قطاع العقارات السعودي يخضع للعرض والطلب... والانخفاض يطال أسعار الأراضي

بدأت السوق العقارية السعودية دخول مرحلة جديدة من التغيرات التي تلامس مستويات الطلب، والعرض، وتلامس في الوقت ذاته مستويات الأسعار؛ إذ أصبح قطاع العقارات في البلاد يخضع لقوى موازين العرض والطلب.
ودفع خضوع السوق العقارية السعودية لموازين العرض والطلب، مستويات الأسعار إلى التراجع بمعدلات تصل إلى 20 المائة خلال النصف الأول من العام الحالي 2017، مقارنة بما كانت عليه الأسعار في النصف الأول من عام 2016. جاء ذلك بحسب المؤشرات العقارية المحلية.
وفي هذا الخصوص، أبدى مختصون في القطاع العقاري السعودي ثقتهم في أن تنجح منظومة الإسكان في السعودية في تعزيز مستويات العرض، وخفض معدلات الأسعار؛ مما يساهم بالتالي في زيادة معدلات تملك المواطنين للمساكن.
وفي هذا الشأن، أدى انخفاض صفقات الأراضي بأنواعها، إلى فقدان القطاع العقاري السعودي 19 في المائة من إجمالي قيم الصفقات المحلية في الأسبوع ما قبل الماضي، وذلك بعد انخفاض زاد على 34 في المائة الأسبوع الذي سبقه.
وتعكس هذه الأرقام حجم التغيرات الراهنة التي تحيط بسوق العقارات السعودية، حيث لا تزال السوق المحلية غير قادرة حتى الآن على استيعاب حجم الإجراءات والقرارات التي تم تطبيقها خلال الأشهر القليلة الماضية، والتي يأتي على رأسها فرض رسوم على الأراضي البيضاء في البلاد.
في هذا السياق، أكد المهندس محمد الدحيم، المستشار في الشؤون المالية والعقارية، أن السوق العقارية السعودية تمر حالياً بمرحلة «ركود» ملحوظة، وقال: «أصبح حجم الصفقات في حقيقة الأمر أقل من المأمول، كما أصبحت أعداد هذه الصفقات لا تشجع المستثمرين العقاريين على التطوير والاستثمار، وهذا أمر غير صحي؛ إذ إن قطاع العقارات على مستوى العالم أجمع هو قطاع نابض وحيوي، وبحركته تتحرك بقية القطاعات».
وأوضح المهندس الدحيم، أن الحالة التي تمر بها السوق العقارية السعودية هي حالة «وقتية» لن تدوم، مضيفا: «تفاقم أسعار الأراضي وبلوغها مستويات غير منطقية، جعلنا أمام قدرة شرائية لا تستطيع أن تواكب هذه الأسعار، وهو ما يدفعنا للقول إن الأسعار الحالية للأراضي تحتاج إلى تصحيح».
وتابع المهندس الدحيم حديثه قائًلا: «من مصلحة الجميع أن تكون أسعار الأراضي من الممكن استيعابها والتعامل معها، حيث إن تحقيق ذلك سيساهم في زيادة أعداد الصفقات العقارات، ويساهم في تحريك السوق، ويدفع المطورين إلى زيادة الاستثمارات، مما يزيد بالتالي من حجم المعروض، ويخفّض الأسعار».
وأوضح المهندس الدحيم، أن شركات التطوير العقارية السعودية تستطيع أن تنفذ معظم مشروعات الإسكان في البلاد، وقال: «لدينا شركات على مستوى عال من الكفاءة، لكن الأهم هو توظيف هذه الشركات التوظيف الصحيح، بما يحقق الإضافة الإيجابية للسوق العقارية».
من جهة أخرى، أوضح يوسف الحربي، وهو مسوّق عقاري في العاصمة الرياض، أن حجم الطلب المتراجع ساهم في خفض الأسعار بنسبة تصل إلى 20 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، جاء ذلك بالمقارنة مع النصف الأول من العام 2016.
وتوقع الحربي خلال حديثة في هذا الخصوص، أن تنجح منظومة الإسكان في تعزيز مستويات العرض، وخفض الأسعار؛ مما يساهم بالتالي في زيادة معدلات تملك المواطنين للمساكن.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي بات فيه المقيمون العقاريون في السوق السعودية على أعتاب تحقيق أدوار فعلية لإعادة التوازن للسوق المحلية، يأتي ذلك بعد أن مرت سوق العقارات في البلاد بموجة سريعة من تضخم الأسعار، بلغ مداها نحو 500 في المائة، خلال 10 سنوات فقط؛ وهو الأمر الذي ولّد أزمة ملحوظة في قطاع الإسكان.
وتعمل السعودية بشكل جاد على إنهاء ملف أزمة الإسكان من خلال حزمة من البرامج والحلول، فيما يأمل العاملون في القطاع العقاري، بأن تكون لهم إسهامات بارزة في معالجة ملف الإسكان، والدخول في شراكات عملية ومثمرة مع وزارة الإسكان في البلاد.
وتأتي هذه التطورات، في الوقت الذي أكد فيه وزير الإسكان السعودي، ماجد الحقيل، أن هيئة تقييم العقار ستلعب دوراً كبيراً في دعم القطاع، عبر الحلول التمويلية المطروحة، مشدداً على أهمية أن تكون هنالك «عدالة في التقييم العقاري».
وأضاف الحقيل خلال حديث له في وقت سابق، أن «إقامة مؤتمر (واقع ومستقبل مهنة التقييم العقاري) في المملكة الذي تنظمه الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين، يتيح لنا مناقشة مجموعة من المحاور التي تُعنى بهذا القطاع المهم، خصوصاً أنه مؤثر في جميع القطاعات، ومنها الصناعات المالية والاستثمارية، والمنتجات العقارية، وأيضاً المجتمع».
وتابع الحقيل: «الكل يترقب نظام الرهن العقاري، وتفعيله وآلياته، ومن دون التقييم العقاري لن يكون لهذا النظام أي فاعلية»، مضيفا: «لا شك أن التقييم سيساعد على جذب الاستثمارات داخلياً وخارجياً، خصوصاً مع توجه الدولة لتوفير البيئة القانونية والمناخ الاستثماري الذي يحفظ الحقوق لكل الأطراف».
وأشار وزير الإسكان إلى أن «نجاح هيئة التقييم سيساعد في الحد من الممارسات الفردية الخاطئة التي شهدناها في السوق السعودية، وتأثر كثيراً بها القطاع العقاري، وعدد كبير من الصناعات»، لافتاً إلى أن نجاح هيئة التقييم سيكون من خلال عمل محترف يساعد في كسب الثقة للقطاع العقاري، ويساعد في تأسيس قاعدة بيانات حول أسعار الماضي والتضخم، بهدف التخطيط المستقبلي.
وتأتي هذه المعلومات في الوقت الذي شدد فيه وزير الإسكان السعودي في وقت سابق على أن استراتيجية وزارته تنص على توفير المسكن المناسب للمواطن، بعيداً عن أي أهداف أخرى تتعلق بالسوق ومستويات الأسعار، مبيناً أن الطريقة الأفضل لخفض مستويات الأسعار، تتعلق برفع معدلات العرض حتى تفوق مستويات الطلب.
يشار إلى أن السكن في السعودية، بات في ظل تفاقم أسعار الأراضي سلعة من الصعب شراؤها والتعامل معها من قبل متوسطي الدخل ومن هم دون ذلك، إلا أن التحرك الحكومي الجاد نحو رفع معدلات تملك المواطنين للمساكن، عبر تقديم منتجات سكنية مناسبة للمواطنين، بات هو التحرك المناسب لهذه المرحلة.