هجوم مضاد لـ«داعش» شرق الرقة... وعشائر عربية تدعم «سوريا الديمقراطية»

هجوم مضاد لـ«داعش» شرق الرقة... وعشائر عربية تدعم «سوريا الديمقراطية»
TT

هجوم مضاد لـ«داعش» شرق الرقة... وعشائر عربية تدعم «سوريا الديمقراطية»

هجوم مضاد لـ«داعش» شرق الرقة... وعشائر عربية تدعم «سوريا الديمقراطية»

نفذ «داعش» في الساعات الماضية هجوما معاكسا في ريف الرقة الشرقي أدّى إلى مقتل 34 من قوات النظام السوري واستعادته مناطق واسعة عند ضفاف الفرات الجنوبية، لكن تقدمه شرق المحافظة لم يلق انعكاسات داخل المدينة حيث واصلت «قوات سوريا الديمقراطية» تقدمها محاصرة إياه في الوسط، في وقت رجح فيه قيادي كردي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يتم «تحرير المدينة بالكامل من التنظيم المتطرف خلال شهر أو شهرين كحد أقصى».
وأعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل 34 عنصرا من قوات النظام وقوات موالية إثر هجوم شنه «داعش» وتمكن خلاله من استعادة السيطرة على مناطق واسعة في ريف الرقة الشرقي خلال المعارك التي جرت الخميس، فيما تحدثت وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم المتطرف عن مقتل 57 عنصراً من قوات النظام، في هجومٍ نفذه عناصر «داعش» قرب قرية غانم العلي جنوب شرقي مدينة الرقة.
وكانت قوات النظام وحلفاؤه نجحت الخميس بتطويق «داعش» بشكل كامل في البادية السورية وسط البلاد تمهيدا لبدء المعركة من أجل طرده منها واستعادة محافظة دير الزور عبر ثلاثة محاور: جنوب محافظة الرقة، والبادية جنوبا، فضلا عن المنطقة الحدودية من الجهة الجنوبية الغربية.
وقالت شبكة «الدرر الشامية» إن «داعش» تمكن الخميس، من السيطرة على عدة قرى وبلدات في ريف الرقة الشرقي بعد معارك عنيفة مع قوات النظام والتنظيمات الموالية، لافتة إلى «هجوم مضاد شنه التنظيم على قوات الأسد وتمكن من خلاله من السيطرة بشكل كامل على قرى العطشانة، والمقلة، وسليم الحماد، والبوحمد، والحويجة، وغانم العلي، وزور شمر، جنوب شرقي الرقة». كما أشارت الشبكة إلى أن الهجوم مكَّن التنظيم من «توسعة نطاق سيطرته بحيث بات يسيطر على مسافة نحو 40 كلم من الضفاف الجنوبية لنهر الفرات بريف الرقة الشرقي، كما أن قوات الأسد التي كانت قد وصلت لأطراف مدينة معدان، آخر مدينة يسيطر عليها التنظيم في ريف الرقة، باتت الآن على مسافة تبعد نحو 30 كلم غربها».
وواصلت قوات النظام والمسلحين الموالين وقوات العشائر الجمعة عمليات قصفها المكثف على مناطق سيطرة «داعش» والمناطق التي تقدم إليها عند الضفاف الجنوبية لنهر الفرات، مستهدفة إياها بالصواريخ والقذائف المدفعية، وسط غارات نفذتها الطائرات الحربية الروسية والتابعة للنظام، على المناطق ذاتها. وأشار المرصد إلى أن هذا القصف ترافق مع استمرار الاشتباكات بين عناصر التنظيم من جانب، وقوات النظام المدعمة بالمسلحين الموالين لها وقوات العشائر المسلحة والمدرَّبة روسيا من جانب آخر، على محاور في محيط منطقة السبخة، في محاولة من «داعش» لتحقيق مزيد من التقدم على حساب قوات النظام.

وتُعتبر العملية العسكرية التي يشنها النظام مدعوما من موسكو في ريف الرقة الجنوبي منفصلة عن حملة «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن لطرد «داعش» من مدينة الرقة، حيث فقد التنظيم السيطرة على أكثر من 60 في المائة من المدينة.
وقال مصدر قيادي كردي لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعدما تم إلى حد بعيد حصار ما تبقى من عناصر التنظيم وسط الرقة، يمكن الحديث عن مهلة شهر أو شهرين كحد أقصى لإنهاء وجود داعش بالكامل داخل المدينة». وأضاف: «وتيرة العمليات التي تشنها قوات سوريا الديمقراطية لم تتراجع على الإطلاق إنما بتنا أكثر حذرا ودقة باعتبار أن التنظيم الإرهابي لا يزال يحتجز عشرات آلاف المدنيين دروعا بشرية ما يعقّد عملنا».
في هذا الوقت، أعلنت وكالة «آرا نيوز» أن «قوات سوريا الديمقراطية» واصلت تقدمها في مدينة الرقة شمال شرقي البلاد، ضمن إطار حملة «غضب الفرات»، لافتة إلى أن العمليات العسكرية أسفرت من ليل أمس حتى ظهر يوم أمس الجمعة عن مقتل 26 مسلحاً من «داعش». ونقلت الوكالة عن مصدر من «قوات سوريا الديمقراطية» قوله إن «7 من عناصر داعش قتلوا خلال الاشتباكات التي تدور في حي المنصور الواقع شرقي مدينة الرقة، وفي حي النهضة غربي المدينة حيث يستمر المقاتلين في تقدمهم بعدما تمكنوا من تحرير عدة نقاط وقتل 9 من عناصر داعش». وأضاف المصدر: «كما شهد حي البريد اشتباكات عنيفة بين قسد وداعش، أسفرت عن مقتل 6 من عناصر التنظيم، بينهم قناص، وفي حي الرومانية المحرر، حاول داعش شن هجوم على نقاط تمركز مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، ولكن المقاتلين تصدوا لهم، وتم إحباط الهجوم، وأسفرت الاشتباكات التي دارت في المنطقة عن مقتل 4 من عناصر التنظيم، مقابل مقتل أيضا 4 من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية».
وفي إطار الاستعداد لمعركة دير الزور، لفت إعلان سبع كتائب من أبناء قبيلتي البكارة والشعيطات العربية انضمامها لمجلس دير الزور العسكري، المنضوي تحت راية «قوات سوريا الديمقراطية»، بعد انشقاقهم عن فصيل «قوات النخبة السورية» قبل أيام، واعتبار «قوات سوريا الديمقراطية» «مرجعية قيادية عسكرية» لها لحين إنهاء وجود «داعش» في دير الزور.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم