واقع التعليم في غزة بين الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني

طالبان فلسطينيان في طريقهما إلى المدرسة في غزة (غيتي)
طالبان فلسطينيان في طريقهما إلى المدرسة في غزة (غيتي)
TT

واقع التعليم في غزة بين الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني

طالبان فلسطينيان في طريقهما إلى المدرسة في غزة (غيتي)
طالبان فلسطينيان في طريقهما إلى المدرسة في غزة (غيتي)

تأثر التعليم الفلسطيني في قطاع غزة كثيرا بظروف الحصار الإسرائيلي المشدد الذي دخل عامه الحادي عشر على التوالي، وكذلك الانقسام المتواصل بين حركتي فتح وحماس منذ عشرة أعوام، وتراجع الأوضاع الاقتصادية للسكان كأحد الآثار الناجمة والمترتبة بشكل كبير عن الحصار والانقسام اللذين خلفا الكثير من الضرر للفلسطينيين خاصة في غزة التي تتراجع فيها ظروف الحياة يوما عن آخر.
- استهداف إسرائيلي
وتعرضت قطاعات التعليم خاصة المدارس إلى الاستهداف المباشر من قبل الاحتلال الإسرائيلي خلال حروبه الثلاث في قطاع غزة وخاصة الأخيرة في صيف 2014، حيث دمر الاحتلال بطائراته الحربية خمس مدارس بشكل كلي شرق وشمال غزة، وتضررت نحو 182 مدرسة بشكل جزئي وبليغ، حاول الاحتلال عرقلة إعادة إعمار 55 مدرسة منها من بينها المدارس المدمرة كليا إلا أنه تم بناؤها بعد عامين من الحرب.
ومع بداية أحداث الانقسام استنكف المئات من المدرسين عن عملهم خوفا من تعرضهم لقطع رواتبهم خاصة أنه صدر قرار رئاسي من السلطة الفلسطينية بمنع الدوام في الوزارات والمؤسسات الحكومية بعد سيطرة حركة حماس عليها في يونيو (حزيران) عام 2007.
إلا أنه مع مرور الأشهر والأعوام عاد عدد كبير من المدرسين خاصة بعد عام 2011 وتوقيع اتفاق المصالحة بالقاهرة، وعمل أولئك المدرسون إلى جانب مدرسين جدد عينتهم حركة حماس، وهو الأمر ذاته الذي انطبق على القطاع الصحي وقطاعات خدماتية حكومية هامة.
- مناكفات سياسية
يقول معتصم الميناوي مسؤول الإعلام والعلاقات العامة بوزارة التربية والتعليم في قطاع غزة، إن قطاع التعليم لم يكن كباقي القطاعات والوزارات وكان الأقل خسارة رغم بعض التنغيصات على العملية التعليمية لفترات نتيجة الصراع والمناكفات، مشيرا في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هذا القطاع تأثر بشكل أكبر بتوقف حكومة التوافق عقب تشكيلها عام 2014 عن دفع المصاريف التشغيلية للوزارة بغزة.
وأضاف: «هذا التأثير يلمسه الميدان التربوي بشكل مباشر»، مشيرا إلى أن إحدى الأزمات التي لاحقت المعلمين الجدد بغزة الذين تم تعيينهم عقب استنكاف المعلمين السابقين قبل عودة غالبيتهم، عملية صرف رواتبهم بنسبة 40 أو 50 في المائة وهو راتب يعد بسيطا ويؤثر نفسيا وحياتيا وعلميا على عطاء المعلم والوضع التربوي بشكل عام.
وتابع: «رغم ذلك المعلم يعطي كل شيء لديه رغم تفكيره الدائم بأعباء الحياة والمصاريف التي يحتاجها لمنازله، وكلها ظروف تؤثر على حياته وتثقل من كاهله».
وبشأن الحديث الذي يتردد عن نية السلطة الفلسطينية إحالة المدرسين للتقاعد، أشار الميناوي إلى أنه لم يتم إبلاغهم بأي شيء وأن الموسم الدراسي الجديد بدأ وجميع المدرسين عادوا لدوامهم بشكل طبيعي دون أي تأثر حتى اللحظة، معربا عن أمله في أن يكون ما يرد في وسائل الإعلام مجرد سحابة صيف وأن لا يتم تنفيذ هذا القرار الذي في حال نفذ سيؤثر بشكل كبير على المنظومة التعليمية.
- عرقلة وتدني الرواتب
عن المناهج التعليمية، أشار الميناوي إلى وجود تنسيق كامل ما بين غزة والضفة وكذلك فيما يتعلق ببناء المدارس الجديدة وتوفير الأثاث لها. قائلا: «هناك تنسيق وعمل كخلية نحل، ولكننا نأمل في أن ينتهي الانقسام حتى يكون العمل أفضل للجميع».
وحول تأثير الحصار على المسيرة التعليمية في قطاع غزة، قال الميناوي إن الاحتلال الإسرائيلي عرقل العديد من المشاريع لإعادة بناء المدارس التي دمرها خلال حروبه، كما عمل على منع إدخال كميات من الإسمنت للمدارس التي تضررت سواء بشكل جزئي أو بليغ، مشيرا إلى أن ذلك أثر على إعادة تأهيل بعض المدارس. ولفت إلى أن إحدى أزمات صرف رواتب المعلمين بهذه النسبة التي تصل إلى نحو 50 في المائة فقط، تعود بالأساس إلى فرض الحصار الإسرائيلي المشدد على القطاع ما يؤثر على العملية التعليمية برمتها خاصة أنه يؤثر على الراتب المنخفض على المدرس بشكل مباشر.
وأضاف: «كذلك يتأثر الطلاب بالحصار نتيجة تراجع الوضع الاقتصادي لعوائلهم، خاصة أن عددا كبيرا منهم يعيشون في أجواء نفسية سيئة داخل الفصول المدرسية التي يجب أن تكون مهيأة ومريحة، ولكن عندما يتأثر الطالب بفقر عائلته في بيته يؤثر ذلك عليه في مدرسته وغيرها، ولا يكون في ذات الوضع الذي يشعر به الطالب المنتعش ماديا، وكل ذلك يؤثر على زيادة التحصيل العلمي للطلاب»، مشيرا إلى أن وزارته تبذل جهودا كبيرة من أجل زيادة التحصيل العلمي الموجود أصلا ولكنها تطمح للمزيد ليكون طلاب غزة بأعلى المستويات العلمية، وتعمل من أجل مراعاة الظروف الحياتية لعوائل الطلاب بإعفائهم من الرسوم.
- ظروف اقتصادية صعبة
لوحظ منذ بداية العام الدراسي الجديد الذي بدأ في الثالث والعشرين من الشهر الجاري تراجع عدد الطلاب في المدارس الخاصة نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها عوائل الطلاب. حيث باتت غالبية العوائل تفضل المدارس الحكومية برسومها البسيطة مقابل ما تدفعه للمدارس الخاصة أو مدارس الأونروا المجانية والمفضلة بشكل أكبر للمواطنين خاصة أن عمليات التحصيل العلمي فيها أكبر من المدارس الأخرى نتيجة ما يتلقاه موظفوها من المدرسين وغيرهم من امتيازات على عكس الظروف التي تمت الإشارة إليها في المدارس الحكومية من عدم تمكن صرف رواتب الموظفين الذين عينتهم حماس كاملة، وانخفاض رواتب موظفي السلطة مقارنة برواتب المعلمين التابعين للأونروا.
وقال الموظف الحكومي في السلطة عليان أبو ناصر، إنه اضطر إلى نقل ابنه من مدرسة خاصة إلى مدرسة حكومية، لعدم قدرته على تسديد أقساط تعليمه، بعد الخصومات التي طالت راتبه، وبلغت نحو 50 في المائة، مشيرا إلى أن ما يتبقى من راتبه لا يكاد يكفي لسد احتياجات منزله، من مأكل ومشرب، طوال الشهر.
وأكد أبو ناصر أن عملية نقل ابنه من المدرسة الخاصة إلى المدرسة الحكومية ستوفر عليه مبلغا ماليا كبيرا، وسيخفض من المصاريف اليومية. وما زاد من أعباء الوضع الاقتصادي في غزة إقدام السلطة الفلسطينية على خصم 30 إلى 50 في المائة من رواتب موظفيها ضمن سلسلة إجراءات اتخذتها بهدف معاقبة حماس اقتصاديا. كما قالت.
وأثير مؤخرا في قطاع غزة جدل بشأن نوايا الأونروا تغيير المناهج الدراسية في مدارسها بعد اتهامات من اتحاد العاملين في المنظمة الأممية بنيتها تغيير نحو 2 في المائة من المنهج بما يتعلق بالقضية الفلسطينية خاصة قضايا اللاجئين وحقوقهم. إلا أن الأونروا نفت تلك الأنباء في بيان رسمي لها وأكدت أنها ستحافظ على المنهاج الذي تقدمه السلطة الفلسطينية.
- لمحة عن هيكلية المدارس
في قطاع غزة 714 مدرسة، منها 392 تابعة للحكومة الفلسطينية و267 لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، و55 تابعة للقطاع الخاص. وبعض هذه المدارس تحتوي على فترتين دراسيتين إحداهما صباحية والأخرى مسائية لكثافة أعداد الطلاب خاصة الذين يتوجهون لمدارس الأونروا.
تمثل مدارس الحكومة، عدد 174 مدرسة للذكور بنسبة (44.38 في المائة)، و158 للإناث بنسبة (40.31 في المائة)، و60 مدرسة مشتركة للصغار بنسبة (15.31 في المائة). فيما تمثل مدارس الأونروا، عدد 115 للذكور بنسبة (43.07 في المائة)، و69 للإناث بنسبة (25.84 في المائة)، و83 مشتركة للصغار بنسبة (31.09 في المائة). بينما تمثل مدارس القطاع الخاص عدد 10 مدارس ذكور بنسبة (18.18 في المائة)، و5 إناث بنسبة (9.09 في المائة)، و40 مشتركة بنسبة (72.73 في المائة).
وتلزم المدارس الحكومية الطلاب في قطاع غزة من المراحل الأساسية بدفع رسوم 40 شيكلا (أي ما يعادل أقل من 12 دولارا)، ويمنح الشقيقان تخفيضا لتصبح الرسوم 20 شيكلا فقط (أي ما يعادل أقل من 6 دولارات). بينما المراحل الثانوية تصل الرسوم إلى 70 شيكلا (ما يعادل أقل من 20 دولارا)، وللشقيقين 50 شيكلا (ما يعادل أقل من 14 دولارا).
يسمح لأبناء «الشهداء» والأسرى الدراسة مجانا، وكذلك للحالات الاجتماعية المستعصية في ظل انتشار الفقر المدقع. إلا أنه رغم ذلك يشتكي ذوو الطلاب من الظروف الاقتصادية الصعبة خاصة أن الطلاب يحتاجون قرطاسية بمبالغ مالية لكل طالب تصل إلى نحو 100 شيكل (ما يعادل 28 دولارا) أو ما يزيد عن ذلك في بعض الأحيان. وتفرض في بعض الأحيان رسوما على بعض كتب المناهج خاصة ممن لا يملك مناهج جديدة. إلا أنها تستثني من ذلك الحالات الاجتماعية التي تعيش ظروفا صعبة.
في حين أن الطلاب من اللاجئين الفلسطينيين الذين يتلقون تعليمهم في مدارس الأونروا لا يتم إلزامهم بأي رسوم سنوية، ويمنحون كتب المناهج جميعها مجانا. ومنذ سنوات تلجأ الأونروا مع بداية كل عام دراسي لتوزيع 100 شيكل على كل طالب (ما يعادل 28 دورا)، بالإضافة لتوزيع قرطاسية بسيطة على الطلاب.
فيما يدفع طلاب مدارس القطاع الخاص مبالغ مالية كبيرة سواء للرسوم الدراسية السنوية أو المناهج التعليمية التي يتم تسليمهم إليها، وتختلف تلك الرسوم من مدرسة إلى أخرى بسبب المنافسة فيما بينها. ويبلغ عدد الطلاب في كافة المدارس 523880. منهم 243838 يتلقون تعليمهم في مدارس الحكومة بنسبة (46.54 في المائة)، و261657 في مدار الأونروا بنسبة (49.95 في المائة)، و18385 في مدارس القطاع الخاص بنسبة (3.51 في المائة).
ويمثل عدد طلاب المرحلة الأساسية منهم 427523 بنسبة (81.61 في المائة)، من بينهم 153920 في مدارس الحكومة بنسبة (36 في المائة)، و261657 في مدارس الأونروا بنسبة (61.2 في المائة)، و11946 في المدارس الخاصة بنسبة (2.79 في المائة). فيما يمثل عدد طلاب المرحلة الثانوية 96357 بنسبة (18.39 في المائة) من مجمل الطلاب، منهم 89918 في مدارس الحكومة بنسبة (92.33 في المائة)، في حين لا يوجد للأونروا أي مدارس لهذه المرحلة، بينما في القطاع الخاص يدرس 6439 طالبا بنسبة (6.68 في المائة).
فيما يبلغ عدد المعلمين في تلك المدارس 24424. منهم 13368 في مدارس الحكومة بنسبة (54.73 في المائة)، و9618 في مدارس الأونروا بنسبة (39.38 في المائة)، و1438 في مدارس القطاع الخاص بنسبة (5.98 في المائة). ويصل عدد المعلمين في المرحلة الأساسية إلى 18167 بنسبة (74.38 في المائة)، منهم 7620 في مدارس الحكومة بنسبة (41.9 في المائة)، و9618 في مدارس الأونروا بنسبة (52.94 في المائة)، و929 في مدارس القطاع الخاص بنسبة (5.11 في المائة). بينما يصل عددهم في المرحلة الثانوية 6257 بنسبة (25.62 في المائة). منهم 5748 في مدارس الحكومة بنسبة (91.87 في المائة)، و509 في مدارس القطاع الخاص بنسبة (8.13 في المائة). في حين لا يوجد للأونروا أي مدارس لهذه المرحلة.


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند
TT

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

ارتفع عدد الطلاب الأجانب بالتعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي بنسبة 3.4 في المائة؛ أي نحو مليون طالب، وبزيادة تصل إلى 35 ألف طالب عن عام 2016، والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية على تأشيرات الطلاب غير المهاجرين.
وحسب تقرير مؤسسة «الأبواب المفتوحة (أوبن دورز)» الذي نشر في آخر 2017، فإن الزيادة في عدد الطلاب تأتي للمرة السابعة، وإن عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في كليات وجامعات أميركا ارتفع بنسبة 85 في المائة منذ 10 سنوات.
تم نشر تقرير «الأبواب المفتوحة» عن التبادل التعليمي الدولي، من قبل معهد التعليم الدولي الذي يعد من أهم منظمات التبادل الثقافي الرائدة في الولايات المتحدة. وقد «أجرى معهد التعليم الدولي إحصاءات سنوية عن الجامعات حول الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة منذ عام 1919، وبدعم من مكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية منذ أوائل السبعينات. ويستند التعداد إلى استطلاع شمل نحو 3 آلاف من المؤسسات التعليمية المرموقة في الولايات المتحدة».
وحسب التقرير المفصل، فإن هذا العدد من الطلاب الأجانب لا يشكل إلا 5 في المائة من عدد الطلاب الذين يدرسون في قطاع التعليم العالي بالكليات والجامعات الأميركية، حيث يصل مجمل العدد حسب التقرير إلى 20 مليون طالب؛ أي بارتفاع بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المائة عن عام 2007. ويعود سبب الارتفاع إلى ازدياد عدد الطلاب الأجانب وتراجع عدد الطلاب الأميركيين في البلاد منذ أن سجل عدد الطلاب الأميركيين أعلى معدل في عامي 2012 و2013.
وحول أصول الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية، فقد ذكر التقرير أنه للسنة الثالثة على التوالي كان أكبر نمو في عدد الطلاب من الهند، وعلى مستوى الدراسات العليا في المقام الأول وعلى مستوى التدريب العملي الاختياري (أوبت). ومع هذا، لا تزال الصين أكبر دولة من ناحية إرسال الطلاب الأجانب، حيث يبلغ عدد الطلاب في الولايات المتحدة نحو ضعف عدد الطلاب الهنود. لكن ما يؤكد عليه التقرير هو النمو في عدد الطلاب الآتين من الهند.
ومن هنا أيضا فقد وجد التقرير أن 50 في المائة من إجمالي الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة من دولتي الصين والهند.
ووصلت نسبة التراجع لدى الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة إلى 14.2 في المائة، ويعود ذلك، حسب التقرير، إلى حد كبير للتغييرات في برنامج المنح الدراسية للحكومة السعودية الذي يقترب الآن من عامه الرابع عشر.
التراجع الملحوظ في عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، كان من اليابان والمملكة المتحدة وتركيا، وبنسبة أقل من اثنين في المائة لكل من هذه الدول. وإضافة إلى كوريا الجنوبية، فقد انخفض عدد طلاب هونغ كونغ بنسبة 4.7 في المائة. وكانت أكبر نسبة انخفاض بين الطلاب الأجانب من البرازيل، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى 32.4 في المائة. ويعود ذلك أيضا إلى نهاية البرامج الحكومية البرازيلية التي تساعد الطلاب الذين يدرسون في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة.
وحول أسباب التراجع في عدد طلاب هذه الدول بشكل عام، يقول تقرير «أوبن دورز» إنه من المرجح أن تشمل عوامل التراجع مزيجا من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية في هذه الدول؛ «وفي بعض الحالات توسع فرص التعليم العالي في داخل هذه الدول وتراجع عدد السكان».
ويكشف التقرير الأخير أن 25 من أفضل الجامعات الأميركية و10 ولايات أميركية يستقبلون أكبر عدد من الطلاب الأجانب السنة الماضية. وكان على رأس المستقبلين كما هو متوقع ولاية كاليفورنيا، تبعتها ولاية نيويورك، وولاية تكساس في المرتبة الثالثة، وماساتشوستس في المرتبة الرابعة.
ويتضح من التقرير أن 22.4 من مجمل الطلاب الأجانب الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية، جاءوا إلى الجامعات الـ25 الأولى في ترتيب الجامعات التي استقبلت الطلاب الأجانب.
وعلى الصعيد الاقتصادي، وحسب غرفة التجارة الأميركية، فإن لارتفاع عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي؛ إذ ارتفع ما يقدمه هؤلاء الطلاب إلى الاقتصاد الأميركي من 35 مليار دولار إلى 39 مليار دولار العام الماضي. ويبدو أن سبب الارتفاع يعود إلى أن ثلثي الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة يتلقون تمويلهم من الخارج، أي من حكوماتهم وعائلاتهم وحساباتهم الشخصية. ولا تتوقف منفعة الطلاب الأجانب على الاقتصاد؛ بل تتعداه إلى المنافع العلمية والبحثية والتقنية.
وحول الطلاب الأميركيين في الخارج، يقول التقرير إنه رغم التراجع الطفيف في السنوات القليلة الماضية، فإن عدد هؤلاء الطلاب تضاعف 3 مرات خلال عقدين. ووصلت نسبة الارتفاع إلى 46 في المائة خلال العقد الماضي. كما أن عدد هؤلاء الطلاب في الخارج وصل إلى 325.339 ألف طالب لعامي 2015 و2016.
ويبدو أن معظم الطلاب الأميركيين يرغبون بدراسة العلوم والهندسة والرياضيات في الخارج وتصل نسبة هؤلاء الطلاب إلى 25.2 في المائة من إجمالي عدد الطلاب. وبعد ذلك يفضل 20.9 في المائة من هؤلاء الطلاب دراسة إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية.
ولا تزال الدول الأوروبية المحطة الرئيسية للطلاب الأميركيين في الخارج، وقد ارتفع عدد هؤلاء الطلاب بنسبة 3.5 في المائة عامي 2015 و2016. وتأتي على رأس لائحة الدول المفضلة للطلاب الأميركيين بريطانيا، تليها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا التي احتلت المركز الخامس بدلا من الصين العامين الماضيين. كما ارتفع عدد الطلاب الأميركيين في الفترة نفسها في كل من اليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والدنمارك وتشيكيا ونيوزيلندا وكوبا وهولندا. ولاحظ التقرير أيضا ارتفاعا في عدد الطلاب الأميركيين الذين يذهبون إلى دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية للدراسة الجامعية.
ووصلت نسبة الارتفاع في هذه الدول إلى 5.6 في المائة، ووصل عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية إلى 53.105 ألف طالب.
لكن أهم نسب الارتفاع على عدد الطلاب الأميركيين في الخارج كما جاء في التقرير، كانت في اليابان التي سجلت نسبة ارتفاع قدرها 18 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 3 في المائة.
ورغم هذه الارتفاعات في كثير من الدول، خصوصا الدول الأوروبية، فإن هناك تراجعات في عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في بعض البلدان كما يشير التقرير الأخير، ومن هذه الدول كما يبدو الصين التي تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها بنسبة 8.6 في المائة، أما نسبة التراجع في فرنسا فقد وصلت إلى 5.4 في المائة، حيث وصل عدد الطلاب إلى 17.215 ألف طالب، وسجلت البرازيل نسبة كبيرة من التراجع في عدد الطلاب الأميركيين الذين يأتون إليها، ووصلت نسبة هذا التراجع إلى 11.4 في المائة، ووصل عدد الطلاب إلى 3.400 ألف طالب. أما الهند فقد تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها خلال العامين الماضيين بنسبة 5.8 في المائة، ووصلت هذه النسبة إلى واحد في المائة في اليونان التي عادة ما تستقطب الطلاب المهتمين بالميثولوجيا اليونانية والراغبين بدراسة اللغة اليونانية نفسها.
مهما يكن، فإن عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في الخارج لا يزيدون بشكل عام على 10 في المائة من مجمل عدد الطلاب الأميركيين الباحثين عن جامعة جيدة لإنهاء تحصيلهم العلمي قبل دخول عالم العمل والوظيفة.