الانسحاب أحد خيارات ترمب في أفغانستان

كابل تحيي عيدها الوطني وسط تعزيزات أمنية

جنود أفغان خلال الاحتفالات باليوم الوطني (إ.ب.أ)
جنود أفغان خلال الاحتفالات باليوم الوطني (إ.ب.أ)
TT

الانسحاب أحد خيارات ترمب في أفغانستان

جنود أفغان خلال الاحتفالات باليوم الوطني (إ.ب.أ)
جنود أفغان خلال الاحتفالات باليوم الوطني (إ.ب.أ)

يبحث الرئيس الأميركي دونالد ترمب خياراته بخصوص استراتيجية أميركية جديدة في أفغانستان وسيصدر إعلانا «في الوقت المناسب». جاء ذلك بعد اجتماع ترمب مع فريقه للأمن القومي. وقال مسؤولون أميركيون لـ«رويترز» قبل الاجتماع الذي عقد في كامب ديفيد بولاية ماريلاند إن الخيارات المطروحة على ترمب تتراوح من انسحاب كامل من أفغانستان أو الحفاظ على الوضع الراهن لنحو 8400 جندي أو زيادة طفيفة أو خفض بسيط يركز على مكافحة الإرهاب.
وكتب ترمب في تغريدة: «في الطريق إلى كامب ديفيد لاجتماع مهم حول الأمن القومي والحدود والجيش (الذي سنجعل منه أقوى جيش لم تر البشرية مثيلا له)». ووعد ترمب وماتيس باتخاذ قرار «في القريب العاجل».
وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز مساء الجمعة إنه لم يتخذ أي قرار بعد، على أثر الاجتماع الذي يهدف إلى حسم المسألة بين مؤيدي تعزيز المجهود العسكري في الحرب المستمرة منذ 16 عاما ومن يقترحون الخروج من المستنقع الأفغاني بأقل الخسائر. وأضافت الناطقة في بيان أن «الرئيس يدرس كل خياراته وسيأخذها في الاعتبار»، موضحة أن ترمب «سيعلن قراره للشعب الأميركي ولشركائه وللعالم في الوقت المناسب».
وبالإجمال، أمضى ترمب أربع ساعات عمل مع فريق يضم خصوصا نائب الرئيس مايك بنس ووزير الدفاع جيم ماتيس الجنرال المتقاعد في مشاة البحرية (المارينز) وهربرت ريموند ماكماستر الذي يرأس مجلس الأمن القومي، الجنرال في سلاح البر. وأصبح كبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي الجنرال المتقاعد في المارينز محاورا أساسيا أيضا في المناقشات. وقتل ابن كيلي، وهو ملازم في البحرية الأميركية، في انفجار قنبلة زرعت على جانب الطريق أثناء مشاركته في دورية راجلة في ولاية هلمند في أفغانستان في عام 2010.
وبتركيزه على أفغانستان، يأمل ترمب على الأرجح في صرف الانتباه عن أحداث أسبوع كارثي وتصريحاته حول أحداث شارلوتسفيل في ولاية فرجينيا حيث قتل مؤيد للنازية الجديدة شابة عمدا دهسا بسيارته وجرح 19 آخرين. وأثار امتناع ترمب عن التعبير عن موقف واضح ضد اليمين المتطرف والناشطين المناهضين للعنصرية في تلك الأحداث استنكارا حتى من الجمهوريين. والتقى ترمب في كامب مستشاريه على غداء عمل ثم عقد اجتماعا معهم قبل أن يعود إلى بدمينستر بولاية نيوجيرسي حيث يمضي عطلة سنوية مع عائلته.
من جانب آخر ووسط استنفار أمني كبير أحيت أفغانستان السبت عيدها الوطني باحتفالات هادئة في بلد أنهكته النزاعات وشهد سلسلة اعتداءات عنيفة. وشهدت العاصمة كابل انتشارا أمنيا كثيفا، حيث أقام الرئيس أشرف غني مراسم خاصة لكبار مسؤولي البلد.
وصرح المتحدث باسم شرطة كابل عبد البصير مجاهد لوكالة الصحافة الفرنسية: «جميع وحدات الشرطة على أعلى درجات الاستنفار ومنتشرة في جميع أنحاء المدينة». وتابع: «كذلك ضاعفنا عدد حواجز الشرطة في المنطقة الدبلوماسية وحولها»، وسط مخاوف من استغلال حركة طالبان هذه المناسبة لشن هجوم واسع النطاق. حيث تقام احتفالات العيد الوطني في 19 أغسطس (آب) ذكرى توقيع معاهدة روالبيندي في 1919 التي منحت أفغانستان استقلالها الكامل عن بريطانيا، ولو أنها لم تخضع في أي وقت للإمبراطورية البريطانية بعد ثلاث حروب دامية. ورغم انتشار أعلام أفغانستان في الكثير من شوارع العاصمة، لم يشارك كثيرون في هذا العيد نظرا إلى الاستياء العام من تدهور الوضع الأمني وعدم إحراز القوات الدولية بقيادة الأميركيين أي تقدم يذكر. بالتالي لم تنظم مراسم احتفال عامة في العاصمة، على غرار السنوات الأخيرة.
وتشهد كابل توترا منذ انفجار هائل لشاحنة مفخخة في الحي الدبلوماسي في أوج ازدحام الصباح في 31 مايو (أيار) ما أدى إلى مقتل 150 شخصا وإصابة نحو 400 أغلبهم مدنيون، في اعتداء لم تتبنه أي جهة. وتشكل هذه الفترة أوج موسم القتال الصيفي لطالبان التي شن عناصرها عددا من الهجمات الفتاكة في مختلف أنحاء البلاد في الأسابيع الأخيرة.
صباحا استقبل الرئيس أشرف غني عشرات المسؤولين والأعيان لإحياء مراسم في القصر الرئاسي، كما وضع الزهور أمام نصب «مئذنة الحرية» في مجمع وزارة الدفاع. وكتب غني على حسابه في موقع «تويتر»: «عيد استقلال سعيدا لجميع الأفغان»، مضيفا: «هذا العيد استحق تضحيات كثيرة. علينا تكريم هذا الإرث والاحتفاء به».
وتفاوتت تعليقات الأفغان على «فيسبوك» في هذه المناسبة، فاستخدم عدد منهم كصورة تعريف العلم الأفغاني أو أمان الله خان، الملك الذي حصل استقلال البلاد، فيما تحسر آخرون على أن المعركة ضد طالبان بدأت عامها السادس عشر، معتبرين أن ذلك لا يستدعي الاحتفال. وكتب مستخدم على الموقع: «اي عيد استقلال نتحدث عنه ونحن ما زلنا في حرب ضد الإرهاب ولا يبدو أننا نفوز». وهنأ قائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال جون نيكولسن البلاد على «98 عاما من الاستقلال». وأضاف في بيان: «نتطلع إلى سنوات كثيرة من الصداقة والتعاون المستمرين».
وطالبت حركة طالبان من الولايات المتحدة سحب قواتها وقوات التحالف من أفغانستان. وحذرت طالبان، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية من كابل، من «استمرار الحرب والعنف، في ظل وجود القوات الأجنبية». وزعمت الحركة «الاقتراب من استعادة السيطرة على السلطة في أفغانستان».
في الأسبوع الماضي، قال تلفزيون «سي إن إن» إن السيناتور جون ماكين (جمهوري، ولاية أريزونا)، ورئيس لجنة الشؤون العسكرية في مجلس الشيوخ، أعلن استراتيجيته الخاصة به في أفغانستان. وفيها إضافة قوات أميركية، وزيادة مساعدة القوات الأفغانية، والسماح للقوات الأميركية باستهداف كل المنظمات الإرهابية، بما فيها طالبان، والقاعدة، وداعش، وشبكة حقاني.
وقال ماكين في بيان: «يجب أن نواجه الحقائق: نحن نخسر في أفغانستان. يجب أن نضع في الاعتبار أن الوقت ليس في صالحنا. لهذا، يصير عامل الوقت هاما إذا كنا نريد أن نوقف هذه الخسارة المستمرة». وأضاف ماكين أنه يريد الضغط على باكستان حتى لا تقدم مساعدات لطالبان وشبكة حقاني. وأن الهدف العسكري النهائي هو إجبار طالبان على التفاوض مع حكومة أفغانستان. انتقد ماكين، في بيانه، الرئيس ترمب، وقال إن سبب إعلانه استراتيجيته هو «تلكؤ وغموض وبطء» ترمب في إعلان استراتيجية هناك. وقال ماكين إنه ينوي إضافة استراتيجيته إلى الميزانية العسكرية السنوية في شكلها الأخير. لكنها ستكون تحت فقرة «إحساس الكونغرس» والتي لا تعتبر ملزمة للرئيس.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».