في الذكرى الرابعة للقصف الكيماوي على الغوطتين: 174 هجمة للنظام بعدها

تقرير حقوقي وثق 207 ضربات ومقتل 1420 خلال 6 سنوات

لوغو الذكرى الرابعة للقصف الكيماوي على الغوطتين
لوغو الذكرى الرابعة للقصف الكيماوي على الغوطتين
TT

في الذكرى الرابعة للقصف الكيماوي على الغوطتين: 174 هجمة للنظام بعدها

لوغو الذكرى الرابعة للقصف الكيماوي على الغوطتين
لوغو الذكرى الرابعة للقصف الكيماوي على الغوطتين

مرت أمس الذكرى الرابعة لتنفيذ النظام السوري هجوماً بالأسلحة الكيماوية على غوطتي دمشق الشرقية والغربية في 21 أغسطس (آب) 2013، ولم يدع السوريون الذكرى تمر مرور الكرام، فأحيوها بصور ووسم على مواقع التواصل مستعيدين ذكرى المجزرة التي أسفرت عن مئات القتلى من أطفال ونساء ورجال، قضوا اختناقاً بغاز السارين وعبر السوريون أمس، بغضب، عن تردد العالم وعجزه في معاقبة الجناة وتجاهل الأرواح التي زهقت، بل استمرار النظام في استهداف المزيد من الضحايا بشتى أنواع الأسلحة.
وبحسب أرشيف «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، فإنَّ أول استخدام للنظام السوري للأسلحة الكيماوية كان في 23 ديسمبر (كانون الأول) 2012 في حي البيَّاضة بمدينة حمص. استمرَّ بعدها النظام السوري على هذا النهج «إلى أن استفاق العالم على وقع هجوم الغوطتين في 21 أغسطس 2013، علماً أنه سبقه 33 هجوماً وإن لم يكونوا على السوية ذاتها»، بحسب تقرير الشبكة. وكانت المناطق الأكثر تضررا بالأسلحة الكيماوية، في هذا القصف الأكبر من نوعه، بلدات عين ترما، وزملكا، وكفر بطنا، وعربين في الغوطة الشرقية، ومعضمية الشام بالغوطة الغربية.
بعد تلك الحادثتين، ومع إثارة الحديث عن ضربة أميركية لمواقع عسكرية في سوريا، صادق النظام السوري على معاهدة حظر انتشار الأسلحة الكيماوية في 14 سبتمبر (أيلول) 2013، وصدر قرار مجلس الأمن الشهير 2118 في الشهر ذاته، وبموجب الفقرة 21 منه فإن «أي إعادة استخدام للأسلحة الكيماوية توجب تدخلاً بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة».
غير أن النظام السوري لم يكترث كثيراً واستمر في تنفيذ هجماته الكيماوية التي حدث معظمها عبر إلقاء مروحياته براميل محملة بغاز سام يرجح أنه الكلور، أو عبر قذائف أرضية وقنابل يدوية محمّلة بغازات سامة، كما لجأ النظام إلى تنفيذ هجمات أصغر لا تُخلِّف عدداً واسعاً من الضحايا والجرحى قد يحرِج صناع القرار ويدفعهم إلى التحرك.
وبعد عشرات الاستخدامات للأسلحة الكيماوية، صدر القرار 2235 في أغسطس 2015 من مجلس الأمن، أنشأ بموجبه آلية تحقيق مشتركة، تهدف ولأول مرة لتحديد هوية المجرم الذي استخدام الأسلحة الكيماوية.
وعلى الرغم من كل ذلك، عاد النظام السوري واستخدم الأسلحة الكيماوية مرات كثيرة، إلى أن وصل لاستخدام السارين بشكل واسع في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، الذي راح ضحيته زهاء 91 مدنياً بينهم 32 طفلاً و23 امرأة. ويشدد تقرير الشبكة أنه حتى بعد قصف الإدارة الأميركية لمطار الشعيرات العسكري الذي خرجت منه الطائرات التي قصفت خان شيخون، تجرأ النظام السوري واستخدم الأسلحة الكيماوية، خمس مرات على الأقل، بعد ذلك الهجوم، كان أولها في حي القابون بدمشق بعد أقل من 72 ساعة من هجوم خان شيخون. واستخدم النظام السوري في معظم هذه الهجمات قنابل يدوية محملة بغاز، تعتقد الشبكة أنه الكلور، وذلك في إطار التقدم العسكري على جبهات يسعى النظام السوري لانتزاع السيطرة عليها من فصائل المعارضة المسلحة.
ووثق التقرير حصيلة استخدام النظام للأسلحة الكيماوية موزعة بحسب قرارات مجلس الأمن حتى 21 أغسطس 2017 والتي بلغت ما لا يقل عن 207 هجمات تسببت جميعها في مقتل ما لا يقل عن 1420 شخصاً، مسجلين في قوائم الشبكة بالاسم والتفاصيل، يتوزعون إلى 1356 مدنياً، بينهم 186 طفلاً، و244 امرأة، و57 من مقاتلي المعارضة المسلحة، و7 أسرى من قوات النظام السوري كانوا في أحد سجون المعارضة. وإصابة ما لا يقل عن 6672 شخصاً.
لقد خرق النظام السوري عبر هجماته الكيماوية القانون الدولي الإنساني العرفي، الذي يحظر استخدام الأسلحة الكيماوية مهما كانت الظروف، وثانياً خرق بما لا يقبل الشكَّ «اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية» التي صادقت عليها الحكومة السورية في سبتمبر 2013، والتي تقضي بعدم استخدام الغازات السامة وتدميرها، وثالثاً جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبشكل خاص قرار 2118 عام 2013، و2209 عام 2015، و2235 عام 2015. كما أن استخدام الأسلحة الكيماوية يشكل جريمة حرب وفقاً لميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
يذكر أن روسيا والصين استخدمتا حق النقض 7 مرات في الأزمة السورية لصالح النظام السوري؛ مما أدى إلى فشل مجلس الأمن بشكل تام في حماية القانون والنظام الدولي، «ومنح النظام السوري عبر سبع سنوات، ضوءا أخضر يسمح له بارتكاب جرائم بلا حدود، وسوف يستمر في استخدام الأسلحة الكيماوية ضد أبناء الشعب السوري دون أدنى شك»، بحسب ما تختم الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.