تونس تدرس بدائل سد عجز موازنة العام المقبل

TT

تونس تدرس بدائل سد عجز موازنة العام المقبل

شرعت الحكومة التونسية منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي في إعداد قانون المالية لسنة 2018، وأقرت عدم الانتداب في القطاع العام وفقا لتوصيات صندوق النقد الدولي، كما قررت عدم سد الشغورات الحاصلة عن الخروج إلى التقاعد، وذلك في نطاق خطة حكومية للضغط على المصاريف والتخفيض في كتلة الأجور خصوصا في القطاع العام.
ومن خلال الملامح الأولية لقانون المالية المتعلق بالسنة المقبلة، فإن حجم الميزانية سيكون في حدود 35 مليار دينار تونسي (نحو 14 مليار دولار أميركي)، من بينها نحو 23 مليار دينار من متحصلات الموارد الجبائية (الضرائب)، وهو ما يعني وفق التقديرات المذكورة أن الحكومة مطالبة بسد فجوة على مستوى ميزانية الدولة مقدرة بنحو 12 مليار دينار.
وهذا المبلغ ستعمل الحكومة على توفيره من خلال اللجوء إلى القروض وخصخصة بعض المؤسسات العمومية، إضافة إلى التصرف ببيع بعض الأملاك المصادرة من رموز النظام السابق.
ومن خلال ما أدرجته وزارة المالية التونسية من إجراءات، فمن المنتظر أن تزيد الضغوط الجبائية لتصل إلى نسبة 22 في المائة من الناتج الإجمالي الوطني، وتسعى كذلك إلى تقليص كتلة الأجور بصفة تدريجية من 14 في المائة حاليا، إلى نسبة 12 في المائة فقط بحلول سنة 2020.
ومن المنتظر أن تعتمد الحكومة سعرا للدولار الأميركي بما لا يتجاوز 2.5 دينار تونسي (حاليا في حدود 2.4 دينار تونسي)، أما اليورو فهو سائر نحو الارتفاع، ويعرف وضعيات متذبذبة، وسعر الصرف حاليا بالنسبة للعملة الأوروبية الموحدة في حدود 2.7 دينار تونسي، وتوقع أكثر من طرف اقتصادي ومالي أن يبلغ حدود ثلاثة دنانير.
وتتطلب عملية تعبئة الموارد المالية الذاتية جهودا مضنية من قبل الحكومة التونسية، سواء على مستوى دعم الاستثمار وتوفير فرص التشغيل، أو على مستوى تحفيز المبادرة الاقتصادية والرفع من النمو الاقتصادي السنوي، ليتجاوز نسبة 3 في المائة حاليا، التي كانت 1.5 في المائة خلال سنة 2016. كما تعمل الحكومة على مقاومة التهرب من الضرائب والحد من مظاهر التجارة الموازية، وهي ملفات مررتها الحكومات التي تعاقبت على السلطة لبعضها البعض دون أن تجد لها حلولا مجدية. على صعيد آخر، كشفت وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي (هيكل حكومي) عن تطور قيمة الاستثمارات الأجنبية الموجهة إلى تونس بنسبة 6.7 في المائة مع نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي، وقدرتها بنحو 1.16 مليار دينار (نحو 450 مليون دولار). وتتوزع هذه الاستثمارات بين نحو 1.1037 مليار دينار على شكل استثمارات أجنبية مباشرة، و54 مليون دينار من الاستثمارات في المحافظ المالية.



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».