اتفاقات وقف إطلاق النار تترنح في «عين الحلوة»

TT

اتفاقات وقف إطلاق النار تترنح في «عين الحلوة»

تتوالى اتفاقات وقف إطلاق النار في مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوب لبنان منذ يوم الخميس الماضي، من دون أن تنجح في إعادة الاستقرار الأمني إلى أرجائه. وكان آخر اتفاق في هذا المجال تم التوصل إليه بعد ظهر يوم أمس (الاثنين) بقرار من القيادة السياسية الفلسطينية التي تضم ممثلين عن أبرز الفصائل، إلا أن سكان «عين الحلوة» ما زالوا غير مطمئنين للوضع الحالي ويترقبون جولات جديدة من الاقتتال بين الجماعات المتشددة وحركة «فتح» في أي لحظة.
وكانت المواجهات تجددت صباح أمس، مما أدى إلى سقوط 3 جرحى، لترتفع بذلك حصيلة المعارك التي اندلعت قبل نحو 6 أيام إلى 4 قتلى و16 جريحاً. ورجحت مصادر في حركة «فتح» أن يكون الاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه لوقف إطلاق النار «أكثر ثباتاً من الاتفاقات التي سبقته، باعتبار أن المجموعات المتطرفة هي التي ضغطت على القوى الإسلامية وخصوصاً على (عصبة الأنصار) و(الحركة الإسلامية المجاهدة) للتوصل إلى اتفاق جديد يضع حداً للمعارك، بعدما تلقى عناصرها ضربات قوية وباتوا بحاجة لإعادة ترتيب صفوفهم». وأوضحت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنّه «وبعدما انطلقت المواجهات بين مجموعة بلال العرقوب المتشددة وعناصر القوة الأمنية وقوات الأمن الوطني، توسعت في الأيام الماضية بعد انضمام المجموعات المتطرفة الأخرى وأبرزها مجموعة (بلال بدر) و(هلال هلال) إلى القتال وتكتلها بمواجهة عناصر فتح بشكل خاص».
وتؤكد المصادر أن «القوى الإسلامية» في المخيم والتي تضم حركة «حماس» و«الحركة الإسلامية المجاهدة» و«الجهاد الإسلامي» و«عصبة الأنصار»، والتي هي أصلاً جزء من القوة الأمنية الفلسطينية، «تركت إلى حد كبير عناصر فتح وفصائل منظمة التحرير وحيدين بمواجهة المجموعات المتشددة»، لافتة إلى مشاركة «رمزية» لـ«الجهاد الإسلامي»، بالإضافة إلى مشاركة عناصر من «القيادة العامة» و«الصاعقة».
وفيما كان مسؤولون في حركة «حماس» انتقدوا في وقت سابق ما قالوا إنّه «تفرد» حركة «فتح» بشن «هجوم مباغت» على المجموعات المتشددة في حي الطيري، أكدت المصادر الفتحاوية أن ما حصل هو اعتداء قام به المتشددون على مراكز القوة المشتركة التي آثرت ملاحقة المهاجمين بقرار من القيادة السياسية بمساندة «الأمن الوطني الفلسطيني» التابع لـ«فتح». وأضافت: «هدفنا اليوم ملاحقة المهاجمين وإعادة بسط السيطرة الكاملة على حي الطيري».
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، أمس، بسقوط 3 جرحى فلسطينيين في المخيم جراء تجدد الاشتباكات بين القوة الفلسطينية المشتركة وحركة «فتح» من جهة، ومجموعتي «بلال بدر» و«بلال العرقوب» المتشددتين، لافتة إلى أنه استخدمت في هذه الاشتباكات، التي عنفت ظهر الاثنين، الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، فضلاً عن أعمال القنص وإلقاء القنابل. كما أفيد باندلاع حرائق في عدد من المحال والمنازل داخل المخيم، في وقت شدد فيه الجيش اللبناني من إجراءاته الأمنية عند مداخله.
ولم يقتصر التوتر الأمني على «عين الحلوة» بل طال محيطه أيضاً، إذ أقدمت قوى الأمن الداخلي على إغلاق طريق الدوار العربي والحسبة في مدينة صيدا، بسبب تصاعد حدة الاشتباكات وطلبت من المواطنين توخي الحذر أثناء تنقلهم وسلوك الطريق البحرية. وقال ع. ح، وهو أحد سكان المخيم لـ«الشرق الأوسط» بعد ظهر يوم أمس، إن «هدوءاً حذراً يسيطر على الأرجاء تتخلله خروقات بسيطة لقرار وقف إطلاق النار الذي تم الإعلان عنه عند تمام الساعة الثالثة». وأضاف: «الحركة لا تزال معدومة في الشوارع والسكان غير مطمئنين أو مقتنعين بثبات هذا القرار الجديد».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.