معرض «تحيا القدس» يعرف زائريه بأوضاع المدينة السياسية والدينية والاقتصادية

بمشاركة 48 فناناً فلسطينياً وعربياً وأجنبياً

ريم فضة المتحدثة باسم المتحف تتحدث للصحافيين خلال اليوم الأول للمعرض الذي كان مخصصاً لوسائل الإعلام (أ.ف.ب)
ريم فضة المتحدثة باسم المتحف تتحدث للصحافيين خلال اليوم الأول للمعرض الذي كان مخصصاً لوسائل الإعلام (أ.ف.ب)
TT

معرض «تحيا القدس» يعرف زائريه بأوضاع المدينة السياسية والدينية والاقتصادية

ريم فضة المتحدثة باسم المتحف تتحدث للصحافيين خلال اليوم الأول للمعرض الذي كان مخصصاً لوسائل الإعلام (أ.ف.ب)
ريم فضة المتحدثة باسم المتحف تتحدث للصحافيين خلال اليوم الأول للمعرض الذي كان مخصصاً لوسائل الإعلام (أ.ف.ب)

يقدم معرض «تحيا القدس» فرصة لكل من يريد التعرف على أوضاع مدينة القدس السياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية، شارك فيها 48 فنانا فلسطينيا وعربيا وأجنبيا.
وأتيحت الفرصة يوم السبت للصحافيين وعدد خاص من المدعوين لمشاهدة الأعمال المعروضة في المتحف الفلسطيني قبل افتتاحه أمس أمام الجمهور.
وقال بيان للمتحف الفلسطيني: إن المعرض «يسعى لاستكشاف المدينة باعتبارها مجازياً نموذجاً شهد نشوء العولمة وانهيارها، ويرنو لإيجاد أجوبة من أجل استلهام مستقبل أفضل».
وأضاف البيان «يوضح (المعرض) انبعاث العولمة وآثارها وقيودها في مدينة القدس من خلال وفرة من المواد السمعية - البصرية».
وأوضح البيان، أن القسم الثاني من المعرض «يشتمل على 18 عملاً فنياً عالمياً مكلفاً أو معاد إنتاجها، معدة خصيصا لتُثبت في حدائق المتحف الفلسطيني ومساحاته الخارجية».
وافتتح المتحف الفلسطيني في مايو (أيار) من العام الماضي، وهذا هو المعرض الأول الذي يقام به.
ويقع المتحف فوف تلة قريبة من جامعة بيرزيت على مساحة 40 دونماً، وقدرت تكلفته بنحو 28 مليون دولار.
وصمم المتحف ليكون علامة معمارية ذات طابع حديث يمتزج بناؤه مع المدرجات الطبيعية المتتالية التي صنعها المزارعون الفلسطينيون منذ القدم لجعل أراضيهم الجبلية أكثر تماسكا وإنتاجا وأكثر قدرة على حفظ الماء.
وأوضحت وكالة «رويترز» للأنباء، أن القائمين على المعرض استغلوا كل مساحاته الداخلية والخارجية لعرض الأعمال الفنية، بل إن أحد الأعمال وضع في قرية أبو شيخدم المجاورة، ويمكن النظر إليه من خلال تلسكوب مثبت في حديقة المتحف.
وقال الفنان خالد حوراني، أحد الفنانين المشاركين في المعرض، صاحب فكرة وضع اللوحة الفنية في القرية المجاورة لـ«رويترز»: «أردت أن يكون محيط المتحف وهذا المنظر الجميل للقرى الفلسطينية والساحل جزءا من المعرض».
وأضاف: «اخترت مقطع بوصلة لا تشير إلى القدس من قصيدة مظفر النواب وكتبتها على قطعة كبيرة من سيراميك الخليل بارتفاع متر وعرض ثلاثة أمتار كأنها مستوحاة من زخارف قبة الصخرة».
وأوضح حوراني، أنه لم يكمل الجملة الأصلية، وهي «بوصلة لا تشير إلى القدس مشبوهة» في العمل «حتى أترك مساحة للناس كي تفكر».
وقال: «وأنا أتفق أن الوضع الحالي هو بوصلة لا تشير إلى القدس، ومن مهمة الفن نقد الوضع السياسي ونقد المؤسسات ونقد أنفسنا».
وأضاف: «المهم أن يجعلنا الفن نفكر والعمل موجود في البلد كي يراه الناس وقد يتساءلون لماذا بوصلة لا تشير إلى القدس؟!».
ويتنقل زائر المعرض وسط أعمال فنية مختلفة من بوسترات ورسوم كاريكاتير وأفلام فيديو وصور وتسجيلات صوتية وأعمال تشكيلية ورسومات تعطي في مجملها معلومات عن الواقع في المدينة بأرقام وإحصائيات.
وقالت ريم فضة، قيّمة المعرض، خلال تعريفها به «إننا حاولنا أن نحضر القدس إلى هنا لنعرف شبابنا ونقدم لهم القدس التي يتخيلونها، ولا سيما أن كثيرا منهم لا يستطيعون الوصول إليها، وأنا واحدة منهم».
ويحتاج الفلسطينيون من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الحصول على تصاريح خاصة من إسرائيل للوصول إلى المدينة التي يحيط بها جدار إسمنتي جعل الدخول إليها يتم عبر بوابات حديدية ضخمة.
وأوضحت ريم، أن الإعداد للمعرض استغرق تسعة أشهر. وقالت: «عملنا أن تكون الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة القدس (إغلاق المسجد الأقصى وما تبع ذلك من احتجاجات) جزءا من أعمال هذا المعرض».
من بين الأعمال الفنية التي وضعت في حديقة المعرض عمل الفنان الفلسطيني نداء سنقرط، وهو عبارة عن ذراعي حفارة وضعا بشكل متقابل بدتا وكأنها يدان ترتفعان إلى الدعاء.
وكتب حول عمله الفني «ربما تساهم هذه الأذرع التي تحمل ندبا وآثار هدم وتصليح في فك شفرة تاريخ فلسطين المعاصر ما بعد أوسلو (اتفاقية السلام المؤقتة بين الفلسطينيين وإسرائيل)».
ويضيف: «هذه الأذرع تذكر بالدعاء وتسليم الذات يأسا من جهة وبالخلاص والمقاومة من جهة أخرى كون هذه الآليات هي ذاتها المستخدمة في بناء وهدم منازل الفلسطينيين».
ويبدو أن الفنان نجح في تذكير الفلسطينيين بما تقوم به هذه الآليات من عمليات هدم لمنازلهم تحت حجج مختلفة، إما لأسباب تتعلق بالترخيص أو لأسباب أمنية.
واستخدم الفنانون في أعمالهم الكثير من الرمزية التي تعكس واقع المدينة المقدسة، منهم من استخدم نحت حجر للإشارة إلى حجارة المدينة المقدسة وآخرون استخدموا الحديد في أعمال فنية تشير إلى واقع المدينة المحاصر.
وقال محمود هواري، مدير عام المتحف، في كلمة له أمام الصحافيين «قد يقول البعض إننا تأخرنا في إقامة أول معرض في المتحف بعد مضي 18 شهرا على إقامته، لكن هكذا هي المعارض تأخذ وقتا للإعداد لها».
وأضاف، أن المعرض الذي أقيم بدعم من عدد من المؤسسات المحلية والأشخاص سوف يستمر حتى الخامس عشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل قبل نقله للعرض في أماكن أخرى لم يحددها.



مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة، بداخلها مجموعة من المومياوات والهياكل العظمية والتوابيت، وغيرها من اللقى الأثرية.

وتوصلت البعثة المشتركة بين مصر وإسبانيا من خلال جامعة برشلونة ومعهد الشرق الأدنى القديم، إلى هذا الكشف الأثري أثناء عمليات التنقيب بمنطقة البهنسا في محافظة المنيا (251 كيلومتراً جنوب القاهرة).

وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر الدكتور محمد إسماعيل خالد، أهمية هذا الكشف، واعتبره سابقة في الاكتشافات الأثرية، قائلاً: «للمرة الأولى يتم العثور بمنطقة البهنسا الأثرية على بقايا آدمية بداخلها 13 لساناً وأظافر آدمية ذهبية لمومياوات من العصر البطلمي، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمناظر ذات الطابع المصري القديم، والتي يظهر بعضها لأول مرة في منطقة البهنسا؛ مما يُمثل إضافة كبيرة لتاريخ المنطقة، ويسلط الضوء على الممارسات الدينية السائدة في العصر البطلمي»، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

لوحات ومناظر تظهر لأول مرة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأوضح أستاذ الآثار بجامعة القاهرة ومدير حفائر البعثة المشتركة الدكتور حسان إبراهيم عامر، أنه تم العثور على جعران القلب موجود في مكانه داخل المومياء، في إحدى المقابر المكتشفة، بالإضافة إلى العثور على 29 تميمة لـ«عمود جد»، وجعارين وتمائم لمعبودات مثل «حورس» و«جحوتي» و«إيزيس». في حين ذكر رئيس البعثة من الجانب الإسباني الدكتور أستر بونس ميلادو، أنه خلال أعمال الحفائر عثرت البعثة على بئر للدفن من الحجر المستطيل، تؤدي إلى مقبرة من العصر البطلمي تحتوي على صالة رئيسة تؤدي إلى ثلاث حجرات بداخلها عشرات المومياوات متراصّة جنباً إلى جنب؛ مما يشير إلى أن هذه الحجرات كانت قد استُخدمت كمقبرة جماعية.

وأضاف رئيس البعثة أنه «إلى جانب هذه البئر تم العثور على بئر أخرى للدفن تؤدي إلى ثلاث حجرات، ووجدوا جدران إحدى هذه الحجرات مزينة برسوم وكتابات ملونة، تمثل صاحب المقبرة الذي يُدعى (ون نفر) وأفراد أسرته أمام المعبودات (أنوبيس) و(أوزوريس) و(آتوم) و(حورس) و(جحوتي)».

إلى جانب ذلك، تم تزيين السقف برسم للمعبودة «نوت» (ربة السماء)، باللون الأبيض على خلفية زرقاء تحيط بها النجوم والمراكب المقدسة التي تحمل بعض المعبودات مثل «خبري» و«رع» و«آتوم»، حسب البيان.

مناظر عن العالم الآخر في مقابر البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وكان اللافت للانتباه، وفق ما ذكرته البعثة، هو «وجود طبقة رقيقة من الذهب شديدة اللمعان على وجه المومياء التي يقوم بتحنيطها (أنوبيس)، وكذلك على وجه (أوزوريس) و(إيزيس) و(نفتيس) أمام وخلف المتوفى». وأوضحت أن «هذه المناظر والنصوص تمثل صاحب المقبرة وأفراد أسرته في حضرة معبودات مختلفة، وهي تظهر لأول مرة في منطقة البهنسا».

وقال الخبير الأثري المصري الدكتور خالد سعد إن «محتويات المقبرة توضح مدى أهمية الشخص ومستواه الوظيفي أو المادي»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر وجدت الكثير من الدفنات المماثلة من العصرين اليوناني والروماني، وكانت الدفنة سليمة؛ لم يتم نبشها أو العبث بها».

ويوضح الخبير الأثري أن «الفكر الديني في ذلك الوقت كان يقول بوضع ألسنة ذهبية في فم المومياوات حتى يستطيع المتوفى أن يتكلم كلاماً صادقاً أمام مجمع الآلهة».

ألسنة ذهبية تم اكتشافها في المنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما بالنسبة لتلابيس الأصابع (الأظافر الذهبية)، فهذا تقليد كان ينتهجه معظم ملوك الدولة الحديثة، وتم اكتشافها من قبل في مقبرة «توت عنخ آمون»، وكانت مومياؤه بها تلابيس في أصابع اليد والقدم، وفي البهنسا تدل التلابيس والألسنة الذهبية على ثراء المتوفى.

وتعدّ قرية البهنسا (شمال المنيا) من المناطق الأثرية الثرية التي تضم آثاراً تعود للعصور المختلفة من المصري القديم إلى اليوناني والروماني والقبطي والإسلامي، وقد عثرت فيها البعثة نفسها في يناير (كانون الثاني) الماضي على عدد كبير من القطع الأثرية والمومياوات، من بينها 23 مومياء محنطة خارج التوابيت، و4 توابيت ذات شكل آدمي.

مناظر طقوسية في مقابر منطقة البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفسّر الخبير الأثري العثور على مجموعة من الأواني الكانوبية في المقابر بأنها «تحفظ أحشاء المتوفى، وهي أربعة أوانٍ تمثل أربعة من أولاد (حورس) يرفعون أطراف الكون الأربعة، وفقاً لعقيدة الأشمونيين، ويتمثلون في ابن آوى والقرد والإنسان والصقر، ويوضع في هذه الأواني المعدة والأمعاء والقلب والكبد، وكانت على درجة عالية من الحفظ، نظراً للخبرة التي اكتسبها المحنّطون في السنوات السابقة».

وأشار إلى أن «اللقى الأثرية الأخرى الموجودة بالكشف الأثري مثل الأواني الفخارية والمناظر من الجداريات... تشير إلى أركان طقوسية مرتبطة بالعالم الآخر عند المصري القديم مثل الحساب ووزن القلب أمام ريشة (ماعت)؛ مما يشير إلى استمرارية الديانة المصرية بكافة أركانها خلال العصر اليوناني والروماني، بما يؤكد أن الحضارة المصرية استطاعت تمصير العصر اليوناني والروماني».

بدورها، أشارت عميدة كلية الآثار بجامعة أسوان سابقاً الدكتورة أماني كرورة، إلى أهمية منطقة البهنسا، واعتبرت أن الكشف الجديد يرسخ لأهمية هذه المنطقة التي كانت مكاناً لعبادة «الإله ست» في العصور المصرية القديمة، وفق قولها، وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المنطقة كانت تضم العديد من المعابد والمنشآت العامة، فهناك برديات تشير إلى وجود عمال مكلفين بحراسة المنشآت العامة بها؛ مما يشير إلى أهميتها».