الصين تدعم ملف التعاون الاقتصادي مع السودان

تنازلت عن جزء من ديونها... ومنحة لتنمية الصادرات

TT

الصين تدعم ملف التعاون الاقتصادي مع السودان

في ختام مباحثات اقتصادية جرت في العاصمة الخرطوم بين مسؤول صيني رفيع المستوى وعدد من المسؤولين السودانيين، تنازلت الصين عن حصة تبلغ 500 مليون يوان (نحو 75 مليون دولار) من ديونها لدى السودان، البالغ إجماليها 10 مليارات دولار، كما منحت الخرطوم فترة سماح وإعادة جدولة جديدة للمديونية الكلية، بجانب منحة تبلغ مليار يوان (نحو 150 مليون دولار) لإنشاء عدد من المشروعات لتنمية الصادرات.
ويمثل حجم الديون الصينية المستحقة على السودان نسبة نحو 20 في المائة من إجمالي الديون الخارجية للخرطوم، التي بلغت حتى الربع الأول من العام الحالي نحو 47 مليار دولار... علماً أن تلك الديون بدأت بـ17 مليار دولار فقط، لكن باقي المبلغ المستحق جاء نتيجة لتراكم الفوائد.
وأوضحت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الخطوة الصينية تمت بسبب عجز السودان عن الإيفاء بالتزاماته تجاه الصين، رغم أن السودان يعد الشريك الثالث للصين في أفريقيا، وذلك بعد أن منحت بكين الخرطوم مهلتين لسداد الديون، فشلت الأخيرة في الالتزام بالسداد خلالهما. وأضافت المصادر أن الصين - نتيجة لذلك - توقفت عن تنفيذ عدد من المشروعات الموقعة مع الخرطوم في الفترة الماضية.
وعلى الجانب الآخر، ووفقاً لمصادر في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بالسودان، فإن المنحة الصينية الجديدة التي تصل إلى مليار يوان صيني، ستسهم في خفض سعر الدولار بالسوق، وتمثل فتحاً جديداً للتعامل مع الصين. واعتبرت المصادر أن التحرك الصيني في العلاقات التجارية مع السودان خطوة إيجابية، خصوصاً أن السودان كثف تعاونه مع الصين في العقدين الماضيين نتيجة للمقاطعة الأميركية.
وأرجعت المصادر عدم وفاء السودان بالتزاماته وديونه تجاه الصين في الفترة الماضية، لسوء إدارة الاقتصاد، مما أفقده كثيراً من المتعاملين، مرجحة أن يكون تحرك الصين بالمنح وإعفاء جزء من الديون، استباقاً للتحرك الأميركي برفع الحظر الاقتصادي الكلي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل على السودان، وبداية دخول الولايات المتحدة الأميركية للاستثمار في موارد البلاد الضخمة. كما أكدت المصادر أن الصين تريد أن تحتفظ بموقع متقدم للتعامل مع السودان، خصوصاً أنه يمثل بوابة مهمة نحو أفريقيا.
وتشارك دولة جنوب السودان في تحمل جزء من الديون، التي زاد عليها عبء الحصار الاقتصادي الأميركي للسودان منذ 20 عاماً، ما أفقد البلاد ما بين 60 و70 مليار دولار في شكل قروض ميسرة ومساهمات دولية كانت متاحة للسودان.
وبدأ تراكم الديون الصينية على السودان بعد انفصال جنوب السودان عام 2011، وذهاب معظم إنتاجه من البترول إلى الدولة الوليدة. فبعد أن كانت الدولتان تتعاملان بآلية «النفط مقابل المشروعات»، تعثرت هذه الآلية بعد الانفصال، وأخذت الخرطوم نصيب الشركات الصينية من نفطها الخام لتغطية استهلاكها المحلي، ما سبب عجزاً لم تفلح الخرطوم في سداده.
ويبذل السودان جهوداً كبيراً لإعفاء أو جدولة ديونه للعالم الخارجي، وحشد عدد من الدول مثل بريطانيا وإيطاليا والصين والسعودية وقطر والإمارات، لدعمه في هذا الملف. وخلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في مايو (أيار) الماضي في واشنطن، تم الاتفاق على رفع ملف ديون السودان إلى الاجتماع المقبل للصندوق والبنك الدولي في أكتوبر المقبل في واشنطن.
ونجح السودان في يوليو (تموز) الماضي في استيفاء شروط ومتطلبات مبادرة الإعفاء من الديون للدول الأقل نمواً (هيبك)، التي تتيح للدول الأعضاء المقرضة إعفاء أو جدولة ديونها للمقترضين. ويعرف عن مبادرة «هيبك» أنها اتفاق بين كل جهات الإقراض الدولية الرئيسية، على منح فرصة «بداية جديدة» للبلدان التي تكافح لتجد مخرجاً تستطيع من خلاله أن تتواءم مع أعباء ديونها التي تثقل كاهلها.
كما تقود بريطانيا والهند والبنك الأفريقي للتنمية، الجهود لإعفاء السودان من الديون منذ أبريل (نيسان) الماضي، وتم تشكيل تحالف أفريقي - بريطاني، يضم الاتحاد الأفريقي ودولتي السودان وجنوب السودان، وذلك لبحث المسودة الفنية التي سيقدمها التحالف في المحافل الدولية للإعفاء من الديون، أو جدولتها. وبموجب التحالف، عيّن بنك التنمية الأفريقي خبيراً لمشاركة اللجنة الثلاثية السودانية في هذه المهمة الصعبة.



«ستاندرد آند بورز» تتوقع تأثيراً محدوداً لزيادة أسعار الديزل على كبرى الشركات السعودية

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

«ستاندرد آند بورز» تتوقع تأثيراً محدوداً لزيادة أسعار الديزل على كبرى الشركات السعودية

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

قالت وكالة «ستاندرد آند بورز» العالمية للتصنيف الائتماني، إن زيادة أسعار وقود الديزل في السعودية ستؤدي إلى زيادة هامشية في تكاليف الإنتاج للشركات المحلية المصنفة. إلا إن رأت أن هذه الزيادة قد تؤثر بشكل أكبر على هوامش ربحها بشكل عام وقدرتها التنافسية، حيث ستظهر التكلفة الإضافية في البيانات المالية للشركات بدءاً من الربع الأول من العام الحالي.

ورغم ذلك، تؤكد الوكالة في تقرير حديث اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن الشركات الكبرى مثل «سابك» و«المراعي» و«الشركة السعودية للكهرباء» ستكون قادرة على إدارة هذه الزيادة في التكاليف دون تأثير ملموس على جودة الائتمان الخاصة بها. وبالنسبة لـ«سابك» و«المراعي»، لا يُتوقع أن تؤثر زيادة أسعار المواد الأولية بشكل كبير على ربحية الشركتين. أما «الشركة السعودية للكهرباء»، فإن الوكالة تشير إلى أن الحكومة قد تقدم دعماً استثنائياً في حال الحاجة.

تجدر الإشارة إلى أن «أرامكو السعودية» كانت قد أعلنت رفع أسعار الديزل إلى 1.66 ريال للتر، بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) الحالي. فيما أبقت على أسعار كل أنواع المحروقات الأخرى كما هي عند 2.18 ريال للتر البنزين 91، و2.33 للتر البنزين 95، و1.33 ريال للكيروسين، و1.04 لغاز البترول المسال.

وبحسب التقرير، من المتوقع أن يسهم هذا القرار «في تقليص تكاليف الدعم الحكومي، مع إمكانية إعادة توجيه المدخرات الناتجة لدعم مشاريع (رؤية 2030)، التي تتطلب تمويلات ضخمة تقدر بأكثر من تريليون دولار».

وفيما يتعلق بـ«سابك»، تتوقع الوكالة أن تتمكن الشركة من التخفيف من التأثيرات السلبية المحتملة على هوامش الربح بفضل الحصول على أكثر من نصف المواد الأولية بأسعار تنافسية من مساهمها الرئيسي «أرامكو»، وأن تظل قادرة على التفوق على نظيراتها العالمية في مجال الربحية. وعلى سبيل المثال، تقدر الشركة أن تكلفة مبيعاتها سترتفع بنسبة 0.2 في المائة فقط، ومن المتوقع أن تظل هوامش الأرباح المعدلة قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء بين 15 و18 في المائة في الفترة 2024-2025، مقارنةً مع 14.9 في المائة خلال 2023.

أما «المراعي»، فتتوقع الوكالة أن تكون تكاليفها الإضافية بسبب زيادة أسعار الوقود نحو 200 مليون ريال في عام 2025، بالإضافة إلى تأثيرات غير مباشرة من أجزاء أخرى من سلسلة التوريد. ومع ذلك، تظل الشركة واثقة في قدرتها على الحفاظ على نمو الإيرادات والربحية، مع التركيز على تحسين الكفاءة التشغيلية والتخفيف من هذه الآثار، وفق التقرير. وبحسب التقرير، تشير النتائج المالية الأخيرة لـ«المراعي» إلى زيادة في الإيرادات بنسبة 9 في المائة خلال الـ12 شهراً حتى 30 سبتمبر (أيلول) 2024، حيث بلغ إجمالي الأرباح قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء 4.2 مليار ريال.

وتتوقع الوكالة نمواً في إيرادات الشركة بنسبة 6 إلى 12 في المائة عام 2025، بفضل النمو السكاني وزيادة الاستهلاك، بالإضافة إلى إضافة سعة جديدة ومنتجات مبتكرة. أما «الشركة السعودية للكهرباء»، فتشير الوكالة إلى أن الحكومة قد تغطي جزءاً من التكاليف الإضافية الناتجة عن ارتفاع أسعار الغاز، بما يعادل 6 إلى 7 مليارات ريال.