بريطانيا بين التحكم بالهجرة وخسارة عشرات الآلاف من الوظائف

دراسات وإحصائيات رسمية تؤكد خللاً في الميزان... والمعارضة تعتبر الأرقام مقلقة

مؤيدون للاتحاد الأوروبي على متن قارب في نهر التايمز يرفعون علم الاتحاد ويطالبون بالبقاء في التكتل (إ.ب.أ)
مؤيدون للاتحاد الأوروبي على متن قارب في نهر التايمز يرفعون علم الاتحاد ويطالبون بالبقاء في التكتل (إ.ب.أ)
TT

بريطانيا بين التحكم بالهجرة وخسارة عشرات الآلاف من الوظائف

مؤيدون للاتحاد الأوروبي على متن قارب في نهر التايمز يرفعون علم الاتحاد ويطالبون بالبقاء في التكتل (إ.ب.أ)
مؤيدون للاتحاد الأوروبي على متن قارب في نهر التايمز يرفعون علم الاتحاد ويطالبون بالبقاء في التكتل (إ.ب.أ)

شكلت مستويات الهجرة العالية إلى بريطانيا أحد الأسباب الرئيسية لنتيجة الاستفتاء على خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي في العام الماضي. لكن التحكم بالهجرة له سلبياته أيضا، حسب الدراسات التي أعدت في هذا المجال، والتي تعكس ما يمكن أن تخسره بريطانيا من وظائف في مهارات مختلفة، خصوصا في القطاع المصرفي، الذي أصبح محط أعين فرانكفورت ومدن أوروبية أخرى. ويبدو أن البيانات البريطانية الأخيرة تؤكد توجه انخفاض المهاجرين من الدول الأوروبية عقب تصويت بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي العام الماضي.
وقضية الوضع المقبل لنحو 3.2 مليون أوروبي يعيشون في المملكة المتحدة ولنحو مليون بريطاني يقيمون في أنحاء الاتحاد الأوروبي هي في صلب مفاوضات الخروج التي بدأت بين لندن وبروكسل في يونيو (حزيران) الماضي.
وقالت بريطانيا إن أعداد المهاجرين الوافدين تراجعت بواقع 81 ألف شخص لتصل إلى 246 ألف مهاجر حتى 31 مارس (آذار) الماضي، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى انخفاض أعداد الوافدين الجدد وارتفاع أعداد المواطنين الأوروبيين الذين يغادرون البلاد.
وقال مكتب الإحصاءات الوطنية، إنه كان من المتوقع أن يبلغ عدد المهاجرين الوافدين 588 ألف مهاجر، وأن يبلغ عدد المهاجرين المغادرين 342 ألف شخص. وأضاف المكتب «أكثر من نصف التغير الذي طرأ على صافي معدل الهجرة يمكن إرجاعه إلى انخفاض في معدل هجرة المواطنين الأوروبيين بواقع 51 ألف مهاجر».
واتهم فينس كيبل، زعيم حزب الديمقراطيين الليبراليين، حزب المحافظين الحاكم بقيادة رئيسة الوزراء تيريزا ماي بالسماح بـ«خروج مواطني وشركات الاتحاد الأوروبي من بريطانيا».
وقال كيبل في بيان: «هذه الأرقام تظهر معدلا مثيرا للقلق بشكل عميق لخروج مواطني الاتحاد الأوروبي من بريطانيا، بعد أن اتخذوا من المملكة المتحدة وطنا لهم». وأضاف كيبل: «جاء هذا بشكل رئيسي نتيجة لفشل حكومة تيريزا ماي في ضمان حق البقاء لمواطني الاتحاد الأوروبي»، مضيفا أن العديد من الشركات البريطانية «تكافح من أجل توظيف العمال المهرة الذين تحتاج إليهم» بسبب الخروج الجماعي لمواطني الاتحاد الأوروبي.
وتحدث بنك الأعمال الأميركي (غولدمان ساكس) عن إحداث مئات من فرص العمل في «ميسيتورم» مقره الألماني في فرانكفورت. كما ترغب مؤسستا «سوميتومو ميتسوي» و«نومورا» الماليتان اليابانيتان في نقل مقريهما الأوروبيين إلى ألمانيا.
وكشفت دراسة نشرت أمس (الجمعة) عن أن منطقة فرانكفورت بغرب ألمانيا يمكن أن تكسب نحو 100 ألف وظيفة جديدة في السنوات الأربع المقبلة بسبب خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، معظمها خارج القطاع المالي. ورأت هذه الدراسة التي طلبها جهاز تنمية فرانكفورت «فرانكفورت ماين فياننس» في معهد «أوتو بايشم للإدارة» في فالاندار (غرب)، أنه بعد أكثر من عام من الاستفتاء البريطاني، تبدو فرانكفورت في وضع جيد «لكسب السباق» مع مدن أخرى تسعى لجذب مؤسسات أجنبية مستقرة في لندن. وبحسب بيان تلخيصي للدراسة، كما أوردته وكالة «رويترز»، فإن الباحثين يتوقعون عملية مزدوجة تتمثل في نقل مراكز عمل في القطاع المالي ترافقها «آثار مضاعفة تؤدي إلى نمو في فروع أخرى» اقتصادية. وتوقعوا إحداث عشرة آلاف وظيفة إضافية بحلول 2021 في القطاع المالي. وأشارت توقعات «حذرة» إلى 21 ألفا و300 وظيفة غير مالية تضاف إلى مدينة فرانكفورت. لكن السيناريو الأكثر «تفاؤلا» أشار إلى أن 88 ألف وظيفة خارج القطاع المالي في كامل منطقة «راين ماين» التي تمتد من مشارف بافاريا إلى بادي - فورتنبرغ. ويعمل في القطاع المالي حاليا 13 في المائة من الفئات العاملة في فرانكفورت مقابل 15 في المائة في 2008، وهو تراجع مرتبط بالأزمة المالية.
ويتوقع أن تنقل أكبر البنوك الألمانية (دويتشي بنك) وحدها أربعة آلاف وظيفة إلى الاتحاد الأوروبي من تسعة آلاف موظف في بريطانيا. كما أن فرانكفورت مرشحة لاحتضان السلطة المصرفية الأوروبية (إيه بي آي). وتجعل هذه التحركات فرانكفورت تأمل في موارد ضريبية إضافية تصل إلى ما بين 136 و191 مليون يورو، بحسب الدراسة.
وأشار هوبرتوس فاث، مدير «فرانكفورت ماين فايننس»، بحسب البيان، إلى أنه «من المهم اغتنام هذا النمو وتنظيمه. هذا تحد».
واعتذرت الحكومة البريطانية عن إرسال 100 خطاب لإخطار مواطنين من الاتحاد الأوروبي بأنه لم يعد يحق لهم البقاء في البلاد، وأنهم لا بد أن يغادروا البلاد خلال شهر، وإلا سيواجهون الترحيل، حسبما أعلنت وزارة الداخلية الأربعاء. وظهر الخطأ إلى النور، بعدما نشرت المواطنة الفنلندية إيفا يوهانا هولمبرج، وهي أستاذة تاريخ زائرة في جامعة كوين ماري في لندن، تفاصيل الخطاب التي تلقته عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وكتبت هولمبرج عبر موقع «تويتر»: «وزارة الداخلية ترغب في ترحيل أكاديمية
فنلندية متزوجة من بريطاني وتدفع الضرائب في بريطانيا، وهي أنا». وتحدثت رئيسة الوزراء تيريزا ماي عن «خطأ مؤسف» من قبل وزارة الداخلية، قائلة: «أفهم أنهم تحركوا سريعا للاتصال بالأشخاص الذين تلقوا هذه الرسائل ونؤكد لهم أنهم لن يتم ترحيلهم، وأريد طمأنة مواطني الاتحاد الأوروبي هنا في المملكة المتحدة أن حقوقهم ووضعهم في المملكة المتحدة لم تتغير».
ومن جانب آخر، كلفت الحكومة البريطانية لجنة بإعداد تقرير عن الأثر الاقتصادي للطلاب الأجانب الدارسين في جامعات البلاد في إطار نقاش حاد عما إذا كان يجب ضم هذه الفئة إلى الخطة الحكومية لخفض معدلات الهجرة إلى البلاد لتصبح في خانة عشرات الآلاف. وقالت وزيرة الداخلية أمبر وود في بيان «لا يوجد حد لعدد الطلاب الأجانب الحقيقيين الذي يصلون إلى المملكة المتحدة لمتابعة دراستهم. وكوننا ثاني مقصد على مستوى العالم لمثل هؤلاء الأشخاص الذي يطلبون التعليم العالي هو أمر يجب أن نفخر به». وأضافت: «نحن نفهم مدى أهمية وجود الطلاب من جميع أنحاء العالم لقطاع التعليم العالي لدينا وهو مورد أساسي لبلادنا؛ ولهذا نريد أن يكون لدينا قاعدة مفاهيم مستقلة وصلبة عن قيمتهم والتأثير الذي يحدثونه». ووفقا للأرقام الرسمية، فإن الطلاب الدوليين يمثلون نحو ربع حركة الهجرة في الإجمال.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».