تضخم فوق المتوقع في منطقة اليورو يفتح باب «التشدد»

أظهرت تقديرات أولية أمس (الخميس) أن معدل التضخم بمنطقة اليورو ارتفع أكثر من المتوقع في أغسطس (آب) ليصل إلى أعلى مستوياته في أربعة أشهر، وهو ما يعزز التوقعات بأن البنك المركزي الأوروبي سيبدأ التخلي تدريجيا عن سياسته النقدية «شديدة التيسير».
وقدر مكتب الإحصاءات التابع للاتحاد الأوروبي (يورستات) أن أسعار المستهلكين في منطقة اليورو ارتفعت 1.5 في المائة على أساس سنوي في أغسطس، من مستوى 1.3 في المائة في يوليو (تموز)، بما يتجاوز توقعات السوق التي أشارت إلى زيادة نسبتها 1.4 في المائة فقط. وهذه هي أعلى وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي، حين بلغ التضخم 1.9 في المائة، موافقا هدف «المركزي الأوروبي» للتضخم عند أقل قليلا من اثنين في المائة، لكنه لم يستمر سوى لفترة وجيزة.
ومع استبعاد الأسعار المتقلبة للأغذية غير المصنعة والطاقة، وهما أكثر المكونات تقلبا، استقر التضخم عند 1.3 في المائة في أغسطس، متجاوزا توقعات الاقتصاديين عند 1.2 في المائة، في حين أشارت توقعات السوق لانخفاضه إلى 1.2 في المائة. ويحظى هذا المؤشر بمتابعة وثيقة من «المركزي الأوروبي». وزادت منتجات الطاقة أربعة في المائة في أغسطس على أساس سنوي، مقارنة مع زيادة نسبتها 2.2 في المائة في يوليو.
وفي تقرير منفصل، قال «يوروستات» إن معدل البطالة في منطقة اليورو بلغ 9.1 في المائة في يوليو، دون تغيير عن يونيو (حزيران). وبذلك، يظل معدل البطالة عند أدنى مستوياته منذ فبراير (شباط) 2009.
وانخفض معدل البطالة في ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة العملة الموحدة، إلى 3.7 في المائة في يوليو، من مستواه السابق عند 3.8 في المائة في يونيو. بينما ما زالت اليونان تسجل أعلى معدل بطالة في منطقة اليورو المؤلفة من 19 دولة، بل والاتحاد الأوروبي بأكمله، حيث بلغت نسبة البطالة في هذا البلد 21.7 في المائة، تليها إسبانيا بنسبة 17.1 في المائة، ثم إيطاليا بنسبة 11.3 في المائة.
وسجلت أدنى معدلات بطالة كل من جمهورية التشيك بنسبة 2.9 في المائة، وألمانيا 3.7 في المائة، ومالطا بنسبة 4.1 في المائة.
ولم يتغير معدل البطالة في الاتحاد الأوروبي المؤلف من 28 دولة وبلغ 7.7 في المائة، وهو أدنى معدل يتم تسجيله منذ ديسمبر (كانون الأول) عام 2008. بينما على سبيل المقارنة، بلغ معدل البطالة في الولايات المتحدة الأميركية في يوليو الماضي 4.3 في المائة.
وسيعطي ارتفاع التضخم، الذي جاء أكثر من المتوقع، دفعة لهؤلاء الأعضاء من مجلس «المركزي الأوروبي» المفضلين لسياسة «أكثر تشددا»، في ظل تراجع الضغوط الانكماشية التي اختفت بشكل واضح، ولكن يظل ضرورة الحذر مع ارتفاع سعر الصرف الذي قد يدفع معدلات التضخم إلى ما دون 1.5 في المائة مجددا، ومن المتوقع أن يتخذ «المركزي الأوروبي» بدءا من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل إجراءات «تجفيفية بطيئة» لبرنامج التيسير الكمي، الذي يمكن أن يطول إلى النصف الثاني من العام المقبل «إذا لزم الأمر»، ولا يزال من المستبعد رفع سعر الفائدة على الودائع قبل نهاية 2018.
ويفرض ارتفاع اليورو إلى أعلى مستوياته أمام الدولار، تدخل البنك المركزي الأوروبي لتهدئة الأسواق في سبتمبر (أيلول) الحالي، ويفرض الارتفاع المستمر للعملة الموحدة وانكماش أسعار النفط مخاطر سلبية كبيرة على توقعات التضخم في الـ6 أشهر إلى 12 شهرا المقبلة. ومن شأن زيادة مكاسب اليورو على المدى القريب أن تزيد من غموض «المركزي الأوروبي» وربما تأخير صريح أي إعلان عن تخفيف برنامج التيسير الكمي في السابع من سبتمبر الحالي.
وأفادت شركة «يوني كرديت» الإيطالية للخدمات المالية والمصرفية في مذكرة نشرت أمس (الخميس)، أن إشارة البنك المركزي إلى أسعار الفائدة قد يحفف من وتيرة ارتفاع اليورو. وتوقعت يوني كرديت تصاعد المخاطر لارتفاع اليورو إلى 1.20 دولار و1.25 دولار بحلول نهاية هذا العام والعام المقبل على التوالي. في حين أشار بنك «كريدي أغريكول» إلى تساؤلات حول كيفية تخطي رئيس «المركزي الأوروبي» ماريو دراغي «عتبة الألم» بالنسبة لليورو؛ في توصيف لارتفاع العملة المستمر وتأثيرها على الأسواق.
وأكدت «يو بي أس» للخدمات المالية، أن ارتفاع العملة الموحدة «اختبار صبر» لـ«المركزي الأوروبي»، في ظل استهداف البنك معدل تضخم بنحو 2 في المائة، مشيرة إلى أن «وتيرة ارتفاع اليورو يجب أن تشكل مشكلة متزايدة للمركزي الأوروبي، ولن نندهش إذا سمعنا دراغي يذكر ذلك في اجتماع سبتمبر»، وفقا لمذكرة يو بي أس المنشورة أمس.