السيسي يوجه بإقرار استراتيجية شاملة لمحاربة الإرهاب

وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف، بصياغة وإقرار استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف داخليا وخارجيا، بحيث تشمل مختلف المحاور الأمنية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية، فضلا عن تعزيز التنسيق بين جميع أجهزة الدولة لتنفيذ هذه الاستراتيجية. في حين أعلنت وزارة الداخلية في مصر عن ضبط أكبر مصنع لتصنيع المتفجرات لحركة «حسم» الإرهابية وتصفية اثنين من عناصرها.
وأصدر السيسي في يوليو (تموز) الماضي قرارا بإنشاء مجلس قومي لمواجهة الإرهاب والتطرف، يتمتع بسلطة واسعة لوضع سياسات تهدف إلى «مواجهة التطرف». وتقاتل مصر تنظيم «ولاية سيناء» المتشدد الموالي لتنظيم داعش في شبه جزيرة سيناء منذ عام 2013 وانتقلت الهجمات والمواجهات على نحو متزايد إلى مناطق أخرى في البلاد خلال الأشهر الأخيرة؛ أبرزها تفجيران في كنيستين في الإسكندرية وطنطا أعلنت «داعش» مسؤوليتها عنهما وأسفرا عن مقتل ما لا يقل عن 44 شخصا. على أثرهما أعلن السيسي حالة الطوارئ وتعهد بإنشاء مجلس قومي لاقتلاع جذور التطرف.
وأكد السيسي خلال ترأسه الاجتماع الأول للمجلس بكامل هيئته أمس، أهمية أن يساهم المجلس في جهود نشر الخطاب الديني المعتدل والمفاهيم الصحيحة، بالإضافة إلى وضع خطط لحماية الشباب من التطرف، ودعم جهود توفير فرص العمل لهم، موجها بالاستمرار في تطوير المفاهيم الدراسية لمختلف المراحل التعليمية، بما يرسخ مبادئ المواطنة وقبول الآخر ونبذ العنف والتطرف.
وقال السفير علاء يوسف المتحدث الرئاسي إن الرئيس تحدث في بداية الاجتماع عن أهمية دور المجلس القومي خلال هذه المرحلة المهمة التي يمر بها الوطن، لا سيما في ضوء انتشار خطر الإرهاب والتطرف، الذي أصبح ظاهرة تهدد العالم بأسره، وهو ما يتطلب التحرك بخطى ثابتة على المستويين الوطني والدولي من أجل العمل على مكافحة الإرهاب والتطرف بفاعلية... وإن الرئيس أشار إلى أهمية التوصل إلى رؤية شاملة بشأن أفضل السبل لتفعيل عمل المجلس، وتمكينه من الاضطلاع بمهامه خلال المرحلة المقبلة من خلال حشد الطاقات المؤسسية والمجتمعية اللازمة، للحد من مسببات الإرهاب وجذوره ومعالجة آثاره.
وشدد السيسي على أهمية مراجعة التشريعات المتعلقة بمواجهة الإرهاب على الصعيدين الوطني والدولي، واقتراح تعديلها لمواجهة أوجه القصور في الإجراءات، وكذا الارتقاء بمنظومة التنسيق والتعاون في مكافحة الإرهاب مع المجتمع الدولي، وخاصة دول الجوار.
وأكد الرئيس أهمية أن يستند عمل المجلس إلى الأفكار الجديدة والمبتكرة مع التوصيف الحقيقي للواقع، إلى جانب البناء على الخطط والاستراتيجيات التي سبق إعدادها والعمل على تطويرها، ووجه بضرورة إيلاء المحور الإعلامي الاهتمام اللازم، بحيث يساهم عمل المجلس أيضا في زيادة الوعي المجتمعي بسبل التعامل مع ظاهرة الإرهاب والتطرف والتصدي لها.
وذكر السفير يوسف أن أعضاء المجلس طرحوا خلال الاجتماع تصوراتهم لقضية مكافحة الإرهاب والتطرف وأهم أسبابها وسبل معالجتها، وتم الاتفاق خلال الاجتماع على إعداد الهيكل التنظيمي للمجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف خلال الفترة المقبلة، وأن يعقد المجلس جلساته بشكل دوري على فترات متقاربة.
وأوضحت مصادر مطلعة أن المجلس «سوف يضع الخطط اللازمة لإتاحة فرص عمل بمناطق التطرف وإنشاء مناطق صناعية بها ودراسة منح قروض ميسرة لمن يثبت من خلال المتابعة إقلاعه عن الفكر المتطرف، وينسق أيضا مع المؤسسات الدينية والأجهزة الأمنية لتمكين الخطاب الديني الوسطي المعتدل ونشر مفاهيم الدين الصحيح بالمجتمع في مواجهة الخطاب المتشدد».
في غضون ذلك، قالت وزارة الداخلية، إنه في إطار خطتها لملاحقة عناصر الجناح المسلح لجماعة الإخوان الإرهابية وما يطلق عليها حركة «حسم» كواجهة إعلامية للإرهاب الإخواني، والمسؤولين عن ارتكاب عدد من حوادث العنف خلال الفترة الماضية، تم ضبط أكبر مصنع لتصنيع وإعداد العبوات المتفجرة بمنطقة وادي النطرون (جنوب غربي محافظة البحيرة)، وخلال عملية المداهمة للمصنع فوجئت القوات بإطلاق الأعيرة النارية تجاهها، فردت عليها، وأسفر الاشتباك عن مقتل اثنين من الحركة.
ويشار إلى أن إجمالي عدد الإرهابيين الذين تمت تصفيتهم من أفراد «حسم» في محافظة الجيزة القريبة من القاهرة وحدها أكثر من 13 إرهابيا على مدار شهرين. وفي يونيو (حزيران)، تم قتل مسؤول الدعم المالي للحركة. وتبنت «حسم» كثيرا من حوادث استهداف الارتكازات الأمنية، علما بأنها كانت قد أعلنت سابقا مسؤوليتها عن عدد من العمليات الإرهابية، أبرزها محاولتا اغتيال مفتي البلاد السابق علي جمعة، والنائب العام المساعد زكريا عبد العزيز.
وبحسب بيان الداخلية، عثرت القوات بمكان التصنيع على بندقية آلية، وبندقية خرطوش، ومجموعة من الطلقات والأظرف الفارغة، وعبوة ناسفة معدة للتفجير «تم إبطالها»، وكمية كبيرة من المواد الكيماوية المستخدمة في تصنيع العبوات الناسفة، ومبلغ مالي كبير. مضيفة أن القتيلين من أبرز كوادر الجناح المسلح الإخواني «حسم»، ومطلوب ضبطهما وإحضارهما في عدد من القضايا، وأحدهما أحد مسؤولي تخزين الأسلحة والمواد المتفجرة وسبق توليه إدارة مزرعة البحيرة المستهدفة خلال أبريل (نيسان) الماضي المعروفة إعلاميا بـ«مزرعة الموت».
ويشار إلى أن «حسم» صاغت شعارها على هيئة «كلاشنيكوف» متبوعا بعبارة «بسواعدنا نحمي ثورتنا»، وسبق أن رفعت مجموعات تابعة للجان نوعية تشكلت من شباب جماعة الإخوان بعد فض اعتصامين لأنصار الجماعة عقب عزلها عن السلطة في أغسطس (آب) عام 2013 شعار «حسم».
من جانبه، قال مصدر أمنى مسؤول، إن «عنصري الحركة اللذين تم استهدافهما أمس كانا يستعدان على ما يبدو لتنفيذ عمليات إرهابية جديدة تستهدف رجال الشرطة»، مشيرا إلى أن ما عثر عليه بحوزتهما من أوراق ومنشورات «يؤكد اعتزامهما ارتكاب مزيد من الأعمال الإرهابية خلال الفترة المقبلة بمحافظة الجيزة على وجه الخصوص».