ألمانيا تحقق فائضاً في الموازنة هو الأكبر منذ ربع قرن

رغم تراجع طفيف بالمعنويات... الثقة لا تتزحزح في زعيمة الاقتصاد الأوروبي

يظهر تحقق الناتج القومي الألماني المحلي ارتفاعا بنسبة 0.6 في المائة
يظهر تحقق الناتج القومي الألماني المحلي ارتفاعا بنسبة 0.6 في المائة
TT

ألمانيا تحقق فائضاً في الموازنة هو الأكبر منذ ربع قرن

يظهر تحقق الناتج القومي الألماني المحلي ارتفاعا بنسبة 0.6 في المائة
يظهر تحقق الناتج القومي الألماني المحلي ارتفاعا بنسبة 0.6 في المائة

سجلت ألمانيا في النصف الأول من العام الحالي رقما قياسيا غير مسبوق منذ أكثر من ربع قرن في فائض موازنتها، بفضل النمو الاقتصادي القوي والأوضاع المواتية على نحو غير مسبوق في سوق العمل... وذلك على الرغم من الإشارة أمس إلى أن ثقة الشركات الألمانية تراجعت قليلا في شهر أغسطس (آب) الحالي، بعدما كانت قد سجلت رقما قياسيا في شهر يوليو (تموز) الماضي... وهي النتائج التي تعزز كثيرا من الاطمئنان إلى مستقبل الاقتصاد الألماني قبل نحو شهر من الانتخابات العامة التي تؤثر كثيرا على هذا البلد، وعلى اقتصاد منطقة اليورو، والاقتصاد الأوروبي بشكل عام.
وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي، في مقره بمدينة فيسبادن أمس (الجمعة) استنادا إلى بيانات مؤقتة، أن إجمالي إيرادات الحكومة الاتحادية والولايات والمحليات وصناديق الضمان الاجتماعي ارتفع عن نفقاتها بمقدار 18.3 مليار يورو (نحو 21.59 مليار دولار) في النصف الأول من العام الحالي؛ وذلك نظرا لارتفاع إيرادات قطاع التصدير ومعدلات الاستهلاك، وبالتالي استقرار النمو الاقتصادي، وتراجع نسبة البطالة إلى نسبة 5.9 في المائة. وأكد المكتب في تقريره أمس، أن «ارتیاح الاقتصاد العالمي ساهم في النصف الأول من العام الحالي في زيادة الطلب على البضائع الألمانیة، ولا سیما الآلات؛ الأمر الذي يؤدي تلقائیا إلى ارتفاع معدلات التوظیف».
كما أظهرت البيانات الصادرة أمس نمو أكبر اقتصاد في منطقة اليورو بنسبة 0.6 في المائة على أساس معدل موسمياً في الربع الثاني. وجاءت هذه الزيادة نتيجة لارتفاع الاستهلاك الخاص بنسبة 0.25 في المائة على أساس ربع سنوي، وهو معدل أكثر من المتوقع سابقا.
ولم يحقق هذا المعدل سوى مرة واحدة منذ عام 2011، وكان أقوى من توقعات النمو الاقتصادي البالغة 0.7 في المائة. وبذلك، حققت الخزائن العامة في ألمانيا أعلى زيادة في إيراداتها بـ«إمكاناتها الخاصة» منذ توحيد شطري البلاد عام 1991؛ وذلك بتجنيب «حدث استثنائي» وحيد، حين سجلت ألمانيا فائضا أعلى في إيرادات موازنتها في النصف الثاني من عام 2000، والذي بلغ آنذاك 28.8 مليار يورو، وذلك بفضل بيع تراخيص نظم الاتصالات الجوالة.
وبهذه النتائج يظهر تحقق الناتج القومي الألماني المحلي ارتفاعا بنسبة 0.6 في المائة، مقارنة بالنصف الثاني من العام الماضي، لیبقى بذلك أكبر اقتصاد في أوروبا بعیدا عن خطر تكبد الديون الذي تحدده اتفاقیة «ماستريخت» عند نسبة 3 في المائة من الناتج القومي المحلي.
وفي سياق متصل، أعلن المكتب أن ألمانيا حققت فائضا في ميزانيتها العام الماضي أكبر مما أُعلن من قبل. وذكر المكتب، ردا على استفسار، أن فائض ميزانية الحكومة الاتحادية والولايات والمحليات وصناديق الضمان الاجتماعي بلغ إجماليه العام الماضي 25.7 مليار يورو.
وكان المكتب أعلن في فبراير (شباط) الماضي، استنادا إلى بيانات مؤقتة، أن فائض الميزانية لكامل عام 2016 بلغ 23.7 مليار يورو، وهو ثالث عام على التوالي تحقق فيه ألمانيا فائضا في الميزانية. وشكل فائض الميزانية العام الماضي، وفقا للحسابات الجديدة، ما نسبته 0.08 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
لكن على صعيد التجارة الخارجية، بدت الأرقام أمس أقل قليلا من قوة الاقتصاد الألماني؛ إذ زادت الصادرات بنسبة 0.7 في المائة فقط خلال الربع الماضي، بينما نمت الواردات بنسبة 1.7 في المائة.
وتواجه ألمانيا، التي تقود بقوتها الاقتصادية النمو والانتعاش في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي، انتقادات كبرى من الولايات المتحدة وإدارة الرئيس دونالد ترمب، والذي يقول إن برلين تخفض قيمة عملتها (اليورو) عمدا من أجل خنق التنافسية، وأنها تتسبب في اختلال بتوازن الاقتصاد العالمي. وفي سياق ذي صلة، أظهر مسح نشرت نتائجه أمس، أن ثقة الشركات الألمانية تراجعت قليلا في أغسطس بعدما بلغت ثلاث مستويات قياسية على التوالي، بما يشير إلى أن موجة الصعود بقيادة الاستهلاك في أكبر اقتصاد أوروبي ربما بلغت مداها... لكن النتائج تظهر في الوقت ذاته أن ثقة قطاع الأعمال الألمانية لا تزال قوية، وبخاصة إذا ما وضع في الاعتبار أن الدولة مقبلة على انتخابات تشريعية قريبة بعد نحو شهر من الآن، والتي تطمح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من خلالها الفوز بولاية رابعة، وهو الأمر الأكثر احتمالا في غياب مرشحين أقوياء منافسين لها.
وقال معهد «إيفو» الاقتصادي ومقره ميونيخ، إن مؤشره لمناخ الأعمال، الذي يستند إلى مسح شهري يشمل نحو سبعة آلاف شركة، تراجع إلى 115.9 نقطة من 116 في يوليو. وشمل الاستطلاع سبعة آلاف شركة، وجاءت نتيجته أفضل من المتوقع... وكان متوسط التوقعات في استطلاع لـ«رويترز» يشير إلى قراءة تبلغ 115.5 نقطة، في حين كان المحللون الذين استطلعت آراءهم مؤسسة «فاكت - سيت» توقعوا تراجعا إلى مستوى 115.7 نقطة.
وقال كليمنس فيوست، رئيس معهد «إيفو»، في بيان: إن «الثقة لدى قطاع الأعمال لا تزال قوية»، مضيفا أن «الاقتصاد الألماني لا يزال على مسار النمو». وقال المعهد إن «التراجع الطفيف» مرده تقديرات قادة الأعمال «الأقل إيجابية» للوضع الراهن، في حين توقعاتهم المستقبلية «مشرقة».
وتضاف الثقة القوية إلى سلسلة من المعطيات الإيجابية للقوة الاقتصادية الأوروبية الأولى؛ ما يعزز موقع المحافظين وعلى رأسهم المستشارة أنجيلا ميركل عشية انتخابات 24 سبتمبر (أيلول) المقبل.
وفي قطاعات أخرى من الاقتصاد، فإن «التشاؤم الأكبر» يأتي من تجار التجزئة الذين كانوا «أقل رضا» بوضعهم الحالي وأقل تفاؤلا بالمستقبل. وقال فيوست، إن «تجار السيارات مسؤولون إلى حد كبير عن التراجع». ويواجه قطاع السيارات القوي في ألمانيا تبعات فضيحة تدليس خاصة بمحركات السيارات العاملة بالديزل، واتهامات بأن بعض صانعي السيارات تلاعبوا بمسائل تقنية بينها تكنولوجيا الانبعاثات... غير أن الفضيحة لم تؤثر بعد على الثقة بين مصنعي السيارات، بحسب فيوست، والذي قال إنه «في كارتل قطاع السيارات، لم تنعكس الاتهامات وقضية الديزل على نتائج الاستطلاعات لغاية الآن، ومؤشر مناخ الأعمال لا يزال عند مستوى مرتفع جدا». لكن على الجانب الآخر، بلغ التفاؤل مستويات قياسية جديدة في قطاعي التصنيع والبناء، حيث أنهى قطاع صناعة البناء والتشييد في ألمانيا الربع الثاني من العام الحالي على ارتفاع، في الوقت الذي ساعدت فيه معدلات الفائدة المنخفضة التاريخية، وارتفاع الأجور والنمو الاقتصادي القوي على تحقيق طفرة في الإسكان، حسبما أظهرت بيانات أصدرها مكتب الإحصاء الاتحادي «ديستاتيس» أمس. وقال مكتب ديستاتيس أن سجل الطلبيات بشأن أعمال البناء في أكبر اقتصاد في أوروبا سجلت قفزة بنسبة 3.9 في المائة في يونيو (حزيران) الماضي، مقارنة بشهر مايو (أيار) السابق.



«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
TT

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)
جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة، قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

وقال نائب رئيس البنك، جودت أكتشاي، إن دورة خفض أسعار الفائدة لا يتم تقييمها في الوقت الحالي، وإن الشرط الرئيسي لتقييم دورة الاسترخاء في السياسة النقدية هو الانخفاض الكبير والدائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن أكتشاي قوله، في مقابلة مع «رويترز»: «نحن نراقب عن كثب توقعات التضخم في السوق والشركات والأسر، التوقعات بدأت للتو في التقارب مع توقعاتنا لنهاية العام، نحن نقدر أن التعديلات في الضرائب والأسعار المدارة ستضيف 1.5 نقطة إلى التضخم الشهري في يوليو (تموز) الحالي».

وأكد أن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه «بالصبر والتصميم»، مضيفاً: «تخفيض سعر الفائدة ليس على جدول أعمالنا في الوقت الحالي، ولن يكون خفض سعر الفائدة على جدول الأعمال حتى تتم ملاحظة انخفاض دائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري، وترافق ذلك مع المؤشرات الأخرى التي نتابعها عن كثب».

ولفت أكتشاي إلى أن المصارف المركزية تميل إلى البقاء في الجانب الحذر، ولا تتخلى عن احتياطاتها و«تفضل ارتكاب الأخطاء من خلال البقاء في الجانب الحذر».

وأوضح أنه سيكون هناك خطر عودة التضخم بسبب التخفيض المبكر لأسعار الفائدة، أو في الوضع الذي تؤدي فيه فترة التشديد المفرطة أو الطويلة، دون داعٍ، إلى هبوط حاد».

وأضاف المسؤول المصرفي التركي أنه «على الرغم من عدم تقييم دورة خفض أسعار الفائدة حالياً، فإنه ستتم إدارة هذه العملية من خلال إعطاء إشارة، لا لبس فيها، بأن الموقف المتشدد في السياسة النقدية سيتم الحفاظ عليه عندما تبدأ التخفيضات».

ورداً على سؤال بشأن مراقبة المشاركين في السوق، عن كثب، توقعات التضخم للشركات والأسر، قال أكتشاي: «لسوء الحظ، فقط توقعات المشاركين في السوق هي التي بدأت تتقارب مع توقعاتنا لنهاية العام الحالي، الأسر أقل حساسية نسبياً لتوقعات المصرف المركزي».

وأظهر آخر استطلاع للمشاركين في السوق من ممثلي القطاعين المالي والحقيقي، أعلن «المركزي» التركي نتائجه منذ أيام، أن التضخم سيتراجع في نهاية العام إلى 43 في المائة، وإلى 30 في المائة بعد 12 شهراً، بينما أظهر أن توقعات الأسر للتضخم في يوليو تبلغ 72 في المائة، وتوقعات الشركات 55 في المائة، وهي نسبة أعلى بكثير من توقعات السوق.

والأسبوع الماضي، أكد رئيس «المركزي» التركي، فاتح كاراهان، أن المصرف سيستمر في موقفه النقدي المتشدد حتى نرى انخفاضاً كبيراً ومستداماً في التضخم الشهري، وتقترب توقعات التضخم من توقعاتنا.

وثبت «المركزي» التركي، الثلاثاء الماضي، سعر الفائدة الرئيسي عند 50 في المائة للشهر الرابع على التوالي، متعهداً بالاستمرار في مراقبة الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري وتشديد السياسة النقدية إذا دعت الضرورة لذلك.

وقال كاراهان إن «المركزي» التركي يستهدف خفض التضخم لا تحديد سعر صرف الليرة، موضحاً أن الأخير هو نتيجة للأول.

مركز الغاز الروسي

على صعيد آخر، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، إن بلاده قريبة من إنجاز مركز الغاز الروسي، وإن البنية التحتية اللازمة للمشروع متوافرة.

وأضاف بيرقدار، في مقابلة تلفزيونية الجمعة: «لقد أنشأنا بالفعل البنية التحتية اللازمة وبحلول عام 2028، سنضاعف حجم مرافق تخزين الغاز، كما نناقش مع بلغاريا زيادة قدرة الربط البيني».

وقال رئيس لجنة مجلس «الدوما» الروسي لشؤون الطاقة، بافيل زافالني، بعد زيارة عمل إلى تركيا في يونيو (حزيران) الماضي، إن القرارات بشأن بناء مشروع «مركز للغاز» في تركيا ستتخذ هذا العام، في ظل زيادة الاهتمام به، مؤكداً أن المشروع «موثوق وآمن ولن يتعرض للعقوبات».

وسبق أن أعلن الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، أن المركز، الذي كان اتخذ القرار بتنفيذه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين منذ نحو عامين، سيقام في تراقيا، شمال غربي تركيا.

وتأمل تركيا في أن يسمح لها مركز الغاز، الذي سيعمل على نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بأن تصبح مركزاً لتحديد أسعار الغاز.

وقال بيرقدار إنه «من خلال الاستثمارات في البنية التحتية، ستتمكن تركيا من زيادة واردات الغاز الطبيعي إلى حجم 70 - 80 مليار متر مكعب قياساً بـ50 ملياراً حالياً».

ولفت إلى أن العمل سينطلق في المستقبل القريب بين شركة خطوط أنابيب البترول التركية (بوتاش) وشركة «غازبروم» الروسية بشأن إنشاء مركز الغاز.