العمى ليس عقبة أمام عشاق لعبة «البيسبول» في كوبا

يعاني ليسبان توريز من الماء الأزرق (جلوكوما) الذي تسبب في فقدان بصره، عندما كان عمره 17 عاما؛ لكنه لم يسمح للعمى بأن يعوقه عن ممارسة رياضته المفضلة، التي يحبها بشغف كبير: «البيسبول». وقال توريز لوكالة الأنباء الألمانية: «بالكاد بعد عام من إصابتي بالعمى، سمعت في الإذاعة أن هناك مجموعة من المكفوفين، الذين يلعبون (البيسبول). هذا أثار فضولي وتوجهت إلى المكان الذي كانوا يتدربون فيه».
كان ذلك قبل 15 عاما، فهو لا يزال يلعب «البيسبول» حتى هذا اليوم. وقبل أن يصبح ضريرا، كان توريز يلعب «البيسبول» بشكل غير محترف. وأضاف توريز: «لقد دأبت على اللعب، للمتعة فقط، ببساطة للفوز والخسارة». وكان معشوقه هو خافييه مينديز، وهو واحد من النجوم الكبار في فريق «إنداستريالز» في هافانا.
وبوصفه لاعب بيسبول ضريرا، يقول توريز: «الإثارة النابعة عن اللعبة هي نفسها تماما». ويكمن الفرق في أنك «تحتاج لأن تطور قدراتك بشكل أكبر، وتضع مزيدا من الاهتمام في اللعبة».
ويمارس لاعبو «البيسبول» المكفوفون، المنقسمون إلى فريقين، كل فريق مكون من خمسة أعضاء، تلك اللعبة عدة مرات في الأسبوع، تحت إشراف المدرب، روبرتو كارمونا. وفي أيام الأحد، يتنافسون في استاد «سانتياجو ميديروس» في هافانا. ويضع اللاعبون المكفوفون أو الذين يعانون من ضعف البصر ضمادات على أعينهم، خلال الألعاب، حتى في الملعب، ولدى الكرات، المصنوعة من المطاط، جرسان في الداخل. ويساعد صوت الرنين اللاعبين على تحديد مكان الكرة، ويمكنهم من الإمساك بها، عندما ترتطم بأرض الملعب. ويوجد فارق رئيسي آخر بين مباراة البيسبول بين اللاعبين المكفوفين وبين اللاعبين العاديين: ليس هناك رامٍ للكرة، ويقوم ضارب الكرة بقذفها في الهواء ثم ضربها بمضرب خشبي، وهو أقصر نوعا مما يستخدمه اللاعب العادي.
وفور ضرب الكرة بالمضرب الخشبي، يقوم اللاعبون الذين يتلقفون الكرة على القواعد بالتصفيق بأيديهم لإرشاد العدائين، بينما هم في طريقهم لاجتياز القاعدتين الثانية والثالثة. والشخص الذي يقف خلف القاعدة الثانية هو الشخص الوحيد في الملعب، الذي يمكنه بالفعل رؤية ما يحدث، ومهمته - أو مهمتها - هي إرشاد اللاعبين، عندما يرمون الكرة في المكان الذي يقف فيه اللاعب ليبدأ اللعب، وعندما يحاول العداء الوصول إلى القواعد المختلفة.
وقالت يانيريس فيجسا، اللاعبة الوحيدة في الفريق لوكالة الأنباء الألمانية: «عندما بدأت اللعب، لم أستطع ضرب الكرة على الإطلاق؛ لكن أعضاء فريقي كانوا يهتفون لي ويقولون لي حسنا، وهذا جعلني أتعلم كيفية اللعب».
وبدأت فيجسا اللعب، عندما تغيب أحد أعضاء الفريق من الذكور، وقررت فيجسا المحاولة. ومنذ ذلك الحين، لم ترغب على الإطلاق مرة أخرى في البقاء على الهامش.
وتقول فيجسا: «أشعر بسعادة بالغة كل يوم لتمكني من ارتداء هذا الزي. هذا يجعلني أشعر بسعادة كبيرة» داعية النساء الكفيفات الأخريات في كوبا، لأن يبدأن في لعب تلك الرياضة.
ويقول كارلوس ميجل لورينزو فوينتيس: «أي شخص في كوبا، لا يعرف (البيسبول) ليس كوبيا تماما». فقد فقد فوينتيس بصره بسبب اضطراب وراثي نادر: التهاب الشبكية الصباغي. وهذا المرض جعل من المستحيل بالنسبة له أن يلعب البيسبول مع أصدقائه، عندما كان مراهقا. ويسمح له هذا الفريق بتحقيق ما لم يتمكن من تحقيقه حينذاك. وعلّق بالقول: «أشعر بدافع قوي. هذا هو الحلم الذي لم أستطع تحقيقه عندما كنت طفلا».
ويقول المدرب، روبرتو كارمونا: «عندما يقول شخص ما: (يا للهول، هؤلاء بعض الأشخاص المكفوفين الذين يلعبون البيسبول)، لا يصدق الناس ذلك، حتى يرونهم يلعبون، ثم يهتفون: (إنها رائعة جدا!)».
وتم إدخال «البيسبول» للمكفوفين في كوبا في عام 2000، من قبل مجموعة من الخبراء الإيطاليين. والآن يحلم لاعبو الفريق الكوبي بأن يكونوا قادرين على ضم «البيسبول» للمكفوفين في ألعاب المعاقين المقبلة في عام 2020؛ غير أنه لكي يحدث ذلك، هناك حاجة لفرق من بلدين لكل قارة. ولعدة سنوات، حقق الرياضيون الكوبيون كثيرا من النجاحات في البيسبول، على الصعيد الدولي، لكن الأمور بدأت تتراجع مؤخرا. وربما في يوم ما، قد تتمكن كوبا من استعادة ما فقدته من ذلك البريق في فئة «البيسبول» للمكفوفين.
وقال كارمونا: «في كوبا تبرمجنا وراثيا على أن نلعب (البيسبول). لدينا القوة لأن نكون قادة، لقد ولدنا من أجل تلك الرياضة».