أنقرة ترى أن «التوغل» إلى عفرين وإدلب وارد لكن ليس قريباً

مقاتلون من عشائر عربية شرق الرقة لدى إعلان دعمهم «قوات سوريا الديمقراطية» (أ.ف.ب)
مقاتلون من عشائر عربية شرق الرقة لدى إعلان دعمهم «قوات سوريا الديمقراطية» (أ.ف.ب)
TT

أنقرة ترى أن «التوغل» إلى عفرين وإدلب وارد لكن ليس قريباً

مقاتلون من عشائر عربية شرق الرقة لدى إعلان دعمهم «قوات سوريا الديمقراطية» (أ.ف.ب)
مقاتلون من عشائر عربية شرق الرقة لدى إعلان دعمهم «قوات سوريا الديمقراطية» (أ.ف.ب)

قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن القيام بعملية عسكرية في عفرين شمال حلب، وإدلب شمال غربي سوريا، أمر وارد في ظل استمرار التهديدات من خارج الحدود؛ لكنه أوضح أن مثل هذه العملية لن تنفذ قريبا، لافتاً إلى أن أي دعم إضافي تقدمه الولايات المتحدة لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية السورية، سيسبب مشكلات لتركيا.
وتعليقا على ما يتردد بشأن تحضير تركيا لتوسيع عملياتها العسكرية ضمن حملة «درع الفرات» لتشمل منطقتي عفرين وإدلب، قال يلدريم في تصريحات للصحافيين المرافقين له في رحلة عودته من فيتنام، نقلتها وسائل الإعلام التركية، الجمعة، إن القيام بعملية عسكرية في سوريا أمر وارد في ظل استمرار التهديدات من خارج الحدود؛ لكنه أشار إلى أن العملية لن تكون في القريب العاجل. وقال: «إن القرار بشأن عملية عسكرية كهذه، لا يمكن أن يتخذ دون تخطيط محكم واستشارات دولية وكثير من الإجراءات. تركيا لن تبادر بإطلاق عملية عسكرية خارج حدودها من فراغ».
وأوردت وسائل إعلام تركية مؤخراً، أن روسيا بدأت تسحب قواتها من عفرين، ممهدة الطريق لعملية تركية محتملة في المنطقة.
وعن إمكانية حدوث مواجهة تركية مع قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، قال يلدريم إنه ليس هناك سبب يدعو لحدوث مثل ذلك، إلا إذا فشلت الولايات المتحدة في الوفاء بتعهداتها فيما يتعلق بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، وذراعه المسلحة «وحدات حماية الشعب» الكردية.
وتابع: «لن نحصر أنفسنا فيما يقال فقط من واشنطن. لقد اتخذنا كافة الاحتياطات»، مشيراً إلى تعهد الإدارة الأميركية بسحب الأسلحة التي قدمتها لـ«وحدات حماية الشعب» بعد انتهاء عملية تحرير الرقة.
وتعارض تركيا قيام أي كيان انفصالي في سوريا، لا سيما في الشمال على حدودها الجنوبية. وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الثلاثاء الماضي، إن بلاده لن تسمح أبدا لـ«وحدات حماية الشعب» بتأسيس دولة لها في شمال سوريا وإقامة «ممر إرهاب» بين عفرين والبحر المتوسط.
وقال يلدريم، إن تركيا تتعاون مع روسيا وإيران في سوريا، وليس هناك ما يدعو إلى أن تقف الولايات المتحدة وتركيا على طرفي نقيض.
وتابع: «نحن نتحدث عن بلدين (تركيا وأميركا) عضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ويجب ألا يكون هناك ما يدعو لوجود مشكلات، بالطبع إذا ظهر منهم موقف غير ما أبلغونا به بشأن مسألة وحدات حماية الشعب الكردية، ستكون هناك مشكلة».
وتسلح واشنطن «وحدات حماية الشعب» التي تشكل غالبية قوام تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» لقتال تنظيم داعش، ما يثير غضب تركيا التي تعتبرها امتدادا لـ«حزب العمال الكردستاني» المحظور، وذلك في إطار عملية تدعمها واشنطن لطرد تنظيم داعش من معقله في مدينة الرقة السورية، وتخشى أنقرة من أن «وحدات حماية الشعب» ستغير التركيبة السكانية للرقة، وحذرت مراراً من أنها سترد إن واجهت أي تهديد عبر الحدود.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن روسيا تتفهم موقف أنقرة من «وحدات حماية الشعب» بشكل أفضل من الولايات المتحدة، مشيرا إلى ازدياد الخلاف بين البلدين العضوين في «ناتو»، وقال يلدريم إن تركيا توصلت مع موسكو إلى اتفاق لشراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي «إس - 400»، وإن اللجنة التنفيذية للتصنيع العسكري التركية ستتخذ القرار النهائي في هذا الشأن.
في السياق ذاته، بحث جاويش أوغلو، مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، الأوضاع في المنطقة، في اتصال هاتفي مساء أول من أمس. وقالت مصادر دبلوماسية تركية، إن جاويش أوغلو وتيلرسون تناولا في الاتصال الهاتفي تطورات الأوضاع في كل من سوريا والعراق وأفغانستان.
جاء ذلك بعد يوم واحد من زيارة وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس لأنقرة، حيث استحوذت مسألة الخلاف بشأن الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب» في سوريا، على جانب مهم في المحادثات.



​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
TT

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون في سجون مخابرات الجماعة الحوثية، أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين، في طليعتهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي»، رغم انقضاء شهرين على إيداعهم السجن بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى الثورة التي أطاحت أسلاف الجماعة.

وذكرت مصادر حقوقية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أفرجوا أخيراً عن خمسة فقط من المعتقلين في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، لكنها مستمرة في رفض إطلاق سراح وكيل وزارة الشباب والرياضة والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» أحمد العشاري وزميليه في الحزب أمين راجح وسعد الغليسي.

الحوثيون يرون قادة جناح «المؤتمر الشعبي» بصنعاء خصوماً لهم (إعلام محلي)

وقالت المصادر إن الجماعة تتهم المعتقلين بالتآمر مع الحكومة الشرعية لقيادة انتفاضة شعبية في مناطق سيطرتها تحت شعار الاحتفال بالذكرى السنوية لقيام «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت نظام حكم الإمامة في شمال اليمن عام 1962.

ووفق هذه المصادر، فإن الاتصالات التي أجراها جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين للمطالبة بالإفراج عن قياداته قوبلت بتعنت وتسويف.

وأشارت المصادر إلى أن مجموعة كبيرة من المعتقلين لا يُعرف مصيرهم، وأن كلّاً من فهد أحمد عيسى، وعمر أحمد منة، وأحمد البياض، وعبد الخالق المنجد، وحسين الخلقي لا يزالون رهن الاعتقال، إلى جانب الناشطة سحر الخولاني، والكاتبين سعد الحيمي، ومحمد دبوان المياحي، والناشط عبد الرحمن البيضاني، ورداد الحذيفي، وعبد الإله الياجوري، وغالب شيزر، وعبد الملك الثعيلي، ويوسف سند، وعبده الدويري، وغازي الروحاني.

شروط الإفراج

تقول مصادر سياسية في صنعاء إن «التحالف الشكلي» الذي كان قائماً بين جناح «المؤتمر الشعبي» والحوثيين قد انتهى فعلياً مع تشكيل حكومة الانقلاب الأخيرة، حيث تم استبعاد كل المحسوبين على هذا الجناح، وسيطرة الحوثيين على كل المناصب.

وبالتالي، فإن الحزب لا يعول على ذلك في تأمين إطلاق سراح المعتقلين، والذين لا يُعرف حتى الآن ما نيات الحوثيين تجاههم، هل سيتم الاحتفاظ بهم لفترة إضافية في السجون أم محاكمتهم؟

أكدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية استخدام الحوثيين التعذيب لانتزاع الاعترافات (إعلام حوثي)

ووفق إفادة بعض المعتقلين الذين أفرج الحوثيون عنهم، فقد تم استجوابهم بتهمة الانخراط في مخطط تآمري للإطاحة بحكم الجماعة في صنعاء بدعم وتمويل من الحكومة الشرعية.

وبعد جلسات من التحقيق والاستجواب وتفتيش الجوالات، ومراجعة منشورات المعتقلين في مواقع التواصل الاجتماعي، أفاد المعتقلون المفرج عنهم بأنه يتم الموافقة على إطلاق سراحهم، ولكن بعد التوقيع على تعهد بعدم العودة للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أو أي فعالية وطنية أخرى، وأن يظلوا رهن الاستعداد للحضور متى ما طُلب منهم ذلك إلى جهاز المخابرات الحوثي.

ولا تقتصر شروط الإفراج على ذلك، بل يُلزم المعتقلون بإحضار ضامن من الشخصيات الاجتماعية، ويكون ملزماً بإحضارهم متى طُلب منهم ذلك، ومنعهم من مغادرة منطقة سكنهم إلا بإذن مسبق، وعدم تغيير رقم جوالاتهم أو إغلاقها، وأن يظل تطبيق «الواتساب» يعمل كما كان عليه قبل اعتقالهم. كما يلحق بذلك تهديدات شفهية بإيذاء أطفالهم أو أقاربهم إذا غادروا إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو عادوا للنشر ضد الجماعة.

تعذيب مروع

بالتزامن مع استمرار الحوثيين في اعتقال المئات من الناشطين، كشف النائب اليمني المعارض أحمد سيف حاشد، عما سماها «غرف التعذيب» في سجون مخابرات الجماعة.

وقال حاشد إن هناك مسلخاً للتعذيب اسمه «الورشة» في صنعاء، وتحديداً في مقر سجن «الأمن والمخابرات» (الأمن السياسي سابقاً)، وإن هذا المسلخ يقع في الدور الثالث، وموزع إلى عدة غرف، وكل غرفة تحتوي على وسائل تعذيب تصنع في نفوس الضحايا الخوف المريع والبشاعة التي لا تُنسى.

الناشطة اليمنية سحر الخولاني انتقدت فساد الحوثيين وطالبت بصرف رواتب الموظفين فتم اعتقالها (إعلام محلي)

ووفق ما أورده حاشد، الذي غادر مؤخراً مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، توجد في هذا المكان سلاسل ترفع الشخص إلى الأعلى وتعيده إلى الأسفل بواسطة زر تحكم، حيث يُعلَّق الضحية ويُثبَّت بالطريقة التي يريد المحققون رؤيته عليها.

وذكر أن البعض من الضحايا يُعلق من يديه لساعات طويلة، وبعضهم يُعلق من رجليه، وبعد ذلك يتم إنزاله وقد صار عاجزاً أو محمولاً في بطانية.

ووفق هذه الرواية، فإن هذا القسم يشمل وسائل تعذيب متنوعة تشمل الكراسي الكهربائية، والكماشات لنزع الأظافر، والكابلات، والسياط، والأسياخ الحديدية، والكلاب البوليسية، وكل ما لا يخطر على البال من وسائل صناعة الرعب والخوف والألم.