لجنة دولية تحذر من تهميش الروهينغا وخطر «التطرف» في بورما

أوصت بمنح الجنسية ومزيد من الحقوق للأقلية المسلمة

الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي أنان (وسط) في العاصمة يانغون أمس لتقديم تقريره (أ.ف.ب)
الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي أنان (وسط) في العاصمة يانغون أمس لتقديم تقريره (أ.ف.ب)
TT

لجنة دولية تحذر من تهميش الروهينغا وخطر «التطرف» في بورما

الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي أنان (وسط) في العاصمة يانغون أمس لتقديم تقريره (أ.ف.ب)
الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي أنان (وسط) في العاصمة يانغون أمس لتقديم تقريره (أ.ف.ب)

حذرت لجنة دولية من أن استمرار تهميش الروهينغا، الأقلية المسلمة في بورما، سياسيا واقتصاديا، قد يجعل ولاية راخين أرضا خصبة للتطرف، قائلة إنه «إذا تم تجاهل استياء السكان فسيكون تجنيد المتطرفين أسهل». وطالبت اللجنة التي يترأسها الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي أنان من بورما أمس (الخميس)، إلى إعطاء مزيد من الحقوق لأقلية الروهينغا. وأصبحت معاملة نحو 1.1 مليون مسلم من الروهينغا أشد قضايا حقوق الإنسان سخونة في بورما التي تقطنها أغلبية بوذية في وقت تشهد فيه البلاد تحولات بعد حكم عسكري صارم استمر عقودا.
ورحبت منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان أمس (الخميس) بهذا التقرير. وقال مدير إدارة آسيا في منظمة «هيومان رايتس ووتش» فيل روبرتسون، إن «اللجنة وضعت فعلا يدها على القضية الأساسية، وهي القيود المفروضة على حرية التنقل، وتأثير ذلك على إمكانية العمل والحصول على الخدمات الأساسية مثل المدارس والمستشفيات».
لكن حرصت اللجنة في تقريرها على ألا تستخدم كلمة الروهينغا المحظورة التي تعتبر السلطان البورمية أفرادها مهاجرين من بنغلاديش المجاورة وتسميهم «بنغاليين». وقال التقرير النهائي لهذه اللجنة غير المسبوقة التي شكلت في 2016 بطلب من وزيرة الخارجية البورمية المعارضة السابقة أونغ سان سو تشي، التي واجهت انتقادات حادة من الأسرة الدولية لإدارتها الملف: «ما لم يتم إيجاد حلول للمشكلات بسرعة، هناك خطر تطرف داخل المجموعتين» المسلمة والبوذية. وكانت أونغ سان سو تشي أكدت عند تقديمها أنان أنه «سيساعدنا في ترميم جروحنا»، مؤكدة أنه «لا يمكننا تجاهل المشكلات».
ودعت اللجنة بورما إلى مراجعة قانون «1982» المثير للجدل الذي يحظر منح الجنسية إلى نحو مليون من الروهينغا. كما دعتها إلى الاستثمار بشكل كبير في الولاية والسماح للإعلام بالوصول إلى تلك المنطقة دون إعاقة.
واندلعت أعمال عنف أدت إلى سقوط قتلى في السنوات الماضية في ولاية راخين التي تقع في غرب بورما وتضم غالبية مسلمة في بلد يشكل البوذيون معظم سكانه، ويتمتع فيه الكهنة البوذيون الذين يعتبرون المسلمين تهديدا بنفوذ كبير.
وتقول السلطات البورمية، إن مجموعة من «الإرهابيين» الروهينغا شنت هجمات قتل فيها شرطيون في خريف 2016. تلاها تشدد من قبل الجيش في المنطقة، حيث أحرقت قرى وفر أكثر من 87 ألفا من الروهينغا بشكل جماعي إلى بنغلاديش المجاورة، وتحدثوا عن عمليات قتل واغتصاب جماعي وحرق قرى في جرائم قالت الأمم المتحدة إنها يمكن أن تشكل جرائم ضد الإنسانية.
وتدهور الوضع في الولاية مرة أخرى هذا الشهر عندما بدأت قوات الأمن «عملية تطهير» جديدة، وتحولت التوترات إلى بلدة راثيتوانج التي يعيش فيها البوذيون والروهينغا جنبا إلى جنب.
وقالت اللجنة المؤلفة من تسعة أعضاء في تقريرها النهائي: «في حين أن من حق ميانمار تماما أن تدافع عن أراضيها فمن المستبعد أن ينجح الرد بقوة عسكرية كبيرة في تحقيق السلام في المنطقة». وأضافت أن استجابة شاملة ودقيقة مطلوبة بشكل عاجل «لضمان عدم تصاعد العنف واحتواء التوترات الطائفية».
وأكد التقرير أن «اللجنة تدعو الحكومة إلى ضمان حرية الحركة للجميع أيا تكن ديانتهم أو أصولهم القومية أو جنسيتهم». والوضع صعب خصوصا لـ120 ألف مسلم يعيشون في مخيمات للنازحين في ولاية راخين، لا يمكنهم مغادرتها من دون تصريح ولا يخرج منها إلا القليل منهم. وقالت اللجنة إنها تصر على ضرورة «إغلاق كل مخيمات النازحين» واقتراح حلول بديلة لائقة للسكان الذين فروا من القرى ومن جيرانهم البوذيين، معظمهم بعد أعمال العنف بين المجموعتين في 2012. وستضع توصيات لجنة أنان الضغوط على حكومة سان سو تشي لتنفيذ توصياتها بإحداث تغييرات واسعة في راخين.
وقال أنان في بيان: «من دون إجراء مشترك - بقيادة الحكومة وبمساعدة جميع القطاعات الحكومية والمجتمعية - نواجه خطر العودة إلى دائرة أخرى من العنف والتطرف، التي سوف تفاقم من عمق الفقر المزمن الذي يؤرق ولاية راخين».
وتواجه أونغ سان سو تشي معارضة شديدة من القوميين البوذيين الذين ينبذون الروهينغا ويريدون طردهم من البلاد. كما أنها لا تتمتع بسلطة كبيرة على الجيش القوي والمعروف بانتهاكاته وقسوته. والروهينغا محرومون من الحصول على جنسية ميانمار وتعتبرهم السلطات مهاجرين غير شرعيين من بنغلاديش، وذلك رغم أنهم يؤكدون أن جذورهم في المنطقة ترجع لمئات السنين. وقالت اللجنة إنها تصر على ضرورة «إغلاق كل مخيمات النازحين» واقتراح حلول بديلة لائقة للسكان الذين فروا من القرى ومن جيرانهم البوذيين، معظمهم بعد أعمال العنف بين المجموعتين في 2012.
وقالت الأمم المتحدة، في تقرير سابق نشر في فبراير (شباط)، إن قوات الأمن شنت حملة «من المرجح جدا» أنها ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي. وقاد ذلك إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق بعد شهر. لكن المحققين المحليين في ميانمار انتقدوا تقرير الأمم المتحدة هذا ورفضوا أي مزاعم عن انتهاكات. ورفضت ميانمار منح تأشيرات دخول لثلاثة خبراء عينتهم الأمم المتحدة، وفي المقابل قالت الحكومة إنها ستلتزم بتوصيات لجنة أنان.
لكن لجنة أنان، التي تتمتع بتفويض واسع النطاق للنظر في قضايا أخرى مثل التنمية الاقتصادية على المدى الطويل والتعليم والرعاية الصحية في الولاية، قالت إنها «غير مفوضة بالتحقيق في قضايا بعينها تتعلق بمزاعم انتهاك حقوق الإنسان».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.