كتاب «مسيرة المركز» يوثق لـ«كايسيد» والحوار ومبادرة خادم الحرمين الشريفين

«ليكن حوارنا مناصرة للعدالة في مواجهة الظلم، والسلام في مواجهة الصراعات والحروب»، هذه عبارة من خطاب ألقاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمام المؤتمر العالمي للحوار بالعاصمة الإسبانية مدريد. العبارة هذه ازدان بها كتاب «مسيرة المركز» الذي صدر أخيرا احتفاء بمرور عام على تدشين العمل بمركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسيد) الذي أمسى إضافة مقدرة لمنظومة المؤسسات الدولية التي تستضيفها العاصمة النمساوية فيينا. يعد «كايسيد» أول مؤسسة دولية عالمية تعمل كمنبر مستقل ومتخصص يوطد للحوار المنفتح مع الجميع ومن أجل الجميع لإبراز القيمة الحضارية للتنوع البشري والعمل على إرساء التفاهم والتعاون بين الناس على اختلاف دياناتهم وثقافاتهم المتعددة والعمل على تعزيز ثقافة احترام التنوع وإرساء قواعد العدل والسلام بين الأمم. ويوثق الكتاب لمسيرة المركز التي جسدت رؤية خادم الحرمين الشريفين التي تجلت بإطلاق مبادرته، داعيا للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، مؤرخا لمراحل تأسيس المركز، بدءا من القمة الإسلامية الاستثنائية التي عقدت بمكة المكرمة 2005، ثم زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز التاريخية للفاتيكان 2007، ولقائه البابا بنديكتوس السادس عشر وتبادلهما الأفكار حول المبادرة ودعوة الملك للمؤتمر الإسلامي العالمي للحوار الذي استضافته مدينة مكة المكرمة 2008 وتأييد علماء العالم الإسلامي للمبادرة وما أسفر عنه المؤتمر من تبني الدعوة لإنشاء مركز عالمي متخصص للحوار بين أتباع الديانات والثقافات، مرورا بالمؤتمر الدولي الذي عقد بمدريد 2008، والذي أصدر بيانا وضع فيه اللبنة التأسيسية العالمية الأولى للمركز وتبني الأمم المتحدة للمبادرة في اجتماع استثنائي في عام 2008 ولم يغفل الكتاب دور رابطة العالم الإسلامي التي أشرفت على جميع تلك المؤتمرات وما تلا ذلك من إجراءات توجت بالتوقيع على اتفاقية تأسيس المركز بين المملكة العربية السعودية ومملكة إسبانيا وجمهورية النمسا. وفي هذا السياق، حفل الكتاب بصور لحفل تدشينه 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 بمشاركة 850 شخصية قيادية دينية وسياسية تقدمهم الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، نيابة عن الملك عبد الله، وبان كي مون، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، في حين توسطت الغلاف صورة القصر الذي جرى اختياره كمقر للمركز بمنطق «شوتن رنغ» في قلب فيينا التاريخي العريق. إلى ذلك، تضمن الكتاب إنجازات المركز خلال العام والتي تمثلت في 3 برامج هي: - برنامج صورة الآخر الذي يهدف لاستبدال نظرة أكثر موضوعية ومصداقية واحتراما بالمفاهيم الخاطئة بين أتباع الأديان والثقافات ويعمل المركز على عقد عدد واسع من اللقاءات وورش العمل بالنمسا وإثيوبيا والهند والأرجنتين. - برنامج مشروع الزمالة الدولية ويستهدف الشباب الطامحين للعمل في مجال الحوار بين أتباع الأديان والثقافات بما يمهد لوجودهم القيادي المستقبلي كسفراء للحوار في مجتمعاتهم. - برنامج تعاون أتباع الأديان والثقافات من أجل سلامة الأسرة والطفل وحمايتهما، والذي يقدم المركز من خلاله نموذجا لمجالات التعاون بين القيادات الدينية فيما ينفع البشرية. من جانبه، ركز الأستاذ فيصل بن عبد الرحمن بن معمر، الأمين العام للمركز، فيما خطه كمقدمة للكتاب على ضخامة المسؤولية المنوطة بالمركز لتنفيذ مبادرة خادم الحرمين الشريفين، واصفا إياها بالتشريف والتكريم «إذ لا أنبل من العمل من أجل تحقيق التعاون والتعايش السلمي بين أفراد الإنسانية»، مشيرا إلى أن الحوار يقوم على تعدد وجهات النظر ليتشكل في الأفق قدر من التساؤل المعرفي الذي ينأى عن التعصب للفكرة وينبذ الصدام بحثا عن الحقيقة وعن الصورة الحوارية المثلى التي تجعل قيم المشترك الإنساني في الأخلاق والتسامح والتعاون هي الصوت الأقوى حضورا في هذا الحوار، مبينا أن المعنى الكامن في تلاقي أتباع الأديان والثقافات يتجلى في كونه حوارا إنسانيا بالدرجة الأولى، وهو ما يسهم في التواصل المتميز الذي ينتج معرفة جديدة متنوعة تحترم الاختلاف الذي هو آية من آيات الله الواحد. إلى ذلك، لفت ابن معمر في مقدمته إلى أن المركز يتطلع بطموح كبير لتحقيق أهدافه النبيلة وأن يكون مركزا لإشعاع المعارف والثقافات والأفكار، منبرا للحوار المنفتح مع الجميع ومن أجل الجميع لإبراز القيمة الحضارية للتنوع البشري، والعمل على إرساء القواعد والأسس التي تقوم عليها صروح التفاهم والتعاون بين الناس على اختلاف أديانهم وثقافاتهم المتعددة، والعمل على تعزيز ثقافة احترام التنوع وإرساء قواعد العدل والسلام بين جميع الأمم والشعوب.