البرلمان اللبناني يناقش أداء الحكومة وإجماع على دعم الجيش

TT

البرلمان اللبناني يناقش أداء الحكومة وإجماع على دعم الجيش

افتتح البرلمان اللبناني أولى جلسات مناقشة الحكومة على أدائها، بجلسة عامة ترأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، طغت على أجوائها المعارك التي يخوضها الجيش اللبناني لتحرير جرود رأس بعلبك والقاع من تنظيم داعش، وأجمع النواب المتكلمون في الجلسة الأولى التي استمرت حتى الثانية من ظهر أمس، والإشادة بالإنجازات التي يحققها الجيش، والتي تحظى بدعم وتأييد كل اللبنانيين.
الجلسة بدأت بكلمة لرئيس الحكومة سعد الحريري، وجّه في مستهلها التحية إلى الجيش قيادة وضباطاً وجنوداً، قال فيها: «أنحني أمام استشهاد عدد من الجنود، وأمام تضحيات أهالي العسكريين المخطوفين الذين ينتظرون كشف مصير أبنائهم». واعتبر أن «الإنجاز الذي يكتبه الجيش بدماء أبطاله، هو أغلى الإنجازات علينا جميعاً، وهو العنوان العريض لقرار محاربة الإرهاب».
وأضاف الحريري: «إذا كان الاستقرار الأمني نتيجة الاستقرار السياسي، فإن الحكومة عملت بجهد على الخطين، وما كشف عنه وزير الداخلية نهاد المشنوق عن إحباط مخطط إرهابي كان سيستهدف طائرة عربية في أستراليا، هو نقطة بيضاء في سجل الأجهزة التي تتولى حفظ الأمن»، مثنياً على «التواصل الإيجابي بين المؤسسات الأمنية، بما يساهم في حماية لبنان من التهديدات الإرهابية».
وعدد الحريري الإنجازات التي حققتها الحكومة التي لم يتجاوز عمرها الثمانية أشهر، من إقرار قانون الانتخابات إلى سلسلة الرتب والرواتب وقرب الانتهاء من قانون الموازنة، وتوثيق العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، أكد أن «الحكومة تراهن على استمرار الاستقرار السياسي، كي تتمكن من وضع اليد على الكثير من القضايا العالقة، وإطلاق يد الجهات الرقابية المختصة في مكافحة أوجه الخلل والفساد في الإدارة العامة، بالتعاون مع السلطة التشريعية»، معاهداً اللبنانيين «العمل على إجراء الانتخابات البرلمانية وفق القانون الجديد، وتأمين كل الشروط الأمنية والتقنية المطلوبة لانتخابات نزيهة وديمقراطية».
ثم توالى على الكلام عدد من النواب، حيث رأى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا، أن «الثقة بالحكومة معدومة، وهي لا تستحق اسم «حكومة استعادة الثقة»، لأن كل ما يطرح في التداول محل تشكيك واتهام، بدءاً بالكهرباء وصولاً إلى التعليم والطبابة. ودعا إلى «عملية تصحيح فعلية سريعة وشفافة». وقال زهرا: «الناس بحاجة إلى تصديق أننا عندما نذهب إلى مناقصات نذهب باتجاه مناقصات شفافة، وكل ما يجري مشبوه، ورفع الشبهة في السياسة مسؤولية المشبوه وليس من ادعى، وعلى المشبوه رفع الشبهة عنه، ليأخذ ثقة الناس».
واعتبر رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم، أن «الجيش اللبناني يخوض في جرود رأس بعلبك بقواته المسلحة معركة مصير ضد الإرهابيين». وإذ تطرق إلى أزمات السير والنفايات والكهرباء وإذلال المواطنين»، حذر من أن «كل المؤشرات الاقتصادية سلبية وغير مطمئنة». وقال: «قررنا أن نحارب الإرهاب المتفشي في العالم، إلا أن المعالجة الحقيقة لهذه الآفة لا تصلح أن تكون بالمفرق، بل تتطلب تضامنا كبيرا من الدول التي تؤمن بالديمقراطية والتعددية».
أما رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل، الذي حيّا تحية الجيش اللبناني على دوره الوطني، وقدّم التعازي بشهدائه، وأعرب عن أسفه لأن «الحكومة اللبنانية كانت غائبة عن الشعب اللبناني في معركة عرسال، واستفاقت من النوم عند معركة القاع». وسأل: «لماذا كانوا نائمين في السابق وأين كانت وزارة الدفاع؟ ولماذا الحكومة لم تتخذ القرار بخوض معركة جرود عرسال عبر الجيش اللبناني؟». واعتبر أن «ذهاب بعض الوزراء إلى سوريا من دون موافقة الحكومة، يعني أننا أمام حكومتين، وأمام وزراء يأخذون قراراتهم بعيدة عن قرار الحكومة»، منتقداً صفقة تبادل أسرى، حيث إنها أخرجت من السجن متهمين بالإرهاب.
بدوره وجه النائب عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت، التحية إلى الجيش اللبناني في مواجهة الإرهاب بمناقبية عالية. ورأى أن «هناك علامات استفهام على التعيينات الإدارية، وهناك 127 موظفا يقبضون منذ عام 2016 دون أن يقوموا بمهامهم». وسأل: «كيف نستطيع أن نطمئن كمواطنين، أن هناك شفافية في الصفقات دون العودة إلى دائرة المناقصات؟، ولماذا اللجوء إلى البواخر (الكهرباء) دون اعتماد حلول شاملة؟»، معتبراً أن «منع مخصصات القوى الأمنية في مرحلة أمنية حساسة، بسبب المحاصصة السياسية أمر غير مقبول».
من جهته، قال عضو كتلة «حزب الله» النائب علي فياض، في كلمته: «عندما نريد أن نناقش الحكومة فإن حجم القضايا تتراكم بحيث يحار المرء عن أي قضية يتحدث»، مشيرا إلى أن «المسألة الإيجابية الوحيدة في بلدنا هي فيما يتصل بالسيادة والأمن، وما عدا ذلك هناك حالة من الخراب». وأكد أن «الدولة ليست فقط عاجزة عن القيام بواجبها تجاه المواطن، بل تقدم أداء بائساً يعمق المشاكل».



منظمة دولية: الحوثيون يعرّضون المساعدات الإنسانية للخطر

يمني يحمل حصة المساعدات التي حصل عليها في طريقه إلى منزله (إعلام محلي)
يمني يحمل حصة المساعدات التي حصل عليها في طريقه إلى منزله (إعلام محلي)
TT

منظمة دولية: الحوثيون يعرّضون المساعدات الإنسانية للخطر

يمني يحمل حصة المساعدات التي حصل عليها في طريقه إلى منزله (إعلام محلي)
يمني يحمل حصة المساعدات التي حصل عليها في طريقه إلى منزله (إعلام محلي)

اتهمت منظمة حقوقية دولية بارزة الجماعة الحوثية بقمع المجتمع المدني، وتعريض المساعدات الإنسانية للخطر، وقالت إنهم مستمرون في احتجاز وإخفاء موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية. كما انتقدت الهجمات الإسرائيلية على موانئ الحديدة، واستهداف الحوثيين إسرائيل.

ووفق التقرير العالمي لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» عن عام 2025، فإن الأطراف المتحاربة في اليمن، وخاصة الحوثيين، قمعت المجتمع المدني بشكل أكبر، وعرقلت تقديم المساعدات الإنسانية وعرَّضتها للخطر في عام 2024. كما احتجز الحوثيون وأخفوا تعسفياً العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني.

وقالت نيكو جعفرنيا، الباحثة في شؤون اليمن والبحرين بالمنظمة: «إن الحوثيين أظهروا نفاقاً حقيقياً، حيث قالوا إنهم يقفون مع الفلسطينيين الذين يواجهون القمع الإسرائيلي، بينما هم أنفسهم يضطهدون المجتمع المدني اليمني».

وطالبت الباحثة الحكومات والأمم المتحدة بالضغط على الجماعة للإفراج عن جميع الأفراد المعتقلين تعسفياً، وإدانة جميع الجهات الفاعلة التي تهدد المجال المدني والمساعدات الإنسانية باليمن، بما في ذلك إسرائيل.

الهجمات الإسرائيلية تهدد وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن لجهة استهدافها الموانئ (إكس)

ومع تأكيد المنظمة أن الهجمات الإسرائيلية على ميناء الحديدة؛ وهو نقطة دخول رئيسية للمساعدات الإنسانية، تُهدد توفير المساعدات، وقد ترقى إلى جرائم حرب، قالت إن الهجمات العشوائية التي شنها الحوثيون، والتي أصابت سفناً مدنية في البحر الأحمر وأسفرت عن مقتل مدنيين، وأصابت أهدافاً مدنية في إسرائيل، قد ترقى أيضاً إلى جرائم حرب.

اعتقالات وقيود

وفق التقرير، فإنه، ومنذ 31 مايو (أيار) 2024، اعتقل الحوثيون وأخفوا قسراً عشرات الأشخاص، بما في ذلك ما لا يقل عن 17 موظفاً في وكالات الأمم المتحدة وعدد من موظفي المنظمات غير الحكومية والسفارات الأجنبية والشركات الخاصة العاملة بالأراضي التي يسيطرون عليها.

كما أدت عرقلة الحوثيين للعمليات الإنسانية وقطع المعلومات داخل أراضيهم، إلى تفاقم تفشي الكوليرا الذي انتشر في جميع أنحاء اليمن وتسبَّب في وفاة 258 شخصاً من بين 95000 حالة مشتبه بها.

مناصرون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا له زعيمهم (رويترز)

واتهمت المنظمة جميع الأطراف اليمنية المتحاربة بفرض مزيد من القيود على حرية حركة النساء، وفي كثير من الحالات طلب منهن عند السفر ضرورة مرافقة أحد الأقارب من الذكور (المحرم). وذكرت أنه وفي 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، استولى الحوثيون على السفينة التجارية «جالكسي ليدر»، واحتجزوا طاقمها المكون من 25 فرداً تعسفياً.

وأكد تقرير المنظمة أن الحوثيين هاجموا عدة سفن تجارية، وأطلقوا صواريخ عشوائية على إسرائيل، وهو ما يرقى إلى جرائم حرب محتملة. وقالت إنه يتعين عليهم وعلى جميع الأطراف المتحاربة الإفراج فوراً عن جميع المعتقلين تعسفياً، والتوقف عن الاحتجاز التعسفي للأشخاص.

انتقاد الضربات الإسرائيلية

وفي تقرير آخر، انتقدت المنظمة الدولية قصف الجيش الإسرائيلي ميناءيْ رأس عيسى والحديدة، بالإضافة إلى محطة توليد كهرباء حزيز في صنعاء، وكلها تقع في مناطق سيطرة الحوثيين. وهي موانئ ضرورية لنقل الغذاء وغيره من احتياجات السكان الذين يعتمدون على الاستيراد، فنحو 70 في المائة من الواردات التجارية، و80 في المائة من المساعدات الإنسانية، يمر بهذين الميناءين.

ونقلت المنظمة عن أوكي لوتسما، الممثل المقيم لـ«برنامج الأمم المتحدة الإنمائي»، القول إنها موانئ «بالغة الأهمية للأنشطة التجارية والإنسانية». في حين تصف روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، هذه الموانئ بأنها «خط الحياة لملايين البشر»، وأنها يجب أن تبقى «مفتوحة وتعمل». كما أن محطة توليد كهرباء حزيز هي المحطة المركزية في صنعاء، وتؤمِّن الكهرباء لسكان المدينة.

الهجمات الإسرائيلية استهدفت أعياناً مدنية في اليمن (إكس)

وأكدت المنظمة أن الهجمات المتعمَّدة على أعيان لا غنى عنها للبقاء على قيد الحياة هي جرائم حرب، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل بنى تحتية مهمة في اليمن.

فمنذ يوليو (تموز) 2024، هاجم الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف ومحطات توليد الكهرباء في البلاد. وقُتل ستة مدنيين على الأقل، وأُصيب 80 آخرون جراء الهجوم في 20 يوليو على ميناء الحديدة وحده. ورأت المنظمة أن هذا الهجوم يرقى، على الأرجح، إلى مستوى جريمة حرب.

وقالت «هيومن رايتس ووتش» إنه إذا كانت هجمات الحوثيين بالطائرات المُسيّرة والصواريخ على إسرائيل تستهدف مدنيين أو أعياناً مدنية بشكل متعمَّد أو عشوائي، فقد ترقى هي أيضاً إلى مستوى جرائم حرب. وقالت إنه على السلطات الإسرائيلية والحوثية أن تُنهي فوراً جميع هجماتها غير القانونية، بما فيها تلك التي تستهدف المدنيين والبنى التحتية المدنية.