الأخرى.
ويقول مؤسس «يوني شوتس» روس ليندغرين، في هذا الإطار إنه «قررنا التركيز على (فيسبوك) و(إنستغرام) و(يوتيوب) في بحثنا الأولي لأن المحادثات التي أجريناها مع الطلاب تشير إلى أن هذه هي أكثر المنصات استخداما في السنوات الأخيرة». وقال روس ليندغرين، مؤسس «يوني شوتس»: «قررنا التركيز على (فيسبوك) و(إنستغرام) و(يوتيوب) في بحثنا الأولي لأن المحادثات التي أجريناها مع الطلاب تشير إلى أن هذه هي أكثر المنصات استخداما في السنوات الأخيرة». ويبدو أن وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، التي ارتفع استخدامها في السنوات الأخيرة في بال ليندغرين، إذ أضاف أن المؤسسة تخطط في المستقبل للبحث في حجم استخدامات ومتابعات «تويتر» واستخدام «سناب شات». ومن النتائج التي أظهرتها الدراسة التي شملت 121 جامعة أيضا، أنه كان للجامعات التي كانت الأكثر نشاطا على وسائل التواصل الاجتماعي، أيضا أكبر عدد من الأتباع على جميع المنصات. وخصوصا في منصة حجم استخدام الـ«يوتيوب».
وتشمل هذه المنصات، عدد المتابعين لوسائل التواصل الاجتماعي، عدد زيارات موقع الجامعة (بالملايين) خلال الأشهر الستة الأخيرة لعام 2017، وعدد المتابعين لـ«فيسبوك» في كل جامعة، عدد المتابعين لـ«إنستغرام» في كل جامعة، وعدد المتبعين لـ«يوتيوب» في كل جامعة.

وسيلة للطلاب الأجانب
وعلى صعيد آخر، أكد المدير الإداري في مؤسسة «هوبسونز» الخاصة بالتعليم العالي جيرمي كوبر أن الطلاب حول العالم يستخدمون مواقع الشبكات الاجتماعية للبحث واختيار كلياتهم هذه الأيام وأكثر من أي وقت مضى، وذلك في تعليق خاص حول كيفية استخدام الطلاب الأجانب لوسائل الإعلام الاجتماعية لاختيار إحدى الجامعات البريطانية للدراسة.
وقد كشف «المسح الدولي للطلاب - ISS» السنة الحالية أن أهمية وسائل التواصل الاجتماعي تتزايد وتنمو باطراد بالنسبة للطلاب الدوليين أو الأجانب. كما أظهر المسح أن «حملات وسائل الإعلام أو التواصل الاجتماعي تشكل كيف ينظر هؤلاء الطلاب المحتملون إلى المملكة المتحدة كمكان للدراسة».
ويقول كوبر، إن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت الآن بالنسبة للشباب الوسيلة الرئيسية لجمع المعلومات والتواصل مع أصدقائهم ومعارفهم. ويبدو من النتائج التي حصل عليها «المسح الدولي»، أن «83 في المائة من الطلاب المحتملين يستخدمون قنوات اجتماعية للبحث عن الجامعات، أي بزيادة قدرها 19 في المائة بين عامي 2016 و2017». وفيما «تختلف التفضيلات من بلد إلى آخر، فإن مواقع التواصل الاجتماعي الرئيسية (فيسبوك) و(يوتيوب) و(إنستغرام) تهيمن على استخدام الشبكات الاجتماعية الأخرى والمعروفة».
ويبدو أن الطلاب يبدأون باستخدام وسائل الاتصال هذه قبل إجراء أي تحقيق حول مستقبلهم التعليمي وأين سيدرسون، الأمر الذي يشير إلى أهمية المشاركة المبكرة على هذه الوسائل. ويترافق هذا مع ارتفاع في نسبة عدد الطلاب والمهتمين باستخدام «واتساب» للتواصل مع الجامعات التي يهتمون بها ووصلت نسبة الارتفاع إلى 42 في المائة، بينما فضل 35 في المائة استخدام «فيسبوك».
وأهم ما كشفه بحث «المسح الدولي» هو أن هناك رابطا مباشرا وهاما وإيجابيا أيضا بين شعبية قنوات وسائل التواصل الاجتماعي للجامعات وعدد الطلاب الدوليين الذين تجذبهم هذه الجامعات.
ويبدو أيضا هناك دور كبير لطبيعة اللغة المستخدمة لقنوات التواصل الاجتماعي للجامعات، وطبيعة الترحيب بالطلاب الأجانب، في جذب الطلاب. إذ إن هذه القنوات قادرة على تكوين وتشكيل الكيفية التي ينظر بها الطلاب إلى الجامعات البريطانية بشكل عام.
ويتبين من نتائج «المسح الدولي» أن 84 في المائة من الطلاب الدوليين المحتملين يقولون إن حملات مثل حملتي «كلنا دوليون - #WeAreInternational» و«لندن مفتوحة - #LondonIsOpen» - بالإضافة إلى حملة عمدة لندن - تؤثر بشكل إيجابي على تصورهم عن المملكة المتحدة.

ترحيب إلكتروني
لاستقطاب الدارسين
يؤكد جيرمي كوبر في هذا المضمار، أن ترحيب الجامعات مهم جدا في عملية استقطاب الطلاب ومنحهم الشعور الإيجابي نحو الجامعة، إذ إن 31 في المائة من الطلاب الذين تم استطلاعهم يعتبرون عملية الترحيب العامل الرئيسي في اختيارهم للجامعة التي يريدون الدراسة فيها.
وعندما سأل الطلاب: ما إذا كانوا يستخدمون وسائل الاتصال الاجتماعي كجزء من عملية البحث عندما يقررون المكان الذين سيدرسون فيه، 90 في المائة من الطلاب الصينيين قالوا إنها جزء ضرورة في عملية البحث واتخاذ القرار، بينما جاء طلاب تايلاند في المرتبة الثانية بنسبة 86 في المائة ومن ثم طلاب ماليزيا بنسبة 80 في المائة وثم طلاب هونغ بنسبة 79 في المائة وبعدها طلاب الهند بنسبة 78 في المائة وثم نيجيريا بنسبة 72 في المائة وبعدها طلاب المملكة العربية السعودية بنسبة 68 في المائة وبعدها سنغافورة وكندا والولايات المتحدة الأميركية.