«داعشيان» من العراق وسوريا يرويان رحلتيهما مع التنظيم

«الشرق الأوسط» زارت مقر مكافحة الإرهاب في أربيل

«داعشيان» من العراق وسوريا يرويان رحلتيهما مع التنظيم
TT

«داعشيان» من العراق وسوريا يرويان رحلتيهما مع التنظيم

«داعشيان» من العراق وسوريا يرويان رحلتيهما مع التنظيم

راودني شعور غريب وأنا أجلس في مقر مكافحة الإرهاب في أربيل، وسط مئات من «الدواعش» الموزّعين على غرف السجن وزنزاناته. شعرت بإثارة كنت أعتقد أنها تصيب الصحافي المبتدئ وحده. لكنها أمراض المهنة وفي طليعتها الفضول الجارف. في الصباح كنت في مقر إقليم كردستان أحاور رئيسه مسعود بارزاني عن مستقبل الأكراد والعراق والتبعات الإقليمية لاستقلال أكراد العراق. وفي المساء وجدتني أستجوب معتقلين عن ظروف التحاقهما بتنظيم داعش.
في المقر مئات من المعتقلين غالبيتهم من العراقيين ثم السوريين، إضافة إلى عدد من جنسيات أخرى. مر فيه فرنسيون سُلّموا إلى حكومتهم. وسويديون سلّموا أيضاً إلى سلطات بلادهم. ولا يزال في المبنى ثلاثة من «الدواعش» الأميركيين أصحاب الخبرة في المجال الإلكتروني، أضيف إليهم حديثاً «صيد ثمين طازج» هو «داعشي» غير عربي وقع في قبضة البيشمركة أثناء محاولته الفرار من العراق إلى سوريا وقد كان له دور بارز في إدارة المعارك.
يخضع المعتقلون للتحقيق ويسلّمون إلى بلدانهم حين يكون ذلك متاحاً. أما الذين ارتكبوا جرائم على أرض الإقليم فيحالون على المحاكمة. ويتلقى المعتقلون زيارات دورية من الصليب الأحمر الدولي ومنظمات إنسانية وتوفّر لهم عناية طبية.
ساهمت اعترافات المعتقلين في كشف أشياء كثيرة عن «داعش» وأسلوب عمله وطريقته في التجنيد والترهيب وتنفيذ الأحكام. وهي كشفت عن أن التنظيم كان يعد مجموعات للتحرك لاحقاً في حال سقطت معاقله بأيدي القوات المهاجمة. لهذا هناك من يتوقع أن يستمر التنظيم في شن هجمات إرهابية في المنطقة والعالم.
شملت التدريبات للمرحلة المقبلة كيفية التصرف في المطارات وتزوير الجوازات والاختفاء في المدن وشراء المواد الضرورية لصنع المتفجرات فضلاً عن رصد الأهداف وتحديد ساعة الصفر للتنفيذ. وأوحت روايات المعتقلين أن العالم قد يشهد موجة أخرى من الإرهاب «ما لم يعالج وضع السنة في العراق وكذلك في سوريا».
تحدث معتقلون عن خيوط إقليمية تدير «داعش» أو تُحرّك أقساماً منه أو تؤثر عليه. لفت هؤلاء إلى علاقات غامضة على الحدود التركية - السورية. ولفتوا إلى أن «القاعدة» كانت حتى في أيام «أبو مصعب الزرقاوي» تقيم علاقات مع إيران عبر «والي ديالى» وأن هذه العلاقة استمرت في زمن «داعش».
وكشفت التحقيقات عن أن «أبو أيوب المصري» الذي خلف الزرقاوي كان وراء فكرة استقطاب أصحاب اختصاص. كما أوضحت أن فكرة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» انطلقت على يد ضباط عملوا في جيش صدام حسين «وانضموا إلى المقاومة و(القاعدة) و{داعش} رداً على السلوك الطائفي للحكم الجديد في بغداد». وعلم من إفادات المعتقلين أن فكرة الخلايا في المدن بدأت حين كلّف صدام ضابطاً يعرف بـ«الحاج سمير» في 1990 بإنشاء خلايا في المدن والمحافظات لتتولى المقاومة في حال سقوط بغداد في حرب الخليج الأولى. وقالوا إن «داعش» أفاد كثيراً من انضمام عسكريين إليه أصحاب خبرة في الأمن والاستخبارات والتصنيع العسكري.
حاورت في المقر «داعشياً» من العراق وآخر من سوريا، طلبا عدم نشر صورتيهما لكنهما وافقا على التقاط صور لهما بجوالي لأرشيفي الشخصي، وتخوّفا من عواقب نشر اسميهما الصريحين على عائلتيهما واتفقنا على الاكتفاء بالحروف الأولى.
حاورت الرجلين في مكتب بالمقر وبحضور حارسين.
دخل ن. أ وألقى التحية. إنه عربي من مواليد 1990 في عامودا، قرب القامشلي السورية. تلقى علومه في الرقة وانتسب بعد البكالوريا في الفرع العلمي إلى معهد فني - مساحة. وقال: «أنا من عائلة تتشكل من أربعة شبان وأربع فتيات. قطعت دراستي بسبب اندلاع الثورة. شاركت في المظاهرات السلمية في البداية على أمل تغيير النظام الذي أعتبره مستبداً وفئوياً. لم أكن بعثياً وإن كانوا سجلونا في الحزب أوتوماتيكيا طلابا».
وأضاف: «عندما تحوّلت المواجهة عسكرية قاتلت في الرقة في صفوف الجيش الحر وكان خالي المسؤول المباشر عني. بعدها أخرج الجيش الحر من المحافظة فالتحقت بـ(داعش)». وقال: «التحقت لأنني أريد مواصلة القتال ضد النظام. ثم لأن {داعش} طرحت نفسها مدافعا عن السنة ضد وحشية النظام. وكذلك للحصول على راتب وكنت أتقاضى 50 دولاراً شهرياً. في البداية كان المسؤول عنا أبو علي الشايب ولاحقاً جاء آخرون. أمضيت ثلاث سنوات مع (داعش) شاركت خلالها في عمليات ضد الجيش الحر في ريف الرقة».
وأضاف: «أخضعت لدورات إعداد ديني كانت تركّز على التوحيد والجهاد وقتال الكفار والروافض والجيش السوري. وأخضعت لدورة عسكرية دربوني خلالها على السلاح الفردي وعلى إطلاق القذائف والرمي بالدوشكا. لم يكن السوريون متشددين أصلاً. كرههم للنظام وعمليات التدمير التي كان يقوم بها دفعت كثيرين إلى أحضان (داعش). وخلال الفترة رأيت مقاتلين من جنسيات مختلفة. من الشيشان وأوروبا والمغرب والجزائر والخليج. لاحظت أن المقاتلين يكنون ولاء غير محدود للبغدادي وأن سلوك المقاتلين الأجانب يتميز بالعنف الشديد».
وروى: «في العام الماضي طلب مسؤول من خمسة منا التسلل إلى إقليم كردستان العراق في مهمة أمنية. دوري الشخصي كان أن أتقرب من البيشمركة وأكسب ثقتهم وأعدهم بتزويدهم معلومات عن الرقة على أن أتحوّل عميلاً مزدوجاً مهمته التجسس على البيشمركة. وقعنا في كمين في منطقة الحدود واعتقلنا في أغسطس (آب) الماضي، أي قبل سنة».
نفى أن يكون شارك في أي عمليات ذبح وقال إنه كان يتفادى الذهاب إلى ساحات تنفيذ الأحكام لكنه شاهد مرة قرب بيت عمه جثتين لشخصين اتهما بتشكيل خلية تابعة لـ«الجيش الحر». قال إنه نادم على الالتحاق بـ«داعش» لكنه غير نادم على مقاتلة النظام. أكد أنه غير قادر على العودة إلى سوريا في حال الإفراج عنه ويفضّل الالتحاق بشقيقه الطبيب في تركيا ليشكل عائلة هناك.
قبل المغادرة تمنى علي ألا أنشر صورته أو اسمه كاملاً «فلا {داعش} يرحم ولا النظام يرحم»، فأكدت له واكتفينا بلقطة «سيلفي» وداعية.

«الداعشي» الآتي من تلعفر
دخل «ج. و» مستغرباً بعض الشيء. ألقى التحية وجلس. قال: «أنا من سكان بغداد لكن أصلي من قضاء تلعفر. من مواليد فبراير (شباط) 1986. درست في بغداد حتى المرحلة المتوسطة ثم عملت مع والدي في شركة تجارة أجهزة كهربائية. شهدنا في بغداد ما تعرّض له السنة خصوصاً في سنوات حكم نوري المالكي من تمييز واغتيالات وتهميش. تصوّر أنني لم أكن أجرؤ على الخروج وقد عشت في الكرادة ومناطق أخرى. زوّرت بطاقة باسم نبراس آزاد وأوحيت أنني مسيحي كردي وصرت أتجول بها. في هذا الجو من الخوف والتصفيات وأنباء العثور على جثث، شجعني شقيقي صفاء على الالتحاق بـ(داعش) وهو سبقني في هذا الطريق وهكذا كان».
وأضاف: «التحقت بالتنظيم في 2015 في تلعفر وانتميت إلى خلية. اعتبرت جندياً في البداية ثم تحولت إدارياً يخدم في كتيبة. وفي تلعفر شاهدت مقاتلين من تركيا وطاجيكستان وأذربيجان والشيشان فضلاً عن أوروبيين وآخرين من منطقة المغرب العربي وبعض الخليجيين».
وتابع: «أنا نادم لأنني خُدعت كما خدع كثيرون غيري. اعتبرنا أن السنة يتعرضون لمحاولة اقتلاع وأن (داعش) سيدافع عنهم خصوصاً بعدما صارت بغداد محكومة بميليشيات طائفية إيرانية الهوى. واكتشفنا لاحقاً عن أن (داعش) أخطر أداة لتدمير السنة وأن عمليات الإفراج عن الإسلاميين من سجون عراقية وسورية كان الغرض منها تمكين (داعش) من التوسع لاستخدام ذلك لاحقاً ذريعة للتدمير والتهجير والقتل. كل الخسائر البشرية والمادية وقعت في مناطق السنة».
واتهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بأنه «تعمّد دفع السنة إلى أحضان {داعش} لتنفيذ ثأر قديم يرمي إلى تغيير طبيعة بغداد والعراق وتدمير المناطق السنية وهذا ما حصل أخيراً في العراق. وقع بعض السنة في الفخ لاعتقادهم أن (داعش) قد يرد الميليشيات الشيعية عنهم كما التحق آخرون بسبب التطرف الديني أو ضمان الرواتب أو الزواج المتكرر ووعود الجنة».
قال إن «العيش في ظل (داعش) فظيع وكئيب وإنهم يعاقبون الناس بلا رحمة ولا يقبلون أقل من الطاعة الكاملة. تصوّر أن رجلاً مسناً حاول العبور بعائلته إلى إقليم كردستان هرباً من العنف والجوع فقتلوه على الفور لأنه ذاهب إلى الكفار كما قالوا».
سلّم نفسه إلى سلطات الإقليم قبل خمسين يوماً وقال إنه لا يعرف شيئاً عن شقيقه «الداعشي» الذي كان يعمل عسكرياً في دوريات التنظيم. وكشف عن أن أمه زارته في المعتقل ونقلت إليه تهديداً من عمه «الداعشي» بتصفيته في أول فرصة.
وأشاد بالمعاملة التي يلقاها في الإقليم آملاً في أن يبقى فيه يعد الإفراج عنه و«كي لا أضطر إلى اللجوء إلى أجزاء من أرض العراق بلد الشقاق والنفاق».
إنها مجرد قصص صغيرة من بحر من الآلام أطلقه «داعش». استوقفني الكلام أن نسخة جديدة من «داعش» قد تولد لاحقاً ما لم تقم دول تتسع لكل مكوناتها.


مقالات ذات صلة

إندونيسيا تدرس تخفيف عقوبات السجن لـ180 عضواً سابقاً بـ«الجماعة الإسلامية»

آسيا استنفار أمني إندونيسي عقب عملية إرهابية (متداولة)

إندونيسيا تدرس تخفيف عقوبات السجن لـ180 عضواً سابقاً بـ«الجماعة الإسلامية»

تعتزم وكالة مكافحة الإرهاب في إندونيسيا التوصية بتخفيف عقوبات السجن لأعضاء «الجماعة الإسلامية» السابقين المسجونين.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا )
آسيا آصف علي زرداري (أرشيفية)

الرئيس الباكستاني يتعهد باستئصال الإرهاب من البلاد

أدان بشدة الرئيس الباكستاني، آصف علي زرداري «الهجوم الإرهابي الذي شهدته نقطة تفتيش في وزيرستان الجنوبية».

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد )
أفريقيا جنود فرنسيون يؤمِّنون المنطقة التي هاجمها انتحاري عند مدخل مدينة غاو شمال مالي في 10 فبراير 2013 (أ.ب)

مقتل أكثر من 20 مدنياً في هجمات على قرى بوسط مالي

قال مصدران إن مسلحين يشتبه بأنهم متشددون قتلوا أكثر من 20 شخصاً، في سلسلة من الهجمات على قرى في منطقة موبتي بوسط مالي، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (باماكو )
مدخل مكتب قناة «آرزو» التلفزيونية في كابل (صورة أرشيفية)

كابل: إطلاق سراح 7 موظفين في قناة تلفزيونية تحت إشراف قضائي

أُطلق سراح 7 موظفين في قناة تلفزيونية أفغانية أوقفتهم سلطات «طالبان» مطلع ديسمبر، ووضعوا تحت إشراف قضائي.

«الشرق الأوسط» (كابل)
آسيا ضابط شرطة باكستاني يحمل مدفعاً رشاشاً مشاة عيار 12.7 ملم يتخذ موقعه على سطح مركز شرطة سارباند في ضواحي بيشاور يوم 9 فبراير 2023 (إ.ب.أ)

مقتل 17 جندياً باكستانياً أثناء إحباط مهاجمة مسلحين نقطة تفتيش بمقاطعة وزيرستان

قُتل 17 من أفراد قوات الأمن الباكستانية، أثناء إحباط مهاجمة مجموعة من المسلحين نقطة تفتيش، في منطقة ماكين، بمقاطعة وزيرستان الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (روالبندي - بيشاور (باكستان))

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
TT

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)

استمراراً للحملة التي يقودها منذ قرابة عام للحد من قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن، أعلن الجيش الأميركي تدمير منشأة للصواريخ ومنشأة أخرى للقيادة والسيطرة في صنعاء، ليل السبت - الأحد، قبل أن يؤكد تحطم أولى مقاتلاته منذ بدء الحملة، بنيران صديقة ونجاة الطيارين.

وتشن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إلى جانب الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وأفاد سكان صنعاء، حيث العاصمة اليمنية المختطفة، بدوي انفجارات ضخمة جراء الغارات التي ضربت منطقة عطان التي يعتقد أنها لا تزال تضم مستودعات للصواريخ الحوثية، وكذا معسكر الحفا الواقع بالقرب من جبل نقم شرق المدينة.

وأقرت الجماعة الحوثية بتلقي الضربات في صنعاء، وبتلقي غارة أخرى ضربت موقعاً في جبل الجدع التابع لمديرية الحديدة شمال محافظة الحديدة الساحلية، دون الحديث عن آثار هذه الضربات.

ومع وجود تكهنات باستهداف عناصر حوثيين في منشأة السيطرة والتحكم التي قصفتها واشنطن في صنعاء، أفادت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نفذت غارات جوية وصفتها بـ«الدقيقة» ضد منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة قيادة وسيطرة تديرها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في صنعاء.

وأوضح البيان الأميركي أن القوات نفذت ضرباتها في صنعاء بهدف تعطيل وتقليص عمليات الحوثيين، مثل الهجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

إسقاط صاروخ ومسيّرات

خلال العملية نفسها، قالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها أسقطت كثيراً من الطائرات الحوثية من دون طيار الهجومية أحادية الاتجاه وصاروخ كروز المضاد للسفن فوق البحر الأحمر، وأشارت إلى أن العملية شاركت فيها قوات جوية وبحرية، بما في ذلك طائرات من طراز «إف 18».

وتعكس الضربة - بحسب البيان - التزام القيادة المركزية الأميركية المستمر بحماية أفراد الولايات المتحدة وقوات التحالف والشركاء الإقليميين والشحن الدولي.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وفي وقت لاحق، قالت القيادة المركزية الأميركية في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه تم إسقاط إحدى مقاتلاتها من طراز «إف 18» فوق البحر الأحمر، صباح الأحد (بتوقيت اليمن)، عن طريق الخطأ، ما أجبر طياريها على القفز بالمظلة.

في غضون ذلك زعم الحوثيون أنهم أفشلوا الهجوم الأميركي واستهدفوا حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» وعدداً من المدمرات التابعة لها باستخدام 8 صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيّرة. وبحسب ادعاء المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أسفرت العملية عن إسقاط طائرة «إف 18» أثناء محاولة المدمرات التصدي للمسيّرات والصواريخ، كما زعم المتحدث الحوثي أن حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» انسحبت بعد استهدافها من موقعها السابق نحو شمال البحر الأحمر، بعد تعرضها لأكثر من هجوم من قبل القوة الصاروخية والقوات البحرية وسلاح الجو المسيّر التابع للجماعة.

وإذ تعد هذه أولى مقاتلة تخسرها الولايات المتحدة منذ بدء غاراتها على الحوثيين في 12 يناير (كانون الثاني) 2024، أكدت القيادة المركزية أنه تم إنقاذ الطيارين الاثنين، وأصيب أحدهما بجروح طفيفة بعد «حالة إطلاق نيران صديقة على ما يبدو»، ولا يزال ذلك قيد التحقيق.

سفينة مدمرة في موقع ضربته القوات الإسرائيلية بميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون (أ.ف.ب)

وذكر البيان أن الطائرة المقاتلة من طراز «إف إيه 18 هورنت» كانت تحلق فوق حاملة الطائرات «هاري إس ترومان»، وأن إحدى السفن المرافقة لحاملة الطائرات، وهي الطراد الصاروخي جيتيسبيرغ، أطلقت النار عن طريق الخطأ على الطائرة وأصابتها.

وكانت واشنطن أنشأت ما سمته تحالف «حارس الازدهار» في ديسمبر (كانون الأول) 2023 للتصدي لهجمات الحوثيين البحرية، وإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن، لكن ذلك لم يحل دون إيقاف هذه الهجمات التي ظلت في التصاعد، وأدت إلى إصابة عشرات السفن وغرق اثنتين وقرصنة ثالثة، إلى جانب مقتل 3 بحارة.

ومع تصاعد الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، وكان آخرها صاروخ انفجر في تل أبيب، وأدى إلى إصابة 23 شخصاً، يتخوف اليمنيون من ردود انتقامية أكثر قسوة من الضربات السابقة التي كانت استهدفت مواني الحديدة ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة (الخميس الماضي) استهدفت إلى جانب المواني محطتي كهرباء في صنعاء.

وفي أحدث خطبه، الخميس الماضي، قال زعيم الحوثيين إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1147 صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً وطائرة مسيَّرة، فضلاً عن الزوارق المسيّرة المفخخة.

كما تبنى الحوثي مهاجمة 211 سفينة مرتبطة بمن وصفهم بـ«الأعداء»، وقال إن عمليات جماعته أدّت إلى منع الملاحة البحرية لإسرائيل في البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، وعطّلت ميناء إيلات.