اعتراض شحنات أرسلتها كوريا الشمالية لوكالة سوريا للأسلحة الكيماوية

بيان أميركي في الذكرى الرابعة للهجوم الكيماوي في الغوطة

TT

اعتراض شحنات أرسلتها كوريا الشمالية لوكالة سوريا للأسلحة الكيماوية

ذكر تقرير سري للأمم المتحدة، بشأن انتهاكات العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية، أنه تم اعتراض شحنتين كوريتين شماليتين إلى وكالة تابعة للحكومة السورية، مسؤولة عن برنامج الأسلحة الكيماوية السوري، خلال الأشهر الستة الماضية.
ولم يذكر التقرير، الذي أعدته لجنة من خبراء الأمم المتحدة المستقلين، تفاصيل بشأن موعد أو مكان عمليات الاعتراض تلك، أو ما كانت تحويه الشحنات. وقُدم التقرير إلى مجلس الأمن الدولي في وقت سابق من الشهر الحالي، وأطلعت «رويترز» عليه يوم الاثنين.
وقال الخبراء، في التقرير المؤلف من 37 صفحة، إن «اللجنة تحقق فيما تحدثت عنه تقارير بشأن تعاون محظور في مجال الأسلحة الكيماوية والصواريخ الباليستية والأسلحة التقليدية بين سوريا وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية... اعترضت دولتان عضوان شحنات كانت في طريقها لسوريا، وأخطرت دولة عضو أخرى اللجنة بأن لديها أسباباً تدفعها للاعتقاد أن هذه البضائع كانت جزءاً من عقد لهيئة التعدين وتنمية التجارة الكورية مع سوريا».
وأدرج مجلس الأمن الدولي هذه الهيئة ضمن قائمة سوداء في 2009، ووصفها بأنها الجهة الرئيسية في كوريا الشمالية لتجارة السلاح وتصدير المعدات التي لها صلة بالصواريخ الباليستية والأسلحة التقليدية. وفي مارس (آذار) عام 2016، أدرج مجلس الأمن أيضاً شركتين تمثلان هيئة التعدين وتنمية التجارة الكورية في سوريا في القائمة السوداء.
وقال خبراء الأمم المتحدة إن «الجهات المرسل إليها (تلك الشحنات)، هي كيانات سورية وصفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بأنها شركات واجهة لمركز جمرايا السوري للأبحاث العلمية، وهو كيان سوري قالت اللجنة إنه تعاون مع هيئة التعدين وتنمية التجارة الكورية في عمليات نقل سابقة لأشياء محظورة».
ويشرف مركز جمرايا على برنامج الأسلحة الكيماوية السوري منذ السبعينات.
وقال خبراء الأمم المتحدة إن الأنشطة التي حققوا بشأنها بين سوريا وكوريا الشمالية تضمنت التعاون بشأن برامج صواريخ سكود السورية، وصيانة وإصلاح صواريخ سوريا أرض جو، وأنظمة للدفاع الجوي.
ولم ترد بعثتا كوريا الشمالية وسوريا في الأمم المتحدة على طلب للتعليق، وقال الخبراء إنهم حققوا أيضاً في استخدام غاز «في إكس» للأعصاب في ماليزيا، لقتل الأخ غير الشقيق للزعيم الكوري الشمالية كيم جونغ أون في فبراير (شباط).
وتفرض الأمم المتحدة عقوبات على كوريا الشمالية منذ 2006 بسبب برامجها للصواريخ الباليستية والأسلحة النووية، وعزز مجلس الأمن هذه الإجراءات رداً على 5 تجارب لأسلحة نووية و4 تجارب لإطلاق صواريخ بعيدة المدى.
ووافقت سوريا على تدمير أسلحتها الكيماوية في 2013، بموجب اتفاق توسطت فيه روسيا والولايات المتحدة، ولكن دبلوماسيين ومفتشي أسلحة يشكون في أن سوريا ربما احتفظت أو طورت سراً قدرات جديدة في مجال الأسلحة الكيماوية.
وخلال الحرب الدائرة منذ أكثر من 6 سنوات، قالت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إن غاز سارين المحظور ربما استخدم مرتين على الأقل، في الوقت الذي استخدم فيه الكلور كسلاح على نطاق واسع. ونفى النظام السوري مراراً استخدام أسلحة كيماوية.
إلى ذلك، أصدرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت بياناً، أمس، في الذكرى الرابعة للهجوم بالأسلحة الكيماوية في الغوطة، في سوريا، قالت فيه إنه قبل 4 سنوات، شنّ النظام السوري هجوماً كيماوياً مروعاً بالعامل العصبي السارين على الغوطة، في ضاحية دمشق، الخاضعة لسيطرة المعارضة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 1400 سوري، كثير منهم من الأطفال. وتابعت: في هذه الذكرى الرسمية، يتذكر المجتمع الدولي الأرواح الكثيرة المفقودة، والحاجة إلى الاستمرار في الوقوف ضد هذا الاستخفاف القاسي بالمعايير والقواعد الدولية المناهضة لاستخدام المواد الكيماوية كأسلحة.
وأدان البيان «بأشد العبارات الممكنة» استخدام أي أسلحة كيماوية في أي مكان، من قبل أي شخص، وتحت أي ظرف من الظروف، معيداً التأكيد على التزام الولايات المتحدة بعدم التسامح مع هذا الاستخدام، «وضمان أن يواجه المسؤولون عنه عواقب وخيمة». واتهمت نويرت النظام السوري بمواصلة تجاهله الصارخ للقانون الدولي والمعايير الدولية، «كما يتضح من هجومه الكيماوي باستخدام غاز السارين على خان شيخون، في 4 أبريل (نيسان) 2017». وقالت إن الولايات المتحدة ردت باستهداف قاعدة جوية للنظام بغارات جوية، مشددة على «الاستعداد لمواصلة استخدام الوسائل اللازمة لردع النظام عن استخدام هذه الأسلحة الكيماوية».
وطالب البيان نظام الأسد بالكف عن استخدامه للأسلحة الكيماوية، وأن يعلن تماماً عن مواقع كل مخزوناته من الأسلحة الكيماوية، وأن يتعاون مع بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية وآلية التحقيق المشتركة»، محذراً من أن عدم الامتثال للقانون الدولي، والقواعد والمعايير المتعلقة باستخدام الأسلحة الكيماوية، «يشكل تهديداً مباشراً للمجتمع الدولي، وسيجري التصدي له وفقاً لذلك».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.