«داعش» في «إطلالة إسبانية» يتوعد بإعادة «الخلافة» للأندلس ويهدد المسيحيين

أبو الليث القرطبي
أبو الليث القرطبي
TT

«داعش» في «إطلالة إسبانية» يتوعد بإعادة «الخلافة» للأندلس ويهدد المسيحيين

أبو الليث القرطبي
أبو الليث القرطبي

أعاد تنظيم داعش الإرهابي من جديد تهديده لإسبانيا ببسط نفوذه ونشر الخلافة المزعومة في بلاد الأندلس. بينما قال خبير أمني إن «استهداف إسبانيا يعبر عن توجه جديد لـ «داعش» الذي ركز أتباعه حتى الآن على استهداف الدول التي شاركت بصورة مباشرة في العمليات العسكرية ضده في سوريا والعراق... والتنظيم في تهديده الجديد يبحث عن التهويل الإعلامي».
وبث التنظيم شريط فيديو مصورا باللغة الإسبانية يهدد فيه إسبانيا بعمليات تفجيرية، وهو أول رسالة ينشرها باللغة الإسبانية... وبلغت مدة الفيديو أقل من 3 دقائق باللغتين العربية والإسبانية، وحمل عنوان «أول الغيث - غزوة برشلونة»... ويظهر في الفيديو شخصان أحدهما ملثم، يتحدثان الإسبانية بلكنة وصفت بأنها عربية.
ويقول أحد الرجلين في الشريط، والذي أطلق على نفسه اسم أبو الليث القرطبي «لا وجود للأبرياء ولا عصمة للدماء، والأندلس ستعود كما كانت»، متعهدا بالانتقام من المسيحيين الإسبان لدم المسلمين الذين سقطوا على أيدي محاكم التفتيش الكاثوليكية.
وأظهر الفيديو الداعشيين وهما يحرضان على تصفية الإسبان بقولهما «لن ندعكم تحلمون بالأمن والأمان»، حسب تعبيرهما في الفيديو.
الشرطة الإسبانية تعرفت على الإرهابيين وتحاول تتبعهما، فالأول هو محمد ياسين أحرام بيريز الملقب بـ«أبو الليث القرطبي» (22 عاما) من مواليد قرطبة لأم إسبانية وأب مغربي، وسبق له أن أدين بتهمة التورط في أنشطة إرهابية، وفي عام 2014 سافر أبوه أحرام مع أولاده إلى سوريا، حيث انضموا إلى تنظيم داعش الإرهابي... أما الشخص الآخر الملثم، فيطلق على نفسه اسم «أبو سلمان الأندلسي»، ويحمل بندقية على كتفه ويترحم على منفذي الهجمات في كاتالونيا، ويعد بمواصلة الحرب حتى يوم القيامة.
ويرى مراقبون أن «إصرار التنظيم على مواصلة استهداف إسبانيا تحديدا دون غيرها من الدول الأوروبية الأخرى، يعود لوجود عدد كبير من السجناء المسلمين في السجون الإسبانية».
من جانبه، قال العميد السيد عبد المحسن الخبير الأمني والاستراتيجي بمصر: إن مضمون الفيديو الذي بثه تنظيم داعش يهدد فيه الإسبان تضمن أربع رسائل، الأولى للمجتمع الإسباني تحمل الترهيب والتهديد بأنه سيعيد مشاهد العنف والدم عبر «الدهس والطعن بالسكين»، والرسالة الثانية كانت موجهة للخلايا النائمة لنيل استعطافهم والحصول على مبايعتهم للتنظيم للقيام بعمليات إرهابية مستقبلا باسم التنظيم دون الرجوع لقيادة «داعش».
مضيفا: أما الرسالة الثالثة فهي موجهة للأجهزة الأمنية في إسبانيا بأنها لن تهنأ وأن التنظيم سوف يواصل حرب طويلة ضدها، أما الرسالة الرابعة فهي البحث عن التهويل الإعلامي.
وأكد عبد المحسن، أن التسجيل المصور الأخير سيعطي فرصة للأجهزة الأمنية في أوروبا لتزيد من احتياطاتها الأمنية؛ نظرا لتلك التهديدات الإرهابية وتتبع الخلايا الإرهابية. موضحا أن استهداف إسبانيا يعبر عن توجه جديد لـ«داعش» الذي ركز أتباعه حتى الآن على استهداف الدول التي شاركت بصورة مباشرة في العمليات العسكرية ضده في سوريا والعراق.
ويواجه «داعش» هزائم كبيرة في سوريا والعراق من قبل قوات التحالف الدولي التي سيطرت على قرى بأكملها أخيرا، عكس ما كان يزعمه لعناصره من أنه تنظيم قوي، وأكثر التنظيمات تأثيرا في العالم.
وأعلن «داعش» مؤخرا تشكيل مجموعة باسم «الخيل المسوّمة» مهمتها دهس المدنيين في الدول الأوروبية وأميركا، مبررا ذلك بأن تلك الدول تحارب ما سماه بـ«دولة الخلافة» المزعومة.
وهدد «داعش» في فبراير (شباط) الماضي بشكل مباشر باستهداف المناطق السياحية الإسبانية التي من المتوقع أن يزورها هذا العام الملايين من البريطانيين، وفقا لتقرير حكومي رسمي... كما بث في يوليو (تموز) عام 2015 تسجيلا مرئيا من «الرقة» السورية، ظهر فيه شخصان يدعيان «أبو البراء الجزائري» و«أبو حفص الجزائري»، وهددا بأن الجزائر ستكون بوابة للتمدد لما أسماها «الأندلس»... وجاء في الفيديو «إنكم ستكونون حسب الحرب المقبلة، إن اشتعلت في أرض الجزائر ولن نقبل حتى نصل إلى الأندلس»، وتوعدا «لن تجدوا إلا النحر».
وكان «داعش» قد تبنى هجومي إسبانيا الأسبوع الماضي اللذين استهدفا برشلونة وكامبرليس وأوقعا العشرات بين قتيل وجريج.
لإسبانيا مكانة خاصة للدواعش على المستوى الروحاني، فقد كانت جزءا من إمبراطورية إسلامية، الأندلس، ويعتبرها عدد من منظري «داعش» جزءا من «أراضي الخلافة ومحتلة حاليا من قبل كفار»، على حد زعمهم.
ويتوقع مراقبون أن تتكثف هجمات انتقامية ضد أهداف غربية في أوروبا وفي مناطق أخرى حول العالم، خلال الأشهر والسنوات المقبلة، في المقابل يتفكك كيان «داعش» في سوريا والعراق.
وكان القضاء الإسباني قد قرر إطلاق سراح محمد علاء أحد المشتبهين بهم في اعتداءي إسبانيا اللذين تبناهما «داعش»؛ لكن بشكل مشروط بسبب ضعف الأدلة المتوافرة ضده، لكنه قرر في المقابل إبقاء محمد حولي شملال، وإدريس أوكبير رهن الاعتقال، ومنع علاء من السفر خارج إسبانيا، وهو لا يزال يخضع لتحقيقات رسمية.
وهؤلاء الأربعة هم المشتبه فيهم الوحيدون الناجون من الخلية الجهادية المتهمة بارتكاب الحادثين.
واعترف شملال أمام القضاء بأن الخلية الجهادية المتهمة بارتكاب اعتداءي إسبانيا، كانت تحضّر لتفجير عبوة ضخمة في أحد المعالم الأثرية.
وعثرت الشرطة تحت أنقاض منزل ألكانار على 120 عبوة غاز وآثار مادة بيروكسيد الأسيتون، وهو نوع من المتفجرات يستخدمه «داعش»... واعتقلت الشرطة الإسبانية في وقت سابق ستة مغاربة متهمين في القضية، وقتلت عددا آخر، بينما اعتقلت السلطات الأمنية المغربية شركاء لهم بكل من الناظور والدار البيضاء.


مقالات ذات صلة

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)
أفريقيا استنفار أمني صومالي في العاصمة مقديشو (متداولة)

مقتل 10 من عناصر حركة «الشباب» بغارة أميركية في الصومال

نفّذت الولايات المتحدة ضربة جوية في جنوب الصومال أسفرت عن مقتل عشرة من عناصر حركة «الشباب»، وفق ما أفاد الجيش الأميركي، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
شؤون إقليمية صمت إردوغان تجاه الحوار مع أوجلان يعرضه لضغوط المعارضة (الرئاسة التركية)

إردوغان تحت ضغط المعارضة لصمته تجاه الحوار مع أوجلان

يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضغوطاً من المعارضة لتوضيح موقفه من الاتصالات مع زعيم حزب «العمال» الكردستاني عبد الله أوجلان في مسعى لحل المشكلة الكردية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.