مطعم الاسبوع: جيمخانا... عطر جايبور في مايفير

مستوحى من نوادي الطبقة الهندية الأرستقراطية وتزينه نجمة ميشلان

ديكور بسيط على طريقة النوادي الخاصة في بريطانيا
ديكور بسيط على طريقة النوادي الخاصة في بريطانيا
TT

مطعم الاسبوع: جيمخانا... عطر جايبور في مايفير

ديكور بسيط على طريقة النوادي الخاصة في بريطانيا
ديكور بسيط على طريقة النوادي الخاصة في بريطانيا

توجد في لندن أعداد هائلة من المطاعم الهندية المميزة، والسبب هو أن الأطباق الهندية كانت تشكل في الماضي العصب الأهم في المطبخ البريطاني الفقير، وهناك من يعتبر أن «التاندوري» و«تشيكن تيكا ماسالا» من ضمن المطبخ المحلي لكثرة الإقبال عليهما.
ولكن تبقى جودة المنتج والنوعية، وطريقة تقديم الطعام، على رأس ما يجعل مطعماً مميزاً عن غيره، وهذا الأمر ينطبق بشكل كبير على المطاعم الهندية التي تختلف فيما بينها، ولا يمكن تصنيفها بالشكل نفسه.
وفي وسط لندن، هناك مطاعم تعد على الأصابع حصلت على نجوم «ميشلان» لتميزها، ولكن يبقى مطعم «جيمخانا» Gymkhana، في شارع ألبيرمال بمنطقة مايفير، من بين الأفضل، حتى لا نقول إنه الأفضل لأنه من الصعب الجزم في الاختيار.
المطعم صمم ليكون على شكل النوادي الخاصة التي يتجمع بها المنتسبون إلى الطبقة الأرستقراطية الهندية في بريطانيا، وهذا النوع من النوادي لا يزال موجوداً في العاصمة.
الباب الخارجي يفشي سر المكان، فهو عملاق من حيث الحجم، من الخشب الداكن مع مقبض حديدي كبير، تجد وراءه ديكورات أشبه بتلك التي تجدها في المباني التي مرت بحقبة الاستعمار البريطاني؛ مراوح معلقة في السقف، وطاولات من الخشب البني الداكن بأسطح من الحديد والكراسي من الخشب أيضاً تشبه تلك التي تراها في المقاهي الشرق أوسطية القديمة.
ويتوزع المطعم على طابقين، أنا شخصياً أفضل الطبقة السفلى منه؛ تصل إليها عبر سلم لتجد بعدها طاولات جميلة على شكل يختلف عن ذلك الذي تراه في الطابق العلوي، فالمقاعد على شكل مجالس، تقدم كثيرًا من الخصوصية على شكل منفصل، وليست قريبة من بعضها بعضًا. والجميل في المطعم، من حيث الديكور، أنه أنيق، ولكن في الوقت نفسه مريح.
والندل بلباس هندي جميل موحد، والخدمة أكثر من ممتازة، ولائحة الطعام غنية، وفيها أطباق لا بد من تذوقها، مثل البرياني على طريقة «حيدر آباد»، الأشهر بتحضير هذا الطبق، فيقدم البرياني في طبق من الفخار، مغلف بطبقة من الخبز على الوجه تطهى في الفرن، ويقوم النادل بإزالة طبقة العجين عند الأكل، لترى الأرز واللحم مطبوخ بالوسط مع ألذ البهارات.
ومن الأطباق المميزة الأخرى الروبيان المشوي، وسلطة الرمان، ولحم الضأن المطهو بطريقة مميزة جداً تجعله يذوب في الفم.
حجم الأطباق كبير، فلا تكثر من تناول الخبز، ولو أن المقرمشات التي تقدم في البداية إلى جانب التشاتني بعدة نكهات مغرية للغاية، كما يجب تذوق الباراتا على طريقة أهالي كيرالا.
المطعم افتتح أبوابه في مايفير عام 2012، وحصد بعدها نجمة ميشلان للتميز، وحاز على 5 نجوم من قبل فاي ماشلر، أشهر وأصعب ناقدة طعام في بريطانيا، وهو المطعم الوحيد الذي حاز على 10 نجوم من أصل 10 من قبل جايلز كورين، الناقد الأهم في مجلة «تايمز».
وفي يونيو (حزيران) الماضي، حاز «جيمخانا» على لقب أفضل مطعم خلال حفل توزيع جائزة «كرافت غيلد أو شيفس».
يشار إلى أن «جيمخانا» تابع لرجل الأعمال الهندي كرم سيذي الذي يقف وراء نجاح مطعمه الثاني في ماريلبون، بلندن، تحت اسم «تريشنا».
وأكثر ما لفتنا بالمطعم، إلى جانب جودة المنتج وطريقة التقديم، الاهتمام بالأكل التقليدي في الهند، وأكل الشارع Street Food، وتقديمه بقالب من العصرية والنوعية، مثل طبق اللحم المفروم مع البهارات الذي يؤكل مع قطع من الخبز التي تشبه خبز الهامبورغر بحجم صغير.
جميع الأطباق تقدم في أوان من الفضة الخالصة، لتعطي رونقاً إضافياً للطاولة. أما الشاي، فيقدم في أباريق على الطريقة الإنجليزية القديمة. والحجز المسبق في المطعم مهم جداً نسبة للإقبال الشديد عليه.


مقالات ذات صلة

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

مذاقات الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات كعكة شاي إيرل جراي مع العسل المنقوع بالقرفة والفانيليامن شيف ميدو (الشرق الأوسط)

الشاي... من الفنجان إلى الطبق

يمكن للشاي أن يضيف نكهةً مثيرةً للاهتمام، ويعزز مضادات الأكسدة في أطباق الطعام، وقد لا يعرف كثيرٌ أننا نستطيع استخدام هذه النبتة في الطهي والخبز

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات الشيف الفرنسي بيير هيرميه (الشرق الأوسط)

بيير هيرميه لـ«الشرق الأوسط»: العرب يتمتعون بالروح الكريمة للضيافة

بيير هيرميه، حائز لقب «أفضل طاهي حلويات في العالم» عام 2016، ويمتلك خبرةً احترافيةً جعلت منه فناناً مبدعاً في إعداد «الماكارون» الفرنسيّة.

جوسلين إيليا (لندن )
مذاقات الشيف العالمي أكيرا باك (الشرق الأوسط)

الشيف أكيرا باك يفتتح مطعمه الجديد في حي السفارات بالرياض

أعلن الشيف العالمي أكيرا باك، اكتمال كل استعدادات افتتاح مطعمه الذي يحمل اسمه في قلب حي السفارات بالرياض، يوم 7 أكتوبر الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
مذاقات الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)

حكاية أقدم صانع شعيرية كردي في شمال سوريا

من بين حبال رقائق الشعيرية الطازجة ولونها الذهبي ورائحتها الطيبة، يقف الصناعي الكردي عبد الناصر قاسم برفقة زوجته، بوصفه أحد أقدم الحرفيين في صناعة الشعيرية…

كمال شيخو (القامشلي)

حكاية أقدم صانع شعيرية كردي في شمال سوريا

الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)
الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)
TT

حكاية أقدم صانع شعيرية كردي في شمال سوريا

الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)
الشعيرية تدخل في أطباق حلوة ومالحة (الشرق الأوسط)

من بين حبال رقائق الشعيرية الطازجة ولونها الذهبي ورائحتها الطيبة، يقف الصناعي الكردي عبد الناصر قاسم برفقة زوجته، بوصفه أحد أقدم الحرفيين في صناعة الشعيرية التقليدية بشمال شرقي سوريا، يصنعان أفضل أنواع الشعيرية بجودة تنافس الآلات المتطورة، ويحافظان على ما تبقى من الزبائن الذين اعتادوا على هذا المنتج الذي يدخل في كثير من الأطعمة.

ويمتلك عبد الناصر، ويُلقّب بـ«أبي لوران»، مصنعاً لا يزال يعتمد الطريقة اليدوية في إنتاج الشعيرية، يقع في قرية سورسورك الكائنة بريف بلدة الدرباسية شمال سوريا، ما جعله مقصداً للأهالي والعمال الراغبين بتعلّم هذه الصناعة للاطلاع على الحرفة التقليدية التراثية، وفي أثناء حديثه مع «الشرق الأوسط»، كان يقف هذا الرجل الستيني وسط مجموعة من العمال والأهالي، حاملاً في جعبته خبرة تزيد على 30 عاماً في صناعة هذه المادة، إذ يُعدّ من بين أقدم الحرفيين السوريين وأمهرهم في مجاله.

تُعلّق الشعيرية وتُنشّف في الهواء الطلق (الشرق الأوسط)

وأشار، في بداية حديثه، إلى أن هذه المهنة هي مصدر دخله الوحيد وإرث آبائه وأجداده، الذي يأبى التنازل عنه تحت ضغوط الركود الاقتصادي أو الاندثار، وقال إن موسم صناعة الشعيرية مرتبط بسلق وطبخ البرغل يدوياً في هذه الأيام، «تتكوّن الشعيرية من الدقيق الناعم المصنّع من القمح القاسي، ونمزج معه السمن أو الزيت النباتي، ونحمّصهما في الفرن حتى تصبح جاهزة للأكل، لإعطائها لونها الذهبي ومذاقها الطيب».

وصناعة الشعيرية التقليدية كانت من بين الحرف الرائجة بشمال شرقي سوريا قبل تسعينات القرن الماضي، ويُمارسها كثير من الصنّاع والحرفيين، غير أن عدد هؤلاء الحرفيين تقلّص بشكل كبير مع توفر هذه المادة صناعياً، ويُعدّون اليوم على أصابع اليد، كما أن هذه الصناعة تُعدّ موروثاً ثقافياً محلياً دون منازع، لكنها تواجه صعوبات عديدة مثل قلة الطلب على شرائها، وارتفاع سعر موادها لتمسي من الصناعات المهدّدة بالاندثار.

صناعة تعتمد على اليد وليس على الماكينات الحديثة (الشرق الأوسط)

وتابع عبد الناصر قائلاً: «صناعتنا تتطلّب مجهوداً عالياً، وأسعارنا منافسة لتلك البضائع المعروضة في الأسواق، فالشعيرية ندهنها بالسمن»، وعن الأسعار أكد أن الكيلو الواحد يُباع في حدود 22 ألف ليرة (تعادل دولاراً واحداً و40 سنتاً أميركياً)، في حين تُباع مثيلاتها الجاهزة المصنّعة بـ30 ألف ليرة (دولاران أميركيان).

ولا تكاد مادة الشعيرية تُذكر عند أهالي المنطقة إلا مقرونة بسكان بلدات الدرباسية وعامودا ورأس العين أو «سري كانيه»، حسب تسميتها الكردية وريفها المترامي، الواقعة شمال غربي محافظة الحسكة، نظراً إلى الإقبال الشديد، وتدخل عنصراً رئيسياً في البرغل ذائع الصيت والأرز، وهي وجبات رئيسية تُوضع على المائدة الكردية، هنا في هذه البقعة الجغرافية السورية.

لا تزال الشعيرية تُصنّع على الطريقة التقليدية (الشرق الأوسط)

بدوره، يقول محمد نور (55 عاماً)، وهو زبون دائم، إن الشعيرية المصنّعة يدوياً تُعدّ الأفضل بالنسبة إلى عائلته وأقربائه، أما بريتان (50 عاماً)، وتعمل في هذا المصنع الصغير منذ سنوات، واكتسبت خبرة مكّنتها من الاستمرار، فتقول إن مراحل الشعيرية تبدأ بتجهيز العجين بخلط كمية من الدقيق والماء والملح والخميرة، ثم عجنها جيداً، وتقطيع العجين إلى قطع أسطوانية الشكل، ثم تنقلها إلى ماكينة يدوية لتقطيعها بشكل رقيق وتجفيفها عن طريق تعليقها على خيوط وشرائط، وتُوضع بعدها في الفرن لمدة لا تقل عن نصف ساعة.

ويؤكد خبراء سوريون أن صناعة الشعيرية من بين المهن القليلة التي تقاوم الاندثار، بسبب توفر الماكينات الحديثة وتخلي كثير من العاملين والصناعيين عن مهنهم التقليدية بحثاً عن مصادر رزق أخرى.

ورشة تصنيع الشعيرية في سوريا (الشرق الأوسط)

الشعيرية أكلة شعبية معروفة في سوريا ومصر والسودان ومعظم الدول العربية، وتحضّر بطرق مختلفة حسب كل عاصمة، فقد يُضاف إليها السكر أو اللبن أو الفول السوداني أحياناً، وأخرى تدخل في صنع الحلويات.