السيسي يدعو لعدم السماح لأي مشكلات بالتأثير على قوة العلاقات بين مصر والسودان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله الفريق أول ركن عوض محمد بن عوف وزير الدفاع السوداني بالقاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله الفريق أول ركن عوض محمد بن عوف وزير الدفاع السوداني بالقاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

السيسي يدعو لعدم السماح لأي مشكلات بالتأثير على قوة العلاقات بين مصر والسودان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله الفريق أول ركن عوض محمد بن عوف وزير الدفاع السوداني بالقاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لدى استقباله الفريق أول ركن عوض محمد بن عوف وزير الدفاع السوداني بالقاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس عمق الروابط التاريخية والعلاقات الخاصة والوثيقة التي تجمع بين مصر والسودان، مشدداً على أن المرحلة الراهنة تتطلب مزيداً من التنسيق والتشاور المكثف بين الدولتين الشقيقتين، وعدم السماح لأي مشكلات بالتأثير على قوة وتميز العلاقات بينهما.
وقال الرئيس السيسي، خلال استقباله بالقاهرة أمس الفريق أول ركن عوض محمد بن عوف وزير الدفاع السوداني، بحضور الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع، فضلاً عن سفير السودان بالقاهرة، إن سياسة مصر الخارجية تقوم على مبادئ وقيم راسخة لا تحيد عنها، على رأسها حسن الجوار، وعدم التآمر أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتعاون من أجل السلام والبناء والتنمية، مؤكداً ضرورة استمرار العمل على دفع أطر التعاون بين البلدين وتوطيد العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
وتوترت العلاقات بين مصر والسودان خلال الأشهر الماضية بشأن عدة قضايا بدءاً من أراضٍ حدودية متنازع عليها في جنوب مصر، وانتهاء بقيود تجارية وشروط خاصة بتأشيرات السفر هددت العلاقات التجارية بين البلدين. كما اتهم البشير مصر في مايو (أيار) الماضي، بدعم المتمردين في دارفور غرب البلاد، وهو ما نفته مصر رسميا.
وأوضح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أمس، أن وزير دفاع السودان نقل تحيات الرئيس السوداني عمر البشير إلى الرئيس السيسي، مؤكداً حرص السودان على تعزيز العلاقات مع مصر ومواصلة التنسيق والتشاور بين الجانبين إزاء مختلف القضايا للتصدي للتحديات المختلفة التي تواجه البلدين. كما أعرب وزير الدفاع السوداني عن تقدير بلاده لدور مصر المحوري في الحفاظ على استقرار الأمة العربية وتعزيز العمل العربي المشترك، مؤكداً أن أمن مصر من أمن السودان، وأن مصر هي صمام أمان للأمة العربية بأسرها.
وأبدى عوف تطلع السودان لمواصلة التنسيق بين وزارتي الدفاع في البلدين بهدف تجاوز أي عقبات قد تعكر صفو العلاقات المصرية السودانية.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس السيسي طلب خلال اللقاء نقل تحياته إلى الرئيس عمر البشير. وأشار المتحدث إلى أنه تم خلال اللقاء التباحث حول سبل الارتقاء بالتنسيق العسكري والأمني بين البلدين، حيث تم الاتفاق على عقد اجتماع للجنة العسكرية المشتركة، بهدف تعزيز التعاون والتنسيق بين الجانبين على الحدود.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد زار الخرطوم قبل نحو أسبوعين، وقال إن البلدين اتفقا على استمرار التشاور السياسي، وصياغة وثيقة مبادئ إعلامية، تصب نحو استمرار تعاون الدولتين، والاحترام الكامل لما هو قائم ارتباط وثيق واقتناع كامل بأن مصالح البلدين المشتركة تعلو على أي اعتبارات.
وأوضح أن الاجتماعات الدورية نجحت في حل الكثير من الإشكالات، وعبرت بالعلاقات بين البلدين إلى مرحلة مرضية، نتيجة ما يصحبها ويتبعها من عمل دءوب للكثير من اللجان الفني، مؤكدين أنهما يتطلعان للمزيد، مشيدين بما تم إنجازه في مجال المعابر الحدودية، وكذلك التعاون القنصلي، حيث اتفقا على عقد اللجنة القنصلية نهاية أغسطس (آب) الجاري بالخرطوم.



مصريون يترقبون «منحة حكومية» ويخشون «تبعاتها»

ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)
ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)
TT

مصريون يترقبون «منحة حكومية» ويخشون «تبعاتها»

ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)
ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)

يترقب عاطف محمد (62 عاماً)، الموظف المصري المتقاعد، حزمة حماية اجتماعية جديدة نوهت الحكومة إلى إقرارها قريباً، متمنياً ألا تكون مجرد زيادة 200 أو 300 جنيه على معاشه البالغ 3 آلاف جنيه فقط (الدولار 50.57 جنيه)، فيما يعول أسرة تضم 3 أبناء، اثنان منهم في المرحلة الجامعية.

وأعلن رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحافي الأربعاء، عن توجيه رئاسي للحكومة بـ«وضع تصور لحزمة حماية اجتماعية تقديراً للضغوط على المواطن»، واعداً بالانتهاء منها «في الفترة القصيرة المقبلة».

ويطالب رب الأسرة الستيني بمضاعفة قيمة ما يتحصل عليه كي يشعر بالفارق، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن تكون الزيادة 100 في المائة، المعاش لا يكفي أسبوعين في الشهر»، مشيراً إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات.

وكانت آخر حزمة حماية اجتماعية طبقتها الحكومة المصرية، في مارس (آذار) الماضي، بقيمة 180 مليار جنيه، تمثلت في رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50 في المائة وزيادة المعاشات بنسبة 15 في المائة.

وقال مدبولي، الأربعاء، إن «توجيهات الرئيس لنا كحكومة هي أن نضع دائماً هموم وأعباء المواطن نتيجة للضغوط الموجودة اليوم، أولوية بالنسبة لنا».

ربة المنزل مروة تتسوق لشراء كميات قليلة لاستيعاب الأسعار (الشرق الأوسط)

لكن السيدة الثلاثينية مروة، وهي ربة منزل تسكن في مدينة حدائق أكتوبر (جنوب العاصمة) تخشى من تبعات المنحة الحكومية القادمة، التي لا تشمل سوى القطاع العام، تقول لـ«الشرق الأوسط» فيما تشتري حاجاتها اليومية من الخضراوات، «كل مرة تزيد المرتبات 100 جنيه مثلاً، ترتفع الأسعار 200 وأكثر».

ويفسر الخبير الاقتصادي مدحت نافع لـ«الشرق الأوسط»، العلاقة بين زيادة المرتبات وارتفاع الأسعار «التضخم»، قائلاً: «هناك أثر اقتصادي مباشر طردي بينهما، فزيادة الأموال في يد الناس ولو بشكل نسبي، دون زيادة الإنتاج تنعكس مباشرة في ارتفاع الأسعار، فيما يسمى (التضخم الحلزوني)».

مثل مروة، يشكو حمدي علي، الذي يعمل سباكاً، وينفق على 4 أبناء، لـ«الشرق الأوسط» من صعوبة المعيشة، وارتفاعات الأسعار المستمرة، وعدم القدرة على مجابهتها، مطالباً أن تنظر الدولة إلى فئة العمالة غير المنتظمة، وهي تفكر في «الحماية الاجتماعية».

ويتوقع العم أشرف، وهو بائع خضراوات في مدينة 6 أكتوبر (جنوب العاصمة) أن تشهد الأسعار ارتفاعات جديدة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «الأسعار بتزيد مبتقلش، ومع اقتراب شهر رمضان ستزيد أكثر كما هو الحال في هذا الموسم كل عام».

أشرف بائع خضراوات في مدينة 6 أكتوبر (الشرق الأوسط)

وقدر الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عدد العاملين في الجهاز الإداري للدولة عام 2017 بأكثر من 5 ملايين شخص. ولا توجد إحصائية عن العاملين في القطاع الخاص، فيما قدرهم المتحدث باسم وزارة العمل في تصريح العام الماضي بـ15 مليون شخص. وتتراوح العمالة غير المنتظمة بين 8 إلى 11 مليوناً آخرين، وفق تصريحات سابقة لوزيرة التضامن الاجتماعي في عام 2022.

ويشير الباحث في وحدة العدالة الاقتصادية والاجتماعية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، محمد رمضان، إلى أن حزم المساعدات التي تعلنها الحكومة لا تستوعب الزيادة في الأسعار ونسب التضخم.

وانخفضت نسبة التضخم على أساس سنوي في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2024، إلى 23.4 في المائة، بعدما سجلت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي 25 في المائة.

وأوضح رمضان لـ«الشرق الأوسط» أن الأزمة الاقتصادية الكبرى ليست مرتبطة بالمرتبات، لكن بسعر صرف الجنيه أمام الدولار، الذي يؤثر بشكل مباشر على الأسعار.

وحررت الحكومة المصرية سعر الصرف في مارس الماضي، ليرتفع الدولار الرسمي إلى نحو 50 جنيهاً.

واعتبر رمضان أن الحكومة تعلن حزم حماية اجتماعية، لكنها لا تصل دائماً للموجهة إليهم، في ظل عزوف بعض مؤسسات القطاع الخاص عن تطبيق الحد الأدنى للأجور.

وبخصوص إجراءات مرتقبة تتعلق بخفض الدعم الحكومي في سلع وخدمات حيوية كالوقود والكهرباء، وهي إحدى التبعات المتوقعة بعد حزم الحماية المجتمعية، استبعد الخبير الاقتصادي مدحت نافع أن تحدث مباشرة بعد الزيادة هذه المرة، قائلاً «الحكومة تحاول حالياً استيعاب الآثار الاجتماعية للتضخم، وسبق ونوه وزير المالية قبل أيام أنهم لن يرفعوا سعر الكهرباء، على الأقل، قبل يونيو (حزيران) 2025».

ورفعت مصر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي المحروقات بنسب وصلت إلى 17 في المائة.

ومن جهته، يصف النائب في مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان) أشرف أبو النصر توجيهات الرئيس المصري بوضع تصور لحزمة حماية اجتماعية جديدة بأنها «خطوة استراتيجية» تعبر عن «اهتمام القيادة السياسية بالمواطنين»، مشيراً في بيان له إلى أن الحكومة «توازن بين مواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية».