انهيار مبكر آخر لآرسنال... وغياب مريب لبشائر التغيير

بعد أداء «المدفعجية» الكارثي... هل ما زال من «الستة الكبار»؟

آرسنال وانهيار آخر مدوٍ
آرسنال وانهيار آخر مدوٍ
TT

انهيار مبكر آخر لآرسنال... وغياب مريب لبشائر التغيير

آرسنال وانهيار آخر مدوٍ
آرسنال وانهيار آخر مدوٍ

في خضم السحب الداكنة التي ملأت الأجواء جراء حالة الانهيار المزمن التي أصابت آرسنال على استاد أنفيلد الأحد الماضي، لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن يظهر طوفان من التعليقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي يحاول تقييم مدى بشاعة هذه الفاجعة مقارنة بفواجع أخرى سابقة. وظهرت تساؤلات من عينة: ما مدى سوء النتيجة الأخيرة التي مني بها آرسنال تحديداً؟
هل بالسوء نفسه في هزيمته أمام مانشستر يونايتد بنتيجة 8 - 2؟ أم بالدرجة نفسها لسوء الموسم الذي تعرض آرسنال لمذابح متكررة خلاله على أيدي ليفربول ومانشستر سيتي وتشيلسي؟ أم أنها أسوأ من الهزيمة التي تعرض لها على يد بايرن ميونيخ بنتيجة إجمالية بلغت 10 - 2؟ وهل كانت أسوأ من حالة التداعي التي أصابته على أرضه أمام سوانزي سيتي أو واتفورد أو إستون فيلا؟
هنا تحديداً تكمن مشكلة آرسنال الكبرى، ذلك أن استعراض السنوات الخمس الماضية في محاولة لاختيار الأداء الأسوأ يحمل دلالات خطيرة في حد ذاته. إننا هنا لا نبحث عن هزائم عادية ممكنة الحدوث في أي وقت لأي نادٍ كبير أمام أندية مثل ستوك سيتي أو ويست بروميتش ألبيون، وإنما نبحث عن أسوأ الانهيارات المدوية. وعليه، لا يملك من يتابع هذا البحث سوى التساؤل: إلى متى سيستمر هذا التداعي؟ وإلى أي مدى ينبغي أن تزداد الهزائم بشاعة؟ وكم عدد المرات التي ينبغي تكرار الأخطاء ذاتها قبل أن تظهر داخل النادي رغبة حقيقية في إجراء عملية تطهير وتغيير كاملة والانطلاق في بداية جديدة تماماً؟
وبصورة عامة، يصل عدد مثل تلك الانهيارات المريعة التي تعرض لها آرسنال إلى 20 خلال السنوات الخمس الماضية. وينبئ ذلك عن شعور مقيم داخل النادي بالشلل، وعن نادٍ مصمم على نحو يجعله عاجزاً عن التحرك نحو تغيير مسار ما مهما تمخض عن نتائج مروعة. في الواقع، السجل العام يبدو مريعاً: 20 هزيمة كبرى في غضون 5 سنوات دون أي رد فعل راديكالي من قبل النادي.
من ناحيتهم، تمكن لاعبو آرسنال من الاستجابة للانتكاسات التي منوا بها على النحو المميز لهم، ذلك أنهم عادة ما يستعيدوا اتزانهم بما يكفي للتأهل لبطولة دوري أبطال أوروبا (لم يخفقوا في ذلك سوى مرة واحدة، مايو/ أيار الماضي)، واقتناص بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي 3 مرات من إجمالي 4 محاولات. ومع هذا، غاب عن النادي نمط التغيير الحقيقي العميق القادر على خلق عزيمة في صفوف الفريق تجعله لا يبدو كأن لاعبيه صنعوا من القش المعرض للانهيار الكامل أمام أول هبوب لريح هجومية من جانب أي خصم.
ويتركز القلق الأكبر داخل نفوس المهتمين حقاً لأمر آرسنال حول حقيقة أن التعرض لهذه الهزيمة المدوية على يد ليفربول رغم اعتماد آرسنال على تشكيل قوي بصورة معقولة - وإن كان اتسم بغياب التوازن بين صفوفه على نحو غريب - لا يمثل بالضرورة كارثة أشد من الهزائم المروعة التي مني بها الفريق السنوات القليلة الماضية. وعليه، فإنه إذا لم يشعر مسؤولو النادي بضرورة لتناول القضايا الملحة في أعقاب أي من الكوارث الـ19 السابقة، فما الذي سيدفعهم فجأة إذن للتصرف على نحو مختلف هذه المرة في أعقاب الهزيمة الـ20؟
وينقلنا ذلك بدوره إلى مشكلة كبرى أخرى. على مدار فترة طويلة، تركزت النقاشات المعنية بمشكلات النادي حول أرسين فينغر الذي نال النصيب الأكبر من الانتقادات. في البداية، بدت الإجراءات التي يتخذها فينغر في إطار عمله مدرباً والأخرى التي يتجنبها بمثابة المشكلة الكبرى التي يعانيها النادي والتي يعمد المسؤولون إلى تحاشي تناولها. أما الآن، فقد أصبح هناك سيل عارم من المشكلات التي تعصف بجنبات النادي لا تلقى اهتماماً من المسؤولين، والتي تتفاقم يوماً بعد آخر.
اللافت أن المشكلات التي تواجه آرسنال متعددة الجوانب، على رأسها أن صاحب أسهم الغالبية، ستان كورنكي، لم يبدِ قط اهتماماً بالسيطرة فعلياً على مجريات الأمور داخل النادي. أما الرئيس التنفيذي، إيفان غازيديس، الذي سبقت له الدعوة منذ شهور قلائل إلى «تحفيز التغيير»، فبدا عاجزاً عن أو غير مستعد لتحدي الوضع القائم. وبالنسبة للمدرب، فإنه يتولى قيادة مجموعة من اللاعبين يلعبون بأسلوب يجعل الأمر يبدو كأنهم لا يدركون ما المفترض منهم فعله أو لا يستطيعون فعله أو لا يرغبون في شيء - وذلك رغم خوضهم 3 مباريات فحسب خلال الموسم. واللافت أن الروح المعنوية للفريق أصبحت على درجة متدنية لا تسمح للاعبين حتى بالاضطلاع بالمهام الرئيسية من الناحية التكتيكية.
على الجانب الآخر وخلف الكواليس، ثمة فشل آخر من جانب القسم المعني بالبحث عن المواهب الجديدة والمسؤولين المعنيين بالتعامل مع موسم الانتقالات. حالياً، انتهى تعاقد كثير من اللاعبين هذا الصيف أو سينتهي الصيف المقبل، في الوقت الذي بدا واضحاً للكثيرين أن الصفقات الأخيرة التي أبرمها النادي بناءً على توصيات من شركة «ستات دي إن إيه» للبيانات بهدف منح آرسنال ميزة هجومية، أخفقت في ترك التأثير المرجو، ويسعى فينغر اليوم للتخلص من هؤلاء اللاعبين الجدد. في المقابل، يسعى مسؤولو التسويق والشؤون التجارية في أندية أخرى لإبرام صفقات تبدو جيدة مقارنة بما حققته الأندية المنافسة.
ورغم أن هذا الوضع لا يعتبر صادماً، بالنظر إلى أن السنوات الأخيرة كشفت بوضوح وجود مشكلات أساسية في هيكل النادي والروح المعوية لدى الفريق، فإن الصادم حقاً مدى السرعة التي تجلت بها هذه المشكلات خلال الموسم الحالي.
ويبقى التساؤل الرئيسي: هل بإمكان مسؤولي آرسنال فرض التغييرات اللازمة للتغلب على حالة التداعي التي يعانيها النادي وبث روح النشاط والتألق في جنباته من جديد؟ المؤكد أن هذا لن يكون بالأمر اليسير، وذلك ببساطة لأنه من الواضح أن ثمة عدداً كبيراً للغاية من الأقسام المختلفة داخل النادي تعاني من ضعف الأداء. وعليه، تبقى احتمالات إجراء تغييرات جوهرية داخل النادي ضعيفة. وليس ثمة ما يدعو للاعتقاد بأن تغييراً في منصب المدرب أو الملكية أو الرئيس التنفيذي أو الهيكل العام للنادي على وشك الحدوث.
وخلال الفترة التي سبقت انطلاق الموسم الجديد المثير حتى الآن في الدوري الإنجليزي الممتاز، كان السؤال عن هوية الفريق بين «الستة الكبار» الذين يستطيعون الابتعاد عن البقية والتتويج باللقب. لكن بعد الأداء الكارثي من آرسنال في خسارته برباعية نظيفة أمام ليفربول في أنفيلد، فإن السؤال البديهي هو: هل ما زال هناك 6 أندية كبيرة في الدوري الممتاز؟ ففي الموسم الماضي، الذي عانى خلاله الفريق اللندني ليحتل المركز الخامس، كان الحديث باستمرار عن مستقبل المدرب أرسين فينغر، لكن هذا الأمر كان من المفترض أن ينتهي عندما جدد المدرب الفرنسي عقده لمدة موسمين.
لكن الآن وقبل حتى نهاية أغسطس (آب)، طالبت مجموعة من جماهير آرسنال برحيل فينغر. وأداء الفريق يوحي بأنه ابتلي بمشكلات أعمق من مجرد بداية سيئة في الموسم. ولم تكن النتيجة، رغم أنها سيئة، هي التي أحبطت جماهير آرسنال الوفية، لكن الأداء الكارثي وتعبيرات وجوه اللاعبين والشعور العام بتوعك الفريق هو الذي تسبب في خيبة أملهم. ومن بين انتقادات اللاعبين السابقين والخبراء كان رد فعل بيتر تشك حارس الفريق هو الأبرز.
وقال تشك: «هذا غير مقبول لفريق بحجم آرسنال. يمكن أن تأتي وتخسر 4 - صفر لو كنت تمر بيوم سيء وتقاتل، لكن الحظ لا يساندك لكن ليس كما حدث». وأضاف: «لم نقاتل ولم نتفوق في أي مواجهة فردية وفشلنا في الرد على طريقة لعب المنافس. كان هذا أكثر شيء يثير الإحباط». الأمر الإيجابي الوحيد هو أننا نمتلك الوقت للرد، لأن الوقت ما زال مبكراً. وتابع: «لا أعتقد أن الأمور يمكن أن تصبح أكثر سوءاً».
وكانت هذه أبرز مباراة لآرسنال حتى الآن هذا الموسم وأمام منافس على الرغم من قوته الهجومية يرى كثير من الخبراء أن لديه نقاط ضعف دفاعية. واختار فينغر ترك مهاجمه الفرنسي الجديد ألكسندر لاكازيت على مقاعد البدلاء وإشراك داني ويلبيك مهاجماً وحيداً والاعتماد على التشيلي أليكسيس سانشيز، الذي يمر بمرحلة عدم استقرار، للقيام بدور غير فعال في الجناح. والأداء الخططي لآرسنال كان يليق بفرق وسط الترتيب عندما تلعب خارج ملعبها أمام الفرق الكبيرة، لكنه جاء بلا التزام أو قتال أو ضغط أو ما تقدمه عادة هذه الفرق.
ولم يحاول فينغر تجميل الأداء ووصفه بأنه «كارثي»، لكن لم يشرح السبب وراء ظهور فريقه بهذا الشكل. وقال: «من الصعب الإجابة عن ذلك بعد المباراة. هناك بعض الأسباب، لكن لا أعتقد أنني أملك كثيراً للتعليق عليه الآن».
وكان فينغر يملك فرصة حتى أمس للتخلص من لاعبين لا يريدهم والعثور على بدلاء، لكن دون أي مفاجآت كبيرة في سوق الانتقالات، كما حدث، فسيكون من الصعب أن تستطيع تشكيلة آرسنال الحالية المنافسة على اللقب.
ومع ظهور آرسنال بشكل مختلف عما قدمه إيفرتون من أداء حيوي وشرس في التعادل 1 - 1 مع مانشستر سيتي في المرحلة الثانية، فإنه من الطبيعي التساؤل: هل يستطيع الفريق احتلال أحد المراكز الستة الأولى؟ وبالتأكيد فإن ثنائي مدينة مانشستر بالإضافة إلى ليفربول وتشيلسي أفضل من آرسنال بشكل قاطع.
ويعاني توتنهام هوتسبير هذا الموسم، لكن وصيف البطل في الموسم الماضي من المفترض أن يعود لكي يكون من بين الأربعة الكبار بمجرد تأقلمه على ملعبه المؤقت في ويمبلي. وربما لم يظهر إيفرتون بشكل جيد في هزيمته 2 - صفر أمام تشيلسي، لكن فريق المدرب رونالد كومان أظهر أنه يملك التشكيلة القوية التي تجعله ينافس حقاً على المركز السادس.
ويملك آرسنال مواهب هجومية، لكن بلا حماية في خط الوسط والتنظيم والقوة في الدفاع، ويبدو أنه في طريقه لموسم محبط آخر. ومن الصعب عدم التساؤل: هل كان قرار تجديد عقد فينغر لتفادي الإصلاح الحتمي والتغييرات التي كانت ستدخل بعد رحيله؟ وأكبر سؤال على الإطلاق هو: هل إدارة آرسنال وخصوصاً الأميركي ستان كرونكي صاحب حصة الأغلبية مستعدة للقيام بهذه التغييرات والمنافسة الحقيقية في سوق الانتقالات وفي كل المستويات الأعلى ضد «الخمسة الكبار»؟.
وبعد أداء آرسنال الصادم أمام ليفربول، وجه لاعبون سابقون انتقادات كثيرة للفريق اللندني الذي وصفه تيري هنري هداف النادي عبر العصور بأنه «لا يمكن مشاهدته». وتأخر فريق المدرب فينغر 2 - صفر في الشوط الأول وكان يمكن أن تكون النتيجة أكبر لولا الحارس تشك. وقال هنري، الذي يعمل الآن ناقداً في شبكة «سكاي سبورتس» التلفزيونية، إنه أشاح بوجهه في إحدى لحظات المباراة.
وأضاف المهاجم الفرنسي السابق الذي أحرز 228 هدفاً مع آرسنال: «كان لا يمكن مشاهدته.. في لحظة معينة كنت أريد الرحيل. لا يربطني أي شيء بهذا الفريق وأعتقد أن كثيراً من المشجعين كذلك. هذه مشكلة». وتابع هنري الفائز بلقبين في الدوري مع آرسنال: «هذا مؤلم. الأمر يتعلق بكيفية الخسارة. هذا يحدث دائماً. شاهدنا ذلك من قبل. كل ما نشاهده يذكرني بما حدث في آخر 10 سنوات».
وقال لي ديكسون ظهير آرسنال السابق الذي يعمل في شبكة «إن بي سي» التلفزيونية الأميركية، إنه أسوأ أداء قدمه الفريق اللندني منذ اعتزاله في 2002. وأضاف: «ما حدث كان بائساً. ما حدث كان مخجلاً. كنت أشعر بالخجل وأنا أعلق على المباراة. الأداء كان سيئاً. المنافس تفوق علينا في خط الوسط والخطة كانت سيئة من أرسين... اللاعبون لم يقدموا أي شيء. كنا سيئين في كل جوانب المباراة». وتابع: «لو لم يقدم اللاعبون الكبار الأداء المنتظر، فهذا يعني أنهم متواضعون».


مقالات ذات صلة

أرتيتا: نوانيري يمنح آرسنال «كل الأسباب» للاستعانة به

رياضة عالمية إيثان نوانيري (أ.ب)

أرتيتا: نوانيري يمنح آرسنال «كل الأسباب» للاستعانة به

اعترف ميكيل أرتيتا، المدير الفني لفريق آرسنال، بأنه أصبح من الصعب مقاومة إغراء الدفع باللاعب الشاب إيثان نوانيري رغم سباق المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كايل ووكر (أ.ف.ب)

كايل ووكر منزعج من كبوة مانشستر سيتي

شدّد كايل ووكر، مدافع مانشستر سيتي، على ضرورة التخلص من هذه الهزيمة، والتركيز على الأساسيات بعد الخسارة صفر - 4 أمام توتنهام في الدوري الإنجليزي الممتاز، السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية الحزن كان واضحاً على لاعبي السيتي (أ.ب)

كيف أذهل توتنهام مانشستر سيتي؟

في نهاية أسبوعين غريبين بالنسبة لتوتنهام هوتسبير، ستكون الصورة المميزة هي أنجي بوستيكوغلو، وهو يرفع قبضته منتصراً في الهواء على خط التماس في «ملعب الاتحاد».

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية بيب غوارديولا (إ.ب.أ)

غوارديولا: كرة القدم مزاج... علينا استعادة الثقة قبل مواجهة فينورد

تعهد الإسباني بيب غوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي بأن يعمل ولاعبوه بجد لإنهاء سلسلة الهزائم المتتالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية روبن أموريم (أ.ف.ب)

أموريم مدرب يونايتد: سأكون صارماً عندما يتطلب الأمر

يُعرف روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد الجديد بقدرته على التواصل مع اللاعبين وهو أمر يقول كثيرون إن سلفه إريك تن هاغ كان يفتقده.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».