سفير روسيا الجديد لدى واشنطن مدرج على لائحة العقوبات الأوروبية

أنتولي أنتونوف (أ.ف.ب)
أنتولي أنتونوف (أ.ف.ب)
TT

سفير روسيا الجديد لدى واشنطن مدرج على لائحة العقوبات الأوروبية

أنتولي أنتونوف (أ.ف.ب)
أنتولي أنتونوف (أ.ف.ب)

عين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، سفيرا جديدا لبلاده في واشنطن هو أناتولي أنتونوف المدرج على لائحة العقوبات الأوروبية، في وقت بلغت العلاقات بين البلدين مستوى متدنيا.
وعُرف أنتونوف الدبلوماسي المحنَّك بأنه مفاوض صلب لا يثق بواشنطن. إلا أن خبرته الطويلة أكسبته براغماتية تمكنه من التأقلم مع التحولات المفاجئة في العلاقات مع الغرب، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وسيحتاج نائب وزير الخارجية البالغ من العمر 62 عاما إلى كل مهاراته وخبرته للقيام بمهمة إنعاش العلاقات الأميركية - الروسية، التي يبدو أنها دخلت مرحلة الجمود. وكان سلفه سيرغي كيسلياك في عين العاصفة على خلفية الاتهامات بتورط موسكو في الانتخابات الأميركية. ويواجه أنتونوف مشاكل من نوع آخر، إذ أنه مدرج على لائحة الاتحاد الأوروبي السوداء على خلفية التدخل الروسي في أوكرانيا. وعيَّن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنتونوف رسميا أمس، وأنهى مهامه كنائب وزير الخارجية، فيما أنهى خدمات كيسلياك في ثلاثة مراسيم متزامنة، بحسب ما أفاد بيان للكرملين.
ويشير المحلل ألكسندر غابويف من معهد «كارنيغي» في موسكو إلى أن «أنتونوف متشدد يفهم القضايا التي يتحدث عنها ويعرف الغرب جيدا». وأضاف: «إنه داعم مخلص لخط الكرملين، إلا أنه لا يؤمن بشكل أعمى بنظريات المؤامرة مثل العديد من أقرانه في دوائر الجيش والاستخبارات»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وترقى أنتونوف في رتب الدبلوماسية السوفياتية قبل أن يرتدي البزة العسكرية لدى تسلمه منصب نائب وزير الدفاع، من العام 2011 حتى 2016. في وقت وصلت العلاقات مع الغرب إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة.
وفي وزارة الدفاع، ظهر أنتونوف كوجه علني متصلب عمل على درء الاتهامات الموجهة إلى موسكو على خلفية تحركاتها في أوكرانيا، ولاحقا في سوريا، فيما أصر الكرملين بشكل متزايد على توسيع نفوذه في الخارج.
وفيما يتعلق بأوكرانيا، نفى أن تكون روسيا أرسلت جنودا عبر الحدود وسخَّف من الاتهامات بأن الانفصاليين وموسكو ضالعون بإطلاق النار على طائرة الركاب التابعة للخطوط الماليزية «إم إتش17».
وفي فبراير (شباط) من العام 2015، رد الاتحاد الأوروبي عبر إدراج اسم أنتونوف على لائحة تضم أسماء مسؤولين روس يخضعون لعقوبات تتضمن تجميدا للأصول التي يملكونها وحظرا للسفر.
ومع إطلاق روسيا حملة الضربات الجوية دعما لرئيس النظام السوري بشار الأسد، تصدر أنتونوف مرارا المؤتمرات الصحافية مشيدا بالعملية. ولعب دورا رئيسيا في مهاجمة تركيا بعدما أسقطت الأخيرة طائرة عسكرية روسية على حدودها مع سوريا، متهما الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بالتورط مع عائلته بالتجارة غير الشرعية للنفط مع عناصر تنظيم داعش. ونقل عنه قوله إن «القيادة (التركية) وخاصة إردوغان لن يستقيلوا ولن يعترفوا بشيء حتى ولو مرغت وجوههم بالنفط المسروق».
ولدى أنتونوف الذي يتحدث اللغتين الإنجليزية والبورمية، بحسب سيرته الواردة في وزارة الخارجية، خبرة واسعة في التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن قضايا معقدة تخص مسائل التسليح. وقاد الوفد الروسي الذي اتفق مع الولايات المتحدة على معاهدة «ستارت الجديدة» لخفض الأسلحة النووية عام 2010. في فترة بلغت العلاقات فيها بين واشنطن وموسكو ذروتها في النجاح، لكنها لم تستمر إلا مدة وجيزة.
وذكرت صحيفة «كومرسانت» أن أنتونوف كان مرشحا للانتقال إلى واشنطن قبل فوز ترمب المفاجئ على منافسته في الانتخابات هيلاري كلينتون. ورغم سمعته كمتشدد، فإن السفير الجديد يصر أنه بإمكان روسيا والولايات المتحدة إصلاح علاقاتهما وفقا لشروط موسكو. وقال أنتونوف في مايو (أيار) «علينا إقناع زملائنا الأميركيين أن العلاقات التي تتميز بالصداقة والتساوي والاحترام هي في مصلحة شعبي روسيا والولايات المتحدة».



​«مطرقة منتصف الليل»... تفاصيل عملية خداع وتضليل عسكري

وزير الدفاع الأميركي متحدثاً عن عملية «مطرقة منتصف الليل» في مؤتمر صحافي بالبنتاغون (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي متحدثاً عن عملية «مطرقة منتصف الليل» في مؤتمر صحافي بالبنتاغون (أ.ب)
TT

​«مطرقة منتصف الليل»... تفاصيل عملية خداع وتضليل عسكري

وزير الدفاع الأميركي متحدثاً عن عملية «مطرقة منتصف الليل» في مؤتمر صحافي بالبنتاغون (أ.ب)
وزير الدفاع الأميركي متحدثاً عن عملية «مطرقة منتصف الليل» في مؤتمر صحافي بالبنتاغون (أ.ب)

أعلن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، صباح الأحد، تفاصيل الضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، معلناً أن الولايات المتحدة دمرت برنامج طهران النووي بالكامل، وأن التدمير كان «ناجحاً وباهراً وساحقاً»، وأن العملية كانت «جريئة ورائعة وأظهرت الردع الأميركي».

وقال هيغسيث خلال مؤتمر صحافي في البنتاغون، صباح الأحد، إن الهجمات الأميركية لم تستهدف القوات الإيرانية أو الشعب الإيراني، وإن الرئيس ترمب حقق الهدف الذي أعلنه بالقضاء على التهديدات التي يشكلها البرنامج النووي الإيراني لمصالح الولايات المتحدة الوطنية، ومن أجل الدفاع المشترك عن القوات الأميركية وعن إسرائيل، مشيراً إلى أن كثيراً من الرؤساء الأميركيين حلموا بتوجيه ضربة قاضية للبرنامج النووي ولم يستطع أحد تحقيق ذلك.

وقال هيغسيث إن قرار نقل عدد من قاذفات (بي 2) من قاعدتها في ميسوري في وقت سابق من يوم السبت كان بمثابة عملية خداع لتضليل الإيرانيين.

وأضاف أن الولايات المتحدة استخدمت أيضاً وسائل خداع أخرى، حيث نشرت مقاتلات لحماية قاذفات (بي 2) التي أسقطت 14 قنبلة خارقة للتحصينات على أقوى موقع نووي إيراني.

وأوضح وزير الدفاع الأميركي أن كل هذه الأساليب ساعدت الولايات المتحدة على إسقاط القنابل دون أن تنذر المقاتلات الإيرانية أو أنظمة الدفاع الجوي لديها، وأن خطة توجيه هذه الضربات استغرقت شهوراً وأسابيع من التمركز، والإعداد الذي تطلب قدراً كبير من الدقة وأعلى درجات الأمن التشغيلي لدخول الطائرات الحربية الأميركية إلى إيران ذهاباً وإياباً بأمان، وتوجيه ضربة تاريخية لقاذفات (بي 2) في أول استخدام عملي للقنابل الخارقة للتحصينات.

وأضاف وزير الدفاع أن الرئيس ترمب «يسعى إلى السلام ولا يسعى إلى الحرب، وعلى إيران سلوك هذا الطريق» وهدد قائلاً إن أي رد إيراني على الولايات المتحدة سوف يقابل بقوة أكبر بكثير، ومن الحكمة أن تصغي إيران إلى هذه الكلمات.

خريطة توضيحية لعملية «مطرقة منتصف الليل» عرضتها وزارة الدفاع الأميركية خلال مؤتمر صحافي في البنتاغون (أ.ب)

ليس الهدف تغيير النظام

قال هيغسيث في رده على أسئلة الصحافيين إن «هذه المهمة لم تكن تهدف إلى تغيير النظام»، بل تحييد التهديدات التي يشكلها البرنامج النووي الإيراني، وأشار إلى أن الهدف الرئيس للهجمات كان تدمير القدرات الإيرانية، وأن أي هجمات للميليشيات التابعة لإيران في المنطقة ضد المصالح الأميركية سواء في العراق أو سوريا أو الخليج سوف تكون «فكرة سيئة للغاية»، وأن الولايات المتحدة ستتصرف بشكل استباقي وليس كرد فعل.

وأشار وزير الدفاع إلى أداء الجنرال مايكل كوريلا بالقيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط، وتنسيقه بشكل وثيق مع إسرائيل، مؤكداً أن الضربات التي استهدفت المواقع النووية الإيرانية كانت بقيادة أميركية فقط، لكنها استفادت من الضربات التي حققتها إسرائيل خلال الأسبوع والنصف الماضيين.

مطرقة منتصف الليل

قدم الجنرال دان كين، رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، تفاصيل الضربات على المواقع النووية الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان قائلاً: «كانت هذه مهمة سرية للغاية، ولم يكن أحد في واشنطن يعلم بتوقيتها أو طبيعتها». وأضاف كين أن المهمة، التي أُطلق عليها اسم «عملية مطرقة منتصف الليل»، شملت سبع قاذفات (بي 2 سبيريت)، انطلقت شرقاً من قاعدتها في ميسوري إلى إيران. وتطلبت الرحلة التي استغرقت 18 ساعة عمليات تزويد بالوقود جواً متعددة، والتقت القاذفات بطائرات مقاتلة أميركية وطائرات دعم فور تحليقها فوق اليابسة في الشرق الأوسط في «مناورة معقدة ودقيقة التوقيت»، وفقاً لكين.

رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال دان كين في مؤتمر صحافي بالبنتاغون (أ.ف.ب)

وأوضح الجنرال كين أنه وفي نحو الساعة 5 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة يوم السبت، قبيل دخول الطائرة المجال الجوي الإيراني، أطلقت غواصة أميركية أكثر من 24 صاروخ توماهوك كروز على أهداف في موقع أصفهان. ومع اقتراب الطائرات من أهدافها، استخدمت الولايات المتحدة عدة أساليب خداع، بما في ذلك توجه عدد من تلك الطائرات إلى المحيط الهادئ في محاولة للخداع، فيما حلّقت الطائرات المقاتلة في المجال الجوي أمام القاذفات، بحثاً عن طائرات معادية وصواريخ أرض - جو.

وأشار إلى أنه حينما اقتربت المقاتلات من قاعدتي فودو ونطنز أسقطت قاذفات (بي 2) قنبلتين من نوع جي بي يو 57 على أول نقطة من عدة نقاط في فوردو، وأصابت القاذفات الأخرى أهدافها بإجمالي 14 قذيفة، وتم ضرب جميع أهداف البنية التحتية النووية، وضرب أصفهان بصواريخ توماهوك.

125 طائرة أميركية

قال الجنرال كين: «غادرت المقاتلات الأميركية المجال الجوي الإيراني بأمان، ويبدو أن أنظمة صواريخ أرض جو الإيرانية لم ترصدنا طوال المهمة التي استخدمت فيها القوات الأميركية ما يقرب من 75 سلاحاً موجهاً بدقة، وشاركت 125 طائرة أميركية في هذه المهمة، بما في ذلك القاذفات الشبحية (بي 2)، ومقاتلات الجيل الرابع والجيل الخامس وعشرات من ناقلات التزود بالوفود جواً، وغواصة صواريخ موجهة، ومجموعة كاملة من طائرات المراقبة والاستطلاع الاستخباراتية».

صورة بالأقمار الاصطناعية لمنشأة فوردو النووية التي تم قصفها في إيران (أ.ب)

وقدّم كين شرحاً وافياً للضربات قائلاً إنه في نحو الساعة 6:40 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، أو 2:10 صباحاً بتوقيت إيران، أسقطت القاذفة الرئيسية من طراز (بي 2) قنبلتين «خارقتين للتحصينات»، ثم خلال الـ25 دقيقة التالية، تم إسقاط ما مجموعه 14 قنبلة «خارقة للتحصينات على منطقتين مستهدفتين».

وأكد كين أنه لم تُطلق أي طلقات نارية على الطائرات أثناء مغادرتها المجال الجوي الإيراني. وقال: «لم تُحلّق المقاتلات الإيرانية، ويبدو أن أنظمة الصواريخ أرض - جو الإيرانية لم ترصدنا. طوال المهمة، حافظنا على عنصر المفاجأة».