السودان يطرح ضمانات للمستثمرين لتمويل مشروعات السكن الريفي

مع اقتراب موعد الرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، والتوقعات بتدفقات استثمارية من قبل شركات العقارات والمقاولات العالمية، أعلنت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في السودان، أمس، تسهيلات وضمانات لاستقطاب مؤسسات التمويل الخارجي، لتنفيذ مشروعات الإسكان الريفي وسكن الفقراء في البلاد.
ووجهت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي الجهات المعنية كافة بتسهيل الإجراءات كافة لاستقطاب التمويل الخارجي والداخلي، كما وجهت بنك السودان المركزي بضخ المزيد من التمويل العقاري للبنوك التجارية، وبخاصة البنك العقاري التجاري السوداني، الذي تقرر زيادة رأسماله ليكون الذراع التمويلية للصندوق القومي للإسكان الذي يقود ويدير قطاع الإسكان والسكن في البلاد.
وقال الفريق ركن أول الدكتور محمد عثمان الركابي، وزير المالية والتخطيط الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة صندوق الإسكان السوداني، إن حكومته تسعى جاهدة للتوسع في السكن الريفي بغرض توفير سكن مناسب للمواطن بوصفه أهم مطلوبات استقرار الأسر.
وتعهد الوزير لدى ترؤسه اجتماع مجلس إدارة الصندوق القومي للإسكان والتعمير، أول من أمس في الخرطوم، بالسعي لتوفير تمويل خارجي وضمانات للاستثمارات الخارجية والداخلية؛ لتنفيذ خطة الدولة للتوسع في الإسكان الريفي وسكن الفقراء بالمركز والولايات، مؤكداً الدعم الحكومي للصندوق ودفع العمل فيه لتوفير الإسكان بوصفه أهم مطلوبات الأسر.
ووفقا للدكتور غلام الدين عثمان، الأمين العام للصندوق القومي للإسكان والتعمير، فإن الصندوق نفذ أكثر من 100 ألف وحدة سكنية على مستوى المركز والولايات عبر محافظ بشراكة مع البنوك المختلفة بالولايات، مؤكداً سعي الصندوق لمواصلة انتشاره بالولايات رغم المعوقات التي تعترضه، ومن بينها عدم توفر الضمانات الكافية للتمويل الخارجي، والتي تعهدت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بتقديم الضمانات اللازمة للشركات الراغبة في الاستثمار العقاري في السودان.
وأشار الأمين العام للصندوق، إلى أن توجيهات وزير المالية تتزامن مع خطة الصندوق لتنفيذ مشروعات للسكن الريفي المنتج وتطبيق نماذج للسكن التعاوني والادخار السكني، وذلك بالاستفادة من تجارب الدول الشقيقة والصديقة، وبخاصة التي تستخدم تقنيات بدائل مواد البناء.
وأضاف، أن الصندوق يعتزم كذلك توفير المأوى الذي يساهم في توفير فرص عمل لكسب العيش، والتي ترتبط بمشروعات إنتاج زراعي وحيواني.
وأشار الأمين العام للصندوق في حديثه لـ(«الشرق الأوسط») إلى أن الصندوق وبالتعاون مع الصندوق بالتعاون مع الاتحاد العربي للاستثمار العقاري، الذي يوجد مقره بالخرطوم، لتنفيذ مشروعات السكن الريفي وسكن الحلول المتكاملة، بجانب تقوية شراكاته مع الشركات العالمية للاستفادة من الاستثمارات والخبرات الأجنبية، المتوقعة بعد الرفع الكلي للعقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان في أكتوبر المقبل.
ومن جانب فك التمويل العقاري للبنوك المحظور منذ العام 2004، بسبب المخاوف من المضاربات العقارية واستغلال أموال العقارات السكنية في مشروعات تجارية أخرى، رفع مجلس تنظيم مقاولي الأعمال دراسة لوزارة المالية وبنك السودان للسماح للبنوك التجارية بتمويل وإقراض المشروعات السكنية، وبخاصة المتعلقة بتوفير السكن الريفي والسكن الرأسي الذي يعتزم الصندوق من خلاله بناء ألف وحدة سكنية في مرحلته الأولى في ولاية الخرطوم.
وقال لـ«الشرق الأوسط» المهندس مستشار مالك دنقلا، رئيس مجلس تنظيم المقاولين السودانيين، إن المجلس بصدد تفعيل قانونه الذي يلزم الجهات المخدمة بعدم إسناد أي أعمال مقاولات هندسية، إلا لمقاول مسجل ومصنف لدى المجلس، كما أجرى المجلس تعديلات على قانونه، وقانون الشراء والتعاقد، بجانب إعداد دراسة حول إعادة التمويل العقاري للبنوك التجارية.
وكان السودان قد طرح بدية الشهر مشروعات إسكانية لمحدودي الدخل بالعاصمة الخرطوم، للاستثمار والتمويل الدولي. وتقدر هذه المشروعات بنحو مليون وحدة سكنية بنظام البناء الرأسي، وتأتي ضمن خطة واسعة لتحريك وتطوير برامج الصندوق في الإسكان، التي تتطلب تمويلا ماليا عاليا.
ويصل سعر المتر في بعض المواقع بالخرطوم، البالغ سكانها نحو عشرة ملايين نسمة، إلى نحو 1500 دولار، متجاوزا سعر المتر في أكبر العواصم العالمية مثل لندن.
وتقدر حجم الفجوة السكنية في الخرطوم بنحو مليونين ونصف المليون، تعهد الاتحاد التركي للاستثمار العقاري والتجاري (الموصياد)، ببناء 20 ألف وحدة سكنية، لتغطية جانب من هذه الفجوة، وفقا لاتفاقية أقرت التعاون في مجال الاستثمار العقاري بين البلدين.
ويشهد الصندوق القومي للإسكان هذه الأيام حراكا مكثفا نحو استقطاب استثمارات لمشروع الإسكان الرأسي لمحدودي الدخل في مختلف ولايات السودان، حيث اتفق أخيرا مع شركة «هيتكو» البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم.
تجدر الإشارة إلى أن اتحاد المقاولين السوداني، وفي إطار توسيع علاقاته الخارجية للاستفادة من تجارب الدول في الإسكان، وبخاصة بعد مرحلة الرفع الجزئي للعقوبات الاقتصادية التي بدأت في يناير (كانون الثاني) الماضي، قد أجاز مؤخرا خطة إصلاح شاملة لتنظيم سوق العقار وتحفيز البنوك التجارية لتمويل مشروعات الإسكان في البلاد وفك التمويل العقاري المحظور منذ عام 2014.
وأبرم الاتحاد السوداني للمقاولات مع وزارة التنمية الوطنية السنغافورية، اتفاقا لنقل التجربة السنغافورية في مجالات البناء والتشييد إلى السودان، لتنفيذ مشروع قومي لبناء وحدات سكنية متنوعة للفئويين والمهنيين بنظام التقسيط، ينفذه الصندوق القومي للإسكان، ومشروع آخر كبير لإسكان المغتربين السودانيين الذين تجاوزت أعدادهم خمسة ملايين مغترب.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان قد حصل الشهر الماضي على تعهدات من الاتحاد التركي للاستثمار العقاري والتجاري (الموصياد)، لبناء 20 ألف وحدة سكنية، وذلك لسد الفجوة السكنية في السودان المقدرة بنحو 2.5 مليون وحدة.
ووقع الصندوق القومي للإسكان والتعمير بالسودان أخيرا اتفاقا مع شركتين تركيتين تابعتين لبلدية إسطنبول متخصصتين في «المدن الذكية» التي تعتمد على تقنية الليزر في المخططات الهيكلية للمساكن.
وتتخصص الشركتان التركيتان في إعداد المخططات العقارية والسكنية وتوفير الخدمات الأساسية والمرافق التعليمية والصحية والمساجد، ومواقف المواصلات، بجانب عملها في مجال توفير الأراضي وتخطيطها، التشييد، تسليم الوحدات لمستحقيها، بجانب إدارة خدمات ما بعد البيع والتسليم. وستقدم الشركتان امتيازات للمتعاملين معها، حيث يتم عبرها البيع للوحدات بدفع 20 في المائة من المبلغ الكلي مقدما والباقي دون فوائد لمدة 5 سنوات.