الصين وفرنسا ترفضان المشاركة في مشروع بناء جدار حول غزة

إسرائيليون يشككون في جدواه... وآخرون يقولون إنه لرفع المعنويات

أطفال فلسطينيون من غزة سعداء بالتقاطهم صورة أمام مسجد قبة الصخرة في القدس أمس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون من غزة سعداء بالتقاطهم صورة أمام مسجد قبة الصخرة في القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

الصين وفرنسا ترفضان المشاركة في مشروع بناء جدار حول غزة

أطفال فلسطينيون من غزة سعداء بالتقاطهم صورة أمام مسجد قبة الصخرة في القدس أمس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون من غزة سعداء بالتقاطهم صورة أمام مسجد قبة الصخرة في القدس أمس (أ.ف.ب)

كشفت مصادر في تل أبيب، أمس، عن صعوبات جدية تواجه الجيش الإسرائيلي في التقدم بمشروعه لبناء جدار حول قطاع غزة، يفترض أن يبنى فوق سطح الأرض وتحته، لمنع امتداد أنفاق حربية نحو البلدات الإسرائيلية. إذ ترفض الشركات الصينية والفرنسية التي تعمل في إسرائيل المشاركة في المناقصات الجارية لبنائه. فيما لا تستطيع الشركات الإسرائيلية إنجاز المشروع وحدها وفق المخطط. بالإضافة إلى تشكيك علماء إسرائيليين في جدوى الجدار نفسه.
وكانت وزارة الدفاع الإسرائيلية، نظمت جولات ميدانية للصحافيين ورجال الأعمال المحليين والأجانب، في مطلع الشهر الحالي، متباهية بمشروع الجدار. وقال ممثلوها خلال الجولة، إن الجدار سيقضي على خطة الأنفاق، لدرجة أن حماس يمكن أن تعلن الحرب ردا على إقامته. وأوضحت أن ارتفاعه فوق سطح الأرض سيصل إلى 6 أمتار، وتحت سطح الأرض نحو 30 مترا. وتبلغ تكلفة بناء الجدار ثلاثة مليارات شيقل (نحو مليار دولار). ونشرت وزارة الأمن الإسرائيلية، حتى الآن، مناقصات لتنفيذ أعمال في الجدار، بمبلغ يتراوح ما بين 600 إلى 800 مليون شيقل. ويصل طول الجدار إلى 65 كيلومترا، وتبلغ تكلفة بناء كيلومتر واحد منه بعمق 6 إلى عشرات الأمتار في مقاطع معينة تحت الأرض، 40 مليون شيقل (12 مليون دولار)، ويتوقع انتهاء العمل فيه بعد سنتين، وسيعمل فيه نحو ألف عامل في 40 موقعا.
لكن مصادر ضالعة في موضوع بناء الجدار، تعتقد أن تكلفة بناء الجدار ستتوقف عند الميزانية المخصصة له، وذلك في ضوء التعقيدات التكنولوجية وانعدام اليقين حيال جزء من مركباته الهندسية.
وحذر عالم جيولوجيا ومستشار لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي، من أن تكون فائدة الجدار محدودة لفترة معينة. وقال العالم يوسي لنغوتسكي، وهو عقيد احتياط في الجيش الإسرائيلي، إن «حواجز تحت الأرض من أجل منع التسلل عبر أنفاق، ليست مجدية سوى لفترة زمنية محدودة. هذا كان رأيي الذي قدمته إلى جهاز الأمن منذ عام 2005». وأضاف: «حتى لو كان التسلل عبر الحاجز الجديد إلى الأراضي الإسرائيلية ليس بسيطا، إلا أن عدوا عنيدا وذكيا مثل حماس، سيجد السبيل للقيام بذلك. وبناء حاجز بتكلفة مليارات الشواقل هو إثبات على فشل جهاز الأمن، الذي لم ينجح طوال 15 عاما في التغلب على تهديد الأنفاق».
لكن الخبير هذا، اعتبر أن «زيادة الاحتمال لحل، كان ولا يزال مشروطا بإقامة (مديرية أنفاق)، تختص في موضوع الأنفاق وتجمع، على مدار سنين، الخبرات المطلوبة لمنع هذا التهديد». ووصف لنغوتسكي الجدار بأنه «عملية متسرعة لرفع معنويات الناس وتهدئة الضمير».
كما كشف أمس، أنه وبعد نشر أربع مناقصات لبناء مقاطع من هذا الجدار، الأسبوع الماضي، امتنعت شركات أجنبية تعمل في إسرائيل عن التقدم لهذه المناقصات، «لأسباب سياسية»، بحسب مصادر مطلعة. إذ امتنعت شركات صينية، تعمل في بناء خط سكة القطار البلدي في تل أبيب، وشركات فرنسية تعمل في مجال البناء داخل إسرائيل.
ولا تخفي وزارة الأمن الإسرائيلية أن بناء الجدار يأتي، أيضاً، من دافع نفساني يخص سكان البلدات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة، الذين يتخوفون من الأنفاق الهجومية، وقال بعضهم في السنوات الماضية، إنهم يسمعون داخل بيوتهم أصوات حفر أنفاق.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.